من فضلك كوني أختي في القانون! - 11
1. مكائد المشاغبين (11)
ظهرت في ذهني صور لنفسي وأنا أعيش وحيدة كجزيرة معزولة داخل منزل عائلة البارون هيذر.
كان هناك فقط أشخاص لا يبالون بي، أو يعتبرونني كالشوكة في أعينهم، أو يتمنون أن أختفي من ذلك المنزل دون أن أترك أي أثر.
في ذلك المكان، كنت دائمًا وحيدة.
كنت وحيدة أثناء تناول الطعام، وعند النوم، وحتى عندما كنت أنهار من المرض.
في الأوقات السعيدة، والحزينة، والمؤلمة، كان عليّ دائمًا أن أبتلع مشاعري وحدي.
لأنني أعرف أنه مهما بكيت أو صرخت، لن يأتي أحد لمساعدتي.
وأعلم أن أحدًا لن يلتفت إليّ.
لقد اعتدت على ذلك، لأن هذا ما كان عليه الحال منذ اللحظة التي وُلدت فيها.
“اختي، أسرعي!”
كنت أنظر إلى الأرض وأنا أمشي، متعمدة تجنب النظر إلى الثلاثة، لأن مجرد رؤية ظهورهم كانت تؤلمني بطريقة ما.
في تلك اللحظة، استدارت الأميرة يوري، وابتسمت لي ببراءة وهي تناديني.
كان الأمير الرابع ألين ، الذي كان في حضن الأمير الثاني ريموند ، يمد يده نحوي بابتسامة مليئة بالحب.
“زوجة اخي المستقبلية .”
كان ذلك فقط، ولكن بطريقة غريبة، شعرت وكأنني على وشك البكاء.
إذا بدأت بالبكاء هنا، فكم سيكون هؤلاء الثلاثة متفاجئين ومرتبكين؟
أخفيت يدي خلفي وأمسكت بتنورتي بإحكام محاولة حبس دموعي، ثم نظر الأمير ريموند أيضًا باتجاهي بعدما كان يراقب أشقائه بصمت.
“إذا كان الأمر لا يزعجك، هل يمكنك المشي بجانبهم؟”
هؤلاء الأشخاص، الذين لن ألتقيهم مرة أخرى بعد انتهاء هذا الوقت.
لقد أتيت إلى هنا من أجل ذلك فقط، لكي أطلب من الأميرة يوري ألا تربطني مجددًا بالأمير ريموند .
حتى مع علمي بذلك، لم أستطع منع نفسي من التفكير بأنني أود أن أكون جزءًا من هذا المشهد ولو للحظة واحدة.
بدون وعي، توجهت لأقف بجانب الأميرة يوري.
أمسكت بيدي بقوة بيدها الصغيرة والدافئة.
كانت تلك اليد الصغيرة مليئة بالدفء الذي أسعدني حد الموت، وكانت ابتسامتها البريئة غاية في الجمال.
لذلك، مشيت وأنا أنظر فقط إلى الأمام، متجنبة النظر إلى وجهها، لأنني شعرت بأنني سأبدأ بالبكاء إذا فعلت ذلك.
“هل يمكننا أن ندخل إلى حفل زفاف جميعًا هكذا؟”
سواء كان ذلك من حسن الحظ أو سوءه، فإن كلمات الأميرة يوري التالية جعلت الأمير ريموند يبدو متضايقًا للغاية، بينما جعلت دموعي تختفي تمامًا.
**
“حسنًا، لنبدأ الحديث الجاد الآن.”
أُغلِق الباب خلفي بصوت طفيف.
كان الأمير ريموند أول من خطى إلى داخل الغرفة بخطوات واسعة، ثم جلس بلا مبالاة على كرسي مزين بالدانتيل الوردي، متحدثًا بنبرة تعكس الإرهاق.
نظرت حولي، أتفحص الغرفة التي وصلتها وأنا ممسكة بيد الأميرة يوري.
