معلمة الروضة الإستقراطية تواجهُ يومًا عصيبًا - 8
هل هذا حقيقي؟!!
عندها ستكوي لدي الموهبة التي تظهر عبقرية ً في كل المجالات وتكتسب أي شيء بسهولة.
موهبة تمكنك من تحقيق أي شيء دون تمييز بين المجالات.
“… ألا يعتبر هذه غشًا؟”
إذا اختصرنا القول، كان الأمر كذلك. كوني شخصية تتحدى الامكانيات …
فا تلك الشخصيات دائمًا ما يكون لديها نوع من العائق.
قالت السيدة ماكستر إن موهبتي ستختفي قريبًا.
وقالت إن موهبتي الكبيرة ستظهر نادرًا جدًا، وبالتالي، ستكون فرص تجربتها قليلة جدًا.
كما لو أنني لا أمتلك أي موهبة على الإطلاق.
فرص قليلة للتجربة، كما لو أنها غير موجودة. كان ذلك عائقًا قاتلًا.
“إذن، كان هذا هو السبب.”
لذلك بدت وكأنني بلا موهبة. انطلق ضحك متوتر من فم إيفينا.
“هاها… هذا لا يصدق.”
في اللحظة التي فهمت فيها الموقف، مرت العديد من الأفكار في ذهن إفنا.
أخيها الأوسط الذي كان دائمًا عنيفًا بسبب مواهبه الجسدية.
وأخيها الأكبر الذي كان يحتقرها ويصفها بالغبية.
ووالدها الذي كان يبحث عن موهبة مماثلة لأول إيرل من وينديستر.
“…”.
كانت الموهبة التي يبحثون عنها بجانبهم تمامًا.
“لكن ليس هناك داعٍ لإخبارهم بذلك.”
لم يكن لديها الوقت لانتظار أن يتم طردها من العائلة.
لانه إذا اكتشفوا الحقيقة، فستكون هناك مشاكل.
تلك الليلة، أخذت دفتر يومياتها وهربت من القصر.
كان ذلك في فجر حيث ارتفع القمر الأبيض عاليًا.
لكن، لم يكن لديها مكان تذهب إليه، وانتهى بها الأمر بالجلوس على زقاق، حين مدت لها سيدة نبيلة يدها.
“فتاة شابة مثلك على الطريق قد تتعرض لمشاكل كبيرة. لماذا لا تبقي في منزلي لهذه الليلة فقط؟”
كانت السيدة هي زوجة الفيكونت بلشيستر.
تحولت ليلة إلى يومين، ويومين إلى أسبوع، وأسبوع إلى سنة.
استقرت إيفينا بهذا الشكل في منزل الفيكونت بلشيستر.
بمساعدة الجدة، تخرجت من الأكاديمية وبدأت البحث عن عمل.
“حيث إن وضع عائلة الفيكونت ليس مريحًا، يجب أن أعمل لكسب المال.”
لكن، ماذا يمكنها أن تفعل؟ إذا فكرت فيما تبرعُ فيه، رُبما كان تعليم الأطفال، كما فعلت في حياتها السابقة كمعلمة روضة أطفال.
“لكن هل يمكن أن يكون هناك روضة أطفال في هذا العالم؟”
لم لا؟
وضعت إيفينا الوسادة الناعمة جانبًا ونهضت فجأة.
إذا كان هناك أكاديمية، فما الغريب في وجود روضة أطفال؟
نهضت إيفنا وبدأت تبحث عن روضة أطفال توظف معلمين.
ما ظهر أمامها كان…
<أكاديمية لوانديل الخاصة للأطفال>.
كان المبنى يبدو وكأنه في نهاية عمره.
كانت البناية ذات الطابقين مهترئة، وظهرت الطوب الحمراء تحت الطلاء المقشر.
وكانت شجرة ضخمة تتأرجح بخطر مع الرياح.
“هل سينهار هذا المكان قريبًا؟”
تجاوزت شعورها بعدم الراحة وفتحت الباب.
“مرحبًا. جئت بسبب إعلان التوظيف على لوحة الإعلانات القريبة.”
“أوه! هل كان الإعلان لا يزال معلقًا؟ حسنًا، مرحبًا! تفضلي من هنا.”
استقبلتها مديرة عجوز ومعلمان بوجوه ودودة.
في داخل الصف المتواضع، كان الأطفال الصغار ينظرون إليها بعيون مليئة بالفضول.
