لقد تزوجت من إمبراطور النار ولكنه يعتقد انني بشرية ضعيفة. - 2
**2 أولُ سماءٍ لي**
لم يكن لديَّ خيارُ الرَّفض عندما طلبَ مني جود-ساما أن أتزوَّج من الإمبراطور الناري جِيزِلهايد-ساما.
لقد كان ذلك أمرًا مَلَكيًّا.
أنا من تمنَّيتُ الزَّواجَ من رجلٍ قويٍّ ذي بُنيةٍ جسديَّةٍ ضخمة، وليس لديَّ خَطيبٌ ولا شخصٌ أُحبُّه.
مكانتُه لا غُبارَ عليها، وعُمرُه ليس مُشكلة.
لا توجد امرأةٌ أحقُّ منِّي بهذه المهمَّة.
وفوق ذلك، كان من البديهي أن رفضَ هذا الطَّلب من إمبراطوريَّة أُوغنياس سيُعرِّض مكانةَ مملكتِنا للخطر.
لذلك، قبلتُ طلبَ جود-ساما بكلِّ احترام.
يبدو أنَّ أخي كان يأمل أن أرفضَ هذا الأمر، لذا بدا عليه الذُّهولُ الشَّديد عندما شاهدَني أُومِئُ موافقةً وأنا أقول: “لقد فهمتُ.”
وبعدها، كان أخي، وأختي، وحتى إلجيريل-كون، أكثرَ كآبةً وحزنًا منِّي خلال الأيَّام القليلة التَّالية.
وبعد مرورِ بعض الوقت، وصلَ الموكبُ لاستِقبالي من المملكة المجاورة.
كنتُ أعتقدُ أنَّني سأستقلُّ عربةً للذَّهاب إلى جِيزِلهايد-ساما، لكنَّ ما جاءَ لاستقبالي كان تنِّينَيْنِ عملاقَيْنِ.
التَّنِّينانِ اللَّذان يملكانِ حراشفَ حمراءَ هما من أتباع جِيزِلهايد-ساما، وهم من قوم التَّنانين.
هبطَ التَّنِّينانِ في السَّاحةِ الكبيرةِ للقصر، وبعدَ لحظات، تحوَّلا إلى هيئةٍ بشريَّة
.
ظهرَت امرأتانِ طويلتانِ بجسدٍ ممشوق، ترتديانِ دروعًا متألِّقةً، قادمتَيْنِ من الطَّرفِ الآخرِ للسَّاحة.
لقد أُعجِبتُ بشدَّةٍ بشجاعتهما وقُوَّتهما، خاصَّةً حين أدركتُ أنَّ نساءَ قومِ التَّنانين أكثرُ بسالةً وضخامةً من رجالِ مملكتِنا.
بعدَ أن ألقيتُ التَّحيَّةَ الوداعيَّةَ في القصر، صعدتُ إلى الهودجِ المُثبَّتِ على ظهرِ أحدِ التَّنانين، الذي عادَ إلى هيئتِه الحقيقيَّةِ بعيدًا عن أنظاري، وكأنَّ تحوُّلهم سرٌّ لا يُمكنُ أن يُكشَف.
كان الهودجُ فسيحًا، بحيثُ يُمكنُ لعدَّةِ أشخاصٍ الجلوسُ داخله.
إحدى نساءِ التَّنانينِ حملتني بسهولةٍ بيدَيْها، ووضعتني داخلَ الهودجِ برفق.
كان محاطًا بأعمدةٍ وجدرانٍ ذهبيَّةٍ متينة، وأرضيَّتهُ مُغطَّاةٌ بمقاعدَ حمراءَ وثيرَة.
أُصِبتُ بالدُّوارِ قليلًا بسببِ شدَّةِ سطوعِ الألوان، لكنَّ الجلوسَ داخله كان مريحًا للغاية.
