معلمة الروضة الإستقراطية تواجهُ يومًا عصيبًا - 5
“ماذا تقولين؟ أنتِ تتفوهين بالهراء . عودي للدخول ، يا آنسة. أنتِ فقط تعرقليننا.”
كان تصرف الخادمة وقحاً للغاية لدرجة أنه لا يمكن تصديق أنه موجه لسيدة من العائلة.
ضحكت الخادمات الأخريات بهدوء.
إيفينا، التي كانت تراقب بصمت، أخذت المكنسة من الخادمة وبدأت تكنس القمامة التي كانت تحت قدميها.
“أنتم تخافون من سيدكم، أي والدي، ولكن لا تخافون مني.”
“ما… ما الذي تقولينه؟ هل أكلتِ شيئاً سيئاً يا آنسة؟”
“ربما لأنني لا أملك ‘موهبة’.”
لم يرد أحد. تبادلت الخادمات النظرات وبدأن يلاحظن الموقف بصمت. كان الصمت تأكيداً ضمنياً.
بدون أن تهتم، كتبت إيفينا بسلاسة شيئاً في دفترها الأرجواني الصغير.
“لقد قلتِ للتو أنني عار على العائلة، وأنني من دماء زائفة.”
“ذلك كان…!”
“نعم، قد يكون ذلك صحيحاً. ولكن لدي عادة لا أستطيع التخلي عنها وهي عدم التغاضي عن الأطفال غير المؤدبين.
إنه نوع من المرض المهني. لذا، من الأفضل أن تتصرفي بشكل جيد طالما أنني ما زلت هنا.”
ابتلعت الخادمة ريقها بصعوبة.
بالتأكيد، إيفينا لا تستطيع أن تؤذيها. لم يكن لإيفينا أي سلطة على الخدم.
كانت مكانة إيفينا في هذا القصر معدومة.
لكن لماذا شعرت الخادمة بالخوف من تحذيرها؟
كانت إيفينا تبدو بسيطة بملابسها المتواضعة وبشرتها الباهتة. لم تبدُ أبداً كسيدة نبيلة ، بل ربما بدت أسوأ حالاً من عامة الناس.
ومع ذلك، كان هناك شيء في إيفنا يجعل من الصعب معاملتها باستخفاف.
بدت مثل الشخص الهش لكن غير قادرين على رد صرامتة في نفس الوقت.
“تتصرفين؟ ماذا… ماذا تقصدين؟”
كانت الخادمة تتصبب عرقاً بارداً وهي تحاول التخلص من توترها.
لكن كلما زادت توترها، زادت ابتسامة إيفينا لطفاً.
“شكراً على المعلومات. أختي غير الشقيقة، ليرين، سيتم تسجيلها رسمياً في العائلة قريباً… يا له من حدث مميز.”
“هل… هل جننتِ حقاً؟”
“حدوث ذلك. يعني أنني اخترت الرواية الخاطئة.”
“رواية؟ ماذا تقصدين برواية؟”
كان صوت الخادمة ممتلئاً بالدهشة والارتباك.
لكن إيفينا لم تعطِها نظرة أخرى، وبدون أن تضيف كلمة، استدارت واختفت.
ما الذي حدث للتو؟
الخادمات اللواتي بقين في مكانهن لم يستطعن إلا أن يتبادلن النظرات الصامتة.
كانت الخادمة التي استعادت وعيها أولاً تتحدث بصوت خافت.
“لقد تغيرت. لقد أصبحت مختلفة، كما لو أنها أصبحت شخصاً آخر تماماً. هل كانت إيفينا هكذا دائماً؟”
“هل هذه هي إيفينا التي كانت تصمت حتى عندما يسكب أحدهم الشراب على فستانها؟”
“لقد رأيت تلك إيفينا المعملين التي كانت تخيفنا في الأكاديمية. تذكرين؟التي كانت أكثر المعلمين رعباً! لقد تغيرت ! “
انتشرت الشائعات بسرعة في جميع أنحاء قصر الكونت. وكانت الفكرة الرئيسية في الشائعات هي:
لقد تغيرت الآنسة إيفينا. أصبحت شخصاً آخر تماماً.
