Adopting the Male Protagonist Changed the Genre - 66
***
رغم أن المعلومات مجتزأة، فإن العلاقة بين ولي العهد وبليندا، التي عُرفَت من خلال “أول جزء من الذاكرة”، كانت أعقد مما بدت عليه في الظاهر.
كانت عائلة بلانش منذ الأزل جزءًا من الأرستقراطية المركزية التقليدية الداعمة للنظام الملكي.
عائلة بلانش الغنية بشكل يفوق التصور، والعائلة الملكية التي كانت سلطتها أقل قوة، شكلا معادلة مثيرة للاهتمام.
كان ارتباط بليندا، الابنة الرفيعة لعائلة بلانش، وولي العهد ميخائيل، وريث العرش الشرعي، شراكة مثالية سياسيًا وشخصيًا.
كان ميخائيل رقيقًا كزهرة الربيع التي تسحقها الرياح العاصفة، بينما كانت بليندا شخصية عنيدة لا ترتاح إلا إذا نفذت كل شيء حسب إرادتها.
مع ذلك، كانا يشكلان قطعتي أحجية تتكاملان معًا، كل منهما يعوض نقص الآخر.
“إنهما ثنائي متناغم كلوحة فنية. أشعر بالطمأنينة عندما أفكر بأنهما سيكونان مستقبل العائلتين.”
وكأن ذلك كان أمرًا طبيعيًا، أصبحت بليندا مرافقة لولي العهد، وهو ما يعني ضمنيًا خطبتهما.
لكن الأمور تغيرت تمامًا عندما توفي والدا بليندا وأصبح عمها الوصي الرسمي على العائلة.
أظهرت الفصائل المؤيدة للملكية، التي تدعم ولي العهد، استياءها العلني تجاه العم، الذي كان ابنًا غير شرعي.
وقد رأى هؤلاء أن أحد أفراد العائلة الفرعية أفضل من الابن غير الشرعي.
في النهاية، اضطر العم إلى تغيير موقفه السياسي لحماية نفسه والعائلة من تهديدات الفروع الجانبية والفصائل الملكية.
ما حدث للعلاقة بينهما بعد ذلك لم يعد معلومًا.
لكن ما أعرفه هو أن خطبتهما فُسخت، وأن العلاقة بينهما تدهورت لدرجة أن ولي العهد قتل بليندا بنفسه في المستقبل البعيد.
ومع ذلك، فإن سبب حضوري اليوم هو عدم قدرتي على رفض طلب ولي العهد، بالإضافة إلى أسباب أخرى…
لأنني أمل في أنه ربما يمكن تغيير المستقبل معه.
كما غيّرت مستقبلها مع سيد البرج السحري الذي قتلها مرات لا تُحصى، كان لدي توقع بأنه ربما يمكنني تغيير نهايتها معه أيضًا.
وذلك الأمل أصبح أكثر واقعية عندما واجهت ولي العهد.
لأن ولي العهد الذي التقت به لأول مرة منذ أكثر من عشر سنوات لم يتغير على الإطلاق عن الصورة التي تتذكرها عندما كان صغيرًا.
خرج ولي العهد إلى الشرفة، وبمجرد أن أغلق الستائر الثقيلة، استرخى وأسند جسده بخفة على الدرابزين.
هل يجب أن أعتبر هذا أمرًا إيجابيًا؟
ظهره، الذي لم يظهر أي تقيد بالبروتوكولات المتوقعة في تعامله مع نبيلة، كان يعكس شعورًا غامضًا بالراحة، كما لو أنه يلتقي بصديق قديم بعد غياب طويل.
بعد لحظة من التردد، اقتربت بحذر ووضعت ذراعي على الدرابزين بجانبه.
“سمعت الأخبار. لقد قبلتِ عرض الزواج من الدوق بالواستين.”
“… هكذا يبدو الأمر.”
واصلتُ النظر للأمام بثبات، دون أن ألتفت نحوه ولو بنظرة واحدة.
لم أكن أعرف كيف أتعامل مع هذا الوضع المحرج حيث خطيبي السابق يتحدث عن زواجي المقبل.
إضافة إلى ذلك، ما زلتُ لا أعرف ما يكفي عنه لأتصرف بثقة، ولذلك كنت حذرة.
“هل تحبينه؟”
“هاه.”
انفلتت مني تلك الضحكة الساخرة بشكل طبيعي لدرجة لم أستطع تمييز إن كانت منّي أم من بليندا.
