ندم البطل الثاني - 106 || الأشخاص الذين يحبون كلوي¹⁰
“ما الذي يحدث؟”
“لماذا يتواجد الجيش الإمبراطوري في أراضي فيتان؟”
تمتمَ سُكّان فيتان وهم يشاهدون الجيش يتقدّم إلى أراضيهم. كان الخوف والارتباك واضحين على وجوههم.
“ألم أخبركِ ألا تخرجي؟ ادخلي إلى المنزل الآن!”
سارعت الأمهات إلى إدخال أطفالهنَّ إلى المنازل، خشية أن يُصيبهم مكروه وسط هذه الفوضى. كُنَّ يُلقين نظرات قلقٍ تجاه الجنود أثناء إدخال الأطفال إلى المنازل.
في تلك اللحظة، شعرت كلوي بأنَّ عداء سُكّان البلدة الخائفين يخترق بشرتها. كان عداءً حادًّا لم تشعر به من قبل في حياتها. نظراتهم لم تكن تُؤلمها جسديًّا، لكنها شعرت وكأنها تحرق روحها.
ردًّا على ذلك، حافظت كلوي على مظهرها الواثق، ووقفت باستقامة ورأسها مرفوع. رفضت أن تبدو خائفة. في النهاية، كانوا فقط يحاولون حماية ما هو ثمين لهم، مثلما كانت تفعل هي.
كما كانوا يائسين، كانت هي أيضًا تشعر باليأس.
* * *
في تلك الليلة، جاء الفارس الإمبراطوريّ، الذي أُرسِل إلى كلوي ممثِّلًا عن الإمبراطور، ليقدِّم تقريره لها.
“لم نتمكَّن من العثور على دليل.”
كان الفرسان الإمبراطوريُّون قد فتَّشوا قصر الفيكونت باين بدقَّةٍ في ذلك اليوم. وعلى الرَّغم من التفتيش المفاجئ، لم يعثروا على أيِّ دليل.
“أنا آسف.”
كانت ملامح الفارس الإمبراطوريّ مليئةً بالذنب لعدم أدائه مهمَّته كما ينبغي.
“لا بأس. لم أكن أتوقَّع أن نجد دليلًا قاطعًا من البداية.”
هزَّت كلوي رأسها.
“لا بأس، لكن هذه المرَّة، أريدك أن تتحقَّق من الأشخاص المحيطين بالفيكونت باين.”
كان العثور على أدلَّة تُثبت أنَّ فيتان كان يُخطِّط للتمرد أمرًا مهمًّا. لكن كان هناك ما هو أكثر إلحاحًا في الوقت الحالي.
تقييد تحرُّكات جيش المتمرِّدين في فيتان.
لذلك، تمَّ إرسال الفرسان الإمبراطوريِّين لإبلاغ الفيكونت باين بأنَّ الأسرة الإمبراطوريَّة تراقبه، وتمَّ نشر جيش أناتا في جميع أنحاء إقليم فيتان.
كان عليهم إطالة هذا الصراع لأطول فترةٍ ممكنة.
إذا وجدوا الكثير من الأدلَّة المُشينة، فقد يؤدِّي ذلك إلى ظهور تمرُّد، وكان يجب تجنُّب مثل هذا الوضع في الوقت الحالي.
إذا قام فيتان حقًّا بالتمرد، فلن تتمكَّن كلوي من ضمان سلامتها في مثل هذا الوضع الفوضويّ.
انتقلت نظرتها بشكل طبيعيّ نحو قائد فرسان أناتا، هيراس.
“لقد تمَّ تكليفنا فقط بحماية سيدتنا والماركيزة بلانشيت. سنتجنَّب القيام بأيِّ شيءٍ خارج نطاق واجبنا المحدَّد.”
تحدَّث هيراس بحزم.
“… شكرًا لك.”
أعربت كلوي عن امتنانها.
“لا داعي لذلك. نحن فقط نتَّبع أوامر سيدنا.”
تحدَّث هيراس بنبرةٍ حازمة، ومع ذلك، أعطت ملامحه الجامدة كلوي شعورًا بالاطمئنان.
“إذًا، هل ذهب السير هيوم كرسول؟”
سألت ليلى، التي كانت تستمع من الجانب، وهي تستفسر عن قائد فرسان بلانشيت الغائب.
“نعم، أرسلت فرسان بلانشيت إلى زوجي. من المفترض أن يعودوا بالرَّد غدًا.”
كانت كلوي ترغب أيضًا في الذهاب إلى حيث كان زوجها. لم تكن تعرف من أين جاءتها هذه الشجاعة المفاجئة، لكنَّها أرادت الذهاب.
