لقد وصلتِ العائلةُ الأقوى - 3
“إن لم تأخذني معك، فسوف أموت! أبي، أرجوك، خذني معك!”
كان رايان يبتعد وهو يحك أذنه بلا مبالاة، وفكر للحظة.
‘هي بلا قدرة خاصة، أليس كذلك…؟’
كانت تلك الفتاة الصغيرة تدرك أن الخيار الأفضل لها هو أن تتبعه.
إن بقيت بأيديهم، فقد يتم التخلص منها أو قتلها في مكانٍ ما.
‘لكن…’
تباطأت خطوات رايان قليلاً.
‘لا وجود لشيء اسمه بلا قدرة.’
رغم أنه لا يحب الاعتراف بذلك،
إلا أن دماء والده، التي تنتج أصحاب القدرات، حقيقية.
رايان نفسه لم يكن بلا قدرة؛ لقد تأخر ظهور قدراته لسببٍ ما،
وهو الآن يتظاهر بعدم امتلاك أيِّ قدرةٍ فقط من أجل الانتقام.
‘تلك الفتاة أيضاً ليست بلا قدرة.’
حتى لو لم تدرك ذلك بعد، فهي بالتأكيد حالة أخرى من تأخر ظهور القدرات،
تماماً كما حدث مع رايان في الماضي.
“… أرجوك، خذني معك. لقد طُردت من المنزل، وليس لدي مكان أذهب إليه…”
في تلك اللحظة، تداخل مظهر الطفلة مع مظهر رايان عندما كان في الثانية عشرة من عمره،
بعد أن طُرد من عائلته.
“هاه،يا الهي..”
توقف رايان فجأة.
كان لديه الكثير من الأعمال لينجزها، ولم يكن في وضع يسمح له برعاية طفلة.
ولكن بإمكانه على الأقل أن ينقذها من أيديهم.
‘ما الذنب الذي اقترفته هذه الصغيرة سوى أنها وُلدت؟’
بهذه الفكرة، قرر رايان أن الأمر مجرد لفتة تعاطف عابرة لا تكلفه شيئاً.
وعاد أدراجه بخطوات ثابتة وواضحة.
‘سأرافقها حتى نصل إلى المنطقة،
وأعطيها بعض المال، ثم أتركها لتدبر أمرها بنفسها.’
“وإذا بدأت بالبكاء والتشبث بي، فسأتخلص منها في أيِّ مكانٍ.
سأفعل ذلك حتماً. بالكاد أستطيع الاعتناء بنفسي أثناء التخطيط لانتقامي.
لذا، لن أربيها، هذا مؤكد!’
عندما عاد، نظرت فانيسيا إلى رايان بدهشة.
كانت الطفلة الصغيرة مقيدة بقوة من قبل أحد الجنود.
“أوه!”
بضربة سريعة، أمسك رايان بذراع الجندي وأدارها بقسوة،
مما سمح لفانيسا بالإفلات بسرعة.
لم يستغرق وقتاً في السيطرة على الجندي وانتزاع السيف من خصره ببراعة.
ألقى نظرة على السيف ولوّح به في الهواء.
“واو، يبدو جميلاً. هل أستطيع الاحتفاظ به كهدية خروجي من السجن؟”
تحرك ثلاثة جنود آخرون وسحبوا أسلحتهم بسرعة، لكن رايان ابتسم بازدراء.
“أوه؟ ترغبون في القتال؟ تعتقدون أنكم قادرون على التغلب على
شخص قضى 12 عاماً في السجن، ولم يفعل شيئاً سوى بناء جسده؟”
ثم أشار بفكه نحو فانيسا.
“لنذهب.”
“أوه!”
اندفعت فانيسا بسرعة واختبأت خلف رايان.
“يا رفاق.”
وضع رايان السيف على كتفه وتحدث بنبرة ساخرة.
“ادفعوا الآن نفقة تربية ابنتي.”
***
「 عـــائلة دوق فاسنبيرغ 」
إحدى العائلات الفاسدة التي تسيطر على الإمبراطورية العظمى فالنسيا.
من خلال احتكار القدرات الخارقة،
سيطرت العائلة على الشؤون العسكرية والإدارية وحتى التشريعية للإمبراطورية.
كما أن أفرادها يديرون العديد من الأعمال التجارية، مما منحهم سلطة مالية كبيرة.
وعلى الجانب المظلم،
أسسوا تحالفًا ضخم يرتكب كل أنواع الجرائم التي لا يمكن التحدث عنها.
أما أنا، فانيسا فاسنبيرغ، فقد كنتُ قبل عودتي بالزمن أميرة هذه العائلة الفاسدة.
كان ذلك بسبب امتلاكي لقدرات خارقة استثنائية تفوقت بها على أشقائي وشقيقاتي.
الجميع كانوا يتملقونني، وكنت أعتقد أن العالم بأسره تحت قدمي.
منزل ضخم، ملابس فاخرة، جواهر براقة، طعام شهي، ترف، ومجتمع راقٍ…
عشت طفولتي جاهلة تماماً بكل ما يجري خلف الستار، مغمورة في حياة الرفاهية.
حرصت عائلتي على تربيتي في قفص ذهبي، جاهلةً بظلمتهم.
كبرتُ كعصفورٍ محبوسٍ في قفص، كأميرةٍ في برجٍ عاجي.
حتى بلغت السادسة عشرة واكتشفت الحقيقة.
اكتشفت أن والدي وإخوتي كانوا مجرمين يعيشون فوق القانون،
وأن عائلتي، فاسنــبيرغ، كانت السرطان الذي ينخر جسد البلاد.
