As Long As you Are Happy - 112
“إيرينا!”
كان الصوت الذي يجعل المزاج مشرقًا بمجرد سماعه ينتمي إلى هالي.
كانت هالي، بشعرها البني المربوط على شكل ضفيرتين، تبتسم لها بلطف.
“سيكون يومًا ممتعًا بالتأكيد! أليس كذلك؟”
‘عن ماذا كنا نتحدث؟’
‘آه، صحيح.’
كانوا يتحدثون عن حفل ظهورها الأول في المجتمع.
“حفل الظهور الأول في المجتمع يُقام في القصر الإمبراطوري، كم هو رومانسي!”
قالت هالي ذلك وهي تضم يديها معًا وتغمض عينيها و كأنها تحلم. و كانت وجنتاها المليئتان بالنمش متورّدتين.
“سيكون مثاليًا، أليس كذلك؟ خصوصًا أن الدوق وينفريد يعتني بتنظيمه بعناية.”
بالتأكيد سيكون مذهلًا.
ثريا كبيرة و مضاءةٌ بمئات الشموع، أطباقٌ أعدّها طهاة من الدرجة الأولى بكل إتقان، وكعكةٌ بثلاث طبقاتٍ مغطاة بالسكر الأبيض.
“وحتى الضيوف الذين سيحضرون سيكونون جميعًا مثاليين.”
كل شخصٍ سيرتدي أرقى الفساتين والبدلات، وسيكونون أشخاصًا يتمتعون بالذوق الرفيع.
“آه! هل يمكن أن يأتي ضيوف من دول أخرى أيضًا؟ مثل القصص الرائجة هذه الأيام! سيأتي أميرٌ وسيم جدًا، و لن نلتقي به لأول مرة في القاعة، بل في مكانٍ آخر. مثلًا، في أحد الشوارع المزدحمة؟ وهكذا لا نعرف هويات بعضنا البعض……”
“هذا يبدو كحلمٍ بعيد المنال.”
“آه، هل تعتقدين ذلك أيضًا؟”
بدت هالي وكأنها أدركت أنها بالغت قليلًا، فأخرجت لسانها بمزاحٍ وضحكت.
“ولكن مع ذلك!”
سرعان ما استعادت حيويتها مجددًا.
“من حقنا أن نحلم، أليس كذلك؟ خصوصًا أن هذا حفل الظهور الأول في المجتمع يُقام في القصر الإمبراطوري!”
بدأت عيناها القرمزيتان تتلألآن وهي تغرق في خيالها مرة أخرى.
“بالتأكيد سيكون أمرًا رومانسيًا ومقدرًا و كأنه المصير.”
“سيكون مثاليًا.”
تدخل صوتٌ آخر بسلاسة في المحادثة.
كانت دلفيا تلمس باستمرار شعرها الأزرق، وكأنها لم تعتد بعد على طوله الجديد، ثم واصلت حديثها.
“لقد عملت السيدة إيرينا بجدٍ طوال الفترة الماضية، أليس كذلك؟ بالتأكيد سيكون الأمر مثاليًا!”
“أجل، أعتقد ذلك.”
رد شخصٌ آخر بتلقائية. و كان السيد ريو، الذي بدا وكأن كوب شايٍ يناسبه أكثر من السيف.
“لقد بذلتِ الكثير من الجهد حتى الآن. بالتأكيد ستنالين مكافأةً على تعبكِ.”
“صحيحٌ تمامًا.”
ابتسمت السيدة هيلبريترن وأومأت برأسها. و كانت تحمل دائمًا الكتاب الذي كانت تدرسُ إيرينا منه.
“لقد تعلمتِ كل هذا، أليس كذلك؟ الآن، يا سيدة ليونيد، لن ينقصكِ شيء أينما ذهبتِ. ادخلي بثقةٍ وارفعي رأسكِ.”
“صحيح.”
أومأت هالي برأسها موافقة.
هل كانوا يعرفون بعضهم من قبل؟ أم أن هناك سببًا لاجتماعهم هنا؟
“بالتأكيد سيكون حفل الظهور الأول في المجتمع رومانسيًا ومقدرًا و كأنه المصير.”
