قصة لقائي بك، أنا الذي تبقى لي عام واحد للعيش، وأنتِ التي تبقى لك ستة أشهُر - 004
بعد خروجي من المستشفى للعلاج المنزلي، بدأت آلام ظهري تزداد سوءًا تدريجيًا، حتى انتهى بي المطاف بالعودة إلى المستشفى مرة أخرى.
كان التحرك بالنسبة لي أمرًا شاقًا للغاية.
أخبرني الأطباء أن الورم الذي انتقل إلى العمود الفقري بدأ يضغط على الأعصاب، مما زاد من شدة الألم.
في المستشفى، أصبحت أقضي وقتي على السرير أكثر فأكثر. حتى الرسم، الذي كان ملاذي الأخير، لم أعد أستطيع ممارسته.
كان شوتا وإيري والسيدة ميورا يأتون لزيارتي من حين لآخر، وكنت أحاول التظاهر بالقوة حتى لا أثقل قلوبهم بمخاوفي.
مع مرور الأيام، بدأت فترات نومي تطول، حتى أصبحت أكثر من تلك التي أقضيها مستيقظًا.
شعرت بأن عالمي يقترب من نهايته.
***
ذات يوم، زارتني ميورا في غرفتي بالمستشفى، حاملة خمس زهرات من الجربيرا.
نظرت إليّ بعينين دامعتين، وقالت لي بصوت خافت: “لا أريدك أن تموت.”
رغم أنني أدرك أنها قالت ذلك فقط لتشد من أزري، إلا أن كلماتها أسعدتني بصدق.
كنت ممتنًا لها للغاية.
بعد وفاة هارونا، مررت بفترة عصيبة لم أستطع فيها تجاوز حزني. ولألا أستسلم للوحدة، قضيت أيامي أرسم بلا توقف.
خلال عطلة الصيف في سنتي الثالثة بالثانوية، وبعد انقطاع طويل، عادت السيدة ميورا إلى حياتي. عرفت بطريقة ما عن دخولي المستشفى، فجاءت لزيارتي.
رؤيتها أعادت إليّ ذكريات هارونا، مما جعل الأمور صعبة بالنسبة لي، لكنني كنت أعرف في داخلي أن السيدة ميورا الوحيدة التي يمكنني التحدث معها عن هارونا.
مع مرور الوقت، بدأت جراح قلبي تلتئم بفضل وجودها.
قضينا أوقاتًا ممتعة بين المزاح والبكاء والضحك. جعلتني أشعر بأنني لست وحيدًا.
وذات مرة، وأنا أشعر بالحرج، شكرتها بصوت عالٍ أثناء مغادرتها. التفتت نحوي بابتسامة وقالت: “سأعود مجددًا.”
***
لا أدري كم من الوقت مرّ منذ آخر حديث لي مع السيدة ميورا.
في أحد الأيام، استيقظت من غيبوبتي الطويلة، ناظرًا إلى السقف الأبيض. أدركت أنني ما زلت في المستشفى.
جسدي كان ثقيلًا لدرجة أنني لم أستطع النهوض، وكانت رأسي تؤلمني بشدة.
سمعت صوت أختي الصغيرة ناتسومي تصرخ بسعادة: “أمي! أبي! أخي استيقظ!”
ركض والداي إلى جانبي، يبكيان من الفرح.
علمت حينها أنني كنت فاقدًا للوعي لفترة طويلة، وأن الورم انتقل إلى دماغي، ما جعل الأطباء يفقدون الأمل في استعادتي للوعي.
لكن يبدو أن القدر أتاح لي هذه الفرصة الأخيرة.
نظرت إلى أصابعي، ولاحظت أن أظافري مزينة بنقوش غريبة. عرفت أن هذه بالتأكيد كانت من صنع ميورا.
كانت قد رسمت زهرات الجربيرا بألوانها: البرتقالي على الإصبع الأوسط، الأصفر على البنصر، والأحمر على الخنصر. ابتسمت قائلاً لنفسي: “ما الذي جعلها تختار ثلاث زهرات فقط؟ وهي لا تعرف حتى معناها!”
وبينما كنت أستعيد وعيي، تذكرت أشياء مؤجلة كثيرة كان يجب أن أفعلها. قررت استغلال الوقت القليل المتبقي لي.
طلبت من ناتسومي أن تحضر هاتفي، وقمت بشحنه وتشغيله. وجدت 34 رسالة غير مقروءة على تطبيق “لاين”، معظمها من أصدقائي ومن السيدة ميورا، التي أرسلت عشرات الرسائل والملصقات التي جعلتني أبتسم وأبكي في الوقت ذاته.
أدركت أنني لم أكن وحدي أبدًا.
***
قررت أخيرًا إرسال رسالة لـ آوي، التي كانت تظنني راغبًا في الانتحار، لتوضيح سوء الفهم. كتبت لها:
“مرحبًا آوي، مضى وقت طويل. أردت أن أوضح شيئًا قبل فوات الأوان. لم أكن أبدًا شخصًا يرغب في إنهاء حياته. كنت مريضًا، بمرض في القلب. لن أعيش طويلًا، ولكن أرجوكِ، لا تلومي نفسك عند رحيلي.”
استغرقت نصف ساعة لكتابة الرسالة بسبب حالتي، لكنني شعرت براحة كبيرة بعد إرسالها.
وأخيرًا، أرسلت إلى السيدة ميورا رابط مدونة هارونا، مع ترك كلمات وداع في أحد المقالات المحمية، التي كنت أحتفظ بها كسر بيني وبين هارونا.
لم يكن لدي أي ندم بعد ذلك.
***
أخذت زهرة جربيرا برتقالية من المزهرية، وتمددت على السرير، أتنفس عبيرها الذي يذكرني بهارونا.
تلك الزهرة التي أصبحت رمزًا لكل ما جلبته هارونا إلى حياتي: “الأمل والتقدم”.
أغمضت عيني وأنا أفكر في أنها كانت السبب في تغيير حياتي من اليأس إلى الأمل.
وهكذا، بينما كنت محاطًا برائحة الجربيرا وذكريات هارونا، غفوت بهدوء.
سقطت الزهرة من يدي لتستقر بجانبي.
وكان ذلك نهاية عالمي.