—
عائلة وينديستر الكونتية مميزة.
كل فرد من سلالة وينديستر يولد بموهبة فريدة.
بعضهم يولد بجمال رائع.
بعضهم بقدرات جسدية مذهلة.
بعضهم بغريزة رجال الأعمال.
وبعضهم بموهبة فنية عبقرية.
تلك المواهب هي ما جعل عائلة بيلتشتر تحتفظ بمكانتها بين النبلاء المركزيين على الرغم من تاريخها القصير نسبياً.
لكن، لأول مرة في تاريخ العائلة، وُلد طفل بلا أي موهبة.
“وهذا الطفل هو أنا، أليس كذلك؟”
تمتمت إيفينا وهي تجلس على سريرها المتهالك. صرير السرير المتزعزع ملأ الغرفة.
قطرات ماء قذرة تسقط من السقف. وبينما كانت تنظر إلى ذلك، فكرت إيفينا:
“بالتأكيد، هذا التجسيد كان خاطئاً.”
نعم، لقد تجسدت إيفينا قبل 3 أسابيع في جسد فتاة نبيلة تبلغ من العمر 17 عاماً.
والأسوأ من ذلك، أن بداية القصة الأصلية كانت بعد 20 سنة من الوقت الحالي .
الأبطال لم يولدوا بعد. لم يكن لتجسيدها أي علاقة بالقصة الأصلية.
أغلقت إيفينا دفتر ملاحظاتها بعدما كتبت كل المعلومات التي جمعتها.
في تلك اللحظة، فُتح الباب فجأة وبدون سابق إنذار.
“أنتِ هنا يا أختي إيفينا!”
بخطواتٍ رقيقة . دخلت ليرين بابتسامة مشرقة وشعرها الوردي مضفر بشكل أنيق.
وراءها، كان يقف شقيقيها بوجوه غير مرتاحة .كما لو أن رؤية إيفينا تثير اشمئزازهم.
“لقد بحثنا عنكِ طويلاً.”
“ليرين؟ ماذا تريدين؟”
لم تتحدث إيفنا مع ليرين إلا مرات قليلة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
وكانت إيفينا كانت دائماً بمفردها.
كانت تستيقظ في غرفتها المتداعية، تتناول وجبة متواضعة، وتحاول التكيف مع هذا العالم. كان هذا كل ما تفعله يومياً.
وضعت ليرين ذراعها حول ذراع إيفينا وقالت:
“هيا لنخرج لتناول الطعام! والدنا سيشتري لنا شيئاً لذيذاً.”
“أنا أيضاً؟”
“بالطبع! أوه، ماذا لو انضم إلينا خطيبك، الماركيز بيلشن؟”
“ماركيز هاردنيس بيلشن غادر إلى إقطاعيته بالأمس.”
“أوه… فهمت.”
أنزلت ليرين كتفيها، وبدا عليها خيبة أمل
كبيرة.
لم يستطع أحد أن يتحمل رؤيتها هكذا، فتقدم نحو إيفينا أخوها الثاني بخطوات سريعة.
كان طويل القامة، بشعر أحمر وجسم عضلي بشكل معتدل.
بفضل موهبته الجسدية، أصبح فارسا بكل سهولة.
نظر إلى إيفيتا بنظرة تهديدية.
“هي انتِ، لم يكن يجب ان تتحدثي معها بهذه الطريقة وتخيبي أملها ؟”
“ماذا تقصد…؟”
“كان بإمكانك أن تختلقي عذرًا. حاولنا أن نأخذك
معنا بالرغم من الإحراج، لكنك أزعجتينا حقا.”
“ما الخطأ الذي ارتكبته الآن؟”
كان توبيخا غير مبرر، ومع ذلك لم يتجرأ أحد على الاعتراض.
كان الأخ الأخر الذي يقف بجانبه مشغولاً بتفحص خطط العمل ولم يلق بالا لما يجري.
أجابت إيفنا بصوت هادئ
“ليس هناك سبب لأبرر لأي شخص أفعال خطيبي أو أين هو، يا أخي.”
