وتين القلب - 1
الصراعات الداخلية تندرج وفق الأمراض النفسية
وحدهم الحمقى يجعلونك تبدو كما الأحمق لمجرد انك تتعايش مع ظلام الضغط النفسي، لكنهم لا يدركون أنك تتعايش فحسب، بينما أنت بالواقع تعيش صراعاً لا تجد له مأوى ولا ملجأ
ستصل لدرجة من القهر أن تتمنى لو تنجرف بك الحياه الى أن تجبرك على أن تهوي بنفسك إلى أدنى بقاع المحيط
تجبرك على الموت برداً، غرقاً
أو لربما
وحشةً وألماً
لن يفهمك أحد أبدا، فَعِلَّتك ليست جسمانية، إنما نفسية…
إنها خطيئة قلبك يا عزيزي
لربما هي لعنة قد أُسقِطَت عليه
جعلته يرى كل شيء ضبابي
فلا تلم من قسى قلبه، ولا تلم من هوى جسده، لا تلم عيناً لم تذرف دمعاً
ولا تلم قلباً بات بالقلوب متعلقاً
فوحدهم المناضلون، من يعيشون على ركام معاركهم
ووحدهم المحاربون من ينتصرون في حروبهم، رافعي رؤوسهم، لا يجثون ابدا
المعلم:
الاختبارات النهائية على الأبواب يا أبنائي، تعلمون جيداً ما يعنيه هذا تخرجكم قد اقترب، كل واحد منكم عليه النظر لمستقبله…
مستقبلكم يا اعزائي أمانة في اعناقكم، انتم وحدكم من يحق لهم التحكم به، ادرسوا واجتهدوا، تحلوا بالقوة، ستأتي عليكم لحظات تشعرون فيها باليأس والتعب، ستتمنون لو ينتهي شبح ذلك المستقبل، لكني أعدكم، أنكم ستتخطون ذلك المستقبل
وستصلون لمستقبل ابعد منه، تكونون راضيين به عن انفسكم وعن قوتكم وانجازاتكم…
احبائي اريد منكم العمل بجد من أجل المستقبل، أريدكم أن تكملوا دراستكم الجامعية، أريد منكم أن تكونوا أشخاصاً بنائيّن للوطن
فمستقبلكم هو مستقبل الوطن، بنجاحكم ينجح، وبفشلكم يضعف ويبدأ بالهوي نحو الأسفل
لا تدخلوا تخصصات فقط لأن من حولكم يجبركم على دخولها، أو لأن سمعة التخصص حسنة، اختاروا ما تحسونه يليق بكم أنتم، ما تجدون نفسكم فيه، ما تشعرون انكم قادرين على التناغم معه بكل انسجام
آراء الناس عنكم وعن تخصصاتكم ستبقى تتردد إلى مسامعكم دوماً، ولن يكفوا عن التذمر أو الانتقاد حيالها، لكن صدقوني لن يقفوا معكم لو شعرتم بالعجز أمام ما اختاروه لكم
أنتم أسياد قراراتكم، لا ضير بالاستشارة، لكن لا تدعوها هي بوصلة طرقكم
قراركم هذا سيكون اساس الخمسين او الستين سنة القادمة من حياتكم، فلا تسمحوا لأحد أن يكون سبباً بندمكم دهراً.
آمالي بكم عالية يا صغاري، إني ارى فيكم المستقبل، ابذلوا جهدكم وعاهدوا أنفسكم أن تواصلوا المسير،
حتى لو تقطعت اطرافكم فازحفوا، فالقمة كفيلة بترميمكم….
اعهد اليكم بالسنين القادمة، مستقبل البلاد بين ايديكم فكونوا بمقام هذه المسؤولية
أنهى الاستاذ كلامه وخرج بعدها
كانت تلك آخر حصة بالفصل قبل بداية الامتحانات النهائية
ميتسوهارو: المستقبل إذا؟…
يبدو الأمر شيقاً حقاً
لاو: *ببرود*
انه مستقبل وليس لعبة أطفال يا صغيرة…
ميتسوهارو :
لا تكن جامداً هكذا لاو كن!
صحيح أن القادم أصعب لكن ما دمنا نحب ما نصنع فلن يهزنا شيء
تجاهل لاو كلامها وحمل حقيبته ثم مضى إلى منزله
اما ميتسوهارو فكانت تحزم حقيبتها لتعود للمنزل..
أما بقية التلاميذ فمنهم من بقى لينجز اعمال التنظيف، ومنهم من ذهب للنادي الخاص به، ومنهم من ذهب رفقة اصدقائه ليدرسوا بالمكتبة، كون الاختبارات قد اقتربت فمكتبة المدرسة لن تُغلِق
سارت الفتاة بخطى منتظمة حتى فاجئتها صديقتها المقربة أوليفيا بقفزها على ظهرها قائلة:
ما بها فتاتي الجميلة حائرة الخاطر
ردت ميتسوهارو بتألم:
كسرتي ظهري!!!
