لقد تزوجت من إمبراطور النار ولكنه يعتقد انني بشرية ضعيفة. - 60
### مراسمُ الزواج
ارتديتُ الفستانَ الأبيضَ الذي صمَّمهُ لي أخي، بمساعدةِ لافين، ووقفتُ أمامَ مرآةِ الغرفةِ أتأمَّلُ مظهري.
كانَ الفستانُ مقطوعًا عندَ أسفلِ الصدرِ، ينسدلُ إلى الأرضِ بتنُّورةٍ طويلةٍ أنيقةٍ تُخفي قدميَّ وتُضفي عليهِ سحرًا خاصًّا. أما الصدرُ، فقد زُيِّنَ بعددٍ من الورودِ البيضاءِ المصنوعةِ من القماش.
حولَ عنقي، تدلَّتْ قلادةٌ حمراءُ بلونِ عينيّ جزلهايد. كانتْ تحتوي على دمعةِ تنينٍ أسقطها بنفسهِ، تلكَ التي بدتْ كقطعةِ حلوى صغيرةٍ تُشِعُّ نورًا عندَ انعكاسِ الضوءِ عليها.
وفي شعري، وُضِعَتْ زينةٌ من الزهورِ الحمراء.
عندَ أعلى صدري، كانَ النقشُ الذي وسمَني بهِ جزلهايد يلوحُ واضحًا.
نحنُ بالفعلِ بمثابةِ زوجين، لكنَّ إقامةَ حفلِ الزواجِ الرسميّ جعلتني أشعرُ وكأنَّ هذا اليومَ يُمثِّلُ نقطةَ تحوُّلٍ في حياتي.
“آنِه، أنتِ رائعةٌ للغاية… غايةُ في الجمال.”
جزلهايد، الذي شهقَ عندَ رؤيتي، ارتسمتْ على شفتيهِ ابتسامةٌ مُشرقةٌ تعبِّرُ عن فرحِهِ العميق.
كانَ هو الآخرُ يرتدي زيًّا رسميًّا خاصًّا بالمراسم.
شعرُهُ الأسودُ الطويلُ، الذي يلمعُ بوهجٍ ناعم، كانَ مُجدَّلًا بشكلٍ فضفاض. أمَّا كيمونو الحفلِ الأسودُ المُطرَّزُ بخيوطٍ حمراء، فقد زُخرفَ عليهِ طائرُ العنقاءِ البديعُ بخيوطٍ ذهبيةٍ براقة.
“حسنًا، لنذهب.”
“جلالتُك، لا يُمكنُكَ حملُها بينَ ذراعيكَ! إنَّ فستانَ الآنسةِ آنِّيريا بالغُ الرقةِ، وإنْ لم تتعاملْ معهُ بحذرٍ، فقد يتمزَّقُ بسهولة.”
“… فهمتُ. لا ينبغي أنْ يُتلفَ هذا الجمالُ سُدىً. سأتحمَّلُ حتى تنتهي المراسم.”
بمجردِ أنْ نبهتْهُ لافين، تراجعَ جزلهايد عن مدِّ يدِهِ لحملِي.
“جزيه! أنتَ أيضًا تبدو وسيمًا للغاية!”
“هل هذا صحيح؟… لا أحبُّ الملابسَ الرسميةَ، لكنْ إنْ كنتِ ترينَ أنها تليقُ بي، فقد أرتديها أحيانًا.”
جزلهايد في العادةِ وسيمٌ بالفعل، لكنهُ اليومَ يبدو جذَّابًا بشكلٍ خاص.
عندما أشاحَ وجهَهُ بخجلٍ بعدَ سماعِ إطرائي، لم أتمالكْ نفسي عن الابتسامِ له بحنوٍّ.
بقيتُ إلى جانبهِ، بينما حملتْ لافين ورينيس أطرافَ تنُّورتي الطويلةِ، وسرنا معًا نحوَ الكنيسةِ الموجودةِ داخلَ القصر.
في الداخل، كانَ غيلفورد على رأسِ مجموعةٍ من كبارِ الإداريين، بينما اجتمعَ الضباطُ العسكريونَ بقيادةِ أدريان.
وعندَ المذبح، كانَ كلٌّ من إيلباثوس وغروسكيف في انتظارنا.
إيلباثوس اليومَ يرتدي زيًّا مختلفًا عن الأمس، لكنهُ لا يزالُ مُترفًا كما هو متوقَّع.
أما غروسكيف، فبالرغمِ من أنهُ قد ارتدى الملابسَ أخيرًا، فإنَّ قميصَهُ بدا وكأنَّهُ التصقَ بجسدهِ بعدَ أنْ حاولَ خلعهُ من شدَّةِ انزعاجِهِ منه، غيرَ أنَّ النصفَ السفليَّ كانَ على الأقلِّ مُحتشمًا.
“سنبدأُ الآنَ مراسمَ زواجِ جلالةِ إمبراطورِ اللهبِ، جزلهايد أوغنياس، والسيدةِ آنِّيريا يوفيرهيلم، القادمةِ من المملكة.”
وقفَ كبيرُ الكهنةِ في منتصفِ المذبح، وبمجردِ أنْ وصلنا إلى هناك، صدحَ صوتُهُ الجليلُ وسطَ أجواءِ الكنيسةِ الهادئة.
تسرَّبتْ أشعةُ الشمسِ عبرَ النوافذِ العُلويةِ الكبيرة، وغمرتْ القاعةَ بوهجٍ دافئ.
