As Long As you Are Happy - 108
“كيف يمكنني أن أصبح سيدةً تقود عائلةً بأكملها؟”
حتى عندما سمعتُ هذا لأول مرة، اعتقدتُ أن ذلك غير منطقي. وكلما تعلمت أكثر عن المجتمع الأرستقراطي، ازداد ذلك الاعتقاد قوة.
فمهما كانت العائلة صغيرة، فإن قيادة عشرات الأشخاص ليست بالأمر السهل.
حتى الأسرة الواحدة يمكن أن تنهار إذا تهاوى سيدها.
حتى إن عائلة الكونت ليونيد ليست مجرد عائلة صغيرة، بل ترافقها أراضٍ شاسعة وعددٌ كبير من التابعين، مما يجعلها عائلةً كبيرة جدًا.
‘ماذا سيحدث إذا ارتكبتُ خطأً أثناء قيادتي لهذه العائلة؟ ماذا لو تعثرتُ ولو لمرة واحدة؟’
عواقب الخطأ لن تقتصر على نفسي فقط، بل ستطال التابعين والسكان الذين يعيشون في تلك الأراضي أيضًا.
‘لا أريد أن يعاني الآخرون بسببي فقط لأنني أصبحت رأس العائلة.’
كان هذا ما يخطر ببالها كلما درست التاريخ.
فعندما يتولى شخصٌ غير مناسب منصب القيادة، تكون معاناة من تحته مضاعفة دائمًا.
“سيدتي.”
أمسك البارون بيد إيرينا.
“يمكنكِ تعلم ذلك تدريجيًا. المهم هو النسب.”
“أليس المهم هو الكفاءة؟”
“…….”
عندما طرحت إيرينا هذا السؤال، صمت البارون. ثم، بعد لحظة من الصمت، تحدث بحذر.
“هل تعلمين عن الوضع خلال فترة قيادةِ والدك، الكونت أجين؟”
هزّت إيرينا رأسها ببطء.
“كانت حقًا فترةً رائعة.”
ضحك البارون بابتسامةٍ غامضة، وكأنه على وشك البكاء أو الضحك.
“كان الكونت أجين يعتني بأهالي الأراضي بعنايةٍ ويدقق في كل شيء. وعلى الرغم من أن أسلوبه كان مختلفًا عن أسلوب الكونت السابق، إلا أن السيدة لارا دعمت طريقته، فلم تكن هناك أي مشاكل.”
لم تكن فقط “لا مشاكل”، بل كانت الأمور تسير على نحوٍ جيد للغاية.
تقديم الدعم اللازم حيثما كان مطلوبًا، والقيام بما يجب فعله.
كان الكونت أجين يضحك دائمًا ويقول إنه يقوم فقط بما يلزم، لكن أليس هذا هو الأهم؟ بفضل ذلك، كانت الابتسامة لا تفارق وجوه الأهالي.
“يُقال إن الأمور الجيدة تجلب المزيد من الأمور الجيدة. و عندما بدأ الأهالي يبتسمون، وكأن الطقس أيضًا بدأ يساعدنا.”
كان المطر ينهمر بالكمياتِ المناسبة عندما يُحتاج إليه، ولم تُخْفِ الشمس نفسها خلف الغيوم.
بفضل ذلك، شهدت أراضي ليونيد عامًا من الوفرةِ والرخاء.
“كانت تلك هي المرة الأولى التي أجمع فيها الجميع على القول أن الحياة أصبحت أفضل.”
“إذا تمكنا من العيش هكذا دائمًا، سأكون سعيدًا جدًا. فأنا ممتلئ. هذا الموسم كان الحصاد وفيرًا لدرجة أننا تمكنّا من تخزين الكثير في المخازن. وقد جمعنا أيضًا كميةً كبيرة من الحطب، لذا لن نقلق بشأن الشتاء هذا العام.”
ضحك الجميع، وتمنوا أن تستمر هذه السعادة إلى الأبد.
لكن، كما هو الحال دائمًا، فإن أكثر الأمنيات إلحاحًا هي التي لا تتحقق.
“على الرغم من أن الكونت والكونتيسة قد استعدّا بعنايةٍ قبل مغادرتهما للحرب، إلا أن تدخل البارون فينترين أفسد كل شيء.”
حتى إيرينا لم تكن ببعيدةٍ عن ذلك التيار الجارف.
وكانت أراضي ليونيد كذلك.
على الرغم من أن الكونت قد عيّن التابعين في الأماكن المناسبة لضمان استقرار الأمور في غيابه، إلا أن فينتيرين عمل على هدمِ كل ذلك ليخلق لنفسهِ فرصةً للتدخل.
“بسبب ذلك الطمع التافه للفيكونت فينترين، عانى الكثير من أهالي الأراضي!”
بدأ صوت البارون المرتجف يرتفع وقد تغلغل فيه الغضب.
“لا، بل إنهم ما زالوا يعانون حتى الآن!”
