كنتُ الحب الغير متبادل للبطل - 001
1. دوق، أشرب الشاي.
عندما فتحتُ عيني، تلاقت نظراتي مع رجلٍ في منتصف العمر يبدو غاضبًا، وكان يضع يده الكبيرة على جبيني.
“آه!”
بينما كنتُ أصرخ، ضمّ ذراعيه بنظرةٍ غير راضية.
ثم حكّ لحيته القصيرة التي بدا وكأنه تعمّد إطالتها، وقال: “تبدين بخير.”
“آه! أوه…”
رفع ذراعه القوية وضرب جبيني بخفّة. كانت الضربة مؤلمة بما يكفي لتجعلني أتوقف عن الصراخ.
“كم مرة ستصرخين عندما ترين وجه والدك؟ لقد فعلتِ ذلك بما يكفي عندما كنتِ طفلة!”
“والد…؟”
نظرتُ إليه.
رجلٌ ذو شعر بني داكن مُجعَّد بشكلٍ غريب يصل إلى مؤخرة عنقه، وكتفين وذقن عضليين لدرجة أنهما بديا كأنهما مربعان، وكان يدّعي أنه والدي.
الصدمة جعلت شعر جسدي يقف.
كنتُ متأكدة أنني كنتُ في طريقي إلى الأكاديمية…
ولكن لم أسمع يومًا عن منحرف يختطف امرأةً بالغة ويدّعي أنها ابنته.
سحبتُ البطانية حتى عيني، وأنا أرتجف.
نظر إليّ بامتعاض، غير راضٍ عن تصرفي، ثم قال: “هل أنتِ بخير؟”
لم أستطع التحكم في نفسي وصرخت:
“سيدي، أرجوك دعني أذهب!”
في تلك اللحظة، فُتح الباب فجأة، ودخل شاب طويل، لكن “والدي المزعوم” صاح بغضب:
“ألا تتعرفين على والدكِ الآن، أرييلسا؟”
تدخل الشاب قائلاً: “يبدو أن أفكار أرييلسا الخفية ظهرت. ليس فقط أرييلسا، بل حتى الفرسان يتمنّون لو لم يكن سير جورج هو قائد التدريب لعائلة هارفل.”
بدت كلماته كأنها مزحة، لكن نبرته الباردة جعلتها تبدو كسخرية.
“اخرس، تشايرس.”
واصل حديثه موجهًا كلامه إليّ:
“أرييلسا، لقد سقطتِ من السلم أثناء قطف التفاح في الدفيئة. لقد أغمي عليكِ للحظة. كيف تنسين والدكِ بسبب شيء كهذا؟ كنتِ تسقطين من الأشجار باستمرار حتى بلغتِ السابعة!”
كانت الأسماء الغريبة تدور في ذهني مثل العاصفة.
أرييلسا، جورج، تشايرس، عائلة هارفل…
“تفاح؟”
“نعم، تفاح لصنع فطيرة التفاح للدوق كايرون!”
الدوق كايرون؟
يا إلهي…
في تلك اللحظة، اقتربَ تشايرس من سريري وقال:
“أرييلسا، الدوق يطلبكِ. أفهم أنكِ قد ترغبين في قطع علاقتكِ بوالدكِ الأحمق، لكن من الأفضل أن تذهبي الآن. الدوق في مزاجٍ سيئ.”
“همف…”
عقدَ جورج ذراعيه الضخمتين، اللتين كانتا سميكتين لدرجة أنه بالكاد يستطيع طيهما، ونظر إليّ بشكّ.
أما تشايرس، فقد بدا باردًا وغير صبور، كما لو أن همه الوحيد هو إخراجي من الغرفة بأسرع وقتٍ ممكن.
إذا كنتُ أريد الهروب، عليّ إخراجهما من الغرفة أولاً. حاولتُ التفكير في شيءٍ أقوله لتحقيق ذلك، لكن عقلي أصبح فارغًا تمامًا.
“أنا… أنا…”
“هذا غير مجدٍ، سأستدعي الطبيب مجددًا!”
إذا أعطاني الطبيب دواءً غريبًا، سيكون ذلك كارثة.
بينما كان جورج يلوّح بيده في الهواء بإزعاج، سارعتُ بالحديث قائلة:
“آه، آه، أبي. إنني بخير!”
كان من الصعب للغاية أن أنادي رجلًا غريبًا بـ”أبي”. لكن عندما تلعثمتُ بالكلمات، ارتخت كتفا جورج وشعر بالارتياح.
“يا لكِ من طفلة شقية! هل تحاولين إخافتي؟”
امتلأت عيناي بالدموع. لم أصدق أنني أساير هذا السيناريو الغريب مع هؤلاء الخاطفين المرضى.
“هل أنتِ متأكدة؟ لقد قال الطبيب أنكِ بخير أيضًا.”
“نعم. لقد كنتُ فقط خائفة عندما سقطت! لكنني بخير الآن!”
“كيف يمكنكِ أن تنسي والدكِ بسبب هذا؟”
رفع قبضته الكبيرة كما لو كان سيضرب جبهتي مرةً أخرى.
فكرة التعرض لضربة من تلك القبضة جعلتني أنكمش كسلحفاة تسحب رأسها إلى داخل قوقعتها.
لكن بدلاً من أن يضربني، وضع يده الضخمة على رأسي وفركها بقوة لدرجة أن شعري تشابك.
لقد شعرتُ بالارتباك الشديد من هذه الحركة المليئة بالحب. حتى والدي الحقيقي لم يظهر لي مثل هذا الحب من قبل.
