لقد تزوجت من إمبراطور النار ولكنه يعتقد انني بشرية ضعيفة. - 19
**19أول ليلة**
كان العشاء عبارة عن سمكة مشوية ملفوفة بورقٍ عريض.
يبدو أن الطعام في هذه البلاد يُقدَّم بأقل قدرٍ ممكن من المعالجة، حيث يُترك على طبيعته دون الكثير من التعديل.
السمك، السرطان، الروبيان، وحتى قطع اللحم الكبيرة—كلها تُقدَّم كما هي، دون تقطيع أو تجهيز مسبق.
لكن جِزلهايد كان يعتني بتمزيق لحم السمكة بعناية، مما جعلني، كعادتي، أتناول الطعام بينما يحملني بين ذراعيه، ويضع القطع على الشوكة ويُطعمها لي بنفسه.
أدركتُ أنني أُكنُّ له مشاعر خاصة، لكن هذا الإدراك لم يُقلِّل من شعوري بالخجل.
السمك، السرطان، والروبيان ليست مشكلة… لكن ماذا لو قدَّموا لي ذات يوم حيوانًا مشويًا بالكامل؟
بالطبع، سأحاول تقبُّل الأمر، لكن يجب أن أستعدَّ نفسيًّا كي لا أفزع وأجهش بالبكاء عند رؤيته.
من الأفضل أن أتهيأ منذ الآن لمواجهة وليمةٍ كهذه.
وبالحديث عن الاستعداد…
نعم، الليلة… هي الليلة الأولى.
إنها المرة الأولى التي نقضي فيها ليلةً معًا، وحدنا.
“لافين، هل أبدو جيدة؟”
“آنِّيريا، أنتِ دائمًا جميلة للغاية.”
“أنتِ تقولين ذلك فقط لأنني صغيرة، أليس كذلك؟ ليس هذا ما أقصده… بل هل هناك شيءٌ غير مرتب في ملابسي، شعري، ملابسي الداخلية، أو حتى في وجهي وجسدي؟”
“آنِّيريا، كل شيءٍ فيكِ لطيفٌ جدًا، دون استثناء.”
“لأنني صغيرة، صحيح؟”
“هذا جزءٌ من الأمر.”
بعد أن ساعدتني لافين في الاستحمام، ارتديتُ الملابس الداخلية المصنوعة من الدانتيل الأبيض الرقيق، والتي أحضرتها معي من منزل الدوقية، ثم ارتديتُ فوقها قميص نومٍ خفيف.
رغم أنه خفيف، إلا أنه غير شفاف، ومُصمَّم ببساطة، مع أقل قدرٍ ممكن من الزخارف أو الشرائط.
ربما كان يجب أن أحضر معي شيئًا أكثر جاذبية… أو بالأحرى، لم أكن أمتلك أصلًا مثل هذه الملابس، لذا كان يجب أن أطلب من أختي تصميم بعضها لي.
أما أخي، فلا يمكنني أن أطلب منه ذلك أبدًا.
تخيّلي أن أطلب من أخي: “أريد ملابس داخلية وقمصان نوم مثيرة!”
بالتأكيد سينفجر باكيًا لو سمعني أقول ذلك.
على أي حال، لم أكن معتادة على ارتداء أشياءٍ كهذه.
كنتُ أقضي أيامي في ممارسة تمارين الأرنب وتمارين السمك وتمارين جراد البحر مع إلجيريل في الصباح، ونخرج معًا لاستكشاف البراري والتلال خلال النهار، وأحيانًا كنا ننام معًا في الليل.
إلجيريل ما زال صغيرًا بما يكفي ليشعر بالوحدة عند النوم وحيدًا، وكنتُ أراعي هذا الأمر، خاصة وأن أخي وأختي كانا يريدان إنجاب طفلٍ آخر، فلم أرغب في أن يكون إلجيريل وحده.
كان سعيدًا بمشاركتي له النوم، وأنا أيضًا لم أمانع ذلك.
وبالطبع، لن أرتدي قميص نومٍ مثير عند النوم مع ابن أخي البالغ من العمر أربع سنوات.
ذلك بديهيٌّ تمامًا.
الآن، جلستُ على حافة السرير الضخم في الغرفة التي أعدَّها جِزلهايد لي، وأحسستُ بتوترٍ لا أستطيع التخلص منه.
لافين، على العكس مني، كانت هادئة تمامًا، وكأن الأمر لا يعنيها.
وربما لأنها شعرت باضطرابي، أعدَّت لي كوبًا من الشاي.
“آنِّيريا، أنتِ جميلة، بغض النظر عن ما ترتدينه. حتى الأشياء العجيبة التي ترتدينها تحت ملابسك، لا تزال تجعلكِ تبدين لطيفة.”
