لقد تزوجت من إمبراطور النار ولكنه يعتقد انني بشرية ضعيفة. - 12
*12 فاكهة الخوخ القرمزي**
واصلنا السير عبر الممر المشمس، بينما كنت أتأرجح برفق بين ذراعي جِزلهايد، كأنني أطفو داخل مهد متحرك.
رغم أنني شعرت بإحساس يوحي بالنعاس، لم أكن نعسانة حقًا.
بل على العكس، كنت أشعر بتوتر خفيف، لا أدري سببه.
‘ربما لأنني لم أعتد ملامسة الرجال من قبل؟’
رغم أن أخي، إلجيريل، والسيد جود رجال، إلا أنهم بالنسبة لي كانوا عائلة، أكثر من كونهم رجالًا.
كما أن أجسادهم كانت نحيفة ومرنة، لم تكن بهذا الصلابة والثبات.
“تلك فراشة الأعين السوداء الكبيرة… وذلك بومة الميميك… أما هناك، فتوجد حمامة العين الحمراء.”
“يبدو أنكِ على دراية بأسماء الكائنات الحية، آنِّيريا.”
كنت أشعر أن عليّ التحدث حتى لا يتملكني القلق، فبدأت أتمتم بأسماء الكائنات التي أعرفها بمجرد أن تقع عليها عيناي.
تأملني جِزلهايد بنظرة معجبة، وعندما انحنى قليلًا نحوي، لامست خصلات شعره الطويلة السوداء اللامعة وجهي بلطف، فتسببت بدغدغة خفيفة، إذ بدا سواده العميق وكأنه يتوهج بحمرة خافتة تحت تأثير الضوء.
“كان لدينا موسوعة عن الكائنات الحية ضمن مكتبة منزل الدوق، وكنت أخرج بها لاستكشاف الغابة وأنا صغيرة.”
“إن كنتِ تقصدين حين كنتِ طفلة، فلا بد أنكِ كنتِ أصغر مما أنتِ عليه الآن… كان ذلك خطيرًا.”
“لم يكن هناك خطر، فقد كانت الغابة داخل ممتلكات عائلة الدوق. عندما كنت في الخامسة من عمري، فقدتُ والديّ بسبب المرض.”
“في سن الخامسة؟”
“نعم. لقد كانت جائحة، وأودت بحياة الكثيرين. لكن بفضل تلك التضحيات الثمينة، تم اكتشاف علاج للمرض، لذا أصبح من النادر أن يموت أحد بسببه الآن.”
“إذًا، يمكن علاج المرض؟”
“هناك أمراض لا علاج لها، ولكن البعض الآخر يمكن القضاء عليه بالأدوية المناسبة. الأدوية عادةً ما تُستخلص من الطبيعة، لذا فإن اكتساب المعرفة حول النباتات والكائنات الحية أمر بالغ الأهمية. وهذا ما جعلني أستمتع بالتجول في الغابة وأنا أحمل الموسوعة بين يديّ.”
“هل كنتِ تبحثين عن طريقة لإعادة والديكِ إلى الحياة؟”
**”بالطبع لا! لا يوجد حلٌّ سحري مدفون في الغابة، كما أن ذلك أمر مستحيل. صحيح أنني شعرت ببعض الوحدة، لكنني كنت محاطة بعائلتي. ربما كان التجول في الغابة وسيلةً لتخفيف ذلك الشعور قليلًا.”
ضحكتُ بخفّة على تفكيره الغريب.
يمكن علاج المرض والإصابات، لكن لا يمكن إعادة الأموات إلى الحياة.
هذا أمر يعرفه جميع سكان المملكة، لكن… هل يختلف الأمر بالنسبة لأبناء التنانين؟
“والآن، هل ما زلتِ تشعرين بالوحدة؟ لا… بالأمس جعلتكِ تشعرين بالوحدة بسببي.”
“ه-هذا… أرجوك، انسَ ذلك تمامًا…!”
“لماذا؟”
“لأن… لأن الأمر محرج… لقد غضبتُ لأنك لم تبقَ معي أثناء النوم، رغم أنك شخص غريب قابلته لأول مرة…!”
بمجرد أن نطقتُ بذلك، اجتاحتني موجة من الخجل الشديد.
بصراحة، لا أستطيع احتمال هذا الشعور.
كنت أظن أنني شخص ناضج ومسؤول إلى حدٍّ ما. فأنا لم أعد طفلة بعد الآن.
لكن عندما أفكر في الأمر جيدًا… والداي رحلا مبكرًا، لذا كان أخي يقلق عليّ كثيرًا ويعتني بي باستمرار، وعائلة الملك عاملوني كما لو كنت واحدة منهم.
أخي تزوج شقيقتي الكبرى مبكرًا، وكانا يتصرفان معي وكأنهما والداي.
أما إلجيريل، فكان كالأخ الصغير اللطيف بالنسبة لي.
عندما أضع الأمور بهذا المنظور، أدرك أنني ربما كنت مدللة أكثر مما تخيلت.
بالطبع، كنت أعلم أنني عشت في راحة ورغد في منزل العائلة، لكن…
هذه هي المرة الأولى التي أكون فيها وحدي تمامًا.
“أنا آسفة، جِزلهايد… كنت أظن أنني سأصبح محظيةً لك أو زوجةً ثانوية. كنت قلقة من أنك، بعد رؤيتي، ستفقد اهتمامك بي وتتركني مُهملة في القصر.”
