After the ending, I saved the villain with money - 28
دافني …
نبض ..
كان صوت النبض قرب أذنه يسمع بشكل أعلى من المعتاد اليوم ..
كانت جميع أنواع الصحف ، سواء كانت صباحية أم مسائية ، مكدسة بالقرب من السرير الذي كان يرقد عليه سيليستيان ، مرّ الآن عشرة أيام ، ولم يكن هناك أي خبر عنها ..
ولا حتى عنه ، ولا حتى عن الهجوم الذي وقع في ذلك اليوم ..
كانت الغرفة كما كانت قبل أن يغلق عينيه ، رفع سيليستيان يده اليمنى بشكل اعتيادي وتفقدها ، كانت الندبة ما زالت موجودة ..
“لم أمت بعد …”
حدق إلى السقف الأزرق المنقوش بتصميم هندسي بعينين خضراوين معكرتين ، ثم غطى عينيه بذراعه ، وأطلق تنهيدة مؤلمة ..
“لم أمت بعد ، فلمَ لا يوجد أي خبر…”
طرق! طرق!
“مزعج …”
كان الصوت هذه المرة من شخص يطرق الباب ، وليس نبضه ، تساءل سيليستيان من قد يكون هذا الشخص الذي يضرب الباب الخشبي بعنف ، بدلاً من استخدام الجرس الموضوع هناك ..
“آه…”
ربما…
شعر بشيء غريب من الإثارة ، دفعه الأمل الطفيف إلى التحرك ، وقف سيليستيان أمام الباب بخطوات متسرعة ، ثم أخذ نفساً عميقاً ونظر من ثقب الباب ، لكن الإثارة خمدت بسرعة ..
فتح سيليستيان الباب على مصراعيه ، وتراجع موظف الفندق الذي كان يحمل المفتاح الرئيسي خطوة إلى الوراء ..
بدأ الموظف يعتذر بتلعثم ، وكأنه شعر بأنه قد أزعج نومه العميق ..
“في اليوم العاشر ، طُلبت منا أن نطرق الباب عشر مرات بقوة ، وإذا بقيت هادئاً ، نفتح الباب ، لقد تبعتُ المذكرة…”
كان جو الغرفة غارقاً في ظلام الليل ، بفضل الستائر الثقيلة التي حجبت الضوء لعدة أيام ، عبس سيليستيان بحدة عند تسلل أشعة الشمس بعد الظهر من خلال الباب المفتوح ، فسببت له الدوخة لدرجة أنه وضع يده على جبهته ، مما جعل الموظف يشعر بالقلق ، رفع سيليستيان يده مهدئاً ..
“نعم ، صحيح ، شكراً.”
كان الموظف محقاً؛ فقد كانت تلك المذكرة التي كتبها سيليستيان في يوم وصوله إلى هذا المكان ، حيث ألقاها بسرعة على مكتب الاستقبال ، دافني أُصيبت برصاصة عدة مرات ، لكنها لم تمكث أكثر من أسبوع قبل أن تعود .
“هل تحتاج إلى تنظيف الغرفة؟”
سأل الموظف بوجه شاب وثقة ..
“لا ، شكراً.”
أجاب سيليستيان بلطف ، ثم مرر أصابعه عبر خصلات شعره الأمامية الذهبية وأطلق تنهيدة خفيفة ، وركز على أربع صحف ملفوفة بخيط موضوعات على عربة خلف الموظف ..
“اترك تلك الصحف هنا ..”
دخل الموظف بسرعة ووضع الصحف على الطاولة ، ثم غادر ، كشف سيليستيان جزءاً من الستائر ، حتى أصبحت عيناه الخضراوتان معتادتين على ضوء الشمس ، واكتسبتا وضوحاً تدريجياً ..
من بعيد ، ظهرت له سفينة ضخمة للغاية ، وعدد من السفن الصغيرة القادمة من بلدان أخرى ، رأى عمالاً صغاراً كالنمل يتحركون بنشاط .
لم يذهب سيليستيان بعيداً ، بل بقي في فندق للرحالة قرب الميناء ، بلا اسم ، بانتظار اللحظة المناسبة للعودة ..
بعد أن قرأ ثلاث صحف بعناية ، لم يجد بعد أي ذكر لدافني ، مال سيليستيان برأسه متسائلاً؛ لم يسبق أن كانت الأمور بهذا الهدوء لفترة طويلة ..