“كيف يتم الحفاظ على هذا المكان؟”
سؤالها عند دخول مكتب المديرة تم الإجابة عليه بسهولة بعبارة واحدة من المديرة.
“أكاديمية لوانديل للأطفال تُدار كعائلة.”
قالت ذلك بابتسامة خجولة. يبدو أن هذا المكان يشبه الشركات العائلية التي سمعت عنها.
“غالبًا ما يفضل الأهالي توظيف معلمين خاصين لتعليم أطفالهم، لذا من الصعب إدارة الأمور بسلاسة.”
هذه مشكلة. بسبب وضع الفيكونت، لا يمكنها تحمل تأخير الرواتب أو العمل بدون مقابل.
“هل يجب أن أنسحب؟ لا، ولكن، كيف يمكن أن يبقى الأطفال في مكان مثل هذا… بغض النظر عن الظروف، يجب ألا يحدث ذلك.”
كان الأطفال في ظروف صعبة تذكرها بنفسها قبل عودتها في الزمن.
“قوانين الإمبراطورية صارمة للغاية بشأن تأخير الرواتب. يمكنني الحديث عن ذلك بعد توظيفي”
قررت إيفينا أن تمسك بيد المديرة بحزم.
“مديرة المدرسة، هذا هو شهادة تخرجي من الأكاديمية. لقد تخصصت في التعليم. على الجهة الخلفية، كتبت خطتي التعليمية. هل يمكن أن تراجعيها؟”
“يا إلهي، كم أنت جديرة بالثقة.”
وضعت المديرة يدها على فمها باندهاش.
ولم يستغرق الأمر سوى لحظات حتى أومأت برأسها.
وهكذا، حصلت إيفينا على وظيفة في الأكاديمية الوحيدة للأطفال في المنطقة.
“إذن، مديرة المدرسة، لماذا لا نبدأ بتغيير الاسم؟”
“اسم؟ ماذا تقصدين؟”
“بدلاً من أكاديمية الأطفال، نسميها روضة أطفال. سيكون ذلك مفيدًا في تجديد صورتها.”
وبعد عامين، انتشرت طفرة روضة الأطفال في جميع أنحاء الإمبراطورية، بدءًا من الأوساط الاجتماعية.
وفي قلب تلك الطفرة كانت إيفيا وينديستر، أو بالاحرى إيفينا فقط.
* * *
“لقد مر وقت طويل، أليس كذلك؟”
لم تعد تذكر وجوه أفراد عائلة وينديستر بوضوح.
بشكل أدق، لم تكن تهتم.
بدلًا من الانشغال بتلك الأمور، كان من الأفضل لها أن تعمل أكثر.
أغلقت دفتر يومياتها بعد قراءته للمرة الأولى منذ وقت طويل.
“بالمناسبة، لم أشعر بعد بموهبتي.”
هل يجب أن أبدأ بممارسة شيء ما؟
“همم.”
بينما كانت منشغلة في التفكير، مر الوقت أسرع مما توقعت.
“آه، أشعر بالتعب.”
فجأة، وجدت نفسها في زاوية قاعة الحفلات. وكان ذلك بعد يوم عمل شاق يوم الاثنين.
“عندما أعود إلى المنزل، سأرتب سجل النشاطات اليومية، وجدول فعاليات هذا الشهر…”
تردد في ذهنها قائمة الأعمال التي يجب إنجازها. لا يزال هناك الكثير من العمل.
حتى بعد وصولها إلى قاعة الحفلة، لم تفكر سوى في العمل طوال ساعة كاملة.
أخوها كان قد غادر منذ زمن مع إحدى السيدات الشابات إلى مكان مجهول.
كانت تدور كأس الشمبانيا ببطء وهي تشعر بالملل.
وعندما همت أخيرًا برشف رشفة منها، سمعت فجأة صوتًا صاخبًا من مكان ما.
“مستحيل!”
ما هذا؟ استدارت إيفينا نحو مصدر الضجيج. كان هناك مجموعة صغيرة من الأطفال.
عندما دققت النظر، رأت ثلاثة أولاد يحيطون بصبي صغير ويوجهون له كلمات حادة.
“إذا كنت قد دست على قدمه، فعليك أن تعتذر!”
“لم… لم أفعل ذلك.”
“لا تكذب! هل تريد الموت؟”
الأجواء كانت مشحونة بشكل غير معتاد لمجرد شجار أطفال.
