As Long As you Are Happy - 105
وهكذا، حدث ما يحدثُ الآن.
تمكنت إيرينا من المرور بسهولةٍ عبر بوابة القصر الإمبراطوري بفضل ضمان الماركيز فيدريك، ووقفت هنا.
“جلالتك.”
كانت إيرينا تلتقطُ أنفاسها بخفة، وجهها متوردٌ قليلاً، كما لو أنها ركضت بلا توقفٍ عبر الممرات الطويلة للقصر الإمبراطوري، وهي تحدق بالإمبراطور الجالس أمامها.
ملأت أصوات أنفاسها الخفيفة الأجواء الهادئة داخل قاعة المجلس.
“أشعر بأسفٍ بالغ لتطفلي فجأة على هذا المجلس المقدس بهذه الطريقة.”
قالت إيرينا ذلك وهي تنحني بانحناءةٍ تُظهر احترامها.
كانت إيماءتها البسيطة وحركتها الصغيرة، كل شيءٍ فيها بلا عيب، كان أداءً كاملاً.
“أنا إيرينا ليونيد من عائلة الكونت ليونيد……وأنا أيضًا ضحيةُ حادثة الاختطاف الأخيرة.”
عضت شفتها السفلى الممتلئة للحظة ثم تركتها، قبل أن ترفع رأسها. و كان في عينيها الزرقاوين رجاءٌ عميق.
“أعلم أنني لا أملك الإذن للتدخل في مكانٍ كهذا، لكن إذا تظاهرتُ بعدم معرفة أن الدوق وينفريد، الذي ساعدني، قد أصبح في خطرٍ بسببي……”
أخذت إيرينا نفسًا قصيرًا.
“……سأشعر بالخجل لدرجة أنني لن أتمكن من رفع رأسي أمام والديَّ أو أي شخصٍ آخر، ولهذا جئت مسرعةً إلى هنا.”
نادته مرة أخرى برجاء.
“جلالتك، أرجوك، لا تجعلني ناكرةً للجميل. أتوسل إليكَ أن تظهرَ لي لطفكَ بمنحي لحظةً من وقتكم.”
حين انتهت إيرينا من كلامها، خيم الصمت على المجلس.
حتى الذين كانوا على وشك استدعاء الخدم لإخراجها أغلقوا أفواههم، وأولئك الذين فتحوا أفواههم لانتقادها تجمدوا في مكانهم، ولم يحركوا سوى أعينهم.
“ما هذا……”
فتح كارل عينيه على وسعهما ومسح زاوية فمه.
‘ما الذي يحدث بحق؟’
لم يكن يتوقع مطلقًا أن تظهر إيرينا هنا فجأة.
‘هل كانت دائمًا بهذه الجرأة؟’
“حسنًا، ربما كانت كذلك.”
إذا حكمنا من مظهرها وما تظهره عادةً، يبدو أنها هادئةٌ تمامًا. لكن في باطن شخصيتها شيءٌ آخر.
في العادة، كانت مرحةً إلى حدٍ ما. و ربما لأنها لم تعتد بعد على مجتمع النبلاء.
وأحيانًا أظهرت جوانبَ غريبة إلى حدٍ ملحوظ.
لكن أن تقتحم القصر الإمبراطوري، وتحديدًا قاعة المجلس حيث يوجد الإمبراطور؟ لم يكن ليتوقع ذلك أبدًا.
‘هل كان لوغان يتوقع مجيء الآنسة إيرينا؟’
قبل قليل، قال شيئًا عن أن شخصًا آخر سيبلغها بالأمر.
تحركت نظرةُ كايل بشكلٍ طبيعي إلى الجانب.
“هاها……”
ضحكَ كارل بخفة.
لم يكن بحاجةٍ إلى أن يسأل، كان يمكنه معرفةُ الجواب من التعبير الظاهر على وجه لوغان الآن. فحتى هو لم يكن يتوقع مطلقًا مجيء إيرينا.
