لا يوجد طفل سيئ في هذا العالم - 47
الفصل 47
لم تستطع إيديث فهم السبب وراء امتلاكها هذه القدرة، لكنها قررت أن تكون ممتنة لها.
“سكاييل؟”
حين نزلت إيديث من العربة، رأت رجلاً مألوفاً يقف بالقرب من المدخل.
إنه زوجها بموجب العقد، سكاييل.
كان يقف كعادته بشكل مستقيم، ينظر إليها، ويبدو أنه وصل إلى المنزل قبلها بقليل.
“هل أنهيت عملك بالفعل؟”
“نعم. قررت الامتثال لتوصية الطبيب وألا أعمل في المساء لمدة أسبوع تقريباً.”
“فكرة جيدة! ألا تشعر بتحسن أكثر مع الراحة؟”
ابتسمت إيديث بلطف.
فقد عمل بجد دون توقف، وكان الوقت قد حان ليستريح قليلاً. الراحة هي أفضل علاج على الإطلاق!
“لست متأكداً.”
لكن رد سكاييل لم يكن مشجعاً كما توقعت.
بينما كانت إيديث تدير عينيها بشكل متردد، لاحظت نظراته الخاطفة نحوها، لكنها اختفت بسرعة.
“…لا أشعر بتحسن كبير.”
هل من الممكن أنه استشار طبيباً غير كفء؟
كانت إيديث تفكر في السؤال بحذر، لكنها تذكرت أنه قد استشار طبيب قصر الإمبراطوري .
‘همم، إذاً استبعد فكرة أنه طبيب غير مؤهل…’
حتى لو لم تقل ذلك بصوت عالٍ، عدلت إيديث رأيها سريعاً.
لم تكن لتجرؤ على وصف الطبيب الذي يعتني بصحة الإمبراطور بأنه غير كفء!
“هل كنتِ في زيارة لبيت الكونت هارتمن؟”
“نعم، هذا صحيح. تأخرت قليلاً في العودة أكثر مما توقعت.”
“ما الذي كنتِ تفعلينه هناك هذه المرة؟”
“آه، اليوم…”
كانت إيديث على وشك الرد بشكل طبيعي، لكنها أدركت فجأة شيئاً.
“بالمناسبة، سكاييل، لقد أصبح يسأل الكثير من الأسئلة مؤخراً. لم تكن تفعل ذلك من قبل.”
عادةً، عندما يتحدث سكاييل أولاً، يكون لديه سبب وجيه لذلك، مثل أمر من الإمبراطور، أو أخبار عن عقد، أو رحلة عمل.
أما الأحاديث البسيطة، فقد كانت إيديث دائماً هي من تبدأها، وكانت بالكاد تسير بسلاسة.
لكن الأمور تغيرت مؤخراً.
أصبح يسألها عن أحوالها، وأظهر اهتماماً بما يجري معها، مثل اليوم.
أوه، بل وسألها سابقاً عن الأشياء التي تحبها.
“هل هذا يزعجكِ؟”
بدت ملامح سكاييل متصلبة، وكأنه أساء فهم كلماتها.
هزت إيديث رأسها بشدة.
“لا؟ لماذا يزعجني؟ في الواقع، أنا سعيدة لأننا نتحدث. كنت أشعر بالوحدة قليلاً عندما كنت أعيش بمفردي، والآن أشعر وكأنني أعيش مع شقيقتي* كما في السابق.”
“هل كان لديكِ شقيقة ؟”
تداركت إيديث خطأها متأخرة وشعرت بالارتباك.
كان لديها شقيقة، لكن بالنسبة لإيديث إيرين بروكسل، لم يكن هناك شقيقة.
فبارون بروكسل لم يكن لديه سوى ابنة واحدة فقط، وهي إيديث.
“…الآن، لا يمكنني لقاؤها مجددًا.”
ترددت للحظة قبل أن تقول هذا فقط.
كان عليها الكذب لتغطية الموقف، لكنها لم تستطع إخراج الكلمات من فمها.
“آه، وبخصوص ذهابي إلى قصر الكونت هارتمن اليوم…”
كانت على وشك الانتقال إلى الموضوع التالي، لكنها توقفت فجأة.
فالموضوع كان محرجًا جدًا لتشاركه مع سكاييل.
