ندم البطل الثاني - 111 || آه، من أجل سعادة كلوي « النهاية »
- الصفحة الرئيسية
- جميع القصص
- ندم البطل الثاني
- 111 || آه، من أجل سعادة كلوي « النهاية »
“جيرارد!”
ما إن تعافى جسد جيرارد، توجَّه الزوجان بلانشيت إلى العاصمة. كانت الرحلة بطيئة بسبب استخدامهما للعربة فقط، لكن وجهتهما كانت واضحة: حيث يوجد هابيل، وحيث منزل العائلة. كان الزوجان في طريقهما للعودة إلى هناك.
دق، دق.
“سيِّدتي، وصلت رسالةٌ من العاصمة.”
قال آيدن وهو يطرق برفقٍ نافذة العربة مرَّتين.
“شكرًا لك، آيدن،” ردَّت كلوي وهي تفتح النافذة لتأخذ الرسالة التي ناولها إليها.
“وبالمناسبة، يجب أن تُكلِّف شخصًا آخر بهذه المهام وتأخذ قسطًا من الراحة،” أضافت وهي تكتم تنهيدة بعدما رأت الندبة على وجه آيدن.
كان آيدن قد أُرسل لمراقبة عشيقة الفيكونت باين، وشهد أثناء مهمَّته المتمردين وهم ينقلون الأسلحة. أثناء محاولته إيصال هذه المعلومات إلى جيرارد، كُشف أمره وتعرَّض للمطاردة.
سواء كان ذلك لحسن الحظ أو لسوئه، انتهى الأمر بآيدن بندبةٍ طويلة على وجهه، لكنه لم يُصب بجروح خطيرة أخرى.
“هاها، أنا بخير تمامًا يا سيِّدتي.”
“وكيف لي أن أُصدِّق ذلك؟ الفرسان لديهم عادةٌ أن يقولوا إنَّهم بخير حتى لو كانوا يتألَّمون.”
قالت كلوي وهي تُلقي نظرة على كل من آيدن وجيرارد، الذي كان يعمل مؤخرًا رغم أنَّه لم يتعافَ تمامًا بعد.
“همهم.”
رفع جيرارد نظره عن الأوراق التي كان يقرأها وأصدر سعالًا خفيفًا. بدا أنَّه يشعر بالذنب لأنَّه سبَّب لها القلق بسبب إصراره على العمل لإنهاء مهامه بسرعة.
“حسنًا، يجب أن تستريح عندما تحتاج إلى ذلك. اذهب وخذ قسطًا من الراحة يا آيدن.”
“آه… نعم! حسنًا، سأرتاح الآن.”
ردَّ الفارس بانحناءةٍ سريعة قبل أن يُغلق النافذة.
“رسالة، أرى ذلك. من أرسلها؟” سأل جيرارد وهو يُضيق عينيه مازحًا باتجاه كلوي.
“أوه، حقًا…”
أطلقت كلوي ضحكةً صغيرة بسبب محاولة زوجها السريعة لتغيير الموضوع. كانت محاولاته محبَّبة، رغم أنَّها أحيانًا محبطة.
“إنَّها من كاثرين. هل تُريد قراءتها معي؟”
“بالطبع.”
اقترب جيرارد منها برفق، ولفَّ ذراعيه حول خصرها وأراح رأسه على كتفها.
—
**[إلى أختي العزيزة، كلوي
مرحبًا كلوي، أنا كاثرين. دعينا نتخطَّى التحيات الرسميَّة—لا حاجة لهذه الرسميَّات بيننا، أليس كذلك؟
بصراحة، لقد مرَّ وقت طويل منذ أن اتَّبعت آداب النبلاء في هيرنيا، لذا لا يزال الأمر غريبًا بعض الشيء بالنسبة لي. آمل أن تسامحني الماركيزة بلانشيت.
بحلول الوقت الذي تصلك فيه هذه الرسالة، ربما ستكونين في طريقكِ بالفعل. كيف حال زوجكِ؟ سمعت أنَّه تحسَّن كثيرًا، لكنَّني ما زلت قلقة.
