لقد تزوجت من إمبراطور النار ولكنه يعتقد انني بشرية ضعيفة. - 18
**18 الاعتراف في البرج**
عندما تمكّنا من إنهاء نصف كمية الرسائل المتراكمة كالجبل، حلّ وقت الغداء.
وعندما جاء السيد غيلفورد لأخذ الرسائل، قال وهو متأثر بشدة:
“لم أكن لأتخيل أن جلالة الملك يمكنه إنجاز عمله بهذه الكفاءة! بفضلكِ، آنِّيريا، لم أعد بحاجة للوقوف بجانبه لمراقبته!”
تحمّلتُ إحساسي بالإحراج بينما كان السيد جِزلهايد يُطعمني سلطة الروبيان ولحمًا مشويًا. للحظة، شعرتُ بالقلق حول نوع اللحم، لكنني رجّحتُ أنه لحم بقري.
وبعد الغداء، أخذني السيد جِزلهايد في جولة داخل القصر.
كما قال تمامًا، كان القصر واسعًا كالمتاهة.
علمتُ أن السيد غيلفورد يعمل في ديوان الوزراء، بينما تنتمي السيدة رينيس إلى ديوان العسكر، حيث يتبع له الجنود الفرسان وحرس القصر.
مررنا كذلك بغرفة شؤون الملك، ثم أراني الأرشيف حيث يتم الاحتفاظ بالرسائل القديمة.
وأخيرًا، قادني إلى أعلى مكان في القصر.
كان سطح برج المراقبة محاطًا بسياج يمنع السقوط، لكنه كان مرتفعًا لدرجة أنني شعرتُ بدوار للحظة.
عندما نظرتُ للأعلى، لم أرَ سوى السماء، وعندما نظرتُ للأسفل، كانت المدينة تمتد على مد البصر وسط السهول الفسيحة.
بُني القصر على جبل شاهق، وكانت البلدة المحيطة به كذلك على الجبل.
وعندما فكّرتُ في أن هناك أراضيَ شاسعةً تمتدُّ أسفل ذلك، شعرتُ بدوار بسيط.
الرياح كانت تهبُّ، فتُحرّك شعري وثوبي.
“ألستِ خائفة من المرتفعات، آنِه؟”
“أنا معتادة عليها، لكن… هذه أول مرة أكون في مكان مرتفع إلى هذا الحد.”
شعره الأسود الطويل، وملابسه الواسعة المتعددة الطبقات، كانت تتمايل مع الرياح.
نظرتُ إليه، كان يحدّق في الأفق بعينين نصف مغمضتين، وكأنه يستمتع بالهواء النقي.
أما أنا، فبما أنه كان يعانقني من الخلف لحمايتي، فقد شعرتُ بالاطمئنان، وتلاشى خوفي من العلو بسرعة.
“…هذه البلاد شاسعة جدًا.”
“مساحتها واسعة، لكن عدد التنانين ليس كبيرًا.”
“حقًا؟”
“نادرًا ما نمرض أو نصاب بجروح، ولذلك… لا ننجب الكثير من الأطفال. كثيرون منا يعيشون حياتهم دون أن يكون لهم رفيق على الإطلاق.”
“أفهم… في عالم البشر، نادرًا ما يعيش المرء دون زواج، خصوصًا بين النبلاء. إن لم تتزوج الفتاة، يُعتبر ذلك وصمة عار لعائلتها.”
“عار؟ لماذا يكون عدم الزواج أمرًا مخزيًا؟ ما الأهمية الكبرى في أن يكون الرجل والمرأة معًا؟”
“هذا سؤال صعب… لكن هناك العديد من الأسباب، مثل المصلحة العائلية أو مصالح الدولة.”
“إذن، لقد أتيتِ إليّ من أجل مصلحة البلاد.”
نعم، هذا صحيح.
في البداية، هذا كان السبب.
فكرتُ كثيرًا، وأقنعتُ نفسي بأن كل شيء سيكون على ما يُرام.
لكن هذا لا يعني أنني لم أكن خائفة على الإطلاق…
“هذا كان الدافع، نعم… لكن، سواء كنتُ قد تزوجتُ بكَ أو بشخصٍ آخر، لكان الأمر سيّان. لكن الآن، أنا سعيدة لأنني أتيتُ إليكَ، جِزلهايد.”
“أما أنا، فأشعر أنني قد جلبتُ لكِ الكثير من المعاناة. لذا، لا أريد أن أجعلكِ تشعرين بأي ضيق أو انزعاج.”
“لا داعي لأن تقلق بشأن ذلك… بالطبع، أنا ممتنة لسعيكَ لإراحتي، وهذا يسعدني كثيرًا.”
“أنا ممتنٌ لكِ، لأنكِ اخترتِ البقاء معي، وأن تكوني زوجتي.”
“أنا… جِزلهايد، أنا… ذلك…”
أريدُ أن أخبره أنني أحبه.
الأمرُ بسيط، مجرد كلمات، لكن عندما هممتُ بنطقها، شعرتُ وكأن شيئًا ما يسدُّ حلقي، فلم أستطع التفوّه بها.
لماذا؟ لا أدري.
لو قال لي أحدهم أنه يحبني، فسأكون سعيدة، أليس كذلك؟
أنا أيضًا، لو أخبرني إلجيريل أنه يحبني، فسأشعر بالسعادة.
إنه مجرد اعتراف… مجرد كلمات… فلماذا أتردد؟
“آنِه… التحليق من هذا المكان شعورٌ رائع. إنه مكاني المفضل… لكن، أنتِ لا يمكنكِ الطيران، أليس كذلك؟ لذا، لا تأتي إلى هنا وحدكِ أبدًا. إن سقطتِ من هنا، فإنكِ…”
“لا تقلق، جِزلهايد، أنا لستُ فتاةً متهورة. كما أنني لا أرغب في الموت.”
“هذا جيد… آنِه، أنا لا أريد أن أفقدكِ.”
“جِزلهايد… هل هذا يعني أنكَ…”
“أنتِ صغيرة الحجم، وتعبيراتكِ تتغيرُ باستمرار. لا أشعرُ بالمللِ أبدًا عندما أنظرُ إليكِ. عندما تكونين معي، أشعرُ… كيف يمكنني وصف هذا الشعور؟… أجل، أشعرُ بالراحة.”
هل يقصدُ أنني أريحه كما تفعلُ الحيوانات الأليفة مع أصحابها؟
لمعتْ في ذهني ذكرى من الماضي—حينما اقترحتْ إريكاثينا أختي إقامة حديقة حيوانات متنقلة لإسعاد الأطفال في دار الأيتام، وكنتُ قد ساعدتها آنذاك.
قيل لنا أن الحيوانات تساعد الأطفال الذين يعانون الوحدة، فتمنحهم شعورًا بالدفء والطمأنينة.
هل أصبحتُ مثل أرنبٍ بريّ؟ أو جروٍ صغير؟.
لا، بالطبع لا.
أنا لستُ مجرد مخلوقٍ لطيف…
أنا عروس، زوجة، سأصبحُ امرأته.
“من اليوم فصاعدًا، سنكونُ معًا دائمًا، آنِّه. لن أفعلَ أيّ شيءٍ قد يخيفكِ، أعدكِ بذلك.”
“حسنًا… أنا لا أشعرُ بالخوف أصلًا. جِزلهايد، أريدُ أن أكونَ زوجتكَ.”
أشعرُ وكأنني قلتُ شيئًا أكثر جرأةً من مجرد اعترافٍ بالحب.
لكن هذا هو شعوري الحقيقي.
لقد اتخذتُ قراري.
في الواقع، كنتُ مستعدةً لهذا القرار منذ أن قررتُ المجيء إلى هذه البلاد.
ولكن اليوم… اليوم فقط، أنا متأكدة أنني سأكونُ له.
عندما أحاطني بذراعيه بقوة، شعرتُ بجسدي يرتجفُ بخفةٍ تحت وطأة المشاعر المتدفقة.
المترجمة:«Яєяє✨»