لقد وصلت العائلة الأقوى! - 01
تشاك.
تدفّقت في ذهني مشاهد عديدة وكأنها تعود سريعًا إلى الوراء. الزمن الطويل ارتدّ فجأة في لحظة.
عندها التقطت أنفاسي التي كنت أكتمها.
“هاه!”
فجأة، تغيّرت رؤيتي للعالم.
“هاه… هاه…”
كنت في قاعة طعام فاخرة وطاولة مليئة بالطعام. حتى الخادمات هرعن إليّ مذعورات من نوبة الفزع التي أصابتني.
“آنسة فانيسا! هل أنتِ بخير؟”
“يا إلهي! ما الذي حدث؟”
لم أشعر بأي ألم.
لقد أصبت بالدهشة فقط من التجربة الأولى للعودة بالزمن.
“…أنا بخير.”
هذا المكان…
‘هل هذا قصر ويندسور؟’
القصر الذي كان والدي يجمع فيه أبنائه غير الشرعيين.
المكان الذي قضيت فيه طفولتي.
‘لقد عدتُ أكثر بكثير مما توقّعت. كم سنة عدت إلى الوراء؟’
بينما كنت أخمّن، أمسكت بإحدى الخادمات اللواتي بدَونَ مألوفات لي.
“..ماريا؟”
“نعم، آنستي. هل أنتِ بخير؟”
“نعم، نعم. لكن، متى يمكنني رؤية والدي؟”
لن يكون سؤالي هذا غريبًا. كنت أتساءل عن هذا الأمر كثيرًا عندما كنت في مثل هذا العمر.
كما توقّعت، أجابت ماريا بتعبير متأسف دون أي شك.
“يمكنكِ رؤية الدوق إذا قمتِ بإيقاظ قدرتكِ الخاصة.”
“وإن لم أتمكّن من ذلك؟”
في عائلتي، إذا لم تظهر القدرة الخاصة بحلول سن الثانية عشرة، يتم تصنيف الشخص على أنه “عاجز” ويتم طرده.
لذا، لرؤية والدي، كان عليّ إما أن أوقظ قدرتي الخاصة أو أُصنَّف كعاجزة وألتقي به لأول مرة وآخر مرة عند بلوغي الثانية عشرة. لم يكن هناك خيار ثالث.
ترددت ماريا لفترة طويلة كما لو كانت تشعر بالأسى، ثم أجابت أخيرًا.
“بعد أن تُقيم آنستي حفلتين إضافيتين لعيد ميلادها، سيأتي الدوق لرؤيتكِ.”
“فهمتُ الآن…”
حتى إن لم أستطع إيقاظ قدرتي الخاصة، يمكنني رؤية والدي بعد إقامة حفلتين إضافيتين.
‘هذا يعني أن عمري الآن عشر سنوات.’
نظرتُ إلى يدي. رغم أنها يدي، إلا أنها بدت صغيرة وغريبة عني.
‘لقد عدتُ بالزمن عشر سنوات.’
عشر سنوات.
لقد عدتُ للتو، قبل لحظة من موتي، إلى عشر سنوات ماضية.
***
أسرة الدوق فاسنبيرغ.
العائلة التي حتى الإمبراطور ينحني لها احترامًا.
كانت فانيسا جوهرة هذه العائلة.
الدوق فاسنبيرغ، والدها، كان يحبها أكثر من أي شخص آخر، وكانت وريثة العائلة الثانية.
ذلك لأنها امتلكت قدرة غير مسبوقة.
“فانيسا، عليكِ الهروب!”
لكن العائلة التي ظنّ الجميع أنها أبدية، انهارت فجأة في يوم ما.فقد قُتل والدها وإخوتها جميعًا.
في ذلك الفجر المشؤوم.
على يد شخص واحد.
“سيقوم بقتلكِ أيضًا!”
أمسك حبيبها بيدها وهرب معها. وبينما كانت تهرب، رأت الجثث متناثرة في القصر.
إخوتها غير الأشقاء.
الأخ الأكبر، الثاني…
شقيقاتها… ووالدها أيضًا.
لم تصدّق ذلك.
كيف تمكّن شخص عاجز من قتل أشخاص أقوياء يمتلكون قدرات مذهلة؟ كيف نجح في ارتكاب هذه المجزرة بسهولة؟
“هل أنتِ فانيسا فاسنبيرغ؟”
أخيرًا، وجدت فانيسا نفسها وجهًا لوجه مع القاتل.
ذلك العاجز الذي تم طرده من العائلة منذ زمن.
ذلك الرجل الذي نجح رغم كل شيء في ارتكاب هذه المجازر.
رايان فاسنبيرغ.
“ما هذا؟ الأمير؟ إذا لم تكن تنوي الموت معها، فدع يده وابتعد عنها.”
تحدث رايان بنبرة ضجرة، مشيرًا إلى حبيبي بحركة يده بلا مبالاة.
“قتل الأبرياء يجعلني أرى كوابيسًا، لذا لا تفعل شيئًا يثير انزعاجي.”
“أرجوك، سامحها.”
