Adopting the Male Protagonist Changed the Genre - 72
***
“مرحبًا بليندا أنا شوفيل بلانش.”
كان ذلك اليوم هو أول مرة تطأ فيها قدما شوفيل بلانش أراضي قصر بلانش، خلال فترة عطلة الأكاديمية.
ظهر الأخ الجديد تحت أشعة الشمس الساطعة التي انعكست على ظهره.
فرق العمر بينهما خمس سنوات فقط.
ومع أن الفارق بسيط، إلا أن حلمه بأن يصبح فارسًا جعله يبدو ناضجًا وهادئًا، وكأنه فارس من قصص الحكايات الخيالية.
لهذا السبب، لم تخفض بليندا حذرها.
“لا يمكن أن يكون هناك إخوة متحابون خصوصًا إذا كانوا من النبلاء.”
تلك كانت القاعدة التي تحكم العالم الذي تعيش فيه بليندا.
عالم حيث لا يتردد الأشقاء في تلويث أيديهم بدماء بعضهم من أجل الثروة ووراثة العائلة.
لم تكن بليندا تنوي التنازل عن حب عمها أو حقها في خلافة العائلة لصالح شوفيل.
“كل هذا لي!”
شددت بليندا عزمها بنفَس غاضب.
ولم تتردد في تنفيذ ذلك العزم.
“بليندا. هذا المساء… بليندا؟”
“همف!”
حتى عندما كان شوفيل يناديها، كانت تتجاهله بإصدار صوت ساخر.
“العشاء اليوم مميز للغاية سيدتي، هذا الطبق…”
“هذا لي! إنه أكبر حجمًا، إنه ملكي!”
كانت دائمًا تحاول امتلاك كل شيء أفضل وأكبر من شوفيل.
“بليندا، كدتِ تدوسين قدمي كوني حذرة.”
“تش!”
عندما كان يمر أمامها، كانت تمد قدمها بخفة لتحاول إسقاطه.
ومع ذلك، حتى عندما كانت بليندا تظهر عنادها قائلة: “سأكون الحجر الذي يصطدم بأصابع قدميك!”، كان شوفيل يكتفي بالابتسام دون أن يُظهر أي غضب.
وكلما ابتسم، زادت غيظ بليندا.
ربما لو كان شريرًا مثلها لكان ذلك أفضل لها.
نظرت بليندا إلى شوفيل الذي كان يقف بجانبها نظرة استياء.
كانا في طريقهما لمشاهدة مهرجان الخيول.
في الأصل، كان من المفترض أن تخرج مع عمها، ولكن بسبب حادثة مفاجئة في إحدى ممتلكات العائلة التجارية، اضطرت للخروج مع شوفيل بدلاً من ذلك.
“بليندا، هل لديكِ ما تريدين قوله لي؟”
“ماذا تقول؟ لا تفكر حتى بالوقوف أمامي، من الأفضل لك أن تتبعني بهدوء من الخلف.”
“تبدو بليندا معتادة على شوارع العاصمة، أليس كذلك؟ هذا أمر مريح حقًا.”
رغم كلماتها الحادة، لم يستجب شوفيل سوى بابتسامة خفيفة، مما دفع بليندا إلى النقر بلسانها استياءً.
“كل ما يفعله هو الابتسام بلا سبب إنه أحمق فعلاً.”
حتى عندما شاهدت سيرك الوحوش الذي كانت تنتظره بفارغ الصبر، لم ينجح ذلك في تحسين مزاجها السيئ.
“ممل.”
فقدت بليندا اهتمامها بالعرض المسرحي، وقررت التسلل كالسنجاب بعيدًا عن أنظار الفرسان الحراس.
خرجت من خيمة العرض الرئيسية التي كانت تضج بالتصفيق والحماس، وبدأت تتجول حول المكان، حتى وقع بصرها على خيمة حراسة مشددة تثير الريبة.
دفعها فضولها المعتاد إلى الاستفادة من تغيير الحراس، وانزلقت بجسدها الصغير تحت قماش الخيمة.
“واو!”
نطقت بليندا بدهشة، بينما كانت تتفحص المكان على ضوء مصابيح خافتة.
رأت وحوشًا ضخمة وقبيحة الشكل تفوق تلك التي ظهرت في العرض كانت تلك الوحوش محبوسة في أقفاص حديدية، تزأر بهدوء.
ابتلعت بليندا ريقها، وهي تتأمل الوحوش خلف القضبان المعدنية.
تقدمت ببطء حتى توقفت أمام أعمق الأقفاص.
