After the ending, I saved the villain with money - 17
سيلستيان استند إلى الحائط بذراعين معقودتين ، ينظر إلى السقف العالي ، أراد أن ينتظر خارج قاعة العشاء ، كما طلبت منه دافني ، لكنه لم يستطع تفادي أنظار المارة المتكررة في الممر الرئيسي بدا أن البعض جاء خصيصًا لمشاهدته ، كأنه خادم ينتظر عودة دافني ، وبنظرات مليئة بالكراهية والسخرية ، رد سيلستيان بابتسامة ، ثم غيّر تعابيره فجأة إلى وجه خالٍ من المشاعر ..
“أنا منبوذة في هذا المجتمع.”
تذكر تلك المرة التي كانت فيها دافني أحد المحرّضين الرئيسيين ، حين ألقت زجاجات وكؤوس على سايكي دنفر وهي تشعر بسعادة عارمة ، لينتهي الأمر بها بالبكاء لكن الأمور تغيّرت الآن ، فقد أصبحت سايكي إلى جانب روميو ، بينما دافني …
ارتسمت على شفتي سيلستيان ابتسامة خفيفة وهو ينظر للأعلى ، وتساءل، “هل ضُربت حقًا بزجاجة من قبل؟”
حدّق سيلستيان نحو مجموعة من النبلاء يقفون تحت الجدار الذي تعلّق عليه سيوف زينة متقاطعة ، كانوا يتحدثون عن دافني بصوت مرتفع ، وكأنهم يتعمدون أن يسمع
كانت محادثتهم مليئة بالإهانات التي لا فائدة منها ، قال لنفسه ، “يبدو أنهم مستعجلون على الموت.”
توقف عن الاستماع وغيّر مساره إلى ممر الخدم ، الذي لم تطأه أقدام النبلاء ، قاصدًا المكان الذي ينتظر فيه مساعد دافني ..
“سيلستيان ، هل تنتظرني بالخارج قليلًا؟ سأعود بعد إلقاء التحية.”
تذكر وجه دافني القلق بنظرتها الذهبية المضطربة بينه وبين الطاولة ، بدا وجهها حينها لطيفًا للغاية ، لكنه تساءل ، لماذا اختارت روميو مرة أخرى؟
“لقد وصلت.”
انحنى ميشا بشكل غريب أمام سيلستيان ، إذ لم يحنِ إلا جذعه ، ملقيًا التحية بطريقة لافتة للنظر ..
أجاب سيلستيان وهو يلوّح بيده ، “لا يبدو هذا مناسبًا.”
رد ميشا هامسًا بشيء غير مفهوم قبل أن يجلس مجددًا ويعاود النظر في أوراقه ، حكّ الأمير خده ، وجلس على الأريكة الثنائية ، ناظرًا إلى ساعته الفضية ، تلك الساعة التي وضعتها دافني بنفسها حول معصمه …
كانت قد اقتربت منه ، تتحدث بلا توقف ، وتخبره أن الساعة باهظة ، وأنه لن يلاحظ حتى إذا فُقدت ، وتحذّره بأنها ستعاقبه إذا ظهرت عليها خدوش ، كان يعلم أنها كانت تضيف هذه التحذيرات من باب الخجل ..
في الصندوق الذي وُضع على الأريكة ، كانت هناك قفاز وحيد فقد شريكته ، قام سيلستيان بسحبه ووضعه بالقرب من فخذه ، ثم نظر مجددًا إلى ساعته ، مضت فقط خمس عشرة دقيقة ، بينما كان يمسح وجه الساعة الزجاجي ببصماته ، ويبتسم بارتياح ، لم يستطع ميشا منع نفسه من التحدث ..
“يا صاحب السمو ، ما الذي تخطط له بالضبط؟”
“ماذا؟”
“لديك مملكة ، تيريوسا.”
فكر ميشا أنه لو كان مكانه ، لوجد طريقة للاستفادة منها ، كتطويرها كوجهة سياحية شتوية ، أو تربية مواشٍ تتناسب مع مناخها ، أو حتى تصدير الموارد الخاصة بها ، لكنه سخر في نفسه ، إذ إن المملكة قد تكون منهارة لدرجة لا تسمح بأي محاولات كهذه ..
