لقد تزوجت من إمبراطور النار ولكنه يعتقد انني بشرية ضعيفة. - 13
**13 السحر والفاكهة**
هل يمكن أن تكون “فاكهة الخوخ القرمزي” نوعًا من الخوخ؟
كان حجمها كبيرًا لدرجة أنني احتجت إلى كلتا يديّ لحملها.
كانت فاكهةً حمراء مستديرة، قشرتها قد تكسرت بفعل الضغط، فكشفت عن لبٍّ أصفر باهت يطل من الداخل.
بدا اللبُّ مشبعًا بالرطوبة، إذ كان سطحه يلمع بوهجٍ رطب، بينما انساب عصيرها الشفاف الكثيف ببطءٍ من بين أصابع جِزلهايد الطويلة، متدفقًا بهدوء.
“…لقد سُحِقَت.”
تمتم جِزلهايد وكأنه يقرُّ بحقيقة الأمر.
“يبدو أن هذه الفاكهة طرية للغاية.”
“نعم، إنها طرية… كنتُ حذرًا في الإمساك بها، ومع ذلك… من الصعب التحكم في القوة.”
للحظة، خيّل إليّ أن تعابيره أصبحت شفافةً تمامًا، كصفحةِ بحيرةٍ ساكنة بلا موج.
ثم زفر بعمق، وأغمض عينيه بإرهاق، وكأن كتفيه قد ارتخيا تحت وطأة الأفكار المتشابكة.
“لا يبدو أنها كانت مفرطة النضج… سأجلب غيرها.”
“لا، لا! سأأكلها، هذه الفاكهة، سأأكلها!”
“جِزلهايد، لا ينبغي إهدار الطعام. لقد علّمتني الأختُ الكبرى إريكاثينا هذا الدرس مرارًا.”
“ولكنها سُحِقَت.”
“لقد انقشرت قشرتُها فحسب، مما يجعلها أسهل في الأكل!”
في تلك اللحظة، استرجعت ذكرى الأمس.
لقد أطعمَني قطعَ السلطعون المقشَّرة بنفسه…
إن كان ذلك تقليدًا في هذا البلد، فمن المحتمل أن يكون هذا الأمر أيضًا جزءًا من العادات هنا.
إذن، يجب أن أستعد له نفسيًا.
رغم أنه… محرجٌ للغاية.
راح جِزلهايد يحدق بي، ثم في الفاكهة المهروسة، وكأنه يحاول اتخاذ قرارٍ ما.
وفي النهاية، جلس على المقعد بينما كنت لا أزال بين ذراعيه، جاعلًا إياي أجلس على ركبتيه.
نظرتُ إلى أصابعه المبللة بالعصير، وإلى الفاكهة التي تهشّم لبُّها قليلًا، ثم رفعت بصري إليه.
‘إن كان هذا جزءًا من العادات هنا، فعليّ التعود عليه.’
قلبي ينبض بسرعة.
أشعر وكأن دمي كله يغلي في عروقي، وجسدي صار ساخنًا على نحوٍ غريب.
تلاشت كل الأصوات من حولي—همساتُ الرياح بين الأشجار، زقزقة العصافير—كأن العالم بأسره صار بعيدًا عني فجأة.
“آنِّيريا.”
عند سماع اسمي، ارتعشَ جسدي قليلًا.
هذا… تلميح، أليس كذلك؟
إنه يخبرني ضمنيًا أن أفتح فمي.
تمامًا كما فعل أثناء العشاء بالأمس.
شدَدتُ قبضتي على ثيابه، ثم تنفستُ بعمق وفتحتُ فمي بتردد.
لكنني لم أستطع النظر إليه مباشرة، فأغمضتُ عيني.
لم أفكر بهذا الأمر من قبل، لكن… أن يراقبني شخصٌ وأنا أفتح فمي… أو أن يرى داخل فمي…
إنه أمرٌ مخجلٌ للغاية.
“…همم.”
بقيتُ متيبسة في مكاني، منتظرةً، حتى شعرتُ بشيءٍ يلامس شفتي.
كان ذلك مزيجًا بين قوامٍ طريٍّ وملمسٍ أكثر صلابة.
ربما لأنني أغمضتُ عيني، بدا الإحساس أوضح وأكثر تركيزًا.
وأخيرًا، استقرَّ اللبُّ المشبع بالعصير على لساني.
ببطء، بدأت الحلاوة تنتشر في فمي، تملؤه بنكهة لذيذة.
مذاقها… يشبه الخوخ إلى حد كبير، لكن فيه لمسة من التفاح أيضًا.
تتخلل حلاوتها نكهة حامضة خفيفة، مما يمنحها مذاقًا منعشًا ونهاية سلسة لا تثقل الحلق.
عندما اختفى الإحساس بأصابعه من فمي، بدأت أمضغ اللبَّ الطري، ثم ابتلعته بهدوء.
“هذه أول مرة أتذوقها، لكنها لذيذة جدًا…!”
رغم امتلائها بالعصير، إلا أن مذاقها قوي ومركز.
كانت كمية العصير التي فاضت في فمي كبيرة لدرجة أن بعضه كاد يتسلل من زاوية شفتي.
شعرتُ بأن حلقي قد ترطب بالكامل بسبب هذه الفاكهة الغنية بالماء.
وما إن وصلت اللقمة إلى معدتي، حتى أحسستُ بحرارة خفيفة تنتشر في جسدي.