هل سبق له أن رأى لوغان بهذا القدر من الدهشة في حياته؟
حتى لو سقط الأعداء فجأةً من السماء، لم يكن ليهتزّ قيد أنملة. ومع ذلك، ها هو يُظهر دهشةً كبيرة لمجرد ظهور شخصٍ واحد.
‘هل يمكن أن يكون الأمر أعمق مما كنتُ أتصور؟’
بدأ كايل يعبث برباط شعره الطويل بينما يسند ذقنه بيده.
لم يكن لوغان هو الوحيد المندهش. فالإمبراطور أيضًا كان في موقفٍ لا يقل ارتباكًا.
لم يكن يتوقع أن تظهر بنفسها.
كان البارون فينترين قد أخبره بأن حادثة الاختطاف لم تحدث. لكن بما أن كلام ذلك الرجل لم يكن جديرًا بالثقة، فقد توقع الإمبراطور أن الحادثة وقعت بالفعل، وكان توقعهُ صحيحًا تمامًا.
ومع ذلك، حتى مع اعتقاد الإمبراطور بوجود حادثةِ اختطافٍ بالفعل، كان هناك سببان جعلاه يتجاوز الأمر بهدوء.
السبب الأول هو أن الحقيقة، مهما كانت، قد تصبح سلاحًا لمهاجمة الدوق.
أما السبب الثاني، فهو أن الإمبراطور كان يعلم جيدًا أن الضحايا، خصوصًا النساء، يميلن دائمًا إلى إخفاء الأمر.
القتل، الاختطاف، الاغتصاب. بل وحتى التعرض للضرب دون سببٍ أثناء السير في الطريق، كنّ يصمتن لذلك.
الأشخاص الذين يرفعون أصواتهم نيابةً عنهن كانوا رجالًا، والذين يقومون بمعاقبة الجناة كانوا رجالًا أيضًا. لذلك، ربما اعتقدن أنه لا داعي لرفع أصواتهن بأنفسهن.
أو ربما كان الأمر بسبب شعورهن بالخجل من ملابسهن أو سلوكهن الذي اعتقدن أنه السبب في تلك الحوادث.
‘لذا، مهما حدث، كنتُ أعتقد أنها ستبقى صامتةً وتعتمد فقط على الدوق.’
لكن أن تأتي مسرعةً إلى قاعة المجلس وترفع صوتها بشجاعةٍ هكذا……؟
“…….”
بدأ برسم عدة سيناريوهاتٍ في ذهنه.
استدعاء الخدم لطرد الآنسة ليونيد، أو السماح لها بالكلام والاستماع لما ستقوله.
والخيار الذي اختاره الإمبراطور كان……
“قلتِ أنكِ الآنسة إيرينا ليونيد من عائلة الكونت ليونيد؟”
اختار الإمبراطور الاستماع إلى ما تقوله الآنسة ليونيد.
لأنه بهذه الطريقة، يستطيع أن يتظاهر بعدم معرفةِ أي شيء، ويُقصي البارون فينترين، مع الحفاظ على صورةٍ إيجابية لنفسه.
“أنا والد ينظر بعطفٍ إلى أبناء الإمبراطورية، لذا فإن الاستماع إلى مظالم الابنة ليس مجرد لطف، بل هو واجبٌ طبيعي.”
ابتسم الإمبراطور بوجهٍ ودي.
بسبب الإذن غير المتوقع من الإمبراطور، تجمد وجه البارون فينترين، بينما أضاء وجه إيرينا بسعادة.
“شكرًا لكَ، جلالتك!”
ابتسمت إيرينا ابتسامةً مشرقة مليئةً بالامتنان.
وعندما أشار الإمبراطور بيده نحو الأمام، تقدمت إيرينا بحذرٍ إلى وسط قاعة المجلس، مشبكةً يديها معًا وكأنها أمام كاهن.
“أقدم تحياتي مجددًا. أنا إيرينا ليونيد من عائلة الكونت ليونيد.”
صوتها الجميل ملأ قاعة المجلس.
“أثناء المهرجان الأخير، خرجتُ لمشاهدة المهرجان برفقةِ الدوق.”