بدأ حبيبها فورًا يتوسل لحياة فانيسا.
“هي لم تكن تعلم أي شيء. لقد صغيرة جدًا وقتها و هي بريئة تمامًا… أرجوك!”
“هاهاها! حقًا؟”
ضحك رايان بصوت عالٍ، ولكن عينيه سرعان ما لمع فيهما بريق مخيف.
“لم تكن تعلم؟ الأميرة فانيسا من عائلة فاسنبيرغ؟ ولمدة عشرين عامًا؟”
“…….”
“كل ما أكلته، وكل ما لبسته، وكل ما استمتعت به في حياتها… ألم تدرك أبدًا أنه بني على قوة قذرة؟”
بالطبع، كانت تعلم.
فانيسا كانت تعرف ذلك جيدًا.
القدرة الخاصة تعني السلطة.
وعائلة فاسنبيرغ، العائلة الوحيدة التي تنجب أصحاب القدرات الخاصة، كانت من الطبيعي أن تسيطر على السلطة.
كما أن الفساد الناتج عن تلك السلطة الساحقة التي لا يُمكن تحديها… كان مجرد أمر طبيعي.
“أرجوك سامحها. لم يكن بإمكانها الهروب من سيطرة الدوق ولا معارضته. أرجوك.”
كان حبيبها يتوسل نيابة عن فانيسا، التي لم تستطع حتى الدفاع عن نفسها.
“اسمع، أيها الأمير. أنا لم آتِ هنا لأُقيّم من هو أكثر إجرامًا ومن هو أقل. لا يمكنني الوثوق بكلامك، وليس من شأني اتخاذ مثل هذه الأحكام.”
لكن رايان كان حاسمًا وباردًا.
“سأعد حتى عشرة. بعدها، ستكون لديك تهمة إضافية، وهي حماية هذه الفتاة.”
“…….”
“لأجعل الأمور أوضح، سأضيفك إلى القائمة وأرسلك معها إلى الموت. فهمت الآن؟”
حبست فانيسا أنفاسها خوفًا.
كانت تحاول أن تترك يده، لكن حبيبها أمسك بيدها بإحكام أكبر.
“إذا كنت تحب حياتك، فاترك يدها وابتعد عنها. لذا سأعد الآن عشرة… تسعة…”
أصبح عقلها فارغًا تمامًا.
ماذا يجب أن تفعل الآن؟
كانت فانيسا من أصحاب القدرات الخاصة، مما يعني أنها تستطيع القتال بأي طريقة.
لكنها لم تكن تعرف ما هي قدرة رايان، لذا لم يكن بإمكانها اتخاذ خطوة متهورة.
ألم يُقتل والدها وإخوتها جميعًا؟
رايان، الذي كان يُعتقد أنه عاجز، أي نوع من القوى كان يُخفيها؟
كيف تمكن من القضاء على أشقائها أصحاب القدرات الخارقة—من كانوا يحرقون، ويمطرون بالصواعق، ويثيرون العواصف—في وقت قصير جدًا؟
يبدو أن رايان لم يكن ينوي قتل حبيبها. لذا، ظل يصر على أن يبتعد عن فانيسا.
‘إذا بقينا معًا، فسنقتل معًا. إذن، لا بد أن تكون قدرته من النوع الذي يشمل المكان بأكملها..’
فكرت فانيسا بتركيز.
تذكرت جثث والدها وإخوتها.
كانت الأجساد سليمة تمامًا.
لم تكن هناك أي جروح، لا طعنات ولا اختراقات.
لم يكن هناك أي أثر للمقاومة. فقط أعين مفتوحة متجمدة، وأرواح فارقت الحياة…
“آه…”
في لحظة، أدركت فانيسا.
وفور إدراكها، شعرت باليأس.
‘سأموت..’
إذا كانت قدرة رايان هي ما ظنت أنها عليه، فلن تكون هناك أي وسيلة للنجاة.
“ستة… خمسة…”
في تلك اللحظة، نظر إليها حبيبها، وكأنما يودعها، ممسكًا بخدها بحنان وناظرًا في عينيها.
“استمعي إلي جيدًا.”
لكن كلماته الهادئة لم تكن وداعًا.
“عندما تعودين بالزمن، امنعيه من الانتقام، فانيسا.”
“……!”
صُدمت فانيسا. لأنها عرفت ما كان ينوي فعله.
“لا، لا تفعل. إذا فعلت ذلك…”
ابتسم لها، و الدموع تلمع في عينيه. واقترب حتى لامست جبهته جبهتها.
“وأيضًا… لا تبحثي عني. لأنني سأكون دائمًا الشخص الذي يدمر حياتكِ.”
“…”
“لنلتزم بعدم اللقاء مجددًا.”
لم تستطع فانيسا أن ترد على طلبه المؤلم و انهمرت دموعها على وجنتيها.
“ثلاثة! اثنان!”
صدى صوت رايان الساخرة كان يقترب مع العدّ الأخير.
ابتسم حبيبها بحزن و تمتم.
“دعينا لا نحب بعضنا البعض أبدًا.”