“سيكون مثاليًا.”
“ستنالين مكافأةً على جهودكِ.”
“لن يكون هناك أي نقص، لذا لا داعي لأن تخفضي رأسكِ.”
‘ما هذا؟’
بدا الأمر غريبًا. فالجميع كانوا يبتسمون ويكررون الكلمات نفسها.
رومانسيًا، مثاليًا، مكافأة على الجهد، لا نقص……
العبارات التي تراكمت واحدةً فوق الأخرى بدت وكأنها تثقل صدرها، مما جعلها تشعر بالاختناق. فضغطت إيرينا على صدرها بيدها دون أن تدري، وملامح وجهها متجهمة.
وفي تلك الأثناء، استمر الناس في الثرثرة بلا توقف.
كلماتٌ مثل، مثالي، بالتأكيد، نقص، جهد، نتيجة الجهد، رومانسي، مقدر……
بدأت الكلمات تتداخل مع بعضها البعض وتزداد سرعتها تدريجيًا.
شعرت إيرينا بألمٍ حاد في أذنيها، فوضعت يديها عليهما وأغمضت عينيها بإحكام.
“……؟”
‘ما الأمر؟’
فجأة توقفت الأصوات تمامًا. و ساد الصمت على المكان.
‘هل يجب أن أفتح عيني؟’
بينما كانت مترددة، التقطت أذناها صوتًا صغيرًا.
قطرة-
كان صوت شيءٍ لزج يقطِّر.
قطرة- قطرة-
قطرات متتالية-!
في البداية، كان الصوت يشير إلى سقوط قطرةٍ تلو الأخرى، لكنه سرعان ما تحول إلى صوتِ سائل يسقط على سطح تجمع عليه السائل.
“…….”
حركت إيرينا شفتيها بصمت.
شعرت وكأنها تعرف الحقيقة. على الرغم من أنها كانت مغمضةَ العينين، إلا أنها لم تكتفِ بسماع الصوت فحسب.
‘لا أريد أن أرى.’
‘أريد فقط أن أبقى في هذا الهدوء.’
‘ألا يمكنني أن أتظاهر بعدم المعرفة؟ و أن أدفن هذا الشعور في قلبي إلى الأبد؟’
إذا فعلتُ ذلك فقط…
“لا؟”
لكن الأمر قد فات.
٬لو لم أكن أعرف، لكان بالإمكان تجاهله.’
لكن الآن، بعدما عرفت، لم يعد هناك سبيلٌ للعودة.
نزعت إيرينا يديها عن أذنيها ببطء. ثم رفعت رأسها تدريجيًا، و في النهاية فتحت عينيها التي كانت تغمضهما بإرادتها.
“إيرينا.”
“ابنتي.”
ما رأته كان والديها، يموتان ببطءٍ في حالةٍ مروعة وبائسة.
“…….”
عندما استيقظت إيرينا من حلمها، كان السقف المألوف هو أول ما وقع عليه بصرها.
حدقت في السقف للحظة، ثم رفعت يدها ومسحت وجهها. و شعرت برطوبةٍ على كفها.
رفعت جسدها ببطء وجلست على حافة سريرها، ثم مدّت يدها بشكلٍ تلقائي نحو قلادةٍ تحمل صورةً عائلية معلقة على عنقها، لكنها توقفت فجأة.
ثم أبعدت نظرتها.
بدت وكأنها تفكر بعمق، أو تعاني من اضطرابٍ داخلي، حيث تحركت عيناها يمينًا ويسارًا بلا استقرار.
رفعت إيرينا ركبتيها إلى صدرها ودفنت وجهها بينهما.
لا يزال هناكَ وقتٌ طويل قبل شروق الشمس.
رغم أن جسدها كان متعبًا، إلا أنها شعرت أن النوم مستحيل. وهكذا، استقبلت إيرينا بدايات الشتاء.
***
“……سيدة.”
‘أنا متعبة.’
“……سيدة.”