كانت الغرفة الواسعة مغطاة بالكامل باللون الوردي، ومليئة بالدمى الكبيرة والصغيرة.
على السرير الكبير ذي اللون الوردي الفاتح، الذي يبدو أنه يتسع لخمسة بالغين، كان هناك دمية دب ضخمة بحجم إنسان، لافتة للنظر.
كانت الغرفة مليئة بالأثاث الصغير واللطيف، والستائر المليئة بالكشكش، والإكسسوارات الجميلة التي تجذب العين باستمرار.
ظننت بطبيعة الحال أن هذه الغرفة تخص الأميرة يوري، لكنني فوجئت قليلًا عندما علمت أنها في الواقع غرفة الأمير الرابع ألين.
“لماذا تتصرف بهذه الطريقة مع الآنسة هيذر…؟”
“لدي شيء أقوله أولًا.”
توقف حديث الأمير الثاني ريموند ، الذي كان يتحدث وهو يسند ذقنه بيده ويتنهد، عندما قاطعته الأميرة يوري.
كانت تعابير وجه الأميرة يوري قد تغيرت فجأة.
كانت تضحك ببراءة مع الأمير الرابع ألين عند دخول الغرفة، لكنها الآن بدت غاضبة، ووجهها يشع بالتوتر.
أنا والأمير ريموند أيضاً أصبحنا نبدو متوترين بسبب تعبيراتها المتغيرة.
“زوجة اخي المستقبلية ، هل تريدين هذا؟”
فقط الأمير الرابع ألين، الذي لم يدرك التوتر في الأجواء، اقترب نحوي بسرعة، ممسكًا بدمية أرنب لطيفة ومدّها نحوي.
يبدو أنه أراد إهداء دميته المفضلة للضيفة التي زارت غرفته.
كان من الصعب تجاهل لطفه، لذا انخفضت قليلًا لأخذ الدمية، ولكن الأميرة يوري اقتربت وانتزعت الدمية فجأة.
“ألين، ليس هذا الوقت المناسب! انظر إلى وجه أختك!”
اتجهت نظرات الأمير الرابع ألين، الذي كان حزين لفقدان الدمية، إلى وجهي.
في تلك اللحظة فقط تذكرت حالة وجهي.
كنت قد شعرت بالراحة أثناء الرحلة لأن الأمير الثاني ريموند لم يبدِ أي إشارة إلى ملاحظته لحالة وجهي، حتى أنني نسيت الأمر تمامًا.
حاولت بسرعة أن أنهض وأغطي وجهي، ولكن قبل أن أتمكن من ذلك، كان الأمير الرابع ألين قد وقف على أطراف أصابعه ووضع يده برفق على خدي.
“فيه ألوان حمراء وزرقاء هنا.”
يبدو أنه اعتقد أن التورم والكدمات التي بدأت تظهر على خدي والجرح عند زاوية فمي مجرد شيء ملطخ، فبدأ بفرك وجهي بحذر بيده الصغيرة.
لكن اللون الأحمر لم يختف، وعندما تململت بسبب الألم، شعر بالفزع وسحب يده بسرعة.
“لـ… ليس شيئًا متسخًا.”
امتلأت عينيه الذهبيتين الواسعتين بالدموع التي بدأت تتجمع بسرعة.
“هل تؤلمكِ يا زوجة أخي المستقبلية؟”
رأيت تلك العيون التي كادت تبكي، فهززت رأسي بسرعة في محاولة لطمأنته.
“لا، لا أشعر بأي ألم، يا صاحب السمو الأمير.”
“كذب.”
كأنه على وشك البكاء بمجرد لمسة، حاولت تهدئته بسرعة، لكن الأميرة يوري قاطعتني مرة أخرى.
نظرت إليها بحرج. كنت قد شعرت بالارتياح لتجاوز نظرات الأمير الثاني ريموند ، لكن الآن بدا أنني أظهرت ضعفي أمام الأمير الصغير والأميرة الصغيرة، مما أزعجني.