أخذ رشفة من قهوته ، حيث وُضع فيها مكعبين من الثلج ، ليرطب بها حلقه ، بعد ذلك ، فتح صحيفة ذات حجم طولي ..
وكما كان متوقعاً ، جاءت الأخبار السارة
“أوهه ..”
رأى سيليستيان جملة تلفت انتباهه ، إذ أن مدير الفندق ذو الشعر الأحمر قام بضرب رئيس شركة توزيع السكر بمؤخرة بندقيته في ميدان إطلاق النار ألرنون ، بعد أن قرأ هذه العبارة السريعة واطلع على النقد الذي تلاها ، ضحك سيليستيان بخفة ..
“يبدو أن هذا الركن مخصص لدافني ..”
ركن “مشكلة الأمس” هو مكان لا يُذكر فيه أسماء الناس إلا إذا كانت القضايا جديرة بالاهتمام ، نقر سيليستيان بإصبعه على هذا الركن ..
❖ ❖ ❖
عادت دافني إلى العمل وكانت مشغولة للغاية ، بحيث لم يكن لديها وقت للتنفس ، رغم أن وقت خروجها من العمل كان يُحترم بدقة بناءً على إصرار ميشا ، إلا أن المهام التي تنتظرها في المنزل لا تزال كثيرة ومتراكمة ..
تضمنت مهامها التأكد من تواريخ تسليم البضائع للسفن ، وتأكيد قائمة المدعوين ، ومعرفة تفضيلاتهم من الطعام إلى الحساسية ، حتى ألوانهم المفضلة وذوقهم في الديكور ..
“لديهم تفضيلات متنوعة… بلا داعٍ.”
اليوم كان عليها أن تذهب إلى الميناء الرئيسي في سيكراديون لأجل تفتيش الموقع ، كانت دافني منزعجة منذ الصباح ..
“هل فات الأوان لأوكل كل هذا إليك ، ميشا؟”
تمتمت دافني وهي تخرج يدها من نافذة السيارة المفتوحة ..
“ألن يكون هناك العديد من الأشخاص الذين عليكِ تقديم التقارير لهم؟ لستِ الشخص الوحيد الذي يشرف على هذا الحفل …”
“يمكن حل كل ذلك في يومين …”
“سأفعل ذلك إذا ضاعفتِ راتبي ، ثم أدخلي يدكِ ، إنه خطر ..”
التزمت دافني بالصمت ، وظلت يدها خارج النافذة ترفرف مع الرياح المندفعة ..
“لكن ، هذا زفاف ولي العهد ، إنه النهاية السعيدة التي لطالما رغبتِ بها ، تحلي ببعض الصبر …”
“إنه أشبه بزفافي أنا ، بالفعل ..”
أمامها ظهرت مياه البحر الزمردية ، وتطاولت الغيوم البيضاء العملاقة فوق الأفق ، حينما نزلت من السيارة ، اختلطت أصوات الناس بصيحات النوارس ، وانعكست أشعة الشمس الساطعة على سطح البحر ، واصطدمت الأمواج بالحاجز ..
ورأت أيضاً سفينة سياحية ضخمة بارتفاع أربعة طوابق ..
“مهما نظرت إليها ، تظل ضخمة.”
كان مكتوباً عليها بحروف ضخمة عند منتصفها اسم “بيج-رين”، وهو الاسم الذي سيحمله طفل ولي العهد وزوجته في المستقبل ..
‘لقد سموهم حتى قبل أن يولدوا… ماذا لو كانت الابنة الكبرى؟ ..’
كان البلاط الملكي قد كتب أسماءهم في التاريخ منذ الآن ..
‘أوه ، وهل هؤلاء معينون سلفاً؟ ماذا لو لم ينجبوا ، أو أنجبوا المزيد؟ ..’
حتى روميو وُلد باسم مقرر له مسبقاً ، بدا الأمر غريباً بعض الشيء لدافني ، فلم تكن لتفهم قَدَر العائلة الملكية ..
‘ربما تغير الكثير بفضل سايكي ، أم بفضلي أنا؟ ..
ابتسمت دافني ابتسامة راضية ..
