As Long As you Are Happy - 113
***
“أعتذر عن التأخير، سيدة هيلبريتون.”
كان صوتها ممزوجًا بأنفاسٍ متقطعة وكأنها كانت تركض.
“كنتُ أقرأ كتابًا ولم ألاحظ مرور الوقت. هل انتظرتِ طويلًا……”
توقفت كلمات إيرينا فجأة، لأن شخصًا آخر كان في الغرفة بدلاً من السيدة هيلبريتون.
“مرحبًا.”
نهض الرجل الذي كان جالسًا على حافة النافذة.
“سيدة إيرينا.”
“……دوق؟”
رمشت إيرينا بعينين مليئتين بالدهشةِ وكأنها لا تصدق ما تراه. ثم اقتربت بحذرٍ من لوغان ولمست وجنته بإصبعها بخفة.
“ما الأمر؟”
انفجر لوغان ضاحكًا، ثم أمسك بيدها التي وخزت خده، وقبّل راحة يدها.
“ألا تصدقين أنني هنا؟”
هزت إيرينا رأسها موافقة.
“أنتَ……كنتَ مشغولًا جدًا مؤخرًا بسبب اقتراب انتهاء المفاوضات مع لوبرك، أليس كذلك؟”
كانت المفاوضات، التي كان يُعتقد أنها ستستغرق سنوات، تتقدم أسرع بكثير من المتوقع، مما زاد من حجم عمل لوغان بشكلٍ كبير.
وبسبب ذلك، على الرغم من انشغاله سابقًا، إلا أن أيامه الآن أصبحت ممتلئةً للغاية لدرجة أنه بالكاد يجد وقتًا لالتقاط أنفاسه.
“وجدت وقتًا قصيرًا.”
“حقًا؟”
“نعم، الجميع كانوا مرهقين جدًا، لذا قررنا أن نأخذ استراحةً اليوم.”
في الواقع، كانت الاستراحة بسبب إصابةِ أحد أعضاء فريق المفاوضات بالإرهاق وانهياره، مما أدى إلى توقف المفاوضات مؤقتًا.
“كنتُ أفكر في تناول الطعام معًا، لكنني سمعت أنكِ قررتِ تعلم رقصةٍ جديدة اليوم.”
قال لوغان ذلك وهو يمد يده نحو الغراموفون* الموضوع بجانبه.
*آخر الفصل
“لذلك قررت أن أكون معلمكِ لهذا اليوم فقط.”
سرعان ما بدأ لحنٌ سريع الإيقاع يتدفق من الغراموفون.
“إنها مقطوعةٌ شهيرةٌ وقديمة.”
بالفعل، شعرت إيرينا وكأنها سمعتها من قبل في مكانٍ ما.
“وفي الوقت نفسه، هي واحدةٌ من المقطوعات المفضلة لدى جلالة الإمبراطورة.”
“إذاً، يجب أن أتعلمها بجدية.”
تمتمت إيرينا وهي تحني رأسها قليلاً بإيماءةٍ صغيرة.
“إذا كانت من المقطوعات المفضلة لجلالة الإمبراطورة، فمن المحتمل أن تُعزف في الحفل القادم.”
“…….”
“إذا أديتُ الرقصة جيدًا، فستكون جلالة الإمبراطورة راضيةً أيضًا. صحيح؟”
“…….”
“……دوق؟”
لماذا لا أسمع ردًا آخر منه؟
رفعت إيرينا نظرها نحو لوغان، وعندما التقت عيناهما للحظة، هز رأسه سريعًا.
“لا شيء.”
ثم أوقف تشغيل الغراموفون، فتوقف صوت الموسيقى فجأة.
“التدرب بجديةٍ على الرقصة أمرٌ جيد.”
عبث بشيءٍ ما، فعادت الموسيقى لتبدأ من البداية.
مد لوغان يده نحو إيرينا، فأمسكت بيده واقتربت منه ببطء.
“هل هي صعبةٌ جدًا؟”
هز لوغان رأسه وهو يضع يده على خصرها.
“ليست صعبة، ولكن هناك أجزاءٌ قد تسبب بعض الالتباس. فهناك حركاتٌ متشابهة تتكرر عدة مرات.”
خطا لوغان خطوةً خفيفة، فتسعت عينا إيرينا فجأة.
‘انه جيدٌ جداً……’
كان من الغريب أن تفكر بهذا الشكل، لكن أليس الدوق هو من قضى وقتًا طويلًا في ساحات المعارك؟
لذا، بطبيعة الحال، ظنت أنه لن يكون بارعًا في مثل هذه الأمور.