“أشياء عجيبة؟ تحت ملابسي؟”
“نعم، تلك القطع الصغيرة من القماش التي تُستخدم فقط لتغطية الصدر والمنطقة السفلية.”
“تقصدين الملابس الداخلية…؟”
“الملابس الداخلية… نحن أيضًا نرتديها، لكنها تُستخدم كطبقةٍ أولى من الملابس في الأيام الباردة. أما التي ترتدينها، آنِّيريا، فهي مختلفة تمامًا.”
“لافين… لا تقصدين أن أهل هذه البلاد لا يرتدون ملابس داخلية، صحيح؟”
“نحن لا نرتدي قطع القماش الصغيرة هذه. ما الفائدة من ارتداء شيءٍ غير مرئي بعد ارتداء الملابس؟ كما أنني أشك في أنها تُقدِّم أي نوعٍ من الحماية.”
“أنا لا أرتديها للحماية… بل لها غرضٌ معين.”
“وأي غرضٍ هذا؟”
“عندما تضعين الأمر بهذا الشكل… لا أعلم كيف أجيب.”
دون أن أدرك، وجدتُ نظري ينجذب إلى صدر لاڤين الممتلئ.
كانت ترتدي زيَّ الخادمات التقليدي، الذي يشبه ملابس جِزلهايد الفضفاضة، حيث يُغلَق عند الصدر برباطٍ حول الخصر، ثم يُضاف إليه تنورة طويلة تلتف حول الجسم.
إذن، لا ترتدي أي ملابس داخلية تحتها…
ما لم تخبرني به، لم أكن لألاحظ أبدًا. ومع ذلك، شعرتُ أنني أنظر إلى شيءٍ لا ينبغي لي رؤيته، رغم أن ملابسها ليست شفافة على الإطلاق.
“لكن، الكورسيه وحمالات الصدر تُساعد في تحسين المظهر.”
“آنِّيريا، أنتِ نحيفة بالفعل. ومن طريقة كلامكِ، يبدو أنها تُقيِّد الجسم… أليس ذلك غير ضروري بالنسبة لكِ؟”
“إذا قمتُ برفع صدري للأعلى وقَرَّبتُه، فسيبدو أكبر قليلًا.”
وضعتُ يديَّ على صدري فوق قميص النوم، وضغطتُ بلطفٍ لأُريها كيف يحدث ذلك.
لافين نظرت إلى صدرها هي، ثم هزَّت رأسها بخفة.
“للأسف، نساء التنانين يعانين من مشكلةٍ مختلفة… صدورنا كبيرةٌ جدًا لدرجة أنها تُعيق حركتنا. ذلك لأن عضلات الصدر لدينا متطورة، فنحن، في النهاية، تنانين. لذلك، فإن امتلاك صدرٍ صغير مثل صدركِ هو ميزةٌ رائعة، إذ إنه لا يُسبِّب أي إزعاج.”
“إذًا، هو صغير فعلًا…”
“الصِغر ميزةٌ عظيمة. فهو يجعل المرء يبدو لطيفًا للغاية.”
“لافين، أنا سأقضي الليلة مع جِزلهايد اليوم.”
“أجل، آنِّيريا. على الأرجح، سيصل جلالته قريبًا، لذا سأترككِ الآن.”
“لافين… ماذا لو لم أُحسن التصرف؟ ماذا لو لم أتمكن من القيام بالأمر بشكلٍ صحيح؟”
لطالما كنتُ ضعيفة أمام النساء الأكبر سنًّا…
ربما لأن إريكاثينا، زوجة أخي، كانت دائمًا بمثابة أمٍّ لي منذ زواجها بأخي.
لهذا، أجد نفسي راغبةً في الاعتماد عليهن.
شعرتُ فجأةً بعدم الأمان، لكن لافين ابتسمت وقالت لي بهدوء:
“إن حاول جلالته إيذاءكِ، فسأُضحِّي بحياتي لحمايتكِ، آنِّيريا.”
“ل-لا، لافين، لا حاجة لذلك! جِزيلهايد لن يُقدم على فعل شيءٍ كهذا! لكن… بما أننا أصبحنا زوجين، عليَّ أن أبذل جهدي.”
“آنِّيريا، أنتِ تبذلين جهدًا كافيًا بالفعل. جلالته… يبدو أنه قليل الخبرة فيما يخص هذه الأمور، لذا، إن حدث أي سوء تفاهم—”
“إن حدث أي خطب، نادِيني بصوتٍ عالٍ لطلب المساعدة. أنا ورينيس سنتدخل فورًا.”