“عزيزي……”
حاولت البارونة تهدئته، فأخذ نفسًا عميقًا وانحنى برأسه.
بدا وكأن دموعه تتجمعُ في عينيه للحظة.
“سيدتي، منذ زمنِ بعيد جدًا، عندما كان السيد أجين لا يزال وريثاً الكونت، هل تعلمين ماذا قال لي آنذاك؟”
“لا أعلم.”
“قال لي ‘أنا خائف. خائفٌ جدًا من أن يعاني الآخرون بسبب ضعفي عندما أصبح رئيساً للعائلة.”
نظر البارون إلى إيرينا بعينين مليئتين بالحنين.
“!……”
تفاجأت إيرينا. أليس هذا هو الكلام نفسهُ الذي قالته للتو؟
“أقسم بشرفِ عائلتي أن هذه الكلمات حقيقية.”
تابع البارون كلامه وهو يمسح أنفه بتأثر.
“في الحقيقة، عندما قال السيد أجين تلك الكلمات، شعرتُ ببعض القلق. ليس لأن السيد أجين كان يفتقر إلى شيء، ولكن لأن منصب الكونت ليونيد لم يكن أبدًا منصبًا سهلًا.”
“…….”
“لكن الآن، أنا واثقٌ تمامًا.”
نظر البارون كيريك إلى إيرينا بينما كان يضم قبضته على الطاولة. و على الرغم من كبر سنه، كانت عيناه تشعان بوضوحٍ وثبات.
“سيدتي، ستكونين كونتيسةً عظيمة. كما كان الكونت أجين، ستكونين قائدةً مرحبٌ بها كلما ازددتِ ثقةً وحرصًا.”
كان صوته ثابتًا وواضح، من النوع الذي يترك أثرًا عميقًا، وكأنه يدفعكَ للتصديق به دون تردد.
“في الواقع، أولئك الذين يفكرون ويتأملون هم من يسلكون الطريق الصحيح بتأنٍ ينجحون دائماً. وهذا شيء تعلمتهُ جيدًا، سيدتي. لذا، لا تقلقي كثيرًا إذا شعرتِ بالارتباك. فنحن، التابعين، موجودون لدعم قائدةٍ مثلكِ.”
“……لكنني حقًا أشعر بعدم الثقة في نفسي.”
“مع التقدم في العمر، نبدأُ برؤية الأمور بشكلٍ أوضح.”
رفعت إيرينا رأسها. و واصل البارون كيريك حديثه وهو يمسّد لحيته.
“من يظن أنه وُلد ليكون كونتًا وأن المنصب حقٌ طبيعيٌ له، كحال البارون فينترين، ليس قائدًا جيدًا. فالقائد الأفضل هو من يشكك في قدراته، ويفكر مليًا، ويبحث عن كيفية التطور والنمو.”
“…….”
“كالطالب الذي لا يطرح أسئلةً ويستمع بلا تفكيرٍ لن ينمو، بينما الطالب الذي يطرح الأسئلة على معلمه وعلى نفسه باستمرارٍ هو من يتطور.”
كانت كلمات البارون مشابهةً لما سمعته إيرينا من السيدة هيلبريتون سابقًا.
خفضت رأسها وأبقت شفتيها صامتتين دون رد.
بدا أن البارون كيريك فهم نظرتها، فتنحنح قليلاً وبدّل الموضوع.
“ربما كنتُ أتكلم كثيرًا. أعتذر، عندما يكبر الإنسان، يقل نومهُ ويكثر كلامه، وهذه مشكلةٌ حقًا.”
استند البارون على ظهر الكرسي، وكان وجهه يبدو مرهقًا.
“أرجو منكِ أن تفكري في الأمر بشكلٍ إيجابي مرةً واحدة على الأقل.”
“…….”
“الشجرة التي لم تختبر الرياح لا يمكنها توسيع جذورها.”
“هاه……”
أغمضت إيرينا عينيها ببطء. وعندما حرّكت نظرها، وقع نظرها على رسالةِ والدها التي كانت لا تزال على طرفِ الطاولة.
ببطء، مدّت إيرينا يدها لتلتقط الرسالة، رغم أنها كانت مجعدة.
ضغطت على التجاعيد واحدةً تلو الأخرى حتى أصبحت ملساء، ثم طوتها بعنايةٍ وأمسكت بها بإحكام.
‘لا أعرف ما الذي يجب عليَّ أن أختاره. أشعرُ بالخجل، لأنني لم أفكر في ذلك حتى الآن. كيف يجب أن أعيش، و ماذا يجب أن أصبح؟ لم أفكر في تلك الأشياءِ أبداً……’
في الأحياء الفقيرة، كان الخوف من الجوع في اللحظة الحالية يمحو أي تفكيرٍ في المستقبل.
وعندما وصلت إلى قصر وينفريد، كانت كل جهودها موجهةً نحو التعامل مع الأمور الحالية والتعلم منها، فكان من الصعب التفكير في أي شيءٍ آخر.