حتَّى جلالته كان قلقًا عليه كثيرًا. تقول كارينا إنَّه عندما سمع أن زوجكِ قد انهار، ذرف دموعًا. يبدو أنَّ جلالته يعتزُّ بزوجكِ أكثر مما كنت أتصوَّر.]**
“تسك! لماذا يبكي في مثل هذا العمر؟”
علَّق جيرارد، الذي كان يقرأ الرسالة مع كلوي، بنبرةٍ ساخرة. لكنه لم يكن مستاءً على الإطلاق.
—
**[ربما تتشوقين لمعرفة أخبار هابيل أكثر من أيِّ شيءٍ آخر. هابيل يتلقَّى دروسه مع ولي العهد والأمير الصغير، ويلعب معهم خلال النهار. لكن في الليل، يجد صعوبةً في النوم.
لذلك، كنت أقرأ له الكتب كل ليلة. في البداية، كان يشعر بالخجل مني، ولكن في أحد الأيَّام، جاء يطلب مني أن أضعه في السرير. أعتقد أنَّه حتى هو يمكنه أن يشعر بمدى تشابهنا.
يا له من طفلٍ مولعٍ بالكتب! يحمل كومةً منها ويطلب مني قراءتها له، رغم أنَّه يغطُّ في النوم قبل أن ننتهي من نصفها. يبدو تمامًا كنسخة طبق الأصل من زوجكِ، لكن شغفه بالكتب يُذكِّرني بكِ عندما كنتِ صغيرة. إنَّه أمر مذهل.]**
“هابيل…”
وضعت كلوي إصبعها بلطف على الجزء الذي يتحدَّث عن ابنها. كانت تشتاق لابنها الذي لم تره منذ فترة طويلة.
فوق يدها، وضعت يد جيرارد الكبيرة وأمسك بها بقوَّة، وكأنَّه يُواسيها.
—
**[كنت أتحدَّث كثيرًا مع كارينا مؤخرًا. هناك أشياء أكثر مما توقَّعت تحتاج إلى أن نحلها معًا. لكن لا أعلم إن كان الوقت سيسمح لي بالمزيد.
لكن كلما طالت إقامتي في هيرنيا، شعرت أنَّ صحتي تتدهور. غاون يتوق للعودة إلى ريو في أقرب وقت ممكن.
لكنَّني أصررت على أنَّني أريد أن أودِّعكِ، مما جعل غاون يتنهَّد كثيرًا مؤخرًا. لذا أسرعي بالقدوم، كلوي، وإلا قد يبدأ زوجي في كرهك.
وبخصوص أمرٍ آخر… غدًا سأزور والديَّ. لا أعلم إن كانا سيغفران لي، لكنَّني أرغب في رؤيتهما.
لقد تعلَّمت شيئًا من كل ما حدث. الامتناع عن اتخاذ قرارٍ لا يعني أنَّك تجنَّبت اتخاذه. والندم على عدم فعل شيء هو أثقل مما يمكن احتماله.
لذا، قرَّرت أن أتحلَّى بالشجاعة.]**
“كاثرين ستُقابل والدينا.”
رغم علم كلوي أنَّ زوجها يقرأ الرسالة معها، إلا أنَّها كرَّرت ما جاء فيها لتؤكِّد الأمر.
“نعم، لقد اتخذت قرارًا شجاعًا،” أجاب وهو يهزُّ رأسه.
—
**[ربما لأننا على وشك لقاء والدينا، وجدتُ نفسي أستغرق في التفكير كثيرًا مؤخرًا. أستعيد كلَّ ما مرَّ بنا في الآونة الأخيرة.
ما الغاية التي كان يمثِّلها الكتاب الذي قرأناه في الحلم؟ ولماذا أظهر لنا، أنا وأنتِ وزوجكِ، لمحاتٍ من المستقبل؟
بالطبع، لا أملك إجابة دقيقة، لكن أعتقد أنَّ هناك قاسمًا مشتركًا بيننا جميعًا: حياتنا كانت تدور حول أشخاصٍ آخرين.
قبل تسع سنوات، كنتِ متمحورة حول “ليلى”، أمَّا أنا وزوجكِ الآن فحياتنا تدور حولكِ.
لذلك، ربما السبب في أنَّنا رأينا مستقبلَ من نعتبرهم أبطال حياتنا.]**
“مممم، ربما يكون ذلك صحيحًا.”