كانت هذه السفينة العملاقة المذهلة ، التي تثير الشهية للنظر ، هي المكان الذي ستُعزف فيه موسيقى زفاف الشخصيات التي “غيرت المصير” ..
حفل الزفاف سيمتد ثلاثة أيام وليلتين ، حيث ستجوب السفينة جزر سيكراديون ..
جالت دافني بين غرفة المحركات ، والأرضيات المختلفة ، وغرف الضيوف المميزة ، وقاعة الحفلات التي ستستخدم كقاعة زفاف ، وتفقدت كل شيء بعناية ..
ثم توجهت إلى سطح السفينة عند المؤخرة ، متأملة في البحر ..
وضعت قدميها على الدرابزين المطلي باللون الأبيض ، ونظرت نحو البحر ، ورأت السفن المزينة بأعلام ملونة من بلدان مختلفة ، وقد دُعيت جميعها لحضور الزواج الملكي ..
‘عندما تسير الأمور وفق الخطة تماماً ، يبدو الأمر سهلاً لدرجة تفقد معها المتعة ..’
فالحياة تصبح أكثر متعة مع بعض المتغيرات المناسبة ، لكن التحديات الأخيرة التي واجهتها دافني لم تكن مرحباً بها ..
‘لكن هذه المرة ، يبدو فعلاً أنها ستكون مملة .
‘
ففي النهاية ، كانت أبرز لحظات هذا الزفاف بالنسبة لدافني هي رؤية وجه سيليستيان وهو يبكي ..
‘آه ، اللعنة ، فكرت فيه مرة أخرى ..’
بمجرد أن خطر اسم سيليستيان في بالها بعد أيام من الانشغال ، تبع ذلك صورة وجهه الوسيم ، وتخيلت أنه يقف هناك في أسفل الميناء ..
النسيم العليل يداعب شعره الذهبي المزعج برفق ، وانعكاسات الضوء على سطح الماء تجعله يبدو وكأنه غير مكترث بارتداء قميصه كاملاً ..
ووجهه الناصع الجميل ، الذي يقطب من شدة حرارة الشمس المتوهجة… كما لو كان حقاً يعبّر بتلك الملامح الجميلة عن عدم الرضا ..
‘مقرف ، مزعج ، أتمنى أن يموت ..’
مسكت رأسها بيدها وعضت على شفتيها ، شعرت بقشعريرة من الخوف تتسلل إلى ظهرها بعد قول تلك الكلمات ..
‘ماذا لو حدث له شيء بالفعل؟ ماذا لو تعرض لحادث بالفعل؟ ..’
في اللحظة التي قررت فيها دافني التراجع عن أمنيتها ، ظهر ميشا فجأة من الخلف وأمسك بها برفق من خصرها ، ساحبا إياها لأسفل ..
“قلت إنه خطير …”
صوته كان يحمل قلقاً مكتوماً ..
“ماذا عن الفطائر الصغيرة والحلوى؟ لقد وصلنا للتو برقية من السير ديتر يبلغنا فيها بأنه سيقطع التعامل معنا ..”
وواصل تقريره بأسلوب ينم عن ضجره الشديد ، ومع ذلك ، لم يكن ميشا يبدو حزيناً حقاً لفقدان هذا الشريك ، بل كان يظهر عليه الارتياح ..
“حقاً؟ هل كان جاداً؟”
“نعم …”
“يا له من رجل لا يعرف كيف يدير أعماله ..”
تذمرت دافني ، فقد فوت ديتر على نفسه فرصة توريد زفاف ولي العهد بقراره هذا ..
“هل قمتِ بضربه عن قصد لتغيير الشريك؟”
“لم أتوقع أنه سيتخلى عن العمل بهذه السهولة ، ربما كانت الضربة مؤلمة؟”
“عندما يتلقى ضربة من مؤخرة بندقية ثقيلة على مؤخرة رأسه ، فلا بد أنها كانت مؤلمة.”
لو لم يكن رأسه قد تعرض لإطلاق نار ، لأمكن استخدامها كقذيفة مدفعية ، لكن ميشا كتم تعليقه هذا ..
“لا بد أنها كانت أقل إيلاماً من خدش رصاصة بجانب خاصرته …”
“سيدتي ، الإصابة بالرصاص ليست أمراً عادياً.”