فتحتُ عيني ببطء، ثم ابتسمتُ لـجِزلهايد
“هل أعجبكِ مذاقها؟”
“إنها لذيذة حقًا! لكن… ألا تأكلها كثيرًا، جِزلهايد؟”
“أه… سمعتُ أن نساء جنس التنانين يحببن تناولها لتعويض الطاقة السحرية، لكنني لستُ بحاجة إليها.”
“هل هذا يعني أنك لا تحب الأطعمة الحلوة؟”
“ليس الأمر أنني أكرهها، لكنني لا أسعى إلى تناولها.”
ثم أضاف بنبرة جادة:
“آنِّيريا، هل تشعرين بأي تغير في جسدك؟”
“أنا بخير تمامًا! أشعر فقط بدفء لطيف ينتشر في جسدي.”
“سمعتُ أن لها تأثيرًا مغذيًا قويًا أيضًا.”
“إذًا…”
حدقتُ في الفاكهة المهروسة التي لا تزال في يد جِزلهايد.
أشعر أنني أريد تناول المزيد.
لكن أكثر ما أثار فضولي هو كلامه عن “تعويض الطاقة السحرية”.
إذا كانت هذه الفاكهة تحتوي على طاقة سحرية، فهل يمكنني أيضًا اكتساب بعض القوى الغامضة من خلالها؟
هذا يثير اهتمامي كثيرًا.
“…جِزلهايد.”
“لا.”
“…حقًا؟ لا يُسمح لي؟”
حدقتُ فيه برجاء، محاوِلةً إيصال رغبتي الصامتة بتناول المزيد.
تنهد جِزلهايد بعمق، ثم التقط قطعة من الفاكهة المهروسة ووضعها بهدوء في فمي.
كان طعمها حلوًا للغاية، ليس فقط بسبب نكهة الفاكهة، ولكن… بسبب شيء آخر أيضًا.
شعرتُ بدوار خفيف. هل هذا بسبب الإحراج؟ أم أن هناك شيئًا آخر؟
لا أعرف، لكنني واصلتُ تناول الفاكهة التي قدمها لي.
عندما بدأ العصير يتسرب من زاوية شفتي، مسحه جِزلهايد بإصبعه، بحركة طبيعية للغاية.
كنتُ أريد المزيد، لكن قبل أن أتمكن من المطالبة بحصة أخرى، رفع جِزلهايد الفاكهة المتبقية ووضعها في فمه دفعة واحدة.
توقفتُ عن التفكير للحظة، ثم نظرتُ إليه بامتعاض.
‘كنتُ أريد المزيد…’
لكنه، ببساطة، تناولها كلها قبل أن أطلب.
حدقتُ فيه بغيظ، بينما مال برأسه قليلًا وكأنه يفكر في أمر ما.
‘هل ابتلعها كاملة؟ ألم يكن فيها بذور؟ لكنها… فاكهة؟’
“أنتِ صغيرة. لا تستطيعين الوصول إلى الثمار.”
“يمكنني تسلق الشجرة، لذا لا مشكلة في ذلك.”
“………… لقد أدركتُ الآن أنه لا يمكن ترككِ وحدكِ.”
“لكنني أستطيع التسلق، حقًا! كنتُ ألتقط الحشرات التي تحط على الأشجار العالية من أجل إلجيريل.”
“هل كنتِ تأكلينها؟”
“بالطبع لا!”
مدَّ جِزلهايد يده وسحب منديلًا من كُمِّ رداءه، ثم بدأ يمسح شفتي بعناية فائقة.
حينما سحق الفاكهة قبل قليل، بدا وكأنه مستاء، أما الآن، فيبدو مستمتعًا نوعًا ما.
هل يُعقل أنه سألني عن الحشرات فقط ليختبر رد فعلي؟
لو كان الأمر كذلك، فهذا… لطيف بطريقة ما.
“آنِّيريا… كنتُ أفكر في شيء منذ البارحة.”
“منذ البارحة؟”
“نعم. اسمي طويل، أليس كذلك؟ لذا… سأكون سعيدًا لو ناديتِني بلقب أقصر وأكثر ألفة.”
“كيف ينبغي أن أناديك إذًا؟”
“نادِني بأي اسم يعجبكِ.”
“همم… إذًا… سأقول جِزيه.”
“هل يمكنني مناداتكِ بـ آنِّه أيضًا؟”
“بالطبع، جِزيه.”
حينما ناديتُه بهذا الاسم، ردَّ عليّ بدوره، يناديني بأسمي الجديد.
كان لصوته وقعٌ مألوف وودود، وكأن المسافة بيننا تقلصت فجأة.
شعرتُ بدفء غريب يغمرني، وكأن الهواء من حولي أصبح أخفَّ وأكثر إشراقًا.
هذا ممتع. أكثر من المعتاد.
جسدي دافئ، ورأسي يشعر بالدوار قليلاً.
هل لهذه الفاكهة تأثير يشبه تأثير الكحول؟
“آنِّه… هل أنتِ نعسانة؟”
“أشعر بالحرارة. هل هذا… بسبب السحر؟”
“هل البشر لا يملكون سحرًا؟”
“في المقام الأول… ما هو السحر، جِزيه؟”
بدا على جِزلهايد القليل من الارتباك، ثم وقف بسرعة.
ربما بسبب استعجاله، أحكمَ قبضته حولي أكثر من المعتاد، مما جعلني أشعر بوخزة طفيفة من الألم.
لكنني لم أستطع سوى الضحك بهدوء وأنا بين ذراعيه، بينما كان يسير عائدًا نحو القصر.
إذا كانت هذه الفاكهة تجعلني أشعر بهذه السعادة، كنتُ أتمنى لو أكلتُ المزيد.
ياللأسف.
المترجمة:«Яєяє✨»