قال جيرارد وهو يهزُّ رأسه معبِّرًا عن تأييده للنظرية.
“هل تعني أنني أنا بطلتك؟”
“بالطبع، كلوي.”
قال جيرارد وهو يدفن وجهه في كتفها برفق.
“لذلك، لا يمكنكِ الابتعاد عني. إذا رحلتِ، فلن يكون لي أي قصة أعيشها.”
ارتعشت كلوي قليلًا بسبب الدغدغة، وابتسمت دون أن تتمكَّن من إخفاء فرحتها بالكلمات الجميلة.
“وأنت أيضًا، لا تفكِّر يومًا في الابتعاد عني أو عن هابيل.”
—
**[كما ذكرتِ في رسالتكِ السابقة، لا يمكننا التأكد ممَّا إذا كنَّا قد وصلنا إلى نهايةٍ سعيدة.
من الطبيعي أن نشعر بالقلق، أليس كذلك؟ لكنني أعتقد أنَّ الجميع يعيشون حياتهم بشيءٍ من عدم اليقين بشأن المستقبل.]**
كانت كلوي وكاثرين قد تبادلتا الرسائل في وقتٍ سابق.
[كلوي! المستقبل قد تغيَّر!]
كتبت كاثرين رسالتها فور استيقاظها من آخر حلمٍ رأته، لكن كلوي لم تستطع أن تفرح تمامًا عند قراءتها.
[أختي… هل حقًا وصلنا إلى نهايةٍ سعيدة؟ لا أزال أشعر ببعض القلق.]
وكانت رسالة كاثرين التالية ردًا على مشاعرها.
—
**[لقد تعلمنا من كتاب الحلم قبل تسع سنوات أنَّه لا توجد نهاية تقف عند “وعاشوا في سعادةٍ إلى الأبد”.
ربما تتناوب السعادة والتعاسة في حياتنا حتى النهاية.
لكن ربما يكون الحب هو أن تشارك جميع تلك اللحظات مع شخصٍ آخر. وحولكِ أشخاصٌ كثر يحبونكِ، وهذا أمر يستحق الامتنان.
لذلك، سنُكمل الحديث حين نلتقي. سأظلُّ أُصلِّي من أجلكِ. أحبُّكِ دائمًا.
ملحوظة: “أمي، أبي، أشتاق إليكما. تعاليا بسرعة. أحبكما.”
هابيل أصرَّ على أن يكتب شيئًا في رسالتي.]**
مع حبي الدائم، أختكِ كاثرين وابنكِ.
—
تأمَّل الزوجان بلانشيت الخطَّ الطفولي غير المتقن لابنهما طويلًا بعد قراءة الرسالة. لم يكن باستطاعتهما تحديد طبيعة المشاعر التي غمرت قلبيهما، لكنَّها كانت تدفئهما.
ضمَّ جيرارد كلوي بين ذراعيه، وربَّت على ذراعها بلطف. ثم همس بصوتٍ خافت، مليءٍ بالمشاعر التي لا يمكن احتواؤها:
“أحبُّكِ، كلوي.”
مهما كان ما ينتظرهما من مستقبل، تمنَّى أن يبقيا معًا دائمًا.
* * *
مع نهاية الشتاء الطويل، استعادت المنطقة الجنوبية الغربية من الإمبراطورية استقرارها تدريجيًّا.
[الجيش الإمبراطوري يجهز على بقايا قبيلة تسواي]
أصبح أنتون بطلًا يُشاد به بعد قطع رأس كويلدام وقيادة الإمبراطورية للنصر. حاليًّا، يطارد الجيش الإمبراطوري بقايا قبيلة تسواي على طول الحدود الغربية، مع تعزيز التحصينات الدفاعية وإعداد منظومة للتعامل مع أي غزوٍ مستقبلي.
[تحديد موعد الإعدام العلني للفيكونت باين]
بفضل دعم قوات أناتا، أُلقي القبض على الفيكونت باين وجميع القادة الرئيسيين للتمرد. اعترافًا بإسهامهم، منح الإمبراطور لعائلة أناتا معظم حقوق مشاريع الطرق.