نظر جورج إليّ بتعبيرٍ معقد قليلاً وقال:
“إذا كنتِ قادرة على التحمل، فاذهبي لخدمة الدوق. فهو في حالة مزاجية سيئة اليوم بشكلٍ خاص. لكن إذا شعرتِ بأي شيءٍ غير طبيعي…”
“لنذهب، أرييلسا.”
قاطعه تشايرس وهو يلحّ علي مرةً أخرى.
نهضتُ من السرير وأنا أنظر إلى جورج بحذر.
عندما خرجتُ من الغرفة ورأيت الممر الغريب، بقيت واقفةً بلا حراك، سار تشايرس أمامي دون أن ينتظرني.
وأنا أسير في ممر القلعة مثل سجينة تُقاد إلى مصيرها، شعرتُ بالعرق البارد يبلل ظهري.
نعم، هذه كانت قلعة. قلعة من العصور الوسطى، لم أزرها في حياتي قط.
كان هؤلاء الأشخاص ينادون بعضهم بأسماء غريبة، بما فيهم أنا، وكنتُ أعرف تمامًا من أين جاءت كل هذه الأسماء. كان الوضع مريبًا للغاية.
هززتُ رأسي بعدم تصديق.
“إلى أين تذهبين؟”
تشايرس، الذي توقف أمام بابٍ، صرخ بوجهي بينما كنتُ أمشي بدون هدفٍ.
تجمّدتُ في مكاني وأنا أنظر إلى الباب الأسود المهيب أمامي. لكن قبل أن أتمكن من الرد، فتح الباب ودفعني إلى الداخل.
صوت ارتطام.
مع الصوت الخافت لإغلاق الباب خلفي، شعرتُ وكأن قلبي سقط أيضًا.
شهقة.
شعرتُ بأنفاسي تتوقف.
كان رجلٌ طويل القامة، بشعرٍ أسود داكن وبشرة شاحبة بشكلٍ غير طبيعي، جالسًا خلف مكتبه، وعيناه تنظران إليّ بتركيز.
كنتُ متأكدةً الآن أن هناك خطبًا ما بي.
الرجل أمامي بدا وكأنه يضيء. ليس بطريقة ساطعة كإضاءةٍ ساطعة، بل كوهجٍ خافت من مصباح ليلي، ينبعث ضوء ناعم من جسده بالكامل.
كان الأمر أشبه بالنظر إلى قنديل بحر مضيء في أعماق المحيط.
الهالة التي يشع بها تجذب الأنظار دون مجهود، وكأنها تعلن بوضوح أنه شخصٌ مميز واستثنائي في هذا العالم.
بينما كنتُ أقف هناك في حالة ذهول، أحدق كما لو أنني رأيتُ شيئًا لا يجب أن أراه، رفعَ رأسه ببطء وكأن نظراتي أزعجته.
“آه.”
عندما التقت عيناه الصافيتان بلون الكهرمان، والتي بدت وكأنها تضيء من تلقاء نفسها، بعيني للحظة، أطلقتُ صوتًا خافتًا.
الهالة التي تحيط به كانت تضاعف من جاذبية ملامحه المذهلة، بدءًا من عينَيه الآسرتين، مرورًا بأنفه الحاد المرسوم بدقة، وشفتيه المشدودتين، وصولاً إلى خط فكه الرجولي الأنيق وكتفيه العريضتين. ذراعاه اللتان تمسكان بالقلم كانتا تبدوان قويتين وصلبتين كالصخر.
فركتُ عيني بجنون بكلتا يديّ، وأنا أصرخ داخليًا، “هذا حلم!”
لكنه فقد اهتمامه بي سريعًا وعاد ليطالع الوثائق أمامه، وقال ببرود:
“أرييلسا، هل لديكِ شيء لتقوليه؟”
صوته البارد جعلني أتجمد في مكاني.
كنتُ مصدومةً جدًا من كل ما يحدث، حتى أنني أدركتُ متأخرةً قليلاً أنه كان يحاول السيطرة على غضبه.
بنوبةٍ من الذعر، أخذتُ أنظر حول الغرفة، وفي النهاية ركزتُ نظري على درعٍ قديم معلق على الحائط. كان محفورًا عليه شعار عائلة هارفل: غزال شمالي.
كل شيء هنا كان مثاليًا…
شعرتُ بالخوف الشديد وبدأتُ بالتراجع ببطء.
اسمي أرييلسا.
القلعة الشمالية. ودوق كايرون.
وحتى الشخصيات الأخرى.
والدي “جورج” هو تابعٌ لعائلةِ هارفل، يُعرف باسم “درع هارفل” بسبب قوَّته الهائلة وقدرته على التحمُّل.
أما الفارسُ البارد تشايرس، الذي دفعني إلى هذه الغرفة، فهو الذراعُ اليمنى للدوق ولُقِّبَ بـ “ثعلب هارفل”، نظرًا لذكائه وحنكته.
لقد كنتُ داخلَ روايةِ الرومانسية الخيالية “الصحراء الثلجية”.
“…”
شعرتُ بشفتيَّ ترتجفان، وأنا أحاول أن أتنفَّس بشكلٍ منتظم.
ثم نطقتُ بصوتٍ بالكاد مسموع:
“دو… دوق؟”
عندما ناديتُ باسمه، رفعَ الدوق كايرون رأسه ببطء، مظهرًا علاماتِ الضيق على وجهه، بينما وضع قلمه جانبًا والتفت إليَّ.
هل أنتَ حقًا سيد الشمال، دوق كايرون هارفل؟
( (
(„• ֊ •„) ♡
━━━━━━O━O━━━━━━
ترجمة : اوهانا
انستا : Ohan.a505
الواتباد : Ohan__a505