As Long As you Are Happy - 117
“ما هذا الثلج؟ لماذا يتساقط فجأة؟”
كانت هالي، التي لفت نفسها بعنايةٍ بفرو الثعلب الأبيض الذي تلقته كهديةِ خطوبة، تنظر إلى السماء وهي تتذمر بغضب.
“لو كنت أعلم أن الثلج سيتساقط، لارتديتُ ملابس أخرى تناسب الطقس، وكنت سأخرج أسرع!”
والآن، لم تستطع كبح غضبها لدرجة أنها بدأت تلوّح بقبضتها نحو السماء.
“لقد كان الجو صافياً حتى الصباح، صافياً تماماً! لماذا خدعتني؟”
“ه-هدئي من روعكِ.”
في النهاية، من نجح في تهدئة هالي كان خطيبها.
كان رجلاً ذا شعرٍ مصفف بعنايةٍ إلى الخلف وعينين مرفوعتي الزوايا، مد يديه وكأنه يحاول تهدئتها.
“أرجوكِ، اهدئي، حسناً؟ غضبكِ لن يوقف تساقط الثلج.”
“لكن!”
استدارت هالي بسرعة لتواجههُ بنظرةٍ غاضبة، مما جعله يتراجع قليلاً ويعيد ترتيب وضعه سريعاً.
“ماذا لو تأخرنا؟ إيرينا ليس لديها أي أصدقاءَ غيري! لا يمكنني أن أتأخر في يومٍ مهمٍ كهذا! منذ أن تأخرت في المرة السابقة، لم أتأخر أبداً عن أي موعدٍ معها!”
صرخت هالي وهي تحاول جاهدةً ألا تعبث بشعرها الجميل المضفر بإحكام.
“إيرينا ليس لديها أصدقاءَ غيري! أنا وحدي! وحدي، وحدي فقط!”
“……أنتِ لا تكررين ذلك عمداً، أليس كذلك؟”
“ماذا تعني؟”
‘اهدأ، فقط اهدأ.’
كان كل ما في الأمر أن هالي ويلر، صديقة طفولته السابقة، وخطيبته الحالية، وزوجته المستقبلية، قد فقدت أعصابها خوفاً من التأخير مجدداً.
“……ألم تكونِ تتأخرين كثيراً عندما نلتقي؟ ولم يكن حتى يبدو عليكِ أي علامةٍ من الأسف؟”
نظر خطيبها إلى هالي بنظرةٍ مليئة بالشك، لكنها تجاهلت نظرته بخفة، مركزةً فقط على السماء التي كانت تمطر الثلج بغزارة، وكأنها تلومها.
“حتى لو انطلقنا الآن، لن نكون متأخرين، صحيح يا هالي؟”
“صحيح، لكن……”
كانت هالي تعض على طرف كُم معطفها بأسنانها.
“لماذا في مثل هذا اليوم بالذات……؟ لقد وعدتها أن أكون بجانبها من البداية.”
كان ذلك وعداً قطعته لأن إيرينا كانت تشعر بالكثير من التوتر.
أماكنَ جديدة، وثقلُ الحفلات المرهقة التي تقترب بسرعة. بوجود صديقةٍ بجانبها سيخفف عنها توترها قليلاً.
لذلك خرجت هالي مبكراً. لكن الثلج الغزير جعل الطرق زلقة، مما أجبر العربة على التحرك ببطءٍ شديد.
“بهذا المعدل، سنصل في الوقت المحدد تماماً……”
كانت الدموع تتجمع الآن في عيني هالي العسليتين المائلتين إلى اللون الأحمر.
من الواضح أنها كانت تربط هذا الموقف بحفل ظهورها الأول.
ماذا لو لم يتقدم أحد لخطبتها؟ ماذا لو أصبحت عبئاً على عائلتها؟
ظكانت تلك هي الأفكار التي أرهقت هالي وأخذت تضعفها في السابق.
“هالي.”
سارع خطيبها بإخراج منديلٍ من جيبه.
ربّت برفق على عينيها اللتين اهتمت بتزيينهما من أجل حفل صديقتها، ثم لوّح بيده بلطفٍ لتجفيف ما تبقى من دموعها.
“إذا لم يكن هناك خيارٌ آخر، فقط ثقي بي.”
“أثق بكَ وحدك؟”
رغم أنها حاولت التماسك، بدا صوتها ضعيفاً وكأنها على وشك البكاء مجدداً.