“آه…؟”
رأت أن أحد جوانب القفص كان مكسورًا تمامًا، وكان القفص فارغًا.
تبع بصرها بقعًا من الدماء الممتدة من القفص إلى الزاوية المظلمة، وعندما رفعت نظرها، رأت عيونًا زرقاء متوهجة تتلألأ في الظلام.
في اللحظة التي شعرت فيها أن عينيها التقتا بعيني ذلك الشيء، اطلقت صوت صراخ مرعب من الظلام، واندفع نحوها بسرعة.
“آآآه!”
غطت بليندا رأسها وسقطت جالسة على الأرض، وهي تشعر بملمس فرو الوحش يمر فوق ظهر يدها.
لو أنها تأخرت لحظة واحدة في الانحناء، لكانت مخالب الوحش قد اقتلعت رأسها بالتأكيد.
لكن لم يكن هناك وقت للشعور بالراحة.
كان عليها أن تنهض وتهرب فورًا، لكن جسدها لم يستجب، كما لو أن الخوف قد شلّ حركتها تمامًا.
“لا، لا! تحركي! تحركي!”
بينما كانت تضرب ساقيها المرتجفتين بيدين مرتعشتين محاولة إجبار جسدها على النهوض…
“غروووه…”
شيء ما أسدل ظله الضخم فوق بليندا.
شعرت بأنفاسه الساخنة يحرك شعرها، ورأت مخالب غريبة تجمع بين أطراف القرد والطيور ترتفع استعدادًا لتمزيقها.
“آه…”
لم تجرؤ بليندا حتى على رفع رأسها لرؤية ما كان أمامها.
“سأموت.”
كانت متأكدة أن هذا الوحش كان يراقبها ويستعد للانقضاض عليها.
كما لو أن الوحش يحاول اثبات شعورها المشؤوم، أصدر الوحش صوتًا مروعًا، لكنه رغم ذلك لم يهاجمها أبدًا.
وفي اللحظة التي بدأت فيها بليندا ترفع رأسها ببطء للتحقق من الوضع، لمحت ضوءًا ذهبيًا خافتًا يتماوج أمامها.
“لا ترفعي رأسك.”
كان ذلك الصوت البارد الذي سَمِعتهُ من شوفيل ، ومع يد قوية دُفع رأس بليندا في التراب بقوة.
وبعد ذلك حدث كل شيء في لحظة.
سمعت صوت قوي يشبه انفجار كرة جليدية ممتلئة، وسقط شيء ما متحطمًا، لتفوح في الهواء رائحة دم مقززة.
“الآن كل شيء بخير.”
رفعت بليندا رأسها بصعوبة ووجهها ملطخ بالتراب.
كان شوفيل يمسح دم الوحش عن خده باستخدام كمه، مبتسمًا كما يفعل دائمًا.
“بليندا، هل أنتِ بخير؟”
لقد كادت أن تموت ، لولا شوفيل الذي أنقذها لكانت بالتأكيد قد فقدت حياتها.
شوفيل أنقذني…
“أيها الأحمق! لماذا تأخرت هكذا؟ كان يجب أن تبحث عني فور اختفائي!”
اندفعت مشاعر الطمأنينة المتأخرة، فأمسكت بليندا بطرف سروال شوفيل وانفجرت بالبكاء.
وفي ذلك اليوم، عندما عادت بليندا من المهرجان، فتحت رسالة ولي العهد التي وصلتها منذ فترة.
كانت الرسالة المكتوبة بخط مستقيم ومنظم مليئة بمشاعر القلق تجاه بليندا.
واخيرًا ، قررت بليندا أن تلتقي به.
توجهت بليندا إلى قصر ميخائيل بعد غياب طويل.
“بليندا!”
على عكس حماسة ميخائيل الذي بدأ سعيدًا جدًا برؤيتها، كان وجه بليندا مظلمًا طوال الوقت.
“لقد قلقت عليكِ لأنك لم تأتي منذ مدة هل أنتِ بخير؟ لم يحدث شيء، صحيح؟ هل وصلتكِ رسائلي؟”
“يا صاحب السمو.”
“لماذا تتصرفين بهذه الرسمية؟ نحن بمفردنا هنا.”
ابتسم ميخائيل بابتسامة مشرقة كأشعة الشمس التي تتسلل إلى حديقة القصر.
لكن كلمات بليندا التالية ألقت بظلالها على وجهه البريء.
“سأطلب من عمي، لا، من والدي، أن يسمح لي بالتخلي عن مرافقتك.”