“هل تتحدث بجدية؟”
حتى وإن كنتُ لا أفهم تمامًا سياسة الأرستقراطيين أو طبيعتهم، كنت أعلم جيدًا أنهم لا يتزوجون أبدًا بناءً على المشاعر فقط.
خاصة عندما يتعلق الأمر بنبيلة مرموقة مثل بليندا.
لكن ولي عهد يطرح سؤالًا ساذجًا كهذا؟ بدا الأمر غريبًا.
تساءلت عما إذا كان يخفي نوايا أخرى، فحاولت استكشاف مقاصده بطريقة غير مباشرة.
“وإذا قلتُ نعم… هل ستتمكن العائلة الملكية من التعجيل بخطبة بالواستين؟”
“لكن، بليندا لم تقابليه حتى. ألم تكوني دائمًا تقولين إنك تريدين زوجًا وسيمًا، بسيطًا، ويستمع إليك جيدًا؟”
من طريقته في الرد، والتي بدت وكأنها تحمل قليلًا من الشعور بالظلم، أدركت أن حديث ولي العهد لم يكن يحمل أي نية خفية، بل كان مجرد سؤال بريء.
كما لو أنه كان قبل عشر سنوات، بدأ ولي العهد مجرد طفل بريء ولطيف.
“هذا ليس صحيحًا. كما قال سموك لم أرَ وجه الدوق الأكبر من قبل. أنا أتزوج فقط لأن الأمر ضروري، لا أكثر.”
“الشمال مكان خطير وقاس ألا يمكنك إعادة التفكير في الأمر؟”
كيف يمكن لصوته أنّ يحمل هذا الصدق العميق؟
بنظرة متفاجئة قليلاً، حدّقت في وجه ولي العهد، الذي كان يعبّر عن قلق صادق.
“أنا لا أخطب أو أتزوج بدافع الحب. ألم يكن الحال نفسه في خطبتنا أيضًا؟”
“لماذا تفترضين أنني شعرت بالشيء ذاته أيضًا؟”
رمشت عيني للحظة.
هذا الكلام… ومع ذلك، فإن العلاقة التي رأيتها في شظايا الذكريات بين بليندا وولي العهد لم تكن تتجاوز حدود الصداقة.
ضحك ولي العهد بسرعة وكأنه كان يمزح.
“حسنًا، بغض النظر عن المشاعر التي كانت حينها، فقد مضى على ذلك وقت طويل جدًا.”
كانت نبرة ولي العهد مشوبة ببعض المرارة.
ثم سرعان ما نظر إلي بعينيه التي تلألأت كأنها مليئة بضوء النجوم.
“رغم أنك لستِ خطيبتي الآن، فأنا ما زلت صديقك. لذا، كصديق، سأطلب منك شيئًا، بليندا.”
مالَ ولي العهد برأسه بخفة وتحدث بوجه طفولي بريء.
“إذا كنتِ لا تحبين الدوق الأكبر، فهناك خيارات أخرى. لذا…”
في تلك اللحظة، هبّت نسمة ليلية، وجعلت أوراق الأشجار في الحديقة أسفل الشرفة تتمايل بصخب.
تجاوز صوت ولي العهد الهادئ صخب الليل، ولامسني برقة كأنه موجة هادئة.
“هل تتزوجينني؟”
في لحظة، وجدت نفسي عاجزة عن الكلام.
لأن ذكريات طفولة بليندا ظهرت أمام عيني على ملامح وجه ولي العهد الصارم.
“هذه تسمى زهرة بافين، إنها زهرة من موطن أمي. الآن، هي الوحيدة المتبقية في هذا المملكة. سأصنع منها خاتمًا، فهل تتزوجينني؟”
“همف، لا.”
“لماذا… لماذا؟ هل تكرهينني، بليندا؟”
“ليس لأنني أكرهك، يا سموك، بل لأنني أردت أن أكون أنا من يقدم عرض الزواج! لـ ميشا، لذا تزوجني…”
“لقد وعدتني! بأنني سأكون دائمًا أول من يحصل على الأشياء الجيدة!”
كان ذلك في سن لم أكن أدرك فيه بعد مدى الثقل الذي تحمله كلمة الزواج.
في ذلك الوقت، كنت أعتقد أن طلب الزواج مجرد وعد بالبقاء أصدقاء للأبد.
كنت أتساءل: لو كنتُ حقًا بليندا، هل كنت سأقبل عرض ولي العهد؟ أم هل كنت سأحضر إلى هذا المكان اليوم؟ وهكذا أجبته.