لم يكن ذلك بسبب سرية الموضوع.
حتى لو لم يكن الأمر استشارة رسمية، كانت إيديث تحرص على احترام بعض الأمور، ولم تكن تنوي ذكر التفاصيل منذ البداية.
“إذا كان الحديث صعبًا، فلا داعي لذكره.”
“ليس الأمر كذلك… في الحقيقة، يتعلق الأمر بـ اخ الطفل.”
كانت المشكلة في الموضوع نفسه، وهو اخ.
عندما فكرت في العلاقة بين سكاييل وشقيقه، شعرت بالحذر.
لو لم تكن قد تحدثت عن علاقتها الجيدة مع شقيقتها دون وعي، لما ذكرت الأمر مطلقًا.
كانت تشعر ببعض الذنب وهي تراقب سكاييل، لكنه بدا كعادته، بوجهٍ لا يظهر أي انفعال.
“كريستيان وأنا ورثنا دماءً ذات خصائص متشابهة من والدنا فقط. أما والدتنا فمختلفة، لذا يمكن اعتبارنا أشقاء بنسبة النصف تقريبًا.”
نعم، يبدو أن هذا ما يجعلهم أشقاء…
هزت إيديث رأسها بلا وعي، موافقة على كلامه.
“وهذا يعني أن الأمر لا يحمل لي أي معنى إضافي.”
واصلت إيديث هز رأسها ببطء، لكنها توقفت فجأة.
“لا أعرف كيف يشعر كريستيان بشأن ذلك. لم أتحاور معه أبدًا. لكن ربما يحمل لي بعض الكراهية.”
إذا كان لا يزال يحتفظ بقدر من الإرادة الإنسانية.
صوته الذي أضاف هذه الكلمات بهدوء كان غير مبالٍ، لكنه أربك إيديث بشدة.
“الكراهية؟ ماذا تعني؟”
لم تتمكن إيديث من فهم ما يقصده على الإطلاق.
كريستيان وُصف بأنه “وعاء الشيطان” من قبل المعبد.
فكيف يمكن أن يكون هناك شيء يجعله يكره سكاييل؟
خاصة أنهما لم يتحدثا مع بعضهما من قبل.
“بحسب كلام البابا، فإن حقيقة أن كريستيان وُلِد بصفات تؤهله ليكون وعاءً للشيطان ليست أمرًا له علاقة بي.”
كانت نظرات سكاييل التي التقت بنظرات إيديث المرتبكة قصيرة، ثم تحولت إلى مكان مجهول في الأفق.
“لكن ربما يكون السبب في كشف أمره مرتبطًا بي.”
عينيه الرماديتين التي تشبهان ضباب الليل اهتزت بهدوء.
**
“مرحبًا، إليوت! التقينا مرة أخرى، أليس كذلك؟”
“مرحبًا، دوقة!”
أجاب الفتى ذو الشعر المموج بلطف على تحية إيديث بابتسامة مشرقة.
[إشعار صندوق كنز الطفل الذهبي]
الاسم: إليوت هارتمن
العمر: 6 سنوات
مستوى المودة: 21 /100 [+11]
مستوى التوتر: 40 /100 [-60]
مستوى التركيز: 40 /100
الحساسية: 50 /100 [-40]
الاكتئاب: 40 /100 [-50]
إشباع الرغبة: 41 /100
كان إليوت يقف ممسكًا بيد صوفيا، ويبدو عليه ارتياح كبير.
حتى المستويات التي ارتفعت بشكل حاد وأشارت إلى إشارات تحذيرية في كل مكان، قد انخفضت مجددًا خلال بضعة أيام.
أرسلت صوفيا نظرة خفية إلى إيديث بينما كانت تخفض جسدها لتكون على مستوى نظر إليوت.
“اليوم ستساعدنا دوقة في درس الرسم. أليس كذلك يا إليوت؟ أنت تحب الرسم، أليس كذلك؟”
“نعم! أحبه!”
فهمت إيديث الإشارة التي أرسلتها صوفيا، فأكملت بابتسامة لطيفة.
“كل شيء جاهز، هل نبدأ الآن؟”
“نعم! لنذهب إلى غرفة الرسم!”
أجاب إليوت بحماسة وترك يد صوفيا ليتقدم بخطواته بثقة.