“لافين… لا أعتقد أن هناك ما يدعو للقلق، لكن… ليس هذا ما أعنيه…”
ما الذي قد يعنيه الخطأ في هذا السياق؟
في الحقيقة، لا أملك معرفةً دقيقة بالأمر…
بمعنى آخر، لا أنا ولا جِزلهايد نمتلك خبرةً كافية في آداب الفراش، مما قد يجعل الأمور لا تسير كما ينبغي.
لو كنتُ أعلم أنني سأجد نفسي في هذا الموقف، لربما كنتُ أكثر جدية في الاستماع إلى حديث شقيقتي عن علاقتها بأخي.
لكن… لم أستطع. فمعرفة أمورٍ كهذه عن أخي كانت دائمًا فكرةً غير مريحة بالنسبة لي.
غادرت لافين الغرفة بهدوء قائلةً: “إذن، إلى اللقاء.”
وبمجرد خروجها، دخل جِزلهايد إلى الغرفة.
شعره، الذي كان دائمًا مربوطًا، كان اليوم مُرسَلًا بحرية، تتناثر خصلاته برفق على كتفيه وظهره.
كان يرتدي ثوب نومٍ أسود يبدو وكأنه قطعة قماشٍ واحدة، ينحدر طوله حتى قدميه، ومثبت عند الخصر بحزامٍ بسيط.
أما الجزء العلوي، فكان مفتوحًا قليلاً، كاشفًا عن صدره القوي، وعظام الترقوة الواضحة، وتفاحة آدم التي تتحرك مع أنفاسه الهادئة.
“آنِه… لا بد أنكِ مرهقةٌ اليوم. كان بإمكانكِ النوم مسبقًا.”
“جِزي… أعني، جِزلهايد… اليوم هو أول ليلةٍ لنا معًا، لذا… أرجو أن تعتني بي، رغم أنني… مجرد إنسانةٍ بسيطة.”
“إنسانة بسيطة؟ وما معنى ذلك؟”
“لا أعني شيئًا محددًا… جِزلهايد، هل تود شرب شيء؟ نبيذ؟ أو ربما شاي؟ لافين قد أعدَّته منذ قليل…”
بدأت أقول أمورًا لا معنى لها…
قلبي ينبض بقوةٍ مزعجة.
رغم أننا أمضينا النهار معًا، فإن كوننا وحدنا في هذه الغرفة ليلاً يثير توتري.
تقدم نحوي بخطواتٍ واثقة، ثم جلس بجانبي على طرف السرير.
رائحةٌ خفيفةٌ من زهورٍ مجهولةٍ تفوح من شعره الطويل المبلل قليلاً، ربما كان قد استحمَّ قبل قليل.
بالمناسبة… جِزلهايد لا يرتدي ملابس داخلية أيضًا، أليس كذلك؟
هل يجدر بي أن أفعل الأمر نفسه؟
هل عليّ خلعها الآن؟
بل ربما يجب أن أبدأ بالاعتياد على العيش من دونها من الغد… هل سيكون ذلك مريحًا؟
“آنِه… هل تشعرين بأنكِ مجبرة؟”
“لا، إطلاقًا… أنا سعيدةٌ لكوني معك.”
تحرك قليلًا، فاهتز السرير تحته بخفة.
ثم شعرتُ بملمس أصابعه على وجنتي.
أنا… هل هذا يعني…
لا بأس، إذن.
جِزلهايد يراني كامرأة…
ليس كطفلةٍ أو حيوانٍ صغير، بل كامرأةٍ حقيقية.
“لنخلد إلى النوم، آنِه. غدًا سأريكِ أرجاء المدينة.”
“…ماذا؟”
“قلتِ من قبل إنكِ لا تحبين النوم بمفردكِ. لا داعي لأن تشعري بالوحدة بعد الآن. إن رغبتِ، يمكنني النوم بجانبكِ دائمًا.”
“…ماذا؟!”
لحظة، ألم يكن الجو مناسبًا تمامًا منذ قليل؟!
كانت يده تلامس وجنتي بلطف، لكنه الآن… يربت على ظهري كما لو أنه يهدئ طفلاً صغيرًا لينام.
وهكذا، بدلًا من أي شيء آخر، وجدتُ نفسي محاطةً بذراعيه القويتين، وقد استلقى على السرير بجانبي وكأنه يحميني من كل شيء.
كان الشعور داخل احضانه دافئًا وآمنًا للغاية، أشبه بالاختباء تحت بطانيةٍ سميكة في ليلةٍ باردة.
ورغم أن هذا لم يكن السيناريو الذي توقعتُه، وجدتُ النعاس يتسلل إليّ شيئًا فشيئًا…
المترجمة:«Яєяє✨»