كان لديَّ الكثيرُ من الأمتعةِ، فقد قدَّمَ لي جود-ساما هدايا زفافٍ ثمينة، بينما منحَني أخي جهازَ عُرسٍ فاخرًا يضمُّ الملابسَ وغيرها من المُستلزَمات، لكنَّ الهودجَ كان واسعًا بما يكفي لاستيعابِها جميعًا.
ثمَّ سألتني إحدى نساءِ التَّنانينِ بلُطف: “هل سيُرافقُكِ أحد؟”
لكنَّني هززتُ رأسي نفيًا.
عندما أخبرتُها بأنَّني ذاهبةٌ بمُفردي، بدا الحزنُ جليًّا على وجهِها.
هل اعتقدتْ أنَّني مسكينةٌ إلى هذا الحدِّ؟
لكنَّني أنا من رفضَ أن يُرافقَني أخي أو إحدى الوصيفات اللَّواتي أعدَّهُنَّ لمُرافقتي.
فماذا لو أغضبتُ جِيزِلهايد-ساما دون قصد، وانتهى الأمرُ بأن يُصبنَ بأذًى بسببي؟
رغمَ أنَّ المملكتينِ حليفتانِ، إلا أنَّه لم يكُن بينَنا تواصلٌ يُذكَرُ خارجَ أوقاتِ الأزمات.
والحقيقةُ أنَّ مملكتَنا تنعُمُ بالسَّلامِ إلى حدٍّ جعلَ الأزماتِ مجرَّدَ شيءٍ يُذكَرُ في كتبِ التَّاريخِ فقط.
أخي عليهِ أن يحمي أختي وإلجيريل، بينما الوصيفاتُ لديهنَّ عائلاتٌ في المملكةِ لا يُمكنُهُنَّ تركُها.
لذلك، لا بأسَ أن أذهبَ وحدي.
عندما مرضتْ أختي بعدَ ولادةِ إلجيريل، كنتُ أنا من تولَّى رعايتَها، ورعايةَ الطِّفلِ حديثِ الولادة.
كان من المُفترضِ أن يكونَ ذلكَ عملَ المُرضعاتِ أو الوصيفات، لكن بما أنَّني كنتُ مُجرَّدَ ضيفةٍ تعيشُ على نفقتِهم في القصرِ دونَ عملٍ يُذكر، فقد انشغلتُ بذلكَ بشغف.
لهذا، أستطيعُ تدبُّرَ أمري وحدي.
حتى لو لم يُعجبْ جِيزِلهايد-ساما بي وأهملَني، فأنا واثقةٌ من أنَّني سأتمكَّنُ من العيش.
عندما ودَّعني أخي وأختي وإلجيريل، كانوا يبكون.
أما أنا، فشعرتُ بالحزنِ حتمًا، لكنَّني لم أكُن قلِقَةً.
لا يُمكنني البقاءَ في منزلِ العائلةِ إلى الأبد، وامتناعي عن الزَّواجِ حتى الآن لم يكُن سوى من أجلِ خدمةِ المملكة.
جود-ساما عبَّرَ لي عن شُكرِه مرارًا وتكرارًا.
أظنُّ أنَّه كان من السَّهلِ عليهِ أن يطلبَ منِّي هذا الأمر، لأنَّني كنتُ بمثابةِ صديقةٍ قديمةٍ له مُنذ الطُّفولة.
بينما كان من الصَّعبِ عليهِ أن يفرضَ مثلَ هذا الأمرِ على بناتِ النُّبلاءِ الأخريات.
كإجراءِ احتياطٍ لأيِّ ظرفٍ طارئ، تحوَّلتْ إحدى التَّنانينِ إلى شكلِها الأصليِّ، فأصبحتْ تنِّينًا ضخمًا ذا حراشفَ حمراء، بينما بقيَتِ الأخرى على هيئةِ بشريَّةٍ، وجلستْ في مقعدِ المُسوِّق.
