a marriage with a villain - 00
لقد أقدمتُ على عقد زواج مع هذا الشرير ليوس من أجل الفرار من أغلال الأسرة بأمان، ولكن ها قد جاء اليوم الذي أضع فيه حدًا لهذا العقد.
“وأخيرًا، سأغادر مسرح الرواية.”
حينما تدفقت ذكريات الأيام العصيبة في مخيلتي، كادت مشاعري أن تطغى عليّ، إلا أنني سرعان ما تماسكتُ.
فرحتي لن تكتمل إلا حينما أبلغُ ملاذي الجديد في “بلياتا”، تلك الأرض التي ستكون موطنًا لحياة حُرّة أعيشها كما أشاء.
“ينبغي لي أن أرحل دون تأخير.”
أخذتُ أمتعتي الموضوعة على الأرض، وتوجهتُ نحو الدرج.
لكنني أبصرتُ ظلاً باهتًا بالقرب من السور، وما لبثت أن تعرفت عليه.
“ليوس؟”
كان الشخص الذي برز من الظلام هو ذاته الذي عقدتُ معه ذلك الزواج، الشرير ليوس روتشير، بطل هذه الرواية.
ظننتُ أنني لن أتمكن من توديعه اليوم لانشغاله، لكنني، ولحسن الحظ، التقيته أخيرًا.
“يبدو أن عملك قد استغرق وقتًا طويلًا اليوم.”
“انشغلتُ بمعالجة أمر طارئ، لذلك تأخرتُ قليلاً.”
قال ذلك، وثبت بصره عليّ، أو بالأحرى، على الأمتعة التي بين يديّ.
“ليوس؟”
لم يحول نظره عن الأمتعة، وعندما ناديتُ اسمه، رفع بصره نحوي بابتسامة هادئة.
“تبدو أمتعتك ثقيلة للغاية.”
“آه، هذه؟ إنها أخف مما تبدو، فقد جمعتُ الأشياء البسيطة فقط.”
“حقًا؟”
أما الأموال، فسأسحبها من المصرف لاحقًا، وأما ما أحتاجه، فسأشتريه عندما أصل إلى “بلياتا”.
ابتسمت له مطمئنة، ثم حملتُ أمتعتي من جديد.
ولأن هذا هو اللقاء الأخير، أردت أن أعبر له عن شكري، فجمعت أفكاري وأخترت كلماتي بعناية، ثم قلتُ له بصدق:
“شكرًا لك… على كل شيء.”
كانت كلماتي موجزة، لكنها حملت في طياتها الكثير. بدا من ملامح ليوس أنه فهم صدق مشاعري.
ثم خيم الصمت بيننا لبرهة.
ابتسمت له بابتسامة خفيفة، ثم تجاوزته.
لكن،
“ضعي الأمتعة جانباً وارتاحي، يا رويل.”
توقفّتُ في مكاني حالما نطق بهذه الكلمات.
“ما الذي يعنيه…؟”
من المستحيل أن يكون ليوس قد نسي وجهتي.
لطالما أخبرته أنني سأبدأ حياة جديدة بهوية مختلفة في “بلياتا”، ذلك المنتجع المعروف. هذا الحديث الممل لم أتركه منذ بداية زواجنا وحتى الآن.
“لعلّه قد نسي، وهو أمر طبيعي، فلا رابط بيننا سوى ذلك العقد.”
تذكرتُ ردود فعله السابقة، كان دائمًا ما يُظهر عدم اكتراثه، أو يعبّر صراحة عن ملله من حديثي عن “بلياتا”.
لكن بما أن هذا هو اللقاء الأخير، رأيتُ أن من الواجب أن أوضح له مرة أخرى.
فالتفتُ إليه قائلة:
“ليوس، يبدو أنك نسيت، اليوم هو يوم رحيلي إلى بلياتا، الذي كنت أحدثك عنه دومًا.”
وما إن أنهيت حديثي، حتى كان ليوس قد اقترب مني، ثم ابتسم ابتسامة هادئة، وأخذ الأمتعة من يدي ومضى بها.
“أعلم ذلك.”
“نعم، اليوم…عفوًا؟”
ارتسمت على وجهي علامات الذهول من جوابه غير المتوقع، فأردف ليوس قائلاً:
“ما قصدته، أنه لا توجد سفينة ستبحر الآن، فلا داعي للجهد المبذول بلا فائدة.”
