ليديا : الغابة المنسية - 1
“ما الذي أفعله هنا وأين والدي؟” هذا ما فكرت فيه ليديا بعد استيقاظها وسط الغابة، ممزقة الثياب ومغطاة بالوحل. حاولت استيعاب وضعها ولماذا هي بهذه الحالة، لكنها لا تتذكر ما حدث أساساً. لذا، وقفت الشابة ونفضت عنها الأوساخ وقررت المضي قدماً في طريقها حتى تعرف ما حصل، وكلها أمل أن تجد والديها وتعرف ما الذي جلبها إلى هنا.
سارت ليديا وهي تنظر إلى الأشجار والعصافير في الغابة وتتأملها. “يالَ حظكم، تستطيعون الطيران. أتمنى لو كان لي جناحان، لكنت أطير معكم بدلاً من المشي في هذه الحالة التي أنا فيها.”
توقفت ليديا بشكل مفاجئ. “أتمنى لو أعرف ما الذي حصل، أتمنى لو أستطيع التذكر” قالتها بنبرة خافتة.
أكملت سيرها حتى وصلت إلى كوخ بين الأشجار. “عجيب، هل من المعقول أن يعيش أحد هنا؟”
“عذراً، هل هناك أحد هنا؟” طرقت ليديا الباب لكنها لم تحصل على رد. لكن، مهلاً، لاحظت أن الباب مفتوح.
“عذراً على التطفل”، دخلت إلى الكوخ. وجدته نظيفاً ومرتبا، ولاحظت وجود قدر مملوء بالطعام. لكن هذه الفتاة الشابة ليست وقحة لتناول غداء شخص آخر، يكفي اقتحامها للكوخ. أخذت كوب ماء وجلست على أحد الكراسي لتستريح.
“لن أبقى طويلاً، سأرتاح فحسب ثم أمضي في طريقي”، هذا ما قالته، لكنها وضعت رأسها على الطاولة وسرعان ما غطت في النوم.
بعد مرور الوقت، سمعت أحداً يناديها: “يا آنسة، استيقظي.” لم تستيقظ. “استيقظي حالاً”، قالها هذا الغريب بصوت قوي، ففتحت عينيها ونظرت إلى الرجل الواقف أمامها.
“آه، اعذرني، لم أقصد اقتحام كوخك. أنا مجرد عابرة سبيل، شربت الماء فقط، صدقني”، قالتها بخوف وتوتر. في النهاية، هي لا تعرف صاحب الكوخ، ولكن الذنب ذنبها لدخولها بدون إذن.
“لا تبالي، لا بأس. يبدو لي أن حالتكِ سيئة. خذي بعض الطعام، إنها يخنة، كلّيها.” نظرت له باستغراب، فانتبه لها وضحك. “أنتِ من داهمت مكاني، ومع ذلك تتعاملين بحذر. لا تخافي، إنها ليست مسمومة. انظري”، تناول القليل منها ثم أعطى ليديا طبقاً آخر فقبلته وبدآ بتناول اليخنة.
“أنا كوندو، كوندو هيروشي، وأنتِ؟”
“ليديا، ولكنني لا أتذكر اسم عائلتي.”
تعجب من جوابها وقال: “لا تتذكرين؟”
“لا أعلم. نمت في غرفتي آخر مرة واستيقظت فجراً وسط الغابة. كان رأسي يؤلمني ولا أعلم أي غابة هي هذه أساساً. لا أعلم كيف جئت إلى هنا.” كانت تتحدث بنبرة حزينة، وكيف لا تكون حزينة، هذه الشابة فقدت بعضاً من ذكرياتها ولا تتذكر حتى اسم عائلتها أو شكل والديها. كيف لها أن تعرف أين تذهب وهي لا تتذكر طريق منزلها؟
“آه، انظر، حل الليل. يجب أن أكمل طريقي، اعذريني على تطفلي.”
“إن نسيتِ طريق بيتكِ، فأين ستبيتين الليلة؟”
“لا أعرف بصراحة.”
“ما رأيكِ في المبيت بالكوخ لليلة، ثم في الصباح يمكن الذهاب إلى القرية القريبة من هنا؟”
“لا أعلم، لا تبدو فكرة جيدة.”
استوعب هيروشي فكرته وشهق ثم قال: “لا تقلقي، الكوخ كله لكِ. سأنام خارجاً. القرية قريبة من هنا، على بعد ساعة مشياً على الأقدام.”
“ولكن، ألن تتعب؟ وأين ستنام عندما تذهب إلى القرية؟” تساءلت ليديا.
“هناك فندق قريب عند بداية القرية، سأحجز غرفة هناك. ولا بأس، فلست تعباناً، أستطيع المشي، ولا خوف عليّ بما أني محارب. أما أنتِ، فتحتاجين للراحة.”
“حسناً، إذن سأقبل عرضك.”
“جيد.” ابتسم هيروشي، “اقفلي الباب جيداً.”
“سأفعل.”
وهكذا خرج هيروشي إلى القرية، وغلقت ليديا الكوخ على نفسها وبقيت بمفردها مع تساؤلاتها، تفكر في وضعها من جديد وتساءلت عن هيروشي. حيث قال إنه محارب، هل يستطيع هذا المحارب مساعدتها؟ حسناً، هو يبدو لطيفاً ومراعياً، يمكنها الاعتماد عليه، ولكن هل ستعتمد عليه فقط؟ هذه الشابة الصغيرة تحتاج للاعتماد على نفسها أيضاً، ولكن كيف؟
“إن كان محارباً كما زعم، هل أستطيع سؤاله إن كان يستطيع تدريبي؟ أشعر بأنني أحتاج للتدريب. حسناً، سأسأله صباح الغد، والآن إلى النوم.”
قفزت ليديا إلى الفراش وكأنها لم تنم على مكان مريح لأسبوع كامل. المسكينة، غطت بنوم عميق، وصوت شخيرها بإمكانه أن يوقظ دبة.