“ماذا؟ سمعت إشاعات أنك أصبحت نصف مجنونة، ويبدو أن ذلك صحيح. هل تجرؤين على الرد الآن؟”
فجأة، ارتفعت يده الكبيرة دون تردد، كانت حركة شخص اعتاد على الضرب.
لكن شخصا ما أوقف ذراعه فجأة.
“توقف. ليس أمام الخدم.”
كان ذلك والدهم الكونت بيلتشتر. أبعد ابنه الثاني جانبا وقال:
“إيفينا، يا لك من فتاة عديمة التربية.”
ثم صفع إيفينا على خدها.
صفعة !
ملأ صوت الاحتكاك البارد الغرفة الضيقة والقديمة.
‘هل ضربني ؟ هل ضربني على وجهي؟’
نظرت إيفينا بنظرة مذهولة إلى والدها. نظر إليها الكونت بيلتشتر بنظرة ازدراء.
“أصبحت تتجرئين على الرد على أخيك الآن؟ ألم أخبرك أن تبقي هادئة وتعيشي كأنك غير
موجودة؟”
“….أبي”
“لقد أظهرت ليرين للتو موهبة جديدة.
في أول تدريب لها على الرماية، أصابت ستة أهداف من أصل عشرة بالقرب من المركز.
إنها موهبة جسدية واضحة.
لقد تأكدت الآن أنها تملك نفس الموهبة التي كان يتمتع بها أول كونت لعائلتنا.
نحن اليوم سنخرج للاحتفال بذلك.”
هز الكونت يده وكأنه يتخلص من شيء مقزز بعد أن صفع إيفنا.
” ولكنك تجرأت على إفساد مزاج ليرين؟ سأكتفي بصفعة اليوم، لكن إذا عرقلت طريق ابنتي مرة أخرى، فلن أتركك بسلام.”
“إذا كانت ليرين هي ابنتك، فما أنا إذا؟”
كادت الكلمات أن تخرج من فمها، لكنها لم تستطع التفوه بها. بل لم يكن بإمكانها ذلك.
تركت عائلتها الغرفة، تاركين إيفينا وحيدة تتأرجح من الصدمة.
هل هذه عائلتي حقا ؟
ربما كانت الخادمات محقات عندما قلن إنني مزيفة.
صدى الباب وهو يغلق بعنف ملأ الغرفة، مما جعلها تدرك وضعها جيدًا.
“في هذا المنزل، أنا مجرد شخص يريدون
نسيانه…”
كانت حياتها بائسة. لذا ربما الخروج في الهواء الطلق سيحسن من حالتها النفسية.
فتحت إيفينا الباب وبدأت في السير بلا هدف. فجأة وجدت نفسها في ساحة التدريب.
وسط الهدوء، رأت بندقية موضوعة على الأرض. إنها البندقية التي استخدمتها ليرين.
امتدت يدها البيضاء وأمسكت بالبندقية.
كانت تتذكر من المسلسلات الدرامية كيف أن إطلاق النار يمكن أن يكون مريحًا لها.
” إنها المرة الأولى التي أجرب فيها إطلاق النار…”
أمسكت إيفينا البندقية بكلتا يديها وسحبت الزناد
للتخلص من إحساسها بالضيق.
بوم
اخترقت الرصاصة مركز الهدف تمامًا.
هل كان ذلك صدف
هل هو مجرد حظ المبتدئين؟
كانت عيناها المرتفعتان قليلاً تومضان ببطء بسبب
الدهشة.
كانت متفاجئة، لكنها لم تستطع إطلاق المزيد.
إذا
رآها أحدهم، فسيقومون بنشر شائعات بأنها لمست شيئا يخص ليرين.
عندما غادرت إيفينا ساحة التدريب، كانت الرياح
تهز الهدف الذي استخدمته ليرين.
لقد كان هناك ستة ثقوب رصاص في الهدف، لكن لم تخترق أي رصاصة المركز تماما كما فعلت إيفينا.
ترجمة :مريانا✨