لقد تزوجت من إمبراطور النار ولكنه يعتقد انني بشرية ضعيفة. - 48
**48
تمارين المخلوقات البحرية**
الأطفال الصغار يستيقظون مبكرًا.
ربما لأن العالم ممتلئ بالمرح بالنسبة لهم.
وأنا أيضًا، كنت كذلك إلى حدٍّ ما.
عندما كانت أشعة الشمس الصباحية تتسلل من خلال الستائر، لم أكن أستطيع البقاء مستلقية بهدوء، فأتململ من الحماس.
ولأنني لم أكن أطيق انتظار وصول الوصيفة لمساعدتي في الاستعداد الصباحي، كنت أنهض وأجهز نفسي بنفسي.
استيقظتُ فجأة بين ذراعي جزلهايد، ثم تسللتُ بهدوء من بينهما.
كِدتُ أقلق من أنني قد أوقظه، لكنه كان يغطّ في نومٍ عميق.
راقبتُ لوهلةٍ صدره الذي كان يعلو ويهبط بتناغم، وعينيه المغلقتين بإحكام، ورموشه الطويلة التي تلقي بظلالها على وجنتيه، وخصلات شعره الطويلة اللامعة التي انسدلت كالشلال فوق الملاءات البيضاء، ثم غادرتُ الغرفة.
وكما توقعت، كان إلجيريل يقف مستندًا إلى الجدار بجانب الباب، وكأنه كان ينتظرني.
عندما حاول أن يحيّيني بابتسامة مشرقة كالأزهار المتفتحة، وضعتُ إصبعي على شفتي وقلتُ له: “شـه…”
ثم سرنا معًا نحو الفناء بهدوءٍ، دون إصدار أي ضجيج.
كانت أشعة الشمس الصباحية الناعمة تتسلل بلطفٍ إلى الحديقة المشذّبة بعناية، فتتراقص فوق أوراق الأشجار والزهور.
السماء اليوم صافية، والنسيم البارد يداعب الأغصان برفق.
“صباح الخير، آنِّيريا!”
“صباح الخير، إلجيريل. كنتَ تنتظرني خارج الغرفة؟”
“نعم! أخبرني والداي بألّا أدخل إلى غرفة النوم من تلقاء نفسي كما فعلتُ من قبل. قالا لي إن البالغين لا يجب أن يدخلوا غرف الفتيات بلا إذن.”
“ه-هكذا إذن… يبدو أنك أصبحتَ ناضجًا يا إلجيريل.”
بعد أن أدركت السبب وراء تصرفات إخوتي تجاهي، شعرتُ بأن وجنتيّ تحمران قليلًا.
لم يحدث بيننا شيء محرج… حسنًا، سوى القليل جدًا، لكن مجرد التفكير فيه يجعلني أشعر بالخجل.
“إذن، ماذا سنفعل اليوم؟”
“أريد أن نمارس تمارين المخلوقات البحرية!”
“هل هذا ما تريده؟”
“نعم!”
كان إلجيريل يحاول جاهدًا أن يتصرف كالبالغين، لكنه ما زال في الرابعة من عمره فقط.
رؤية وجهه المشرق وهو يفتح ذراعيه بحماسٍ جعلتني أبتسم.
أنا أيضًا… لقد تزوجتُ بالفعل.
وعما قريب، ستولد له أختٌ أو أخٌ صغير، لذا ربما يحاول أن يكون مسؤولًا.
حتى لا يشعر بالوحدة، سأقضي معه وقتًا أطول وألعب معه كثيرًا حتى موعد رحيلنا إلى العاصمة الملكية.
ولهذا، رغم شعوري بالذنب تجاه جزلهايد، قررتُ مغادرة السرير صباحًا وأداء التمارين مع إلجيريل.
كانت التمارين الصباحية والمشي قبل الإفطار من عاداتنا اليومية.
وبما أننا نستيقظ أبكر من أيّ شخصٍ آخر، فبحلول الوقت الذي نعود فيه إلى القصر، يكون الإفطار جاهزًا.
وقفنا أنا وإلجيريل متقابلين.
حافظنا على مسافةٍ مناسبة حتى لا نصطدم ببعضنا أثناء التمارين.
نظر إليّ بعينيه اللامعتين المليئتين بالتوقعات.
يجب أن أستجيب لتوقعاته، أليس كذلك؟
ابتسمتُ له بلطف، ثم أخذتُ نفسًا عميقًا.
“هيا جميعًا، إنه وقت تمارين المخلوقات البحرية!”
لكن الحقيقة أنه ليس الجميع، بل إلجيريل وحده.
مع ذلك، شعرتُ أن قول “جميعًا” أكثر انسجامًا مع الموقف.
“حاضر!”
ردَّ إلجيريل بحيويةٍ وحماس.
رفعتُ كلتا يديّ إلى الأعلى، واتخذتُ وضعية مناسبة.