كان ذلك أمرًا لم يكن يمكن تصوُّره في الماضي.
ومع ذلك، كانت كلوي تدرك الأمور جيِّدًا. إذا ذهبت إلى ساحة المعركة بتهوُّر، قد تُعرِّض الآخرين للخطر أيضًا. ولتجنُّب حدوث مثل هذا الأمر، كان عليها أن تكون حذِرة.
رغم أنَّ مجرَّد التفكير في قُربه جعل شوقها إليه يتزايد، لم يكن بوسعها فعل شيء.
كانت تأمل فقط أن يعلم بوجودها بالقرب منه، وألا ينخدع بأكاذيب قبيلة تسواي. هذا كلُّ ما كانت تتمناه.
في اليوم التالي.
“سيِّدتي! يجب أن تخرجي لتري هذا!”
خرجت كلوي بعد أن سمعت أنَّ رسولًا قد وصل. وعندما رأت الجنديَّ الواقف أمامها، تجمَّدت في مكانها.
لقد كان جيرارد، مرتديًا زيَّ جنديٍّ.
“كلوي.”
“أحقًّا… هل هذا أنت؟”
عضَّت كلوي شفتيها المرتجفتين وهي تسأل. لم تكن تتوقَّع رؤيته بهذه السرعة، ممَّا جعل صدمتها أكبر. رفعت يدها ولمست وجه جيرارد برفق.
لكن تعبير جيرارد كان جامدًا، وشفتيه مزمومتين، وكأنَّه غير راضٍ عن شيءٍ ما.
“عزيزي…؟”
استجابةً لندائها، أمسك جيرارد بيد كلوي. شعر بشعورٍ ناعمٍ ودافئٍ يملأ قلبه حين لمس يدها.
كان ظهور زوجته أمامه حقيقيًّا.
“لماذا أتيتِ؟”
على الرغم من أنَّه أمسك بيدها بحنان، إلا أنَّ صوته خرج باردًا.
“ماذا؟”
“كيف تجرَّأتِ على المجيء إلى هنا؟ ماذا لو حدث لكِ مكروه؟”
وبَّخ جيرارد كلوي. كانت هذه هي المرَّة الأولى التي يرفع فيها صوته عليها.
“لماذا تتصرَّفين بتهوُّرٍ هكذا؟ ألا تفهمين لماذا أنا هنا في ساحة المعركة؟”
كان جيرارد غاضبًا بشدَّة.
حين أرسل لها الرسالة، اختصر التفاصيل بشكلٍ كبيرٍ بسبب المخاوف من إمكانيَّة تسريبها. لكنَّه لم يتخيَّل أنَّ ذلك سيجعلها تأتي بهذه الجرأة.
“جيرارد… ألم تقرأ الرسالة التي أرسلتها؟”
كانت كلوي مرتبكةً من ردَّة فعله. لم يسبق أن غضب منها بهذه الطريقة.
“حتَّى لو قرأتها! كان عليكِ أن تبحثي عن طريقةٍ أخرى!”
لكن غضبه كان مليئًا بالحبِّ والاهتمام، لذا لم يكن جارحًا كثيرًا.
“ماذا لو حدث لكِ شيء… أنا!”
اختنق جيرارد بالكلمات وهو يتخيَّل الأسوأ. استطاعت كلوي رؤية الحركة العنيفة في حلقه.
وبينما كانت تُراقبه بهدوء، نطقت أخيرًا بما في قلبها.
“اشتقت إليك.”
لماذا جاءت؟ ربَّما كان الحلم مجرَّد ذريعة.
لقد جاءت لأنَّها اشتاقت إليه. تلك العبارة البسيطة كانت السبب الحقيقيَّ لقطعها كل تلك المسافة الطويلة.
“كنتُ خائفة أن يحدث لكَ شيء… لم أكن لأتحمَّل ذلك، لذا جئت.”
“….”
“قد تكون هذه النهاية، وفكَّرت في كل الأشياء التي لم أستطع قولها لك.”
ثم تجرَّأت كلوي على قول الكلمات التي كانت تنتظر طويلًا لتبوح بها.
“أنا… أحبك.”
الكلمات التي لم تستطع قولها يوم وداعه. الكلمات التي كانت غير مألوفة بالنسبة لها، لكنَّها كانت دائمًا تريد قولها.
في تلك اللحظة، أمسك جيرارد بوجهها بكلتا يديه، ثمَّ طبع قبلةً على شفتيها.
“!”
اتَّسعت عينا كلوي بدهشةٍ بسبب القبلة المفاجئة.