أما الضيوف غير المدعوين الذين ظهروا فجأة، فقد رحلوا جميعًا. عاد زوجا أناتا إلى إقليمهما مباشرةً دون المرور بالعاصمة، وكذلك كاثرين وغاون اللذان رحلا بعد عودة كلوي. الجميع عاد إلى حياته الخاصة.
[قائد متقاعد: جدل متضارب حول الماركيز بلانشيت]
أثار قرار جيرارد بالعودة إلى إقليم بلانشيت انقسامًا في الرأي العام. البعض وصفه بالجبان الهارب من الحرب، بينما اعتبر آخرون أنه يستحق التقدير على خدماته السابقة.
“حبيبي، ماذا تفعل؟ هل تقرأ الصحيفة؟”
نادته كلوي بصوت مرتفع.
“نعم، وصلت الصحيفة الإمبراطورية للتو، وبدأت في قراءتها.”
“هل هناك أي أخبار جديدة؟”
“لا، لا شيء مميز.”
لاحظت كلوي القلق في عيني زوجها، لكنها استمرت في التحديق فيه.
“لماذا تنظرين إليَّ هكذا؟”
“فقط… كنتُ أتساءل إذا كنتَ بخير.”
لاحظ جيرارد القلق في عينيها، فتوقف للحظة مفكّرًا في طمأنتها. ثم طوى الصحيفة ووضعها على الطاولة وقال بثقة:
“في الواقع، أشعر بالراحة.”
“تشعر بالراحة؟”
“نعم، كان ينبغي أن أتنحّى منذ فترة طويلة.”
شعرت كلوي بالقلق، متسائلةً إذا كان يخفي شعوره بالندم خلف هذه الكلمات.
“لكن… ألا تشعر بأي حزن؟ لقد كان هذا العمل جزءًا من حياتك لفترة طويلة، وعلى الرغم من كل جهودك، لم تكن استقالتك مُشرّفة بما يكفي.”
ابتسم جيرارد بتأمّل وقال:
“عندما أستمع إلى كلامكِ، يبدو منطقيًّا أن أشعر ببعض الحزن. لكنني لا أعلم لماذا أشعر بالراحة فقط.”
ثم استدرك:
“ربما لأنني كنتُ قد مللت. لم أختر هذا العمل بنفسي، بل فعلت ذلك لألبّي توقّعات الآخرين.”
أمسك جيرارد بيد كلوي بلطف، وجذبها نحوه وهو يُكمل كلامه:
“لو لم تقع الأحداث الأخيرة، لما كنتُ قادرًا على التخلي عن منصبي بقراري الخاص.”
وأضاف بنبرة صادقة:
“قضيت حياتي أسيرًا لتوقّعات الآخرين، ولم أكتشف ما هو الأهم بالنسبة لي إلا عندما واجهت الموت.”
ثم نظر إليها بابتسامة مشرقة وقال:
“بصراحة، أنا متحمّس للغاية الآن، لأنني سأظلُّ بجانبك دائمًا.”
طبع قبلة خفيفة على يدها وأضاف بفرح طفولي:
“لذلك، ما رأيكِ؟ بعد انتهاء انشغالات بداية العام، لنذهب إلى البحر. أليس في حلم شقيقتكِ قالت إننا ذهبنا إلى البحر؟”
بدت ملامحه وكأنه طفل متحمّس للغاية لهذه الفكرة.
“إلى البحر؟ حقًا؟”
في تلك اللحظة، دخل هابيل غرفة الاستقبال بعد انتهائه من دروسه. ويبدو أنه سمع كلمة “البحر”، إذ ملأت الحماس وجهه.
“أبي، هل سنذهب إلى البحر؟”
“نعم، هابيل. سنذهب لرؤية البحر.”
“رائع! البحر!”
أضاءت أعين الأب والابن وهما يناقشان خططهما.
ضحكت كلوي وهي تنظر إليهما، وخرج صوت خافت من بين شفتيها.
“حبيبتي؟ لماذا تضحكين؟”
“لا شيء…”
“؟”
“أنا فقط… سعيدة.”
—
آه… من أجل سعادة كلوي.
—
«القصة الجانبية: ندم البطل الثاني» النهاية.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : اوهانا
انستا : Ohan.a505
الواتباد : Ohan__a505