‘إنه بارع حقًا!’
حتى في عيني إيرينا، التي لم تكن تعرف الكثير عن الرقص، بدت حركات لوغان مذهلة.
كانت خطواتهُ خفيفة، وحركاته خاليةً تمامًا من أي عيوب.
“لا تكتفي بالنظر إليّ، ركّزي.”
“……!”
أدارت إيرينا نظرها بسرعةٍ بعيدًا عن لوغان نحو الأمام.
شعرت فجأة بالخجل، فلم تجد إلا أن تعض شفتيها.
“ه-هل سنستمر هكذا؟”
كانت إيرينا الآن شبه متكئةٍ على لوغان، و تحاول بكل جهدها مواكبة حركاته.
حتى ذلك كان مرهقًا بالنسبة لها.
“بما أنها المرة الأولى، يكفي أن تلتقطي الإحساس بالرقصة. هكذا تعلمتُ الرقص عندما كنت صغيرًا.”
“حسناً.”
كادت أن تفقد توازنها أثناء الرد.
‘هل من المفترض أن ندور هكذا؟’
بينما كانت تركز بكل جهدها على الحركات، سمعت ضحكةً صغيرة تتردد من فوق رأسها.
“……!”
سرعان ما استقرت قدم إيرينا على قدم لوغان.
أصبحت الآن شبه متكئةٍ عليه، وشبه معلقةٍ بحركاته.
“هكذا يجب أن تتحركي.”
واصل لوغان التحرك بسرعة على إيقاعٍ أسرع دون أي تردد.
فتحت إيرينا عينيها على اتساعهما وهي تحاول مواكبة حركاته.
“هل……هل هذا مناسب؟ أن أتعلمَ هكذا؟”
فقد كانت السيدة هيلبريتون تعلمها الحركات واحدةً تلو الأخرى وبشكلٍ دقيق.
“من وجهة نظري، سيدة إيرينا، أنتِ لستِ سيئةً في الرقص.”
“إذاً، ما السبب؟”
سألت إيرينا وهي تدور حول نفسها قبل أن تعود بين ذراعي لوغان.
“لأنكِ متوترةٌ للغاية.”
بينما كانا ينظران إلى الأمام، وجدا نفسيهما يتحركان الآن وجهاً لوجه.
“استرخي.”
“أسترخي؟”
حول نظرهُ إلى الأمام مرة أخرى، واتبعتهُ إيرينا وهي تعض على شفتها السفلى بخفة.
“نعم، مهما كان الحفل الذي تنظمه جلالة الإمبراطورة، فإن أداء رقصةٍ سيئة لن يتسبب في مشكلةٍ كبيرة.”
دارت إيرينا بخفة مرة أخرى.
“لن يلتهمكِ أحدٌ بسبب ذلك.”
“…….”
فتحت إيرينا شفتيها وكأنها تريد قول شيءٍ ما، لكنها ترددت.
“حسنًا، سأحاول أن أسترخي.”
أجابت إيرينا وهي تلتقط أنفاسها بخفة، مستخدمةً ردًا مناسبًا بدلًا من قول ما كانت تريده حقًا.
ضيق لوغان عينيه قليلاً.
“على أي حال.”
عندما أعاد نظره إلى الأمام، عاد تعبيره إلى طبيعته.
“سمعت أنكِ تمضين الليل وحدكِ في المكتبة هذه الأيام؟”
“آه، نعم. ما زلتُ غير راضيةٍ عن الأجزاء التي لم أكمل تعلمها.”
“ما الذي يستحق القلق؟ بعد انتهاء الحفل، يمكنكِ متابعة التعلم في مقاطعة دوقية وينفريد.”
“في مقاطعة دوقية وينفريد؟”
ارتفع صوت إيرينا قليلاً بدهشة، وشعرت بنظراته مركزةً عليها.
كان واضحًا أنها أدركت تمامًا نيته في أن يكون انتقالها إلى هناك دائمًا وليس مؤقتًا.
“مع تسارع المفاوضات مع لوبرك، أصبحت مدة بقائي في العاصمة قصيرة.”
كان لوغان يثبت نظره إلى الأمام بنبرةٍ حازمة.
“بالأساس، كنتُ في العاصمة لهذا السبب فقط.”
لم يكن في الأساس من النبلاء في وسط العاصمة، بل كان من سكان الشرق.
“لذا يجب أن أعود إلى مقاطعتي.”
توجهت نظراته نحو إيرينا.