ومع مرور الوقت، وبينما كانت تتعلم وتتكيف مع ما أمامها، وجدت نفسها قد أصبحت حبيبةَ الدوق.
كان الإمساك بيده أمرًا لطيفًا، وكانت أحضانه دافئةً وأكثر متعة، أما القبلات فكانت تثيرها.
‘عندما أفكر في الأمر، لم أفكر أبدًا في أنني سأصبح دوقة، أليس كذلك؟’
إذا أردنا أن نتحدث بطريقةٍ إيجابية، يمكن القول أنها كانت تعيش في الحاضر بكل إخلاص، لكن إذا أردنا النظر إليها بشكل سلبي، يمكن القول بأنها عاشت غافلةً عن المستقبل دون التفكير في أي شيء.
“……..”
بينما كانت تؤجل التفكير، وجدت نفسها في النهاية أمام مفترق طريقين.
‘إلى أين يجب أن أذهب؟’
بدأت إيرينا لأول مرةٍ في التفكير بجديةٍ في مستقبلها.
‘……هل أنا بحاجةٍ إلى القوة؟’
كانت تفكر دائمًا بشكلٍ غير محدد فب أنها ستكون أفضل لو كان لديها القدرةُ على إنجاز شيءٍ ما.
لكن في الأيام الأخيرة، واليوم تحديدًا، شعرت بذلك بشكلٍ مؤلم.
‘لو كان لدي لقب مناسب، لما كنتُ قد توقفت عند مدخل الفندق، بل كنت سأتوجه مباشرةً إلى القصر الإمبراطوري.’
اليوم كان يومًا نجت فيه بفضل الحظ وكرمِ شخص ما.
لقد دخلت إلى القصر الإمبراطوري بفضل لقائها بالصدفةِ مع السيد فيدريك، وتمكنت من التحدث في المجلس بفضل عفو الإمبراطور عن دخولها.
‘لو كنتُ الكونتيسة ليونيد، هل كانت المشاكل التي حاولت تعطيل طريقي اليوم ستظل عائقًا؟’
كما قال لها البارون كيريك من قبل،
“عائلة ليونيد، رغم أنها عائلةٌ غربية، هي واحدةٌ من القليل من العائلات التي تم الاعتراف بأصلها العريق، لذا فإن دخول القصر الإمبراطوري أسهل بالنسبة لها مقارنةً بالعائلات الأخرى.”
‘لو كنتُ سيدةِ عائلةٍ من تلك العائلات، لكان الحصول على حق التحدث في المجلس أمرًا يسيرًا.’
لا، في الواقع، كانت ستعلمُ عما حدث للدوق بأي وسيلةٍ كانت، وكان من الممكن أن تمنع حدوثَ ذلك.
المجلس؟ كانت ستعمل على منع انعقادهِ بأي ثمن، بشكلٍ يائس.
ثم،
‘لو كنتُ الكونتيسة، هل كان الدوق سيخفي عني بعض الحقائق المتعلقة بوالديّ؟’
وضعت إيرينا قدميها على الأريكة وضمّت جسدها.
شعرت بقليلٍ من البرودة فاحتضنت ركبتيها.
“…….”
كلما فكرت أكثر، كلما ارتفعت مشاعر الشك التي كانت تشعر بها من قبل.
كانت تعتقد أنه بمجرد إغماضِ عينيها، سينتهي كل شيء، لكن هل الأمر كذلكَ حقاً؟
‘لكن، حتى لو كان كذلك، لا أريد أن أفقده.’
كان قصر وينفريد هو أول منزلٍ دافئ وآمن حصلت عليه إيرينا، وأفراد وينفريد كانوا أول من أبدوا لها إعجابًا واهتمامًا.
الدوق كان هو من أنقذها وأعطاها كل الإجابات.
لم ترغب أبدًا في التخلي عنهم.
“آه.”
تنهدت إيرينا بعمق.
تراوحت عيونها الزرقاء بين غلق الجفون، والنظر عبر النافذة، ثم النزول إلى الأرض، وكانت تتحرك بشكلٍ متسارع.
تمتمت بشيءٍ كما لو كانت تفكر، ثم صمتت لفترةٍ طويلة، وأحيانًا بكت بهدوء.
كانت إيرينا تفكر وتفكر، في الطريق الذي يجب أن تسلكه، وكيف يمكنها تحقيق أفضل النتائج.
لقد بذلت قصاري جهدها لضمان رغباتها، وعملت بجدٍ للتفكير والتأمل في كل خيار.
وعندما كان الشمعة الجديدة قد ذاب نصفها، وكان ضوء الفجر يتسلل عبر النافذة بدلًا من الظلام، نهضت إيرينا أخيرًا.
كانت عيونها التي كانت مترددةً قبل بضع ساعات قد أصبحت الآن ثابتة.
لقد حددت طريقها.
_______________________________
تكفين طيب علميني وش ذا الطريق 🥰🥰🥰🥰🥰🥰
انا اثق فيس يابنتي فتكفين اختاري الدووووووق
Dana