‘أريد أن أنام.’
“……؟”
‘لكنني لا أريد النوم.’
“سيدة إيرينا!”
“…….”
رفعت إيرينا رأسها ببطء ونظرت إلى السيدة هيلبريتون و دلفيا، اللذين بدا وكأنهما كانا يناديانها منذ قليل.
“هل ناديتماني؟”
“هل كنتِ تقرئين كتابًا؟”
سألت السيدة هيلبريتون بصوتٍ خفيف، محاولةً إخفاء تعبير القلق على وجهها.
“همم، ماذا كنتِ تقرئين يا طالبتي المجتهدة؟ ……يبدو أنه عن معركة فيدان؟”
“نعم، شعرتُ أنه من المؤسف أن أتوقف عند هذا الحد.”
“آه، هذا صحيح.”
أومأت السيدة هيلبريتون برأسها كما لو أنها تفهمت، وفي الوقت ذاته بدا في نظرتها بعض الأسف.
“كان من الممكن أن تتعلمي القليل فقط لتكملي ما تعلمته حتى الآن.”
قبل فترةٍ قصيرة، انتهت دروس إيرينا في التاريخ. لكن لم تنتهِ لأنها أتمت كل ما يجب تعلمه، بل لأنها توقفت عند منتصف الطريق.
كانت على وشك تعلم الحرب الميلية، التي استمرت لأكثر من مئةِ عام وانتهت مؤخرًا بالسلام.
لكن لسوء الحظ، استُبدلت دروس التاريخ بدروس الرقص وآداب السلوك.
“لا مفر من ذلك. الإمبراطورة أرادت أن يتم التركيز على الرقص وآداب السلوك بشكلٍ أكبر.”
قبل فترةٍ قصيرة، أرسلت الإمبراطورة شخصيًا رسالةً إلى إيرينا.
كان محتوى الرسالة يبدو ظاهريًا كأنه يتحدث عن تطلعها إلى حفل الرقص الإمبراطوري وحفل الظهور الأول لإيرينا في المجتمع، مع سؤال عن حالها.
لكن الحقيقة كانت مختلفة.
‘كانت تخشى أن أرتكب خطأً، أليس كذلك؟’
باعتبار أن نشأت إيرينا في مقاطعة مورين، وهي منطقةٌ متأخرة التطور حيث لم يكن المجتمع الراقي نشطًا.
وعلاوةً على ذلك، لم تُظهر إيرينا أي إنجازاتٍ ملحوظة حتى بعد انتقالها إلى العاصمة.
لذلك، كان من الطبيعي أن تشعر بالقلق.
“أنا شخصيًا أعتقد أن السيدة إيرينا الآن مثاليةٌ كما هي.”
“حتى وإن كانت مجرد كلماتٍ، شكرًا لكِ، سيدة دلفيا. ولكن الإمبراطورة لا تريد أن يكون حفل الرقص الإمبراطوري الذي نظمته بنفسها كارثيًا. من الطبيعي أن تشعر بالقلق بما أنني لم أقم بالكثير من الأنشطة الاجتماعية.”
عندما قالت إيرينا ذلك بنفسها، لم يستطع الشخصان الآخران إضافة شيءٍ آخر، واكتفيا بالنظر إليها بتعبيرٍ حزين.
“لا تبالغي في مجهودكِ. غدًا ستتعلمين مقطوعةً جديدة، لذلك قد يكون الأمر صعبًا قليلًا.”
“سأتجهز لذلك، سيدة هيلبريتون.”
بعد قليل، تبادلا بعض الكلمات الأخرى. ثم، بينما كانت دلفيا على وشك المغادرة، أوقفتها إيرينا بصوتٍ خافت.
“سيدة دلفيا، لدي سؤال.”
“تفضلي، هذه فرصة. إذا كان هناك شيء أعرفه، يمكنني أن أجيب عليه فورًا!”
ضحكت بحيويتها المعتادة وغمزت بعينها، ولكن كانت ردّةُ فعل إيرينا هذه المرة مختلفةً عن المعتاد.