ثم سأل بجرأة “لماذا لا تهرب ببساطة؟”
أمال سيلستيان رأسه قليلاً ، واستمع
“يمكنك العودة إلى هناك ، فلماذا تواصل البقاء في غرفة سيدتي وتجعلها في وضع حرج؟”
رفع سيلستيان حاجبه تجاهله متجاهلاً السؤال ، وتطلع نحو قاعة الحفل حيث كانت دافني ، كرر ميشا محاولته لجذب انتباهه لكن
”عذرًا ، هل قمت بصبغ شعرك؟”
لمس ميشا مؤخرة رأسه بعفوية ، وشعر ببعض القلق ، لكن سرعان ما أدرك أن لهجته كانت مختبرة ، فهدأ نفسه ..
“أتمنى ألا تحيد عن الموضوع …”
“يبدو أنك مهتم.”
مال سيلستيان رأسه باستغراب ، إذ كان معتادًا على إعجاب الفرسان ، لكن لم يكن يتوقع أن يكون للمساعدين الذين يعملون على الوثائق اهتمام بشؤونه ..
قال ميشا بصرامة، “من واجبي أن أستعد لأي شيء قد يضر سيدتي ، لذا ، هل يمكنك الإجابة؟”
أجاب سيلستيان على الفور،
“لأني أريد البقاء بجانبها.”
ضحك ميشا قائلاً، “لا تكذب ، سيدتي تكره الكاذبين …”
رد سيلستيان بإحباط ،
“لمَ تسأل إذًا إن كنت لن تصدقني؟ إذا كانت دافني ستتضرر ، فسأرحل من تلقاء نفسي ، لذا اترك هذا الأمر لي …”
فكّر ميشا في ملاحظة أن سيلستيان كان دائمًا يُظهر تصرفات مهذبة أمام سيدته ، لكنه الآن بدا متجهمًا وهو يراقب النافذة ، وكأنه أمير حزين بانتظار أميرة على حصان أبيض ..
‘حزين؟ تبًا ، بماذا أفكر الآن؟ …’
أخذ ميشا نفسًا عميقًا ، مصرًّا على محاولة إثارة اهتمام سيلستيان لمعرفة نواياه الحقيقية ليبلغ سيدته ، فجأة ، خطرت له فكرة:
“سمعت أنك سألت نارد عن ذوق سيدتي ، أنا أعرفه بشكل أفضل …”
لأول مرة ، تحولت نظرة سيلستيان إليه ، ورفع حاجبه الأيسر كأنما يدعوه للمتابعة ، فخلع ميشا نظارته ، وشدّ عضلات بطنه ، وأردف بحزم ..
“سيدتي تفضل الشعر الأسود ، الشعر الأسود الطبيعي ، ويفضل لو كان رجل وسيمًا ، بطلًا حربيًا ، غنيًا ، وذو نفوذ واسع!”
الأمير الذي كان ميشا يحترمه ويعتبره الزوج المثالي لسيدته قد فات أوانه كقطار انطلق إلى محطة أخرى ..
“لو كان لديها على الأقل حقوق السكك الحديدية الممنوحة للملكة عبر الأجيال ، لاستطاعت هي ، أو بالأحرى سيدتي ، أن تستقل عن العائلة وتصبح ثرية أكثر …”
تساءل سيلستيان ، بعد أن تأمل في كلام ميشا ،
“إذًا تقصد أنني ، بشعري الأشقر ووصمة التمرد وكوني أبدو معدمًا ، لا أليق بدافني؟”
رد ميشا بتأكيد،
“تمامًا ، يبدو أنك لست غبيًا كما تبدو ..”
سيلستيان أطلق ضحكة خافتة ، ثم انفجر بضحك كبير ، مظهرًا ابتسامة عذبة وغريبة كانت مألوفة بطريقة ما ..
“ميشا ، تعال هنا.”
أشار له بإصبعه بإيماءة متعجرفة ، تصرف كانت دافني لتعتبره قلة احترام لو رأته ، شهق ميشا بذهول ..
“لا أريد ، لا أستمع لكلام شخص متمرد لا يُرجى منه فائدة ..”
“يبدو أنك لا تسمعني جيدًا.”
“…….”
“أو ربما يجب أن آتي إليك؟”
رغم أن سيلستيان قال شيئًا مزعجًا ، إلا أنه ضحك عليه بمرح ، أحس ميشا برعشة في جسده ، فتجاهل سيلستيان وعاد للوثائق أمامه ، إذ بدا له أن هذا الرجل غريب حقًا ، بل وحتى أكثر من ذلك ..
“ميشا.”
صدر صوت سحب كرسيه على الأرض بصخب ، وفجأة وجد سيلستيان يقف أمامه دون أن يشعر بقدومه ..
اقتربت يد كبيرة من وجهه ، فجفل ميشا وكأن عليه توديع أمه التي لم يرها من قبل ..