يبدو أنه كان يحب الرسم حقًا، كما قالت والدته.
كانت الغرفة، التي تطل نوافذها العريضة على حديقة خضراء رائعة، مناسبة تمامًا لطفل يرغب في الرسم.
كان هناك طاولة موضوعة مقابل النافذة تحتوي على أدوات رسم متنوعة وحامل لوحات. يبدو أن الطفل كان يرسم أحيانًا المناظر الخارجية.
“حسنًا، اليوم لدينا وقت خاص جدًا.”
“وقت خاص؟”
فتح إليوت عينيه على اتساعهما بدهشة.
“صحيح، وقت خاص. اليوم ستتمكن من رسم أي شيء تريده بحرية.”
“حقًا؟ أي شيء؟ ليس تفاحة فقط؟”
يبدو أنه كان يتعلم الرسم بطريقة احترافية مع فنان، وبدأ برسومات بسيطة كالتفاح نظرًا لصغر سنه.
“بالطبع. يمكنك رسم أي شيء ترغب فيه الآن.”
وضعت إيديث الساعة التي طلبت إعدادها مسبقًا على طرف النافذة، في مكان يسهل على إليوت رؤيتها.
“لكن سيكون لديك الوقت حتى يدور عقرب الساعة الطويل دورة كاملة فقط.”
“لماذا؟”
“لأن الرسم لفترة طويلة قد يكون متعبًا. تحتاج إلى وقت للراحة.”
“لكني لست متعبًا…”
شعر بخيبة أمل بسيطة بسبب تحديد الوقت، لكنها لم تستمر طويلًا.
سرعان ما فرح لأنه سيتمكن من رسم ما يحلو له بحرية.
كان إليوت يمزج الألوان على لوحة الرسم الخشبية ببراعة، مستخدمًا الفرشاة لدمجها. لم يترك مجالًا للحصول على المساعدة.
مزج الألوان الصفراء والزرقاء معًا وبدأ الرسم بلا تردد. وكلما مرّت يده الصغيرة الممسكة بالفرشاة على القماش الأبيض، كان يتحول إلى لوحة زاهية الألوان.
راقبت إيديث الطفل بصمت لفترة، حتى يتمكن من التركيز على الرسم.
لم تعرف كم من الوقت مضى، لكن مع مرور الوقت بدأت معالم الرسم تظهر تدريجيًا. كان إليوت يرسم منظرًا طبيعيًا من الخارج.
“أرى أنك تلوّن باللون الأخضر. يبدو وكأنه حقل.”
بدلاً من أن تسأله مباشرة عما يرسمه، اختارت أن تصف ما تراه.
“لدينا قصر كبير ، وهذا الحقل خلفها! إنه واسع جدًا، بحجم هائل.”
يبدو أنها خمنت بشكل صحيح، إذ رد إليوت بوجه مفعم بالفرح وهو يشرح. ربما كان يرسم الحقل بالقرب من قصر عائلة هارتمن.
واصل إليوت تحريك الفرشاة عدة مرات أخرى، فرسم السماء في الأعلى والعشب الأخضر في الأسفل.
لم يكتفِ بذلك، بل رسم حقلًا من الزهور بدقة فوق المرج الأخضر.
لم يمضِ وقت طويل حتى أضاف تغييرًا على المشهد الربيعي؛ إذ بدأ برسم أشخاص بالقرب من حقل الزهور.
ركزت إيديث على الرسم أكثر، لترى التفاصيل.
رسم إليوت ثلاثة أشخاص: امرأة ذات شعر بني ترتدي فستانًا ورديًا وتبتسم، ورجل بشعر مجعد، وصبي صغير يقف بينهما.
“يبدو أنهم ذهبوا جميعًا إلى الحقل معًا.”
“هذه أمي، وهذا أبي، وهذا أنا. عائلتنا.”
___
الكلمة الكورية 동생 تعني “أخ أصغر” أو “أخت أصغر”، وهي كلمة محايدة للجنس، تُستخدم للإشارة إلى الأشقاء الأصغر بشكل عام. لتحديد الجنس، يمكن إضافة كلمات أخرى:
남동생: الأخ الأصغر (للذكر).
여동생: الأخت الأصغر (للأنثى).
في النص، الكلمة 동생 وحدها لا تحدد إذا كان المقصود أخًا أم أختًا.