“وأنتِ أيضًا ستأتين.”
انعكست صورته ُفي عينيها الزرقاوين الكبيرتين عندما نظرت إليه.
كان أمرًا غريبًا.
‘تلك العيون النقية التي كانت تراقبني لم تتغير منذ أول مرة التقينا فيها.’
ولكن، بدا أن شيئًا ما قد تم إخفاؤه داخل تلك العيون.
‘كنتُ أعتقد دائمًا أنها ستكون شفافةً كبحيرةٍ زرقاء صافية.’
“ألا تحبين ذلك؟”
“ماذا؟”
“لقد تجمد وجهكِ.”
شعرت إيرينا بالارتباك وحاولت رفع يدها لتلمس وجهها، لكنها تعثرت.
“……!”
ظنت إيرينا أنها ستسقط على الأرض، فأغمضت عينيها بإحكام. لكن قبل أن يحدث ذلك، ضغط لوغان على خصرها وسحبها نحوه.
“هل أنتِ بخير؟”
بدا صوته مرتفعًا قليلًا من المفاجأة. و دفنت إيرينا وجهها في صدره وأومأت برأسها بخفة.
“هل كنتِ مفزوعةً جدًا؟”
هزت رأسها، وكان وجهها لا يزال مخفيًا.
عندما رفعت إيرينا رأسها بعد مرور بعض الوقت، تحدثت بخفه.
“على ما يبدو، لقد تفاجأتُ قليلاً.”
أجابت إيرينا مع تعبيرٍ خجول وهي تمسح خديها.
“وأيضًا……أشعرُ بالإحراج.”
غطت خديها الأحمر بكفيها، وأسقطت نظرها.
كان هذا نفس التصرف الذي كانت تقوم به من قبل.
“……يبدو أنني فاجأتكِ. أعتذر.”
“لا، ليس كذلك. على ما يبدو، لم أكن أفكر في أنني سأنتقل فعلاً إلى الشرق.”
بينما كانت لا تزال تدير نظرها بعيدًا، تابعت كلامها.
“على أي حال، بما أنني نشأتُ في العاصمة حتى وإن كنتُ في حيٍ فقير……”
“اتفهمُ ذلك.”
أومأ لوغان برأسه.
“كما قلتُ سابقًا، فقد تحدثت عن الذهاب إلى هناك لفترة قصيرة. كان من الطبيعي أن تُفاجئي.”
مرر لوغان يده برفق على خد إيرينا. و كان يبدو دائمًا لطيفًا كما هو الآن.
“أعطيني الإجابة ببطء.”
قال ذلك وهو يقبل خديها، وأومأت إيرينا برأسها بصمت.
“أظن أنكِ تفاجأتِ كثيرًا، لذا ربما يجب أن نوقف الدروس هنا اليوم.”
أوقف لوغان الغراموفون الذي كان لا يزال يعزف. و ساد الصمت بينهما.
“دوق.”
أمسكت إيرينا به، وكان وجهها يعبر عن رغبةٍ في طلب شيء ما.
“أريد أن أطلب شيئًا. إذا نجحت في اجتياز هذا الحفل، هل يمكن أن تلبي لي أمنيةً واحدة؟”
“أمنية؟”
كان طلبًا مفاجئًا. وعندما سألها لوغان، أومأت إيرينا برأسها.
“هل هناك شيءٌ ترغبين في الحصول عليه؟ إذا كان الأمر كذلك، يمكنكِ أن تطلبيهِ الآن.”
ما الشيء الذي لا يمكنني أن أقدمه أو أشتريه لها؟
إذا طلبت شيئًا، يمكنني أن أقدم لها حتى التاج الملكي من الإمبراطورية البعيدة.
‘إذا كنتِ تريدين شيئًا، فبإمكاني أن أقدم لكِ أي شيء.’
مني ستتلقينَ الثراء والقوة، حتى لو كان هنالكَ شيءٌ تنيتهِ منذ أن كنتِ طفلة. وسطَ معاناتكِ،سألبي لكِ ذلك، و سأزيل تلك المعاناة تمامًا، وأمنحكِ حياةً من الراحة.
إذا أومأتِ لي برأسكِ فقط……
“لا.”
لكن إيرينا رفضت عرضه. ثم نظرت إليه مرة أخرى.
“هناك شيءٌ أريد أن أطلبه كأمنية. إنها فرصةٌ سأحصل عليها بجهودي.”
أمسكت إيرينا بيد لوغان. و كانت قوتها ضئيلةً مقارنة به أو مع الأشخاص حوله.