أنا بخير يا فتاة، لكن ما الذي أتى بكِ؟
ألا يفترض أن تكوني لنادي الجمباز ؟
أوليفيا:
لقد ألغينا جميع مواعيد النادي لحين انتهائنا من الاختبارات
ميتسوهارو: لكن سوف يُغلق النادي لحين عودة الطلاب للدراسة بداية السنة الدراسية الجديدة!
أوليفيا: لا تقلقي ميهاو
( اوليفيا تختصر اسم ميتسوهارو بـ ميهاو )
سنستأذن المدير أن يسمح لنا بأخذ النادي طيلة المدة القادمة، وإن لم يوافق فلا بأس، أحد أصدقائي تمتلك والدته نادي تدريبي للجمباز وهو كبيييير، يمكننا حجز حجرة والتدرب هناك.
ماذا عنكِ؟ ماذا حصل مع تدريبات الفنون القتالية ؟
ميتسوهارو: آاااه في الواقع، لا يزال النادي قائماً لكني انقطعت عنه
ردت أوليفيا بصدمة: اييييييه! لماذا ؟؟؟
قالت ميتسوهارو بألم: أولاً انزلي عن ظهري!!
نزلت أوليفيا وبدأت ميتسوهارو باللهث، قالت كما لو انها تمسكت أخيراً بحبل النجاة:
اخيرا…. ظننت ان عظامي ستتحول الى بودرة طعام
نظرت إليها أوليفيا بقهر وقالت: أنتِ تبالغين!
ضحكت ميتسوهارو ثم اردفت: اسفة آسفة….
بخصوص النادي لقد تركته لأسباب عائلية بعض الشيء.
تعلمين كم أني اهوى الطب، اريد حقاً دراسته، لكن….
لكن عمل والدي ليس ممتازاً كي يسمح لي ذلك، أعني والدي لطيف ويحب حقا رؤيتي أنجح، لكن عمله بات ضعيفاً، وأنا احاول بذل ما بوسعي لأحصل على منحة دراسية كي أوفر على والدي تكاليف الدراسة ….
أبي مسكين، منذ وفاة والدتي وحالته النفسية في تدهور، لقد كان متعلق بها تَعلُقاً شديداً
اتمنى لو بإمكاني مساعدته بالتخفيف عنه
نظرت أوليفيا إليها بحزن ثم ضربت ظهرها مشجعة: لا عليكِ يا فتاة، يمكنكِ فعلها
ميتسوهارو: أحقاً ما تقولين؟
أوليفيا: طبعاً! فقط ثقي بنفسكِ
ابتسمت ميتسوهارو بوجهها وقالت لها: أشكركِ حقا ليفا، أنتِ أفضل صديقة في العالم…
تتوقف الفتاتان عند التقاطع لتلوح الفتاتان لبعضهما البعض، مودعتان، على أمل اللقاء الاسبوع القادم مع الاختبارات النهائية..
عادت ميتسوهارو للمنزل واستقبلها والدها الذي يعتبرها كنزه الوحيد:
أهلا بعودتكِ صغيرتي، كيف كانت المدرسة ؟
ميتسوهارو: جيدة، لكن متعبة حقاااا، اليوم جميع الأساتذة بدأوا يلقون علينا محاضرات عن المستقبل والدراسة، أكاد اختنق
ضحك والدها بخفة ومسّد على شعرها وقال بنبرته الحنونة: لا بأس ميمي، هذا لأجل مصلحتكم كطلاب، هم بالتأكيد يريدون توجيهكم
نفخت ميستوهارو خدها الايمن بإنزعاج وقالت: ابي! اني في الثامنة عشر من عمري، أكاد أُنهي دراستي المدرسية وأنت لا تزال تناديني ميمي؟
رد يوشيرو (والدها): لكنكِ لا تزالين ابنتي الصغيرة! يحق لي تدليلكِ قبل أن تواعدي شاباً وسيماً
ميتسوهارو: أبي!!!!
ما الذي تهذي به الآن ؟
أ..أنا… انا لن أواعد اي فتى حتى انتهي من دراستي الجامعية!
قال يوشيرو مربتاً على شعر ابنته: لا ضير بالوقوع في الحب يا بنبتي، أنتِ عاقلة بما فيه الكفاية لتديري مشاعركِ، حقي بالنهاية أن أرى ابنتي سعيدة في حياتها، لا تبخلي على قلبك يا صغيرتي
قالت ميتسوهارو بنبرة هادئة: ابي….
يوشيرو: هههه هيا هيا الطعام جاهز، اذهبي لتبديل ملابسكِ ثم تعالي لنتناول الطعام
ثم أضاف بحماس: لقد حضرت طبقاً من السوشي التقليدي! ستأكلين أصابعكِ معه هههه
ابتسمت ميتسوهارو على حيوية والدها ثم ذهبت لتبدل ملابسها لتستبدلها بأخرى مريحة….