لم تستطِع تجاهل طفلٍ يطلب المساعدة، و لكون الخاطفِ يحملُ ضغينةً ضدها، فقد اتخذ والد الطفل كرهينةٍ لإجبارها على القدوم……
هذا ما حدث.
“لقد تحملتُ الوضع بأي طريقةٍ ممكنة، وحاول الدوق مساعدتي، مما أدى إلى ما نحن فيه الآن.”
ما كانت فحواه واضحة من التصريحات التي أُدلي بها في المجلس، انساب الآن من شفتي إيرينا.
لكن خدّيها المتوردين من التوتر والرجاء، وعينيها البراقتين، كانتا كافيتين لجذب أنظار الجميع. وأيضًا، كانتا سببًا سهّل جدًا لكسب تعاطفهم.
“هذا ما حدث.”
أنهت إيرينا حديثها، دون إطالة أو اختصار، وانحنت برأسها.
وحين اختفى وجهها، أطلق البعض تنهداتٍ مكبوته. فما كان يهمهم الآن أكثر من حادثة الاختطاف هو ملامح إيرينا الحزينة.
“كل الخطأ هو خطأي أنا. لذا أرجوك، لا تلقِ باللوم على الدوق، وعاقبني أنا الجاهلة بدلًا منه.”
“ما هذا الكلام؟!”
ضرب رجلٌ بقبضته على الطاولة أمامه.
“الآنسة ليونيد تصرفت بدافع نيتها الحسنة فقط لإنقاذ الطفل.”
“هذا صحيح!”
بدأ الناس يؤيدون الكلام واحدًا تلو الآخر.
“تجاهلُ شخصٍ بحاجة إلى المساعدة يخالف مبادئ الفروسية.”
“ليس هذا فقط، بل إنه يتعارض أيضًا مع قوانين النبلاء. نحن ملزمون، في النهاية، بالاهتمام بعامة الشعب.”
“بالضبط. ولهذا، فإن الآنسة ليونيد تصرفت بأسلوبٍ نبيلٍ أكثر من أي شخص آخر.”
كان الوضع قد انقلب بالفعل لصالحها، ومع ظهور الضحية الجميلة والخيرة، كان الحكمُ بين الناس قد صدر مسبقًا.
الشرير هو البارون فينترين.
“لكن، دعونا نتحدث قليلًا.”
فتح أحدهم فمه بنبرةٍ لئيمة بعض الشيء.
“حين تبعتِ الطفل، ألم تشعري بشيءٍ غريب؟”
لكن، مهما كان الموقف متعاطفًا، كان لابد من التحقيق في الأمور التي تستحق التدقيق.
“لو شعرتِ بشيءٍ غريب أثناء تتبع الطفل، كان يجب عليكِ أن تعودي فورًا.”
“لماذا استمررتِ في المتابعة؟”
“سمعنا أن الجاني تعرض لحروقٍ في جسده. ألم تفكري في محاولة السيطرة عليه باستخدام أدوات ما؟”
“ماذا؟ ما الذي تعنيه؟”
“السيطرة. أقصد السيطرة على حركته. باستخدام الأدوات، كان يمكنها السيطرة عليه، أليس كذلك؟”
“وماذا عن الملابس التي ارتديتها أثناء المهرجان؟ هل كانت من النوع الذي قد يُغري أحدًا بالرغبة في اختطافكِ؟”
“ملابس تُغري بالرغبة في الاختطاف؟”
شعرت إيرينا بالارتباك.
ألم يكن الأمر قد انتهى بعد أن تبيّن الخطأُ بشكل واضح؟
لكن الحاضرين الآن بدأوا في تحميلها جزءًا من الخطأ.
‘وما هذه العبارة عن “ملابس تُغري بالرغبة في الاختطاف”؟ ما الذي يعنيه ذلك؟’
“ما ارتديته في ذلك اليوم كان زيًّا بسيطًا يشبه ملابس العامة. تنورة تصل إلى الكاحل……”
“هل قلتِ أن ساقيكِ كانت ظاهرة؟”
رفع أحد الرجال صوته وكأنما وجد نقطةَ ضعف ليهاجم بها.