***
“يا إلهي، الجو حار!”
كنت أسير خلف رايان الذي كان يتجه نحو الرصيف تحت شمس حارقة.
كانت خطتي واضحة
「 الخطة أ 」
1. التظاهر بعدم امتلاك قدرات خارقة والهروب من العائلة → تم بنجاح!
2. العثور على رايان ومرافقته → تم بنجاح!
3. . . . ؟
الخطة تسير بسلاسة، لكنها مجرد البداية.
الآن بعد أن أصبحت مع رايان، علي أن أكون أكثر حذراً.
لأن رايان أشبه بقنبلة موقوتة تمتلك قدرة خارقة مجنونة…
قوة جعلت الجميع يخشونه، ويعاملونه بحذر.
“انتِ!”
“نعم؟!”
صوت رايان المفاجئ جعلني أقفز من مكاني. كان قد استدار فجأة لينظر إليّ.
“ماذا؟ هل رأيتِ شبحًا؟”
“لا، لا شيء.”
“اصعدي إلى هناك بسرعة.”
أشار رايان إلى قاربٍ رسى في الرصيف.
كان هناك قاربٌ صغيرٌ مهترئ يُستخدم لنقل الإمدادات،
يجاوره قارب فخم يحمل شعار عائلة فاسنبيرغ على مقدمته.
“القارب الذي سنركبه هو…”
أشرت بخجل إلى القارب المتواضع.
“ذلك القارب.”
“ماذا؟”
لكن قبل أن يكمل رايان تساؤله،
وقع بصره على مجموعة من الأشخاص تقترب منا.
كانوا نفس الجنود والمرافقين الذين جلبوني إلى هنا.
“القارب الكبير هو الذي جئتُ به، وسيأخذهم الآن عائدين.”
“يا للسخافة. ألا يمكننا ركوبه معهم؟ أنا لا أطيق ركوب تلك القوارب المهترئة.”
“لن يسمحوا لك.”
اقترب المساعد، ووضع يده بثقل على كتفي.
“أوه؟”
اشتعلت في داخلي رغبة بالرد، لكنه استمر في الحديث بوقاحة.
“تذكّري، عيون وآذان فاسنبيرغ في كل مكان.
إذا تفوهتِ بشيء أحمق، فلن تبقي على قيد الحياة طويلاً.”
كان يقصد تهديدي بعدم الإفصاح عن هويتي كابنة لعائلة فاسنبيرغ.
رغم ذلك، جعلتني كلماته أشعر بالغضب الشديد.
“سأتذكر ذلك.”
رددتُ بهدوء، لكن رايان تدخل فجأةً.
“عندما اعتقدتم أنها تمتلك قدرات خارقة، كنتم تُعاملونها كأميرة،
أليس كذلك؟ هل يمكنكم أن تكونوا أكثر اتساقًا؟”
“أنا أُطيعُ فقط أولئك الذين يحملون اسم فاسنبيرغ بحق.
أما هي… فهي لا شيء.”
كان هذا آخر ما يجب أن يُقال أمام رايان و لم يدرك بيل ذلك.
أصبح وجهه متجمدًا، ونظراته حادة كالسيف.
‘هذا سيء… إنه على وشك الانفجار!’
بدافع الخوف من أن يقوم رايان بقتل بيل،
تمسكت بخصره فجأة وقلت بصوت مرتجف.
“أبي، أرجوك لا تسمح لهم بأن يقولوا عنك أشياء سيئة!”
عندما فتحت فانيسا فهما سادَ صمتٌ قاتل.
نظر رايان إليّها بدهشة، بينما ضحك بيل ساخرًا.
“هاها! هل سمعت ذلك؟ ابنتك تدافع عنك الآن!”
تنفس رايان بعمق ووضع يده على كتفي.
“بسببها فقط، سأتركك هذه المرة. اذهب قبل أن أغير رأيي.”
تراجع بيل مع جنوده نحو القارب الفخم،
فهمس رايان بكلماتٍ لم يستطع سواي سماعها.
“لذا احفظ عنقك جيدًا حتى ذلك الحين…”
رايان فاسنبيرغ…
رجل ذو قدرات مرعبة، وقلب مليء بالكراهية للانتقام.
علي أن أكون أكثر حذراً أثناء رحلتي معه، لأن أي خطأ قد يُكلفني حياتي.
رايان، الذي كان يبتسم بهدوء،
شد ذراعه حول كتفي المتعرقة بتوتر، مشدداً قبضته قليلاً.
“قلت لكِ، لا ترتعبي، أليس كذلك؟”
انحنى نحو وجهي، مقتربًا بما يكفي ليصبح وجهه قريبًا جدًا،
وعيناه تراقبان ملامحي بتركيز حاد.
قلبي يخفق بشدة…
إنه ليس نبض الخوف فقط، بل ذروته.
قدرة هذا الرجل، كما أستطيع أن أخمن…
“لا بأس. ارخي ملامحكِ الآن.”
تلك القدرة التي لم تظهر إلا مرة واحدة منذ بداية ولادة أصحاب القدرات الخارقة،
الأسوأ والأقوى على الإطلاق.
قوة يمكنها إخماد أنفاس كل الكائنات الحية في ثانية واحدة،
قدرة تجسد قوة إله الموت نفسه.
“ابتسمي! الأمر بسيط، فقط ابتسمي!”
“ها… هاها! نعم، أنا أبتسم!”
« المــــوت الفــــوري »