“للأسف، لا يوجد لديك خاتم مصنوع من زهرة البافين.”
زهرة البافين هي زهرة حمراء قيل إن الملكة أحضرتها من بلدها الأصلي عندما جاءت إلى هذا البلد كعروس ملكية.
بذل العديد من العلماء جهدًا لجعلها تنبت جذورها هنا، لكنها لم تستطع التغلب على طبيعة المناخ، وفي النهاية ذبلت تمامًا في هذا المملكة.
لن يعود يوم يقدم فيه ولي العهد عرض زواجه لي باستخدام زهرة البافين، مثل تلك الأيام القديمة.
ذلك الماضي قد انتهى بالفعل، بل إن ذكرياته لم تعد ملكي.
ابتسم ولي العهد بحزن لفترة قصيرة بعد رفضي، ثم انسحب بهدوء.
“سأعمل بجد للحصول على الموافقة على الزواج في أسرع وقت ممكن. جلالة الملك سعيد جدًا بهذا الزواج، لذا لن يستغرق الأمر وقتًا طويلاً.”
“شكرًا لك. هذه أفضل هدية زواج على الإطلاق.”
“ولكن، هل ستستمرين في مخاطبتي بتلك الطريقة الرسمية الباردة؟ لن أرتكب نفس الخطأ السابق بعد الآن.”
ما هو الخطأ السابق الذي يتحدث عنه؟
خشيت أن يلح في السؤال، لذا سارعت باستخدام لقبه.
“إذا وجهتَ سيفك نحوي يا مولاي، فما السبب وراء ذلك؟”
كان هذا سؤالًا لطالما شغلني.
ما الذي جعل يد هذا الشخص تتلطخ بالدماء؟
كان من الصعب تصديق أنه الشخص الذي سيقتل بليندا لاحقًا.
على الرغم من أن سؤالي جاء مفاجئًا، إلا أن ولي العهد أجاب دون تردد.
“عندما تقفين في وجه معتقداتي ، سأوجه سيفي نحوك. ولكنني سأندم على ذلك طوال حياتي.”
عندما وقفت في وجه معتقداته…
لم أتمكن من فهم السبب الذي جعل إزعاج البطل يُعتبر تصديًا لمعتقداته.
كنت أرغب في سؤاله عن ذلك، لكن لأن الأمر كان متعلقًا بالمستقبل، لم أستطع حتى أن أطرح السؤال.
بدلاً من ذلك، سألت عن شيء آخر.
“ما هي معتقداتك، يا صاحب السمو؟”
في تلك اللحظة، بدأ ولي العهد وكأنه تعرض لمباغتة، وكأنني فاجأته بسؤال لم يتوقعه.
بعد برهة، استند بجسده بشكل مائل على السور، ونظر إلى الحديقة المظلمة التي اختفى فيها أي شعاع من الضوء.
كان يتفحص الحديقة بعناد، وكأنه يحاول العثور على وحش مروع يكمن في الظلام، ثم ألقى بكلماته فجأة:
“إيقاف الدمار.”
بدت كلماته وكأنها مزحة عبثية، ولكن تحت ضوء السحر الذي أضاء وجهه بلطف، بدأ كالبطل الخيّر في الحكايات، شديد العدالة والاستقامة.
للحظة، تأثرت بملامحه إلى درجة شعرت فيها بالتعاطف مع معتقداته.
حتى وإن كانت معتقداته تتطلب قتل الناس، وربما حتى قطع رأس من يعتبرهم أصدقاء.
عندها فقط أدركت أن الرجل الذي أمامي كان شخصًا مختلفًا تمامًا عن الصورة التي حملتها عنه ذكريات بليندا.
ولي العهد الصغير، الذي كان يبكي بحرقة بسبب جرح صغير، أصبح الآن رجلاً قادرًا على قتل الناس من أجل معتقداته.
كما أن بليندا، التي كانت تتوق إلى حب عمها، أصبحت امرأة تستمتع برؤية الدماء.
ربما يكون هذا الشعور مشابهًا لما شعرت به عندما اكتشفت أن أوراق الزهور التي كنت أضعها بلطف بين صفحات الكتب لتحنيطها، أصبحت سوداء تمامًا وجافة.
ولمعرفة ما الذي تسبب في ذبول تلك الزهرة، لم يكن هناك خيار سوى جمع شظايا الذكريات والتجسس على حياة بليندا.