“بالضبط~ رجل لم يغشَ عليه لمدة ثلاثة أيام متتالية لا يعرف شيئاً.”
قالت دافني بمرح وهي تمازحه ..
“ليس هو الوحيد الذي يوزع السكر ، مطالبته بزيادة النسبة كان مبالغاً فيها ، خاصة أنه ليس الموزع الحصري ..”
أومأ ميشا موافقاً ، وهو ينظر إلى الوثائق ، التفتت دافني لتنظر إلى الميناء الذي كان ممتلئاً بالسفن الصغيرة بأعلام ملونة من مختلف البلدان ..
ثم لفت نظرها بناء لم تره من قبل ..
“متى تم بناء هذا الفندق في الميناء الأول؟ ألم يقل روميو إنه لن يسمح ببناء أي منشأة هنا؟”
نادراً ما كانت دافني تزور الميناء الأول المخصص لأفراد العائلة المالكة وكبار الشخصيات ..
“سيدتي ، هناك مزرعة قصب سكر جيدة في الجنوب ، توصي بها ناريد …”
بما أن المكان كان من توصية ناريد ، لم يكن هناك حاجة للتحقق ..
“سيكون الجدول ضيقاً ، لكن إذا أرسلنا العقد اليوم ، يمكن أن يصل في الوقت المناسب قبل يوم الزفاف الملكي ، هل نواصل الإجراءات؟”
عندما أومأت دافني برأسها ، وقف ميشا مستقيمًا على سطح السفينة حيث كانت النسيم العليل يهفهف من حوله ، وبدأ بسرعة بتدوين التفاصيل التي سيضمها إلى العقد ..
“ميشا.”
“لم يتبقَ شيء للتحقق منه ، من بعد الظهيرة يمكنكِ الذهاب للتسوق لشراء الفستان ، ثم البقاء حتى موعد الحفل فقط…”
“هل تستمتع بالنظر إلى البحر؟”
“عفواً؟”
“لأنك تبتسم طوال الوقت ..”
نقرت دافني على جانب شفتيها بسبابتها ، وأدرك ميشا حينها فقط أنه كان يرفع زاوية فمه باستمرار ..
“أظن أن كيشا ستستمتع بالمنظر أكثر مني ، فهي ابنة البحر ..”
“في المرة القادمة ، دعنا نركب السفينة لوحدنا ، عندما أنجح في الاستقلال ، سأقوم بجولة حول العالم على متن سفينة ..”
بما أن مسار رحلة “بيج-رين” يشمل الحدود بين أزينتار وليفيان ، فقد تم اختيار الركاب ممن ليس لديهم أي عوائق للسفر الدولي ، ولهذا السبب ، لم يتمكن الأخوان ساشا ، الذين يحملون فقط إقامة سيريناد ، من الانضمام إلى الرحلة ..
وقد قبلت ناريد بكل سرور أن تنتظر على اليابسة بصحبتهم حتى عودة دافني ..
“من الأفضل أن تتحدثي عن ذلك بعد نجاحكِ في الاستقلال …”
“آه ، تقصد قولها بعد أن أحقق النجاح؟ هذه العبارة تثير استيائي دائماً ..”
ضحك ميشا مستمتعًا ولو بالكلمات فقط ، فربتت دافني على كتفه بلطف ..
“استرح جيداً أثناء غيابي ..”
“إنها مجرد ليلة أو ليلتين ، لكنكِ تتحدثين وكأنكِ ستسافرين إلى مكان بعيد ..”
نقر ميشا على إطار نظارته بضع مرات ، ثم خلعها ، العالم بدا ضبابياً قليلاً ، لكن شعر دافني المتألق بدا كالروبي أمامه ..
“ميشا ، على فكرة…”
“سيصبح اسمي مستهلكاً ، سيدتي ..”
عينَا دافني الذهبيتان تلألأتا بوضوح تحت أشعة الشمس ..
“يبدو أنك لم تعد تستقر على حال مع نظارتك هذه الأيام ، خصوصاً عندما أكون بالقرب منك …”
ميشا كان يحب تلك النظرات في عينيه ، لكنه أحياناً كان يخشاها ، فقد كانت تذكره بعينَي أفعى تراقب فريستها ..
“ألا توجد كذبة قد أخفيتها عني؟”
ترجمة ، فتافيت ..