“……؟”
قبل أن تلاحظ دلفيا أي شيءٍ غريب، طرحت إيرينا سؤالها أولًا.
“هل يمكنني معرفة المزيد عن معركة فيدان؟ في الكتاب، المعلومات قليلةٌ جدًا عنها.”
“آه……”
ترددت دلفيا قليلاً وأخذت تحك رأسها.
“أعتذر، لكن ليس لدي معلوماتٌ عن معركة فيدان. فأنا لم أشارك في تلك المعركة.”
“لا بأس.”
أومأت إيرينا برأسها، ثم سألت بهدوءٍ عن شيء آخر.
“إذاً، هل هناك مكانٌ أو شخص يمكنني الحصول على معلوماتٍ منه؟”
“هممم.”
عقدت دلفيا حاجبيه وكانت تفكر لفترةٍ طويلة، لكن جوابها لم يكن واضحًا.
“……تلك المعركة كانت مليئةً بمعلوماتٍ غامضة. يمكنني أن أفهم ذلك. فقد شارك عدد أقل من المعتاد من الناس، والأغلبية منهم لقوا حتفهم.”
كان هذا يعني أنه لا يوجد أحدٌ قادر على مشاركة تفاصيل المعركة.
“إذا كان الأغلبية قد توفوا، هل هناك أي شخصٍ على قيد الحياة ممن شاركوا فيها؟”
“نعم.”
أومأت دلفيا برأسها بخفة.
“سيدي، الدوق وينفريد.”
“……هل هناك أي شخصٍ آخر؟”
هزت دلفيا رأسه بحزن.
“بعض الأشخاص فقط هم من نجوا، ومن بينهم، باستثناء الدوق، البقية كانت إصاباتهم شديدةً لدرجة أنهم لم يعيشوا حتى فصل الشتاء في ذلك العام. جميعهم انتقلوا إلى السماء.”
بينما كانت دلفيا ابدو وكأنها تتذكرُ الأشخاص الذين توفوا بسبب إصاباتهم، بدأ وجهها يظلم أكثر.
“أعتذر…….”
ابتسمت دلفيا ابتسامةً ضعيفة على اعتذار إيرينا. كانت ابتسامةً خافتة، على غير عادتها.
“لا بأس. ربما كانت السيدة إيرينا تحب معرفة ذلك. ولكن حقًا، أنا آسفةٌ جدًا، لا أملك سوى هذه المعلومات.”
“لا بأس.”
هزت إيرينا رأسها بابتسامة.
“لقد كانت مساعدتكِ كبيرة، سيدة دلفيا.”
“أنا سعيدةٌ لأنني كنتُ مفيدة!”
‘همم؟’
يبدو بأنه لا يوجدُ شيءٌ غريبًا كان يحدث بعد كل شيء.
بينما كانت دلفيا تسير في طريقهً بحيوية، توقفت فجأة.
“أوه؟”
وعند التفكير في الأمر، متى بدأَت إيرينا في مناداته بـ “سيدة” بدلاً من استخدام اسمها فقط كما كانت تفعل دائمًا؟
كما لو أنها كانت تناديها مثل أي نبيلٍ عادي……
“هممم؟”
تجعدت جبهتها مرة أخرى.
بالطبع، سواء نادتها “ديلفيا” أو “سيدة دلفيا” فقط، لم يكن هناك أي مشكلةٍ في ذلك.
‘لكن، لماذا كانت تشعر بشيءٍ غريب؟’
هل كان بسبب محاولتها لتجنب الأخطاء في المواقف الرسمية؟ أم أن هذه طريقةٌ شائعة في المجتمع الراقي حاليًا؟
“هممم.”
بينما كانت دلفيا تواصل إمالة رأسها بشكلٍ متكرر، توقفت خطواتها عندما سمعت صوتاً يُنادي.
________________________________
لحظه احسب ايرينا اختارت لوغان وش قاعد يصير ليه كأنها تبعد نفسها😃
ولوغان وينه؟ ياخي تعال شف حبيبتك وش صاير😔
Dana