“لماذا؟ هل فعلتُ شيئًا خاطئًا؟ أخبريني، وسأصححه.”
“هل لا تزال لا تفهم لماذا أقول هذا؟”
سألت بليندا بنبرة تحمل بعض العتب.
كانت دائمًا تجد في ميخائيل نقاءً يواسيها حين تشعر بأنها خبيثة أو سيئة.
لكن في هذه اللحظة، كانت براءته تثير غضبها.
عمها، الذي كان يحتمي بدعم ممثلي الفصيل الملكي لمواجهة تهديدات النبلاء الموالين إلى الفصيل الأرستقراطي ، كان في وضع غير مستقر سياسيًا.
وفي هذا الوضع، كان استمرارها كمرافقة وخطيبة لولي العهد، الذي يُعد ممثلًا للملكيين، يسبب الكثير من الحرج لعمها.
رغم صغر سنها، كانت بليندا تدرك هيكل السلطة وكأنها تتنفس ذلك الإدراك بشكل طبيعي.
“لا أريد أن يكرهني عمي أو أخي الآن لم يتبقَّ لي سوى عائلتي لذا… من الآن فصاعدًا، لا تكتب لي رسائل، ولا تحاول أن تتواصل معي… ولا… ولا…”
“……..”
بدأ صوت بليندا يخفت شيئًا فشيئًا.
أمسك ميخائيل بهدوء يد بليندا التي كانت تقبضها بشدة.
“أنا آسف لجعلك تقولين هذا الكلام.”
عضت بليندا شفتيها السفلى بقوة ثم هزت رأسها.
“لا تعتذر لقد اخترت العائلة على حسابك، ولا يوجد أي سبب يجعلك تعتذر لي على هذا القرار.”
بهذه الكلمات، أمسك الطفلان بيد بعضهما وصمتا، ثم قاما بجولات عدة حول الحديقة الخلفية للقصر دون أن يتبادلا الكلام.
بعد ذلك، قررت بليندا على الرغم من اعتراض عمها، التخلي عن دورها كمرافقة وخطيبة لولي العهد، وانفصل الاثنان بشكل طبيعي.
التقت بليندا بـميخائيل مجددًا عندما أُقيمت جنازة الملكة.
رغم أن البلاد بأسرها كانت غارقة في الحزن والبكاء، إلا أن شخصًا واحدًا فقط، ميخائيل الذي كان كثير البكاء، لم يظهر ولو دمعة واحدة طوال مراسم الجنازة.
وبينما توقف الملك عن تناول الطعام وترك جميع شؤون الدولة جانبًا بسبب حزنه، قاد ولي العهد الصغير جميع إجراءات الجنازة بنفسه.
وسط بحر من الحداد، لم يكن بوسع بليندا سوى النظر إلى ميخائيل.
لقد ترددت مرات لا تُحصى قبل أن تأتي إلى هنا.
“هل أرسل له رسالة؟ هل أتحدث إليه؟”
لكن بأي وجه يمكنني أن أواسيه في حزنه؟
“لقد أخبرته ألا يكتب لي حتى الرسائل.”
لكنها لم تستطع التحمل، فقررت أن تمشي خلسة في الحديقة الخلفية حيث اعتادت أن تتمشى مع ميخائيل كثيرًا.
“قد يضع هذا عمي في موقف صعب، لكن… إن التقيت به سرًا…”
وكأن القلوب تلاقت، استطاعت أن تراه هناك وحيدًا.
صديقها الذي لم تلتقِ به منذ شهور بدا وكأنه تغير كثيرًا.
“بيل.”
“ميشا.”
في اللحظة التي مد فيها الاثنان أيديهما وناديا بعضهما بأسمائهما المستعارة، انقطع ذلك بصوت مفاجئ.
“بليندا هل أنتِ هنا؟”
صوت شوفيل المفاجئ جعل بليندا تخفي يديها خلف ظهرها بسرعة، كما لو أنها كانت تُضبط متلبسة بفعل شيء خاطئ.
وبعد لحظات، ظهر شوفيل، الذي عندما رأى ولي العهد، انحنى بلباقة وألقى تحية رسمية.
لكن كلماته التالية لم تكن تعزية للملكة الراحلة.
“لقد تم فسخ الخطبة بصعوبة، وإذا رأى أحد هذا المشهد، فقد يثير ذلك شائعات سيئة لكن إذا كنت أنا موجودًا معكما، يمكنني منع انتشار هذه الشائعات أليس كذلك، بليندا؟”
ثم وضع شوفيل يده بثقل على كتف بليندا.