“لماذا وجهكِ هكذا، يا أختي؟ أخي، ماذا حدث؟!”
يا صاحبة السمو الأميرة، لماذا تلومين صاحب السمو الأمير الثاني بلا سبب؟
شعرت بالارتباك من تحول الانتقادات إليه بشكل غير متوقع، ففتحت فمي بسرعة:
“يا صاحبة السمو الأميرة، الأمير الثاني ليس له علاقة بالأمر على الإطلاق.”
“كيف يمكن ألا يكون له علاقة؟! واضح أن شخصًا ما ضربك! من فعل هذا؟ من تجرأ على إيذاء أختنا؟ هل تعتقدين أنني لن أعرف؟ لم أقل شيئًا في البداية لأن الكثيرين كانوا يشاهدون، ولم أرد أن أحرجكِ، لكن الآن أخبريني! أي شخص تجرأ على ضربك، لن أتركه!”
لم تبدُ أنها سمعتني، بل بدأت تقفز بغضب ووجهها مشحون بالانفعال.
أي شخص غريب قد يظن أن الأميرة يوري فقدت صوابها.
حتى أن الأمير الرابع ألين شعر بالخوف، فاختبأ خلفي بسرعة.
حين التقت عيناي مع الأميرة يوري لأول مرة، شعرت أنها توقفت للحظة، ويبدو أنها لاحظت كل شيء منذ البداية لكنها كتمت مشاعرها.
شعرت بالامتنان لتفهمها، لكن كان علي أولًا تهدئتها.
مددت يدي بحذر.
“يا صاحبة السمو الأميرة، أنا بخير حقًا، لذا أرجوكِ اهدئي…”
“لا تخبريني أن دوق أديل هو السبب؟”
توقف جسدي بالكامل عند سماع ذلك الاسم.
لم أكن أتوقع أبدًا أن يخرج هذا الاسم من فمها.
حتى أنها بدت متفاجئة من كلماتها، إذ سرعان ما عضت شفتيها ندمًا.
كيف، كيف لطفلة صغيرة مثلها أن تعرف ذلك الاسم؟
إذا كانت تعرف، فكم يعرف الأمير الثاني ريموند أيضًا؟
تلك الفكرة تسللت إلى عقلي فجأة.
دوق أديل.
عند سماع ذلك الاسم، تذكرت مكاني الحقيقي.
الجميع كانوا يعلمون، وأنا فقط كنت أتجاهل ذلك.
شعرت بالخجل من نفسي لدرجة أنني أردت الاختفاء، لأنني تجرأت على التفكير في أنني يمكن أن أكون جزءًا من عالم هؤلاء الثلاثة، ولو لبرهة قصيرة.
“يوري كريستين كاجيس.”
في وسط الصمت الثقيل، تحدث الأمير الثاني ريموند بنبرة تنم عن الاستياء، موجهًا كلماته للأميرة يوري.
“أفهم مشاعرك، لكن عليك احترام الحدود.”
كانت الأميرة يوري قد بدأت بالفعل تشعر بالارتباك، والآن بدت عيناها على وشك البكاء.
سرعان ما امتلأت عيناها الكبيرتان بالدموع.
“أ… أعتذر، أختي. لم أقصد…”
وكأنهما ليسا مجرد شقيقين، كانت تعابير الحزن التي ارتسمت على وجه الأميرة يوري تشبه تمامًا تلك التي على وجه الأمير ألين ، وهو ما جعلها تبدو أكثر جمالًا ودفئًا في عيني.
في أعماقي، كنت أرغب في الإمساك بيدها التي امتدت نحوي لتقديم اعتذارها.
لكنني شعرت أن الإمساك بتلك اليد الآن قد يجعلني غير قادرة على فعل أي شيء آخر.
يجب ألا أنسى السبب الذي أتيت من أجله إلى هنا.
ببرود دفعت يدها برفق خطوةً إلى الوراء.