نظرتُ من نافذةِ الهودجِ إلى الخارج، وبينما كنتُ أشعرُ بإحساسِ الارتفاعِ المُفاجئ، ارتفعَ التَّنِّينُ في السَّماءِ، وسُرعانَ ما أصبحتُ أرى القصرَ، والعاصمةَ، وأخي، يتلاشى حجمُهم شيئًا فشيئًا حتَّى اختفوا عن ناظري.
“الأمرُ مُختلفٌ تمامًا عن العربة…”
إنَّها المرَّةُ الأولى التي أركبُ فيها على ظهرِ تنِّينٍ، والمرَّةُ الأولى التي أطيرُ فيها في السَّماء.
تمتمتُ بدهشة، وإذا بصوتٍ نسائيٍّ يأتي من أسفلِ الهودجِ قائلاً:
“أعتذرُ عن أيِّ إزعاجٍ قد تشعرينَ به، أيتها الأميرة. لكنَّ العاصمةَ الإمبراطوريَّةَ كاتاسترونيا، حيثُ يُقيمُ جِيزِلهايد-ساما، تقعُ فوقَ قمَّةِ جبلٍ شاهق، ولا يُمكنُ الوصولُ إليها بعربة.”
كان ذلكَ صوتَ المرأةِ التي تحوَّلتْ إلى تنِّين. يبدو أنَّها تُحدِّثُني رغمَ أنَّني لا أستطيعُ رؤيتَها.
“نرجو أن تعذُرينا لأنَّنا نحنُ الاثنتان فقطُ من أتينا لاستقبالِكِ. لكنَّنا خشينا أن يُفسِّرَ سكَّانُ مملكتِكِ مجيءَ عددٍ كبيرٍ منَّا على أنَّه غزو.”
“أفهمُ ذلكَ جيِّدًا، لا داعي للاعتذار. أنا ممتنَّةٌ لحضورِكُما من أجلي.”
كان من الغريبِ التَّحدُّثُ مع شخصٍ لا أستطيعُ رؤيتَه، لكنَّ نبرتها الهادئةَ والرَّصينةَ جعلتني أشعرُ بالارتياح.
“لكن أرجو ألَّا تقلقي، أيتها الأميرة. نحنُ حُرَّاسُ الإمبراطورِ النَّاري، وأقوى من جميعِ رجالِ قومِ التَّنانين. لذا، سنُؤمِّنُ حمايتَكِ بأيِّ ثمنٍ.”
“حقًّا…؟”
تنفَّستُ بذهول.
امرأةٌ أقوى من رجالِ قومِها، وحارسةٌ للإمبراطورِ بنفسِها!
كم هو رائعٌ ذلك!
استرجعتُ ملامحَها القويَّةَ والجذَّابةَ في ذاكرتي، وفجأةً، شعرتُ بنبضاتِ قلبي تتسارع.
ما هذا؟ هل يُعقَلُ أنَّني أُعجِبتُ بها؟
هل كنتُ شخصًا يسهلُ وقوعُه في الإعجابِ إلى هذا الحدِّ؟
أودُّ أن أسألَها عن اسمِها، لكنَّني لا أعرفُ إن كان ذلكَ تصرُّفًا لائقًا.
أُريدُ التَّحدُّثَ معها أكثر، لكن، هل يُمكنُها الدَّردشةُ أثناءَ الطَّيران؟
لا أعلمُ، ربَّما كانت تُحاولُ مُراعاةَ مشاعري فحسب.
على أيِّ حال، أمامَنا الكثيرُ من الوقت.
أتمنَّى أن أتمكَّنَ من التَّقرُّبِ من هؤلاءِ المُحارباتِ الرَّائعات.
وبينما كنتُ غارقةً في هذهِ الأفكار، ظللتُ أُحدِّقُ عبرَ النَّافذةِ في السَّماءِ الواسعة.
◆◆◆◆
المترجمة:«Яєяє✨»