قصة لقائي بك، أنا الذي تبقى لي عام واحد للعيش، وأنتِ التي تبقى لك ستة أشهُر - 001
بعد تخرجي من المدرسة الثانوية، التحقت بمعهد متخصص في الفنون في المدينة. وكما هو متوقع، اخترت قسم الرسم.
ما إن بدأت الدراسة، حتى صُدمت بالدرس الأول: رسم تمثال نصفي من الجص لوجه تمثال “فينوس ميلو”. لم يُقدم لنا أي شرح أو توجيه؛ اكتفى الأستاذ، صاحب اللحية الكثيفة والنظرة المتعالية، بالقول:
“ارسموا كما ترون. دعونا نرى ما أنتم قادرون عليه.”
ثم تابع بإشارة آمرة:
“لديكم ساعة واحدة. ابدأوا!”
تسارع الجميع إلى الرسم بحماس، ولم أشأ أن أتخلف عن الركب. أمسكت قلم رصاص ناعمًا وبدأت أرسم خطوطًا خفيفة، محاولة أن أضع التمثال بأكمله في إطار الورقة. ركزت على رسم الