لقد تزوجت من إمبراطور النار ولكنه يعتقد انني بشرية ضعيفة. - 16
**16 عن طقوس الزواج**
للمرة الثانية، بل أكثر، رفعتُ صوتي أمام جلالته جزلهايد، بل وأمام أحد مرؤوسيه.
تنفستُ بعمق محاوِلةً تهدئة نفسي.
“أنا لا آكلها، حقًّا، حقًّا، حقًّا! لا آكلها على الإطلاق!
جلالتك، أنا لا أكذب، لم يسبق لي أن كذبت. لقد علمتني أختي إريكاثينا أن الكذب أمر خاطئ، لذا…”
“حسنًا، فهمتِ، اهدئي يا آنِه.”
“أنا هادئة، لكنني لن أصمت حتى يُرفَع هذا الالتباس!”
“غيلفورد، يبدو أننا أسأنا الفهم بشأن البشر. الخنافس ليست طعامًا لهم، صحيح؟”
“ن- نعم، صحيح!
بل إنني لا آكل الجنادب أو جراد البحر أو اليعاسيب أيضًا! فقط أُمسِكُ بها!”
أومأتُ برأسي مرارًا بينما كان جلالته يحاول تهدئتي.
لا بد أن أوضح الأمر تمامًا الآن: صحيح أنني أُمسك بالحشرات، لكنني لا أتناولها.
“تمسكين بها دون أن تأكليها…؟”
وضع غيلفورد يده على ذقنه، متأمّلًا الأمر بوضوح.
“غريب… لكن حسنًا، فهمتُ. على أي حال، دعونا نضع مسألة الخنافس جانبًا.”
أليس هذا يعني أنه لم يقتنع تمامًا؟!
حسنًا، يبدو أن شخصًا في مكانته ككبير مستشاري القصر يحتاج إلى تفسير أكثر إقناعًا.
لكن بما أن جلالته قد استوعب الأمر، فلن أجادل أكثر.
في هذه الأثناء، كان جزلهايد لا يزال يحملني بيدٍ واحدة بينما يمدّ الأخرى ليلتقط أحد الوثائق الموضوعة أمامه.
كانت الوثيقة عبارة عن لفافة من الورق الأبيض مكتوبة بالحبر الأسود، مربوطة بخيط تم فكه ليُكشف محتواها.
والمفاجئ أن النص كان بنفس الحروف المستخدمة في بلادي!
كيف يمكن أن تكون لغة التنانين مطابقةً للغة البشر رغم اختلاف الأجناس؟ إنه لأمر غريب.
“جلالتك، بهذه الطريقة، يمكنني رؤية محتوى الوثيقة أيضًا.”
“أوه، وهل هناك مشكلة في ذلك؟”
“ل- لكن… قد تحتوي الوثيقة على معلومات سياسية هامة!
هل من الصواب أن يُسمح لي بالاطلاع عليها؟”
“ألستِ عروسي؟”
“ن- نعم، لكن…”
“إذًا لا مشكلة في ذلك، كل ما لدي هو لكِ علي اي حال، بل يمكنكِ قراءتها بصوت عالٍ إن شئتِ. فأنا لا أحب القراءة كثيرًا.”
نظرتُ إلى الوثيقة، وكانت تتعلق بخطة لأعمال الري وتقدير التكاليف.
كان جزلهايد يتنقل بعينيه عبر الأسطر بسرعة، ويطلق تنهيدات صغيرة بين الحين والآخر.
يبدو أنه لا يحب هذا النوع من العمل حقًّا.
“جلالتك، كفاك دلالًا. عليك إنجاز عملك!”
“أنا أعمل الآن.”
“آنِه، راقبيه جيدًا، وتأكدي من أنه لن يهرب من مسؤولياته.”
“حـ-حسنًا…”
“ولكن، لحسن الحظ، أن السيدة آنِّيرِيا ذات شخصية قوية.
عندما تقرر قدوم العروس من المملكة، كنا جميعًا، بمن فيهم جلالتك، نعتقد أنها سترتعد خوفًا بمجرد رؤية وجهك، وستبكي مطالِبةً بالعودة إلى بلادها.”
قال غيلفورد ذلك بينما كان يراقب جزلهايد وهو يضغط بختمه الذهبي على الوثائق.
عند ختمه على آخر ورقة، أضاء الختم بلون بنفسجي باهت، وظهرت حروف اسم جزلهايد داخل زخرفة متشابكة من الأغصان والطيور، رغم عدم استخدام أي حبر.
“في الواقع… في بلادي، حسنًا، أعلم أن هذا قد يكون وقحًا، لكن…
جلالتك كان يُشاع عنك أنك شخص مخيف.”
“لابد أن مسألة الخنافس قد زادت الأمر سوءًا وأرعبتكِ أكثر، أليس كذلك؟”
“ل- لا، ليس الأمر كذلك…! رغم أنني أنكرت الأمر بصوت عالٍ، إلا أن جلالتك يغضب مني ولم يُظهر أي انزعاج… وبصراحة، منذ صغري وأنا معجبة بالرجال أصحاب البنية القوية… لذا، بدلًا من أن أشعر بالخوف، أعتقد أن جلالتك… رائع…”
“هكذا إذن… جلالتك محظوظ.”
“أجل، يبدو كذلك.”
وافق جزلهايد على تعليق غيلفورد بصوت هادئ.
أوه لا، هل قلتُ شيئًا محرجًا؟!
أمسكتُ بثوب جزلهايد بقوة وأنا أحاول تحمل الشعور بالخجل.
كل ما فعلته هو الحديث عن “نوعي المفضل”، وليس أنني قلت إنني أحب جزلهايد!
لذا… لا بأس، أليس كذلك؟
أنا نفسي لا أعلم ماذا أقصد بـ”لا بأس”، لكن… لابد أن الأمر بخير… صحيح؟
مع ذلك، لم يقل جزلهايد شيئًا آخر بعد رده المختصر،
وهو ما جعلني أشعر بشيء من… الخيبة، لسببٍ ما.
“بصراحة، لو أن السيدة آنِّيريا بكت وأرادت العودة إلى بلدها، كنا سنسمح لها بذلك.
لقد حرصنا على أن يكون الاستقبال بعدد قليل من الحراس، ورتبنا الأمر بحيث تلتقي بجلالته وحده، حتى لا تشعر بالخوف أو الضغط.”
“أرى… أشكركم على مراعاتكم لي.”
كنتُ قد لاحظت بالفعل أنني لم أرَ أي حرس تقريبًا، ولا حتى خدمًا، منذ وصولي.
“بصراحة، كنا نظن أنكِ ستنهارين فور رؤية جلالته، لذا لم نقم حتى بعقد طقوس الزواج بعد.
ونعتذر بصدق إن كان ذلك تصرفًا غير لائق.”
“لكنني لم أفكر أبدًا في العودة. لقد أتيتُ إلى هنا بنية أن أصبح عروس جزلهايد.”
“هذا يبعث على الارتياح. سنرسل فورًا رسائل إلى إمبراطور الرعد وإمبراطور الجليد لحضور المراسم.
رغم أن كل شيء جاهز، لا يمكن عقد الطقوس رسميًا إلا بوجودهما معًا.
ولكن، لو كانت العروس قد هربت عندها…”
“حسنًا، سيقولان إن الأمر كان متوقعًا وسيسخران مني.”
أضاف جزلهايد بلهجة متعبة، بعد أن أنهى غيلفورد حديثه.
“لا بأس إن ضحكا، لكن الموقف سيكون مزعجًا للغاية.”
“لن أسمح أن يتعرض جزلهايد لأي إحراج… لن أهرب أبدًا!”
“أنتِ لا تُجبِرين نفسكِ، أليس كذلك، آنِه؟ قد أكون شخصًا مُرعبًا، لكن حتى لو كنتِ تكرهينني، فلن أغضب منكِ بسبب ذلك.”
بدا وجه جزلهايد وكأنه يحمل لمحةً من الحزن وهو يقول ذلك.
“لن أعود إلى بلادي. ما لم يكن وجودي يُزعجك، أو… إن لم تكن قد شعرت بخيبة أمل تجاهي…”
“آنِه… غيلفورد، أسرِعْ باستدعاء غروسكيف وإيلباثوس سنُقيم مراسم الزواج.”
“علمتُ ذلك. … وبهذا، سيزول القلق عن مملكتنا أيضًا—”
“غيلفورد، لا تقل شيئًا لا داعي له.”
“معذرةً، جلالتك.”
أخفض غيلفورد رأسه معتذرًا ثم انسحب من الغرفة.
عندها، جلس جزلهايد على كرسيّه براحة، وكأنه تخلص من عبءٍ ثقيل،
ثم طوّقني بين ذراعيه، مُحتضنًا إياي بلُطف.
رغم قوّته، لم أشعر بأي ضغطٍ مؤلم، بل بدا وكأنه يتوخّى الحذر حتى لا يؤذيني.
أصابعه الطويلة مرّت برفقٍ على شعري، وكأنها تُداعب خيوط الحرير.
لم أستطع أن أشيح بنظري عن عينيه الحمراوين العميقتين، المتألقتين بوهجٍ خافت.
أحسستُ بجفافٍ في حلقي… هل سيُقبّلني؟
خفق قلبي بشدة.
التوتر، الخجل، والقلق… لكنها لم تكن مشاعر سلبية تمامًا.
كان هناك… شيء من الترقب أيضًا.
“آنِه… شكرًا لكِ.”
بدلًا من القبلة التي توقعتها، قدّم لي جزلهايد كلماته هذه.
شعرتُ بالخجل من نفسي لتفكيري بذلك،
لكنني اكتفيتُ برسم ابتسامةٍ صغيرة على شفتي، محاوِلةً إخفاء ارتباكي.
المترجمة:«Яєяє✨»