❖ ❖ ❖
ضغطت دافني على شفتها السفلى بإحكام وهي تمسك ذراعي روميو وتبعده عنها ..
“لا ينبغي لنا أن نفعل هذا …”
إبعاد بحار ضخم كان يتطلب جهدًا كبيرًا كما توقعت ، وبينما كان يتراجع متأرجحًا ، أمسك روميو ذراع دافني كحركة انعكاسية ..
“لقد انتهى أمرنا! أنت من اختار شخصًا آخر ، يا روميو رودريغيز!”
غمغم روميو ، وهو يفتح عينيه قليلًا ووجهه متجهم،
“لماذا تتصرفين هكذا؟ الأمر مقزز…”.
غلت الدماء في دافني ، فأخذت تدفعه تدريجيًا نحو زاوية بعيدة عن الأنظار وجعلته يجلس على الحافة ، استند روميو إلى الجدار ، يتنفس بصعوبة وعرقه يتصبب ..
وجدت دافني نفسها في هذا الموقف كثيرًا في السنوات الأخيرة ، وكانت دائمًا تجد طريقة للهرب ، لكنها كانت المرة الأولى التي تجد نفسها في مواجهة تهمة محاولة اغتيال أمير ، مما جعل تفكيرها يتجمد ..
عندما حاولت دافني الدخول إلى القاعة ، رأت أن العيون تتسلط عليها بكثافة ، في حين أن القفز فوق الحافة للذهاب إلى مكان آخر قد يبدو أكثر إثارة للشبهات ، ضحكت من وضعها الذي جعلها دون صديق موثوق بجانبها ..
‘لو أن الأمور قد انتهت بهذه الطريقة ، لكان من الأسهل أن أشرب معه ..’
نظرت دافني إلى السائل الأحمر القاتم الذي يتسرب تحت قدميها ، وأطلقت تنهيدة بلا وعي ، ثم هزت رأسها؛ لأنه إن لم يمت ، لربما أثار المزيد من القيل والقال حولها ..
في تلك اللحظ ة، انفتح نافذة الغرفة المجاورة للتراس ، كانت دافني متوترة ، فالتفتت نحوها ..
“دافني؟”
كان صوتًا مألوفًا ، فتنفست الصعداء ، وعندما تفحصت الشخص المكان من حوله ، قفز إلى العشب ..
“سايكي!”
دخلت سايكي تحت ضوء المصابيح الصغيرة ، شعرت دافني وكأن الشمس تضيء من خلفها ، وعندما رأت سايكي روميو يتلوى من الألم ، وضعت يدها على فمها وأصبح وجهها شاحبًا
“أنا لم أفعل ذلك.”
رفعت دافني يديها مرة أخرى لتؤكد براءتها ، تراجعت سايكي قليلًا ، ثم قفزت عبر حافة التراس ووصلت إلى جانب دافني ..
“أوه…”
كان شعر سايكي الذهبي الطويل يتطاير ببطء كأنما في حركة بطيئة ، ليحيط وجهها قبل أن يعود إلى مكانه ..
“كنت أتساءل إذا كان هناك شيء ما ، لأن الجميع قد تجمعوا هنا…”
اقتربت سايكي من روميو واحتضنت رأسه بين ذراعيها ، لم تعبأ بتلوث طرف فستانها الأبيض باللون الأحمر ..
“هل هو سم؟”
“نعم.”
لم تكن دافني تعرف نوع السم بعد ، نظرت إلى الأرض حيث كانت بقايا النبيذ تحت حذائها تلتصق بالأرض ..
“هل شربتِ أيضًا ، دافني؟”
“لم أشرب.”
“هذا مطمئن ..”
مسحت سايكي على خد روميو المتصلب وهي مغمضة عينيها ، كانت يدها ترتجف بشكل خفيف ، ربما بسبب صدمتها ..
“سايكي ..”
أرادت دافني أن تخبرها بأن كل شيء سيكون بخير ، لكنها شعرت بأن كلماتها قد لا تكون مفيدة ، فليس هناك امرأة سترتاح عندما تعلم أن حبيبها قد يكون قد اعتاد على شرب السموم منذ الطفولة ..
لكن سايكي ، كعادتها ، تحدثت بنبرة هادئة وثابتة ..
“دافني ، في الحقيقة…”
حركت سايكي شفتيها الوردية بقلق ، أدركت دافني غريزيًا أنها ستسمع أخبارًا سيئة ، مما جعلها تشعر بالتوتر ..
ترجمة ، فتافيت ..