على زجاجِ النوافذِ الملوَّنة، كانتْ هناكَ لوحةٌ تُصوِّرُ تنينًا أسودَ، وفتاةً صغيرةً، وزهورًا بألوانٍ زاهيةٍ، تبدو وكأنَّها مشهدٌ مُستوحًى من الأساطير.
“جزلهايد أوغنياس، الإمبراطورُ السابعُ والعشرونَ لإمبراطوريةِ أوغنياس…”
“هل توافقون، أيها الإمبراطورُ الرعديُّ والإمبراطورُ الجليديُّ، على تنصيبِ آنِّيريا يوفيرهيلم إمبراطورةً قرينة؟”
عندَ سؤالِ كبيرِ الكهنة، أومأ كلٌّ من غروسكيف وإيلباثوس بهدوءٍ موافقَين.
“منِّي، إمبراطورَ الجليد، أقدِّمُ البركة. أدعو لأنْ تحظى آنِّيريا بصحةٍ وعافيةٍ تدومُ إلى الأبد.”
حينَما مدَّ إيلباثوس يديه، بدأتْ جزيئاتُ الجليدِ اللامعةِ تتساقطُ داخلَ الكنيسةِ برقة.
شعرتُ بقوَّةِ سحرِهِ، باردةً لكنَّها تحملُ دفئًا ينبعثُ ببطءِ من أطرافِ أصابعي.
“ومنِّي، إمبراطورَ الرعد، أقدِّمُ البركة. أدعو أنْ تنعمَ الملاك التي جلبتْ السلامَ لبلادِنا بالسعادةِ الأبدية.”
رفعَ غروسكيف يدًا واحدةً نحوَ السقف، فانطلقَ ضوءٌ برَّاقٌ كوميضِ البرقِ في السماءِ.
كانَ سحرُهُ مفعمًا بالقوَّةِ والرحمةِ في آنٍ واحد، يغمرُ جسدي رويدًا من أخمصِ قدميَّ حتى أعلى رأسي.
“حسنًا، لنبدأ ميثاقَ الدم.”
قدَّمَ كبيرُ الكهنةِ لجزلهايد كأسًا صغيرةً بدا وكأنَّها تحتوي ماءً.
أومأ جزلهايد بإيجابٍ، ثمَّ رفعَ أصابعَهُ نحوَ شفتيهِ.
“أُقدِّمُ ذاتي بأكملِها لآنِّيريا. إلى الأبد، سأكونُ ملكًا لها.”
بدا وكأنَّهُ عضَّ طرفَ إصبعِهِ، ثمَّ مدَّ يدَهُ فوقَ الكأس، ليسقطَ منها قطرةُ دمٍ صغيرة.
في تلكَ اللحظة، تحوَّلَ الماءُ الصافي إلى لونٍ قرمزيٍّ قاتم.
التفتَ كبيرُ الكهنةِ نحوي، ثمَّ قدَّمَ لي الكأس.
“هل يجبُ عليَّ شربُ هذا؟”
“على الأرجح، نعم.”
أوه، لقد كنتُ واثقةً تمامًا أنَّ مراسمَ الزواجِ ستكونُ بسيطةً ومألوفة، ولم أكلِّفْ نفسي عناءَ السؤالِ عن تفاصيلِها مسبقًا.
هل كانَ عليَّ أنْ أشربَهُ فعلًا؟ ماذا لو كانَ من المفترضِ أنْ أُسكبَهُ على رأسي؟ أو أُقدِّمَهُ لجزلهايد؟ لا، لا يُعقلُ ذلك.
أشعرُ بنظراتِ الجميعِ مُسلَّطةً عليَّ، وليسَ بوسعي الآنَ أنْ أسألَ عمَّا عليَّ فعلُهُ.
حسمتُ أمري، ورفعتُ الكأسَ إلى شفتيَّ.
انزلق السائلُ القرمزيُّ الدافئُ إلى حلقي.
“آنِّيريا… أُحبُّكِ. شكرًا لأنَّكِ أتيتِ إليَّ.”
كانَ السائلُ في الكأسِ قليلًا، فشربتُهُ دفعةً واحدة.
ما إنْ فرغتُ منهُ، حتى أمسكَ جزلهايد بيدي، ثمَّ رفعَ إصبعي إلى شفتيهِ، وعضَّهُ برفق. لم أشعرْ بألمٍ يُذكر.
“بذلكَ، تمَّ العهد. فلْتُباركوا هذا الاتحاد!”
بصوتِ كبيرِ الكهنةِ الرخيم، تعالتِ التصفيقاتُ والهتافاتُ داخلَ الكنيسة.
نظرتُ إلى إصبعي، فوجدتُ قطرةَ دمٍ صغيرةً تتكوَّنُ على سطحِهِ.
جزلهايد حدَّقَ بها بقلقٍ بالغ، كما لو كانَ قد ارتكبَ خطأً جسيمًا.
لا بأس، لم يكنَ ذلكَ مؤلمًا، وإذا كانَ ضروريًّا للمراسم، فلا ضيرَ في الأمر.
ابتسمتُ لهُ مطمئنَةً، فشدَّ يدي نحوهُ ليضمني إلى صدرِهِ.
في تلكَ اللحظة، سمعتُ صوتَ تمزُّقٍ طفيفٍ قادمًا من أسفلِ فستاني.
على ما يبدو، أحدُنا داسَ على ذيلِ التنُّورةِ فأحدثَ بها شقًّا ملحوظًا.
لكنني لم أُبالِ.
بدلًا من ذلك، طوَّقتُ ظهرَ جزلهايد بذراعيَّ، واستسلمتُ لحضنِهِ الدافئ.
المترجمة:«Яєяє✨»