“لا بأس، لست بحاجة للاعتذار لي، يا صاحبة السمو الأميرة.”
“كيف يمكنكِ أن تقولي شيئًا كهذا؟”
“على أي حال، السبب الذي دفعني للمجيء اليوم هو…”
تجاهلت صوتها المرتجف وتظاهرت بعدم سماعه، مبتسمة بهدوء.
عندما لاحظت الأميرة يوري الجدار غير المرئي الذي كنت أبنيه، توقفت عن الاقتراب مني.
“كما طلبت سابقًا، أرجو منكِ عدم محاولة ربط الأمير الثاني بي مرة أخرى في المستقبل.”
“أختي…”
“لا الأمير الثاني ولا أنا نرى بعضنا البعض بتلك الطريقة أبدًا. لذلك، أرجو ألا يتسبب هذا الأمر في إيذاء نفسكِ أو الأمير الرابع بعد الآن. وأخيرًا، بشأن مناداتك لي بأختي، أو مناداة الأمير الرابع لي بـ’زوجة اخي المستقبلية ‘، بصراحة…”
توقفت للحظة، ثم نظرت إلى الأميرة يوري مباشرة وقلت:
“أعتقد أن هذا يسبب عبئًا.”
حتى لا يضعف قلبي عند رؤية عينيها المليئتين بالألم، تجنبت النظر إليها وانحنيت عميقًا.
“أنا آسفة لقول ذلك بهذه الطريقة. أرجوكِ تفهميني.”
ثم ثبتت نظري على قدميها ولم أتحرك.
كانت الأميرة يوري تتردد وكأن لديها ما تقوله، لكنها غادرت الغرفة مسرعة دون أن تنبس ببنت شفة.
رغبت في اللحاق بها وتهدئتها، لكنني كتمت ذلك الشعور بجهد كبير، ثم وقفت ببطء.
عندما اقترب الأمير ألين وسحب برفق طرف ثوبي، نظرت إليه.
“زوجة… هل تكرهيننا يا آنسة هيذر؟”
كان على وشك استخدام ذلك اللقب المعتاد، لكنه توقف عند ملاحظته أنني لا أحب ذلك.
كان من المؤلم أن أرى ذلك التردد في عينيه الصغيرة.
هل عليّ أن أجرح مشاعر هذا الطفل الصغير أيضًا؟
ترددت لبرهة، ثم انخفضت إلى مستواه لألتقي بعينيه.
بحركة صغيرة بالكاد تُرى، هززت رأسي نافية وهمست بهدوء:
“لا، بل أحب صاحبة السمو الأميرة وأحبك أنت أيضًا يا صاحب السمو الأمير الرابع.”
ببطء، بدأ الحزن الذي كان يملأ عينيه يتلاشى، وظهر بريق خافت من السعادة.
نظرت إليه بابتسامة مريرة، ثم وضعت إصبعي على شفتيّ وأصدرت صوت “شش”.
“ولكن، هذا سر بيني وبين صاحب السمو الأمير الرابع فقط.”
في اللحظة التي صنعت فيها هذا السر الصغير مع الأمير الصغير اللطيف، شعرت بقدوم الأمير الثاني ريموند نحونا.
“لقد بذلتِ جهدًا. أعتقد أن تلك الفوضى التي أحدثتها لن تُجدي نفعًا، وربما ستتوقف عن المحاولة الآن.”
وقفتُ بسرعة وعدّلتُ من وضعيتي، ثم انحنيت قليلًا بإيماءة احترام.
“أعتذر إن كنت قد سببتُ إزعاجًا لصاحب السمو الأمير الثاني.”
“لا، بل نحن من تسبب بالإزعاج لكِ.”
دخلنا في جدال قصير حول من كان الأكثر إزعاجًا، لكنني أنهيت الحديث أولًا وقمت بتوديعهم.
“إذًا، سأعود الآن.”
“آه، لحظة واحدة. لقد استدعيت الكاهن بالفعل.”