الأولاد الثلاثة بدوا في حوالي الثامنة من العمر، بينما الصبي الصغير لم يتجاوز الخامسة على الأرجح.
“لم أفعل. أنا لم أفعل.”
كان الصبي ذو الخمس سنوات يتحدث بثبات دون أن يظهر أي خوف.
لكن يبدو أن ثقته أثارت غضب الأولاد الأكبر سنًا، فأحدهم صرخ بصوت عالٍ.
“أيها الصغير، ألا تعرف من أنا؟”
“لا أعرف.”
“أيها الوقح!”
رفع أطول الأولاد ذراعه كما لو كان سيضربه.
“يا إلهي، يبدو أنه سيضربه فعلاً.”
في اللحظة التي كانت إيفينا ستتقدم لمنعهم، أمسكت امرأة كانت بجانبها بذراعها وهمست بصوت منخفض:
“من الأفضل ألا تتدخلي.”
“ماذا…؟”
“أعرف ما تحاولين فعله، ولكن الأفضل أن تبقي بعيدًا، مثل الآخرين.”
الآخرين؟
نظرت إيفينا حولها لترى أن معظم الناس كانوا يشاهدون الموقف دون أي تدخل.
“الأولاد الثلاثة جميعهم أبناء عائلات نبيلة من وسط الإمبراطورية. أما الصبي الصغير، فمن المؤسف أنه لا حيلة له.”
“أبناء عائلات النبلاء من وسط الإمبراطورية؟”
“نعم، لذا من الأفضل ألا تتدخلي.”
أبناء النبلاء في مثل هذا العمر…
نظرت إيفينا عن كثب إلى وجوه الأولاد، فأدركت الحقيقة.
“يا لهؤلاء المشاغبين…”
همست إيفينا بصوت منخفض، وابتسمت بسخرية باردة.
ثم نظرت إلى المرأة التي كانت تحاول منعها وابتسمت بهدوء.
“أشكركِ على قلقكِ، ولكنني بخير.”
“ماذا؟ انتظري، لا يمكنكِ…”
تقدمت إيفينا بخطوات ثابتة نحو الأطفال دون أي تردد.
توجهت أنظار النبلاء الذين كانوا يراقبون الأطفال إلى إيفينا على الفور، وبدأت الهمسات تتعالى من هنا وهناك.
“من هذه السيدة؟”
“لا أعرف. لكنها تبدو جريئة.”
“ليست جريئة، بل غبية. كيف تفكر في التدخل؟”
وقف أحدهم مستندًا على نافذة مقوسة وسخر من الموقف. حتى الموسيقيون توقفوا عن العزف منذ وقت طويل.
“هل تعتقدون أنها ستجرؤ على تأنيب أبناء الماركيز جوفين؟”
“شجاعتها تستحق الإعجاب.”
نعم، بما أنهم أبناء ماركيز جوفين، فلا بد أن أتدخل.
اقتربت إيفينا من الأطفال بخفة ودون أن يشعر بها أحد.
نظر إليها الأولاد الذين كانوا يضايقون الطفل الصغير بوجوه متجهمة.
وكان أحدهم، وهو ابن ماركيز جوفين، الذي صرخ بغضب
“من أنتِ يا هذه؟”
“من هذه؟”
“يا لك من ولد وقح. كنت سأكون لطيفة، لكن يبدو أنه لا مجال لذلك.”
“أنقلعي ! إذا لم تذهبي، سأستدعي والدي!”
“استدعِه.”
“ماذا… ماذا تقولين؟”
بدت ملامح الولد متوترة ومتفاجئة.
ابتسمت إيفينا بلطف وهي تضع يدها على كتفه.
“استدعِه، يا دانيان. مضى وقت طويل على آخر لقاء بيننا.”
“كيف… كيف تعرفين اسمي؟”
بالطبع، قد تتساءل من أكون لأعرف اسمك.
رفعت إيفينا يدها عن كتف الولد ببطء وأزاحت القناع
الأبيض الذي كان يغطي وجهها.
“آه!”
اتسعت عينا دانيان من الصدمة، والأمر نفسه حدث مع الأولاد الآخرين الذين كانوا يضايقون الطفل الصغير.
نظرت إيفينا إلى الأولاد الثلاثة واحدًا تلو الآخر وقالت بابتسامة هادئة
“مضى وقت طويل، أليس كذلك؟ كيف حالكم جميعًا؟”
“أ… أ… أ-أستاذةة…!”