نزلت لتجد والدها قد حضّر الطاولة بالفعل
ميتسوهارو: لما أتعبت نفسك أبي؟ كنت سأحضرها بالفعل
يوشيرو: أنتِ متعبة صغيرتي، فالاختبارات على الأبواب، لا اريد إرهاقكِ بأمور بسيطة
ميتسوهارو: أشكرك حقا أبي
تقبل خد والدها ثم تبدأ بتناول الطعام بكل تمتع، فقد كان في غاية اللذاذة
بعد إنتهاء الطعام
ميتسوهارو: سأجمع الطعام وأقوم بغسل الأطباق يا ابي
يوشيرو: كلا! اذهبي لترتاحي كي تبدأي بالدراسة
ميتسوهارو: ولكن يا ابي!!
يوشيرو: من دون لكن، هيا هيا إلى الغرفة
لم ترد أن تعاند والدها لذا انصاعت لما قاله
ارتمت على السرير بتعب وكورت جسدها تحت اللحاف وهي تفكر كيف تجلب افضل نتيجة ممكنة بالاختبارات، صحيح أن والدها لا يجبرها على أن تجلب الإمتياز، فهو دائما يقول لها أن تبذل ما بوسعها والنتيجة ستكون أكثر من مرضية، لكن….
هي لا تريد جلب نتيجة لا بأس بها
هي تريد أن تكون من العشرة الأوائل على مستوى البلاد، كي لا تكلف والدها تكاليف باهظة، هي تعلم جيداً كم يكلف الطب، وتعلم جيداً مدى مستواها الدراسي، تدرك يقيناً أنه لن يؤهلها حتى لتكون من بين اوائل مدرستها
لكنها تود ان تحاول
فلا ضير بالمحاولة
ارتاحت قليلاً ثم بدأت بالدراسة بجد بدأت تدرس وتدرس بالساعات.
باتت تدرس يومياً 15 ساعة
والدها كان يرجوها أن تريح نفسها، هو لا يريد أن تخسر صحتها لا يريد ان تدمر نفسها لأجل امتحان،
يعلم أن الدراسة مهمة لكن ليس على حساب صحة المرء
لقد هزلت كثيراً
وتناقص وزنها نحو ال4 كيلوغرام
وجهها أصبح شاحباً وتكوم سوادٌ أشبه بسواد الليل تحت مقلتيها
ومع ذلك كانت تفعل ما بوسعها
.
.
.
في اول اختبار لها صرخت أوليفيا بقوة حينما رأت شكل صديقتها، باتت كما لو أنها حُبست بكهفٍ لمدة 10 أعوام
ومع كل اختبار كانت تتأزم حالتها أكثر فأكثر، باتت تدريجياً تتحول للمومياء
رمقها ذلك الشاب بطرف عينه بالفصل، لاحظ كمية الجهد الذي تبذله، لكنه لم يعر الامر أي إهتمام وأكمل تركيزه على ورقة امتحانه
.
.
عندما انتهت الاختبارات كانت ميتسوهارو حقاااا كما لو أنها خرجت من المقبرة تواً
وجه شاحب، عينين ناعستين اسفلهما سواد يود لو أنه يغطي كل وجهها، جسد ضعيف، ويد ترتجف، ليس وكأنها أرادت أن تفعل هذا عمداً بنفسها، إلا أنها تجبر نفسها على فعل ما تستطيع
هي تريد أن ترفع رأس أبيها عالياً
.
.
اقترب موعد النتائج وها هي على أعصابها تنتظر، المدرسة تعج بالطلاب
وهي تقف بجانب صديقتها أوليفيا بجسد شبه خالي من الحياة
لا تسألوا اين والدها
فهو بذاته يوبخها بشدة على ما تفعله بنفسها، لكنها لا تفعل شيء سوى مسايرته
عندما ظهرت النتائج ذهبت أوليفيا لاستلام نتيجتها ونتيجة صديقتها
وهنا كانت الطامة الكبرى
بعد كل ذلك الاجتهاد والتعب المتواصل لم تحصل سوى على 88%؟؟؟
أعني! إنه لا يسمح لك حتى بأن تكون عودة خشبية بكلية الطب!
أوليفيا كان شغفها بالترجمة واللغات لذا نتيجتها لا بأس بها بالنسبة لها 83,4%
عندما رأت أوليفيا نتيجة صديقتها قالت بحماس: اويااا اويااااا لقد ابدعتي يا فتااااه… إنها نتيجة ممتازة!
ارتجفت ايدي ميتسوهارو كثيراً وبدأت تتمتم بخوف: ل..ليس ه..هذا ..م..ما ا..ار..رد..ته
نظرت أوليفيا لصديقتها بقلق، لتتفاجئ بها تهوي للاسفل مغشياً عليها
صرخت أوليفيا بذعر وتنادي بإسمها، فتجمهر الطلاب حولها واتصلوا بالاسعاف حتى جاؤوا ونقلوها للمشفى
بعد ساعتين كان والدها جالس في غرفة الإنتظار يبكي بحرقة……
يتبع🦋…
✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨✨
مرحبا يا اصدقاء هذا هو الفصل الاول من روايتي وتين القلب اتمنى ان ينال على اعجابكم
ملاحظة : من لديه تطبيق الواتباد يمكنه قراءة الرواية فأنا قد كتبت 21 فصل
وداعا يا رفاق اتمنى لكم السعادة