لا توجد سفينة؟
لم يكن ممكنًا أن أكون قد أخطأت في موعد الرحلة، فقد تأكدت من تذاكر الإبحار مراراً وتكراراً على مدى الأيام الماضية. لكن خطر ببالي احتمالٌ معقول.
“أها…”
لم أشعر بهذا القلق عبثاً، فالريح هبت طوال اليوم، ويبدو أن السفينة قد ألغت رحلتها بسبب ذلك.
أومأت برأسي عدة مرات لإظهار أنني فهمت.
“إذن، متى قالوا إن السفن ستبحر مجددًا؟”
لو كان قد علم بأمر الإلغاء مسبقًا، فلا بد أنه عرف موعد الرحلات القادمة. لكن جوابي لم يأتِ، فلم أسمع منه سوى ابتسامة غامضة.
“لماذا أشعر بهذا الانقباض؟”
لم تكن نهاية الأمور في كل مرة يبتسم هكذا بمؤشر حسن.
وفيما كان يُطيل النظر في عينيّ، قال بهدوء:
“ألم أخبرك بذلك؟”
“بمَ أخبرتني…؟”
“أخبرتك بأنه حتى إن ذهبتِ الآن إلى الميناء، فلن تجدين أي سفينة.”
بدت ملامحه وكأنه يستمتع بالحديث، وكأن شيئًا ما يُسره في الأمر.
وبينما كنتُ غارقة في دوامة أفكاري، وضع ليوس الأمتعة في زاوية الممر، ثم أمسك بكتفي بلطف، وقادني للسير أمامه.
“لذا، دعينا نعود الآن، يا رويل.”
إلى حيثُ غرفة النوم التي تجمعنا.
كانت خطواتي تتبع إرشاده، إلا أنني كنت لا أزال مُعلقة نظري عليه، متسائلة عما يجري، دون أن أحصل على جواب شافٍ.
وفي نهاية المطاف، أوقفت قدميّ، غير قادرة على كبح جماح نفسي.
“ليوس، لن أعود حتى تشرح لي كل شيء بوضوح.”
عكست تعابير وجهه شيئًا من الحيرة أمام إصراري، لكنه سرعان ما أدرك جديتي، فتنهد قبل أن ينطق:
“قلت لك ما في الأمر، لن تجدين هناك أي سفينة الآن.”
“وهذا يعني أن الرحلة قد أُلغيت. وحينما سمعتم بذلك، ألم يسألكم أحد عن موعد الرحلة المقبلة؟ وقت الإبحار أو حتى يوم المغادرة… لابد أنكم تلقيتم شيئًا من هذه المعلومات.”
“لا توجد رحلات وشيكة، وليس لدي أي شيء آخر أخبرك به الآن.”
لقد قال إنه على دراية بأن هذا اليوم هو ذاك الذي طالما انتظرته بشوق، لكنه بدا مفرطاً في هدوئه، مما جعل القلق يتسلل إلى أعماقي ويجعلني في ترقب دائم.
“إن لم تكن هناك رحلات قريبة، فهذا أمر لا حول لنا فيه ولا قوة، لكن ماذا عن الرحلات القادمة؟”
حينها، أشرقت ملامح ليوس بابتسامة مشرقة، وكأنه كان يترقب هذا السؤال.
“لن تكون هناك رحلات.”
“ماذا تعني…؟”
لم أتمالك نفسي من الذهول، إذ كانت نظراته توحي وكأن إلغاء السفن المتوجهة إلى فيليا كان بسببه هو.
“لا… لا يمكن أن يفعل ذلك.”
كيف لليوس، الذي طالما أكد لي أنه يريد مساعدتي، أن يقوم بهذا الأمر؟
“لا بد أنني أفرطت في رد فعلي، الأمور ليست كما أظنها، ليوس لا يمكن أن يفعل ذلك بي.”
في تلك اللحظة، امتدت يده الكبيرة لتمسك وجنتي برفق، ورفع رأسي ببطء ليجعل عينيّ تلتقيان بعينيه، ثم همس لي بصوت خافت:
“نعم، أنا من فعل ذلك.”
وكأنه كان يقرأ أفكاري ويعرف ما يدور في خلدي.
“يا رويل، لن تبحر أي سفينة إلى فيليا بعد الآن.”
“….”
“ولن تبحر أبداً.”
أكمل حديثه وهو يلامس وجنتي بلطف، قائلاً:
“خشيت أن تتعلقي بأمل واهٍ لا جدوى منه.”
وكان وجه هذا الشرير المجنون، الذي نطق بمثل هذه الكلمات القاسية، يبدو أكثر إشراقاً من أي وقت مضى.