لكن جيرارد كان غارقًا تمامًا في القبلة، مستمتعًا باستنشاق أنفاسها.
كما لو أنَّ ذلك هو السبيل الوحيد لإرواء عطشه. كما لو أنَّ ذلك هو السبيل الوحيد لتهدئة قلقه.
بعد أن قبَّلها بعمق، ابتعد جيرارد قليلًا.
“أه… ماذا…”
تمتمت كلوي، وقد بدا عليها الارتباك.
ضحك جيرارد عندما رأى عينيها الواسعتين وهي تنظران إليه.
لقد تغيَّرت مشاعره بسرعةٍ كبيرة. قبل لحظات، كان غاضبًا، لكن الآن وهو يحتضنها بين ذراعيه، شعر أنَّ كل شيء قد أصبح بخير.
“أنا أيضًا…”
مسح جيرارد على شفتي كلوي الناعمتين بإبهامه بينما كان يتحدَّث. كانت شفتاها الحمراء اللامعة جميلةً للغاية، لدرجة أنَّه لم يُرِد أن يراها أحد سواه.
“…اشتقت إليكِ كثيرًا.”
كم كان يشتاق إليها. لا يمكن للكلمات أن تصف مدى اشتياقه.
على مدار الشهرين الماضيين، كل شيء رآه جيرارد ذكره بزوجته. السماء جعلته يفكِّر في عينيها، والسحب العائمة جعلته يتذكَّر وجهها.
الشيء الوحيد الذي أبقاه صامدًا هو معرفته أنَّ زوجته وابنه في أمان في العاصمة. تلك الحقيقة الوحيدة كانت كل ما يحتاجه.
لكن…
“هل صحيح أنَّ الماركيزة بلانشيت تعرَّضت لهجومٍ من قبيلة تسواي؟”
“توقَّف عن نشر الشائعات غير المؤكدة.”
“أنا فقط أقول، سمعت أنَّ هذه الإشاعة تنتشر.”
“انتبه لما تقول، لا تدع القائد يسمع هذا.”
مؤخرًا، بدأت شائعات غريبة تتداول داخل الجيش الإمبراطوريّ.
بالطبع، وصلت تلك الشائعات إلى آذان جيرارد. لكنَّه حاول أن يبقى متماسكًا.
فقد كان يتبادل الرسائل مع زوجته عبر الطيور المُرسَلة.
ولكن عندما سمع بالأمس أنَّ كلوي كانت في إقليم فيتان، شعر وكأنَّ قلبه سقط. شعر وكأنَّ الأرض تهوي من تحت قدميه.
لماذا هي هنا، بينما كان يجب أن تكون في العاصمة؟
الشخص الوحيد الذي كان يجب أن يكون في المكان الأكثر أمانًا هو أنتِ.
لهذا السبب، تنكَّر فورًا كجنديٍّ وسارع إلى البحث عنها. لم يكن يستطيع أن يشعر بالرَّاحة حتَّى يرى وجهها.
ولكن الآن، أدرك أنَّه ربَّما لم يكن ذلك السبب الحقيقيّ. ربَّما السبب كان أبسط من ذلك… ربَّما كان مجرَّد اشتياقه الشديد لها.
ضمَّ جيرارد كلوي إلى صدره وهمس:
“أرجوكِ، كلوي، أنا أخشى أن أفقدكِ… هذا الخوف يقتلني.”
شدَّد قبضته حول خصرها وهو يتحدَّث.
على الرغم من أنَّه حاول إخفاء ذلك، إلا أنَّ جيرارد كان خائفًا بشدَّة بسبب تلك الشائعات الصغيرة. كان يرغب في التخلِّي عن كل شيءٍ والعودة إلى زوجته في العاصمة.
لكنَّه كان يخشى أن تكون تلك فخًّا، لذلك لم يستطع اتِّخاذ أيِّ قرار. وفي تلك اللحظة، شعر بالخوف للمرَّة الأولى منذ فترةٍ طويلة.
الخوف من أنَّه، إذا اتخذ القرار الخاطئ، قد يفقدها. كان خوفًا مختلفًا تمامًا عن الخوف الذي شعر به تجاه والده عندما كان طفلًا.
“أنتِ تعرفين أنَّكِ كل شيء بالنسب
ة لي، أليس كذلك؟”
تدفَّقت الكلمات المفعمة بالحبِّ بشكلٍ طبيعيٍّ، حاملةً في طيَّاتها مشاعر أعمق من مجرَّد قول ‘أحبك’.
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : اوهانا
انستا : Ohan.a505
الواتباد : Ohan__a505