“لن أفعل ذلك.”
“……مجرد كوني الوحيدة لديك، وأنك قبلتني كعروسٍ لك، جعلني أشعر بسعادةٍ غامرة… لذا، سمحتُ لنفسي بالتدلل قليلًا… أعتذر.”
“ولمَ تعتذرين؟”
“خشيت أن أكون عبئًا عليك.”
“لستِ عبئًا قومي بالتدلل كما يحب قلبكِ. في الواقع، ما زلتُ أبحث عن الطريقة المناسبة للتصرف معكِ، وعن كيفية التعامل معكِ دون أن أؤذي مشاعركِ. لذا، إن كنتِ ترغبين بشيء، سيكون من الأفضل أن تخبريني بذلك صراحة.”
شعرتُ بوخزةٍ خفيفةٍ في صدري.
جِزلهايد… بجسده القوي وهيئته الفاتنة التي تكاد تكون بلا تعابير، بشخصيته المهيبة التي تشع بهالة غامضة وجذابة…
ورغم ذلك، عندما يتحدث، يكون صادقًا وصريحًا إلى حدٍّ يكاد يشبه بحيرةً نقية، بلا أي شائبة أو غموض.
اهتمامه ورعايته يسعدانني.
لكن… لا أدري لماذا أشعر بغصة في صدري أيضًا.
هذا الشعور جديدٌ عليّ، لدرجة أنني أجد صعوبة في التنفس.
“آنِّيريا، قلتِ إنكِ تتناولين الفاكهة في الصباح، أليس كذلك؟”
“هـ… نعم؟”
بينما كنتُ غارقةً في أفكاري، توقف جِزلهايد فجأة وسألني.
بدت المنطقة وكأنها استراحة تحيط بها الأشجار، وفي وسطها مقعد خشبي كبير.
من بين الأشجار المحيطة، كانت ثمارٌ كرويةٌ حمراء بحجم كف اليد تتدلى بغزارة، ناشرةً رائحةً حلوةً زكية.
“هذه فاكهة الخوخ القرمزي، وهي المفضلة لدى نساء التنانين. هل جربتِها من قبل؟”
“هذه أول مرة أراها… لكنها تبدو شهية.”
“……كنتُ أفكر في إعطائكِ إياها، لكن من الأفضل عدم المخاطرة. لا أريد أن يؤثر عليكِ تناول شيءٍ غير مألوفٍ فتصابين بالمرض.”
“لكن عندما تناولت الطعام معك البارحة، لاحظت أن الأطباق، رغم اختلاف مذاقها قليلًا عن مأكولات بلادي، ليست غريبة تمامًا. لذا، أعتقد أن أي شيءٍ تأكله أنتَ، يمكنني أنا أيضًا تناوله.”
“……لا، لا يمكنكِ ذلك.”
“لكنها تبدو لذيذة جدًا. إن لم أتناولها الآن، فسأعود إلى هنا سرًّا وأتذوقها لاحقًا. أؤكد لك أنني سأفعل.”
أعلنت ذلك بحزم.
منذ صغري، كنت أحب الأشياء الجديدة وغير المألوفة.
أي شيء لم أذقه من قبل، أرغب دائمًا في تجربته.
أريد أن أتعرف على طعمه، وأراقبه عن كثب، وإن أمكن، أن أبحث عنه في كتب الموسوعة لمعرفة خصائصه.
“ربما لم يكن من الحكمة أن أحضركِ إلى هنا.”
“حتى لو لم يرشدني جِزلهايد إلى هذا المكان، كنتُ سأجده بنفسي في النهاية… وسأتذوق الثمار أيضًا، هذا أمرٌ مؤكد.”
“هذا… سيكون مزعجًا. آنِّيريا، لا ينبغي أن تضعي أي شيء في فمكِ هكذا، فقد يكون سامًّا.”
“أنا لا آكل أي شيءٍ يقع عليه نظري، لستُ جرواً صغيرًا.”
اعترضتُ بينما كنتُ لا أزال بين ذراعيه، غير راضية عن الطريقة التي يعاملني بها وكأنني مخلوقٌ صغيرٌ غير مسؤول.
أنا لا أعضّ أطراف الأثاث، ولا ألتقط الأشياء من الأرض لأضعها في فمي.
يمكنني التمييز بين الفاكهة القابلة للأكل وتلك غير الصالحة… حسنًا، على الأقل إلى حدٍّ ما.
لكن، لو بدت الفاكهة صالحة للأكل، فمن المحتمل أنني سأقضمها قليلًا، على الأقل للتجربة.
“أهذا يعني أنكِ ترغبين بها حقًّا، آنِّيريا؟”
“نعم، أريد تذوقها.”
“لا خيار إذًا… ولكن فقط القليل.”
مدَّ جِزلهايد يده نحو الثمار المعلقة.
كانت الفاكهة متدليةً في مكان مرتفع، بحيث أنني حتى لو قفزت بكل ما أوتيتُ من قوة، فلن أتمكن من الوصول إليها.
لكن جِزلهايد قطف واحدة بسهولة.
ومع ذلك…
ربما بسبب نعومة الفاكهة، أو بسبب قوته الكبيرة، تحطمت الثمرة في راحة يده قبل أن يتمكن حتى من تقديمها لي.
حدق في الفاكهة المهروسة بصمت، وعلامات استغرابٍ غامضةٍ ارتسمت على وجهه.
المترجمة:«Яєяє✨»