لكن كان هناكَ شعورٌ من الإلحاح تسلل إليهِ من يدها، مما جعل يدهُ لا تتحرك.
“هل يمكنكَ أن تفي لي بذلك……؟”
سألتهُ بتردد، فأومأ لوغان برأسه مبتسمًا.
“بالطبع.”
قبل خديها مرة أخرى.
“لا أعرف ما هو، لكن إذا كان شيئًا يمكنني تحقيقه، فسأنتظر طلبكِ لذلكَ بسرور.”
ومع ذلك، كانت عيونه الحمراء لا تزال تراقبها دون أن ترمش.
“إيرينا الخاصة بي.”
***
“إنها تخفي شيئًا.”
خرج صوتٌ خافت من المكتبة.
“ما الذي تخفينه، إيرينا؟”
بدأ لوغان يدق على الطاولة بخفة وهو يواصل التحدث مع نفسه.
“…….”
لقد علم بالفعل من السيدة هيلبرتون و دلفيا أن إيرينا كانت تظهرُ اهتمامًا بالمعارك هذه الأيام.
وكانت معركةُ فيدان هي الموضوع الأساسي.
قرأت جميع الكتب في المكتبة وطرحت أيضًا أسئلةً على دلفيا.
“لقد قلتُ لها أن أفضل طريقة هي أن تسأل سيدي مباشرة. و كنتُ أتوقعُ أنها ستسألكَ، لكنها لم تأتي، أليس كذلك؟”
قالت دلفيا ذلك في تقريرها له.
و كانت إيرينا تتجنب الحديث عن معركة فيدان معه رغم فضولها حيالها.
الجواب الذي يمكن استنتاجه هنا كان واحدًا.
‘يبدوا أنها بدأت التحقيقات في مقتل الكونت و الكونتيسة ليونيد.’
و ربما كانت إيرينا تشك في أنهُ هو من قتلَ والديها.
“كيف؟”
أصبحت أصابعه التي كانت تدق على الطاولة أسرع، مملوءةً بالتوتر.
“كيف اكتشفت ذلك؟”
قاعةُ الاجتماعات، علاماتُ الأظافر الخفيفة على راحةِ يدها، الخروج، هالي ويلر، معطفٌ جديد لم يره من قبل.
كيف اكتشفَت؟
هل علمت بذلك من البارون فينترين؟ لكن هو أيضاً، كيف اكتشف ذلك؟
‘إذا كانت إيرينا قد اهتزت إلى هذا الحد، فهذا يعني أن المعلومة التي تسربت إليها كانت دقيقةً جدًا.’
لقد أدركت إيرينا بشكلٍ غامض أن لهُ دورًا في موت والديها.
لقد قال لها في البداية بأنه سيرد الجميل، وكانت هذه الطريقة التي شُرحَ الموقفُ لها.
لذا، حتى لو تسربت بعض المعلومات، لن تهتز كثيرًا.
هل كانت المعلومات التي قدمها فينترين لها دقيقةً إلى هذا الحد؟
و هل كان لديه أيضًا أدلةٌ تدعم ذلك؟
“…….”
فكر لوغان بسرعة في شيءٍ كان من المحتمل أن يستخدمه فينترين كدليلٍ لزعزعة إيرينا.
و كان ذلك هو الرسالة.
لقد كان ذلك معروفاً. كان الكونت ليونيد يرسل الرسائل كل شهر، ومع ذلك لم يتلقَ ردًا واحدًا، لذا كان من الممكن أن تنتشر الشائعات.
إذن، كان الدليل هو الرسالة التي أرسلها الكونت…….
لكن، لم تكن الرسالة دليلًا قاطعًا.
إذا لم تكن الرسالة مرسلةً الا بعد وفاة أجين و لارا، فلا يمكن أن تحتوي الرسالة على معلوماتٍ دقيقة.
لكن كيف فعل ذلك؟
“كيف استطاع أن يقلب رأي إيرينا ضدي، رغم أنها تكرههُ؟”
تعمقت التجاعيد على جبين لوغان.
بدا وكأنه غارق في التفكير، فصمت لفترةٍ طويلة.
“آه.”
بدت عينيه وكأنهُ قد أدرك شيئًا ما، واتسعتا تدريجيًا.
رُفعت زاويةُ شفتيه بشكلٍ غير متماثل.
“هل هناك فأر؟”
__________________________________
فار هنا قصده خاين او واحد مسرب معلومات وكذاته
المهم لوغان طلع مهووس هههعهعههههههههههه
هذا هو الغراموفون:
Dana