◆◆◆◆
**”أغنية تمارين المخلوقات البحرية”**
أيها السلطعون، أيها السلطعون، مدد جسدك، حرك مقصيك، واحد، اثنان، ثلاثة.
أيها القرش، أيها القرش، افتح فمك، وابحث عن فريستك، واحد، اثنان، ثلاثة.
أيها الأخطبوط، أيها الأخطبوط، تأرجح برفق، لوِّح بأقدامك، واحد، اثنان، ثلاثة.
أيها الأنقليس، أيها الأنقليس، اسبح بانسياب، حرك جسدك، واحد، اثنان، ثلاثة.
◆◆◆◆
أثناء تأدية الحركات مع الغناء، كان إلجيريل يقلدني بحماسة.
لقد ابتكرتُ هذه التمارين والأغنية خصيصًا من أجله، لكن في الحقيقة، كنت أفعل ذلك منذ طفولتي، حيث كنت أقرأ كتب الأحياء وأغني وأرقص بمفردي.
نعم، بمفردي تمامًا.
لم يكن شيئًا لعرضه على أحد، إذ كنت أملك قدرًا من الخجل.
السبب في ذلك هو أن الكتب تصف كيفية تحرك الحيوانات والأسماك والحشرات، لكنها لا توفر فرصة لرؤيتها فعليًّا، لذا كنت أُعيد تمثيل حركاتها وأتخيل نفسي مكانها.
عندما رأيت أن هذه اللعبة كانت ممتعة لي في صغري، فكرتُ أنها قد تكون ممتعة لإلجيريل أيضًا، وهكذا بدأتُ بتمارين الحيوانات.
لم أعد أشعر بالخجل كما كنت في صغري.
الأمر ليس محرجًا بقدر ما هو ممتع، خصوصًا عندما أرى إلجيريل يستمتع بالحركات ويشارك بحماسة، فتغلب المتعة على الإحراج.
“… لماذا السلطعون، والقرش، والأخطبوط، والأنقليس تحديدًا، آنِه؟”
سمعتُ صوتًا هادئًا خلفي، فالتفتُ بسرعة.
كان جزلهايد يسير نحونا بخطواتٍ هادئة، رافعًا يده ليمرر أصابعه في خصلات شعره غير المربوط، وعيناه ما زالتا تحملان أثر النعاس.
على ما يبدو، كان يستمع إلينا منذ البداية.
بالطبع، فقد كنا نغني بصوتٍ عالٍ وواضح.
“جزلهايد، استيقظتَ بالفعل؟ صباح الخير.”
“أه، صباح الخير، آنِه… وأنتَ أيضًا، إلجيريل.”
“صباح الخير، سيدي! …آنِّيريا تمارس التمارين الصباحية معي، لذا لا تعكر صفونا!”
رغم أنه ردَّ التحية، بدا واضحًا أنه غير سعيد بتدخل جزلهايد.
كنتُ على وشك أن أنبهه إلى طريقته في الحديث، لكن جزلهايد أشار لي بخفة برأسه أن أدعه وشأنه.
“لم آتِ لإزعاجكما. أردتُ فقط أن أسأل إن كان بإمكاني الانضمام إليكما… هذه التمارين.”
“أنتَ أيضًا؟”
“نعم… بدت ممتعة، لذا وجدتُ نفسي قادمًا إلى هنا تلقائيًا. هل تعلمني، إلجيريل؟”
شعرتُ بالارتباك.
جزلهايد… يشارك في تمارين المخلوقات البحرية؟!
إلجيريل حدّق إليه للحظة، ثم ابتسم بحماس.
“لا بأس، بما أنكَ أصغر مني، سأعلمك!”
“هكذا إذن، سأكون ممتنًا لذلك.”
“آنِّيريا، جلالته يريد الانضمام إلينا، هل هذا جيد بالنسبة لكِ؟”
“أه… نعم، لا بأس.”
لم أكن أستطيع رفض الأمر، أليس كذلك؟
وقف جزلهايد بجانب إلجيريل، ليبدو إلجيريل أصغر حجمًا مقارنةً به.
شعرتُ بأنني يجب أن أكون أكثر جدية.
جزلهايد يحاول بناء علاقة جيدة مع إلجيريل، وأنا لا ينبغي لي أن أتردد بسبب بعض الخجل الطفيف.
“هيا جميعًا، إنه وقت تمارين المخلوقات البحرية!”
في المرة الأولى، كنتُ أقولها لإلجيريل وحده، لكن هذه المرة، أصبحنا بالفعل “جميعًا”.
تحركتُ بكل طاقتي، مرددةً الأغنية بينما كنت أؤدي الحركات.
وبينما كان إلجيريل يهزّ ذراعيه بحماسٍ، وقف جزلهايد بجانبه، يؤدي التمارين بجدية تامة، مما جعلني أبتسم لا إراديًا… كان المشهد لطيفًا للغاية.
المترجمة:«Яєяє✨»