“هل كان هذا هو السبب في أن الجاني اختاركِ أنتِ كهدفٍ له؟”
“أوه، وقلتِ أن الجاني كان يحمل ضغينةً ضدكِ.”
ضحك أحدهم وهو يكشف عن أسنانه.
“هل ربما كان هذا الرجل قد تأثر بكِ بشكلٍ غير واعٍ، مما جعلِك تعطيه فرصةً ليفعل ما فعل؟”
كَرَك-!
سمعوا صوتًا مدويًا كالرعد. فسكت الجميع وحركوا أنظارهم.
“أيها السادة……”
ضرب لوغان الطاولة بقبضته، وصرَّ أسنانه بشدة.
“إن كلامكم غريبٌ جداً.”
بدأت عيناه الحمراء تمسح وجوه الأشخاص الذين تحدثوا للتو، واحدًا تلو الآخر.
“هل من الضروري حقًا معرفة تفاصيل ملابس الضحية؟”
“هممم.”
أدار الرجل الذي كان يدعي أن ظهور الساقين هو السبب في ذلك رأسه.
“وأيضًا، كما قيل في البداية، كان هناك من استأجرهم الجاني إلى جانبه، أين اختفى ذلك التصريح؟”
“آه، هاها. أذنيَّ لا تعملانِ جيداً.”
خفض شخصٌ آخر رأسه هذه المرة.
“وأيضًا……”
أخيرا، وقع نظر لوغان على الرجل الذي تساءل عما إذا كانت الضحية قد حاولت جذب الجاني بشكلٍ غير واعٍ.
“ما هذا الهراء؟”
“دوق!”
في النهاية، انفجر أحدهم بالكلام القاسي. و تحدث الإمبراطور مباشرةً لإيقافهم، لكن نظرات لوغان لم تبتعد عن الشخص الذي قال هذا الكلام.
“ليس من الضروري أن تكون الضحيةُ بعيب.”
وبقبضةٍ مشدودة لدرجة أن يده كانت ترتجف، تابع لوغان حديثه.
“وفي الوقت نفسه، لا يحق لأي شخصٍ أن يطلب من الضحية أن تكون بلا عيب.”
كانت الكلمات التي تخرج من بين أسنانه مخيفةً للغاية.
“لا، أنا فقط……”
حاول الرجل أن يبرر نفسه، لكنه أغلق فمه مرة أخرى بسبب الجو المرعب الذي ساد المكان.
الجو أصبح جليديًا. تحت ضغط قوة لوغان، و لم يستطع أحدٌ تحريك إصبع واحد، وأخفضوا رؤوسهم.
وكان هذا المشهد بعيدًا عن أن يرضي الإمبراطور.
“يا، يا؟”
دفع كارل بسرعة صديقهُ بلطف، لكن غضبهُ الأخير جعل أُذنيه لاتعملان، و لم يسمع نداء كارل.
“دوق.”
لكن الصوت الذي وصل إليهِ كان مليئًا بالدفء.
“أنا بخير.”
بصعوبة، حركت إيرينا نظرها، وأظهرت ابتسامةً مهتزّة على وجهها الشاحب، وكأنها تحاول طمأنته.
“أنا حقًا بخير.”
نظر لوغان إلى وجه إيرينا مرة، ثم نظر إلى يده التي كانت موضوعة فوق يده المشدودة، وفي النهاية، تنهد وسمح لنفسه بالاسترخاء.
“أعتذر.”
نهض لوغان واعتذرَ بانجناءةٍ خفيفة.
“يبدو أنني انفعلتُ كثيرًا. الآن، سأعود مع الآنسة ليونيد. جلالتك.”
______________________________
الفصل قصير؟ مدري بس أحسه قصير مره
المهم وكذا اكيد خلاص خلصنا من ذا المجلس واخيرا
ايرينا نمنم بنتي البريئة طلعوها من المجتمع الذكوري ذاه😭
النبلاء ذولا انا متأكدة داخل روسهم جزمة وانتم الكرامة مستحيل يكون عندهم عقل طبيعي
الحين لوغان ياشطور خذ زوجتك وهدها شوي شوي 🫂
Dana