“نعم، بي وحدي. وإذا اضطررنا، سأصطحبكِ بنفسي على ظهر الحصان.”
“لكن الثلج يتساقط……حتى الحصان قد ينزلق.”
“هل نسيتِ كم أنا بارعٌ في ركوب الخيل؟”
ابتسم خطيبها، وكانت ابتسامةً مليئةً بالثقة، موجهةً خصيصاً لطمأنة هالي.
“وخلال الركوب، سأغطيكِ بمعطفي حتى لا يبتل شعرك أو فستانك.”
“معطفك سيتضرر……وملابسك ستبتل بالثلج أيضاً.”
تمتمت هالي بصوتٍ منخفض، لكن خطيبها ابتسم مرة أخرى.
“هذا لا يهم. حتى لو ابتلت ملابسي، لن يظهر عليها شيءٌ كبير، لذا لا تقلقي.”
ثم أمسك بيدها بإحكام، ونظر مباشرة إلى عينيها.
“كما تهتمين أنتِ، فمن الطبيعي أن أهتم أنا أيضاً.”
“….!”
امتلأت عينا هالي بالدموع مرة أخرى، هذه المرة كانت عيناها تلمعان بتأثرٍ واضح.
“أنا أحبك!”
“هاه؟ لهذا السبب فقط؟”
ضحك خطيبها بحرارة وهو ينظر إليها تركض لتلقي بنفسها في أحضانه.
“نعم.”
هزّت هالي رأسها بالموافقة بينما كانت تحتضنه بشدة.
“كما أنني شعرت بالسعادة عندما التقيتُ بكَ خلال حفل ظهوري الأول، أتمنى أن تكون إيرينا أيضاً سعيدةً اليوم.”
ثم رفعت رأسها ونظرت مباشرةً في عيني خطيبها، بابتسامةٍ مشرقة.
“لنذهب! سنركب الحصان الآن حالاً!”
كانت عينا هالي العسليتان تلمعان بحماسٍ شديد.
“سنذهب لنكون بجانب الآنسة إيرينا و نهدئُ من قلقها.”
“أ-أجل!”
يبدو أنها قد اندمجت كثيراً في الأمر.
لكن ربما، إذا كانت الآنسة ليونيد هناك، ومعها الدوق وينفريد، فالأمر قد يكون بخير……أليس كذلك؟
لكن قبل أن يستطيع خطيبها قول أي شيء، كانا هو و هالي قد امتطيا الحصان وانطلقا مسرعين نحو القصر الإمبراطوري.
“……؟”
كان سباقاً مفاجئاً بالقرب من الليل.
***
“الثلج يتساقط.”
المشهد من القصر الإمبراطوري لم يكن مختلفاً. و تساقطت أولى ندفات الثلج مع غروب الشمس، وراحت تحوم بخفة حتى سقطت إحداها على حافة النافذة المفتوحة التي وقفت عندها إيرينا.
“يا له من أمرٍ عجيب.”
مدّت إيرينا يدها، فسقطت ندفةُ الثلج على طرف أصبعها وذابت على الفور.
“الجو باردٌ بما يكفي لتساقط الثلج، لكنه ليس بارداً للغاية.”
كانت إيرينا ترتدي الآن فستاناً أبيض لا يمكن وصفه بالملابس الدافئة، حتى ولو على سبيل المجاملة.
فستانٌ مكشوف الكتفين مزينٌ بدقة بالدانتيل والتطريز واللآلئ. بدا مناسباً جداً لها، لكنه جعلها تبدو وكأنها ستشعر بالبرد طوال الوقت.
ومع ذلك، لم تكن تشعر بأي برودةٍ على الإطلاق. حتى مع النافذة المفتوحة، شعرت فقط بنسيمٍ منعش.
“الآنسة ليونيد.”
تقدمت إليها إحدى السيدات و غطت كتفي إيرينا بشالٍ سميك مبطنٍ بالفرو.
“الجو بارد، وقد تصابين بالبرد. هل أُغلق النافذة؟”
كانت تلك السيدة فرانسيس، الكونتيسة زوجة الكونت التي رافقتها كشابيرون.
“سيدة فرانسيس.”
نادتها إيرينا، فابتسمت السيدة ذات الملامح الوديعة بلطف.
كانت السيدة فرانسيس، التي سمعت عنها إيرينا الكثير، تبدو أكثر بساطةً مما توقعت.
بشعرٍ بني وجسمٍ ممتلئ قليلاً وابتسامةٍ دافئة، كانت تمثل تماماً الصورة التي يمكن تخيلها عند سماع إنجازاتها.
لكن الشيء المختلف الوحيد كان يديها الخشنتين، التي لم يكن يُتوقع أن تكونا كذلك بالنسبة لابنة عائلةٍ أرستقراطية و ابنةِ رجلٍ ثري.
كانت يداها خشنتين، أشبه بيدي إيرينا نفسها.
“سيدة فرانسيس.”
“نعم، آنسة ليونيد.”
بينما كانت إيرينا تنظر إلى يدي السيدة فرانسيس التي وضعت الشال على كتفيها، سألتها.
“لماذا قررتِ أن تصبحي التشايبرون الخاصة بي؟”
رفعت إيرينا رأسها ونظرت مباشرةً في عيني السيدة فرانسيس.
“سواءً مما سمعته من الفيكونت بيرسي أو مما أعرفه، لم أعتقد أنكِ ستقبلين بهذا النوع من العمل.”
“هذا لأن……”
تحدثت السيدة فرانسيس بابتسامةٍ وهي تصب كوباً من مشروب فينشو الدافئ المصنوع من النبيذ والفواكه، وتضعه في يد إيرينا.
“أنتِ هي السبب، يا آنسة ليونيد.”
“……بسببي أنا؟”
ابتسمت السيدة فرانسيس ابتسامةً واسعة.
بطريقةٍ ما، بدت ابتسامتها الحنونة تُذكّر إيرينا بأشخاصٍ تحبهم، وأصبحت مفعمةً بروحٍ مرحة ودافئة.
“لقد سمعت الكثير عنكِ، من الفيكونت بيرسي ومن الدوق وينفريد أيضاً.”
“…….”
“قالوا بأنكِ شخصٌ لطيف. وسمعت أيضاً أنكِ مررتِ بالكثير من الألم.”
رفعت السيدة فرانسيس عينيها لتلتقي بعيني إيرينا.
“لكنهم قالوا أيضاً أنكِ قويةٌ بما يكفي لتتغلبي على كل ذلك.”
امتلأ وجهها المتجعد بابتسامةٍ نقية ومشرقة. و كانت من النوع الذي يجلب الراحة لمن يراه.
“لقد سمعت عنكِ كثيراً لدرجة أنني شعرت بفضولٍ شديدٍ لرؤيتكِ، وخاصةً أنكِ ابنة الكونت و الكونتيسة ليونيد. ألم يكن عليّ أن آتي لرؤيتك بنفسي لهذا السبب فقط؟”
“أشكركِ.”
“وأيضاً……”
مدّت السيدة فرانسيس يدها وأغلقت النافذة التي كانت تدخل معها الرياح الباردة وندفات الثلج.
“الدوق وينفريد كان يأتي إليَّ تقريباً كل يوم.”
“……الدوق، كل يوم؟”
كان هذا أمراً تسمعه إيرينا لأول مرة.
بالطبع، كانت تعلم أنه قابل السيدة فرانسيس بضع مراتٍ لأنه أحضرها بنفسه، لكنها لم تتخيل أنه كان يزورها يومياً.
“صادف أنني كنت أقيم مؤخراً بالقرب من العاصمة.”
بدأت السيدة فرانسيس تروي قصتها بهدوء.
“هناك طفلٌ أعتبره كابنٍ بالتبني، وقد كان مريضاً منذ فترة.”
عندما بدأ الطفل يعاني بشكلٍ متزايد من المرض، بدأت السيدة فرانسيس في التنقل بحثاً عن شخصٍ يمكنه علاجه.
وفي النهاية، استقرت في مكانٍ قريبٍ من العاصمة.
“كما لو أنه كان يعلم، أتى الدوق إليَّ كل يوم.”
استمرت السيدة فرانسيس في الحديث بابتسامةٍ خفيفة على وجهها.
“في اليوم الأول، اكتفينا بتبادل التحية فقط. و كنت أستطيع أن أقرأ في عينيه ما جاء من أجله.”
“وفي اليوم الثاني، لم نتبادل التحية حتى. قلتُ فقط أنني لا أستطيع القاء التحيه الآن لأن الطفل مريض. كنتُ أعرف، كيف سيكون شعور شخصٍ في منصبِ الدوق بعد أن يُرفض عند الباب. و كنت أعلم أنني لم أكن لأجد كلماتٍ للدفاع عن نفسي إذا أجبرني على الخروج.”
“…….”
“لكنه، لم يفعل ذلك. بل على العكس، اعتذر وقال بأنه يشعر بالأسف لعدم قدرته على تقديم المساعدة، وترك لي بعض الأعشاب الطبية.”
“…….”
ظلت “إيرينا” تحدق دون أن ترمش بعينيها.
“في اليوم الثالث، جاء فقط لتحيةٍ سريعة. و كان يحمل في يديه بعض الأعشاب الطبية النادرة والزهور التي لا يمكن العثور عليها إلا في الشرق.”
مرت الأيام، ومع مرور الوقت، كان الوقت الذي تقضيه السيدة فرانسيس في التفكير في نيةِ الدوق يزداد أطول رغم أن زياراته كانت قصيرة.
“ثم، في حوالي الأسبوع، سألته. سألتُه لماذا كان يأتي كل يوم. لماذا لا يغضب حتى عندما أرفضه عند الباب ويستمر في القدوم.”
تحدثت السيدة فرانسيس بابتسامةٍ خفيفة.
“هل تعرفين ما الذي قالهُ لي؟”
“……ماذا قال؟”
كان من الواضح أن إيرينا شعرت بصعوبةٍ في طرح السؤال، فبدأت تمسك عنقها دون أن تدرك.
“قال أنه يفعلُ ذلك من أجل شخصٍ يحبه.”
“…….”
“قال أن التي يحبها قد عانت من ألمٍ كبيرٍ في حياتها، وأنه يريد أن يمنحها فرحةً أكبر من كل تلك الآلام.”
عندما قالت السيدة فرانسيس ذلك، انفجرت في ضحكةٍ خفيفة.
“بصراحة، كنت أرغب في سماع المزيد من القصة حينها! كنت ُفضوليةً لمعرفة من هي حبيبة الدوق، بطل الحرب.”
“…….”
“لكن إذا لم تكونِ ابنة الكونت و الكونتيسة ليونيد، أبطالُ الحرب، لما كنتُ سمحتُ له بالاقتراب حتى.”
أغلقت السيدة عينيها ببطء.
“الغربُ هو المكان الآمن. إنه أبعدُ مكانٍ عن الشرق.”
لذلك، حتى لو لم يشارك الكونت و الكونتيسة ليونيد في الحرب، لم يكن هناك من يلومهما.
من مكانٍ آمن، كان بإمكانهما فقط أن يعتبروا الحرب حدثاً بعيداً ويتمنوا بأن تنتهي في أقرب وقتٍ دون أن يتعرضوا لانتقادات.
ومع ذلك، شارك الزوجان في الحرب.
“أنا أقدر تلك العزيمة والشجاعة عالياً. لأنني أعلم كم كان القرار صعباً. أليس قرارهم ذاك سيغيرُ حياتهم؟”
قرار أن تترك كل شيء وراءك، حتى وإن كان عليك التخلي عن كل ما تملك، لتتعلق بالأمل في المستقبل.
“هذا ليس سهلاً. كما عرفتُ من تجربتي. لا، أعتقد أن تجربتهما كانت أصعب بكثير. بالنسبة لي، كان لدي ثرواتٌ تأتي وتذهب، ولكن هما، فقد كرسا حياتهما لهذا القرار.”
“…….”
“لذلك، أنا أكن كل الاحترام، كل الاحترام، للكونت و الكونتيسة ليونيد.”
بعد أن سمعت إيرينا القصة حتى النهاية، خفضت نظرها.
بدا وكأنها كانت ترغب في السؤال، فابتسمت شفتاها قليلاً.
“سيدة، هل كان القرار الذي اتخذ-؟”
طق-، طق-، طق-
سُمع صوتُ طرقِ الباب، و كأنه كان ينتظر إيرينا بأن تتحدث ليقاطعها.
“حان الوقت الآن للبدء في التحضير، سيدة إيرينا.”
فُتح الباب ودخل الدوق وينفريد.
______________________________
ودلبوس يا لوغان سويت كل ذاه عشان حبيبتك😔✨✨
باقي ايرينا تكفين بردي اعصابي وعلميه بكل شي وهو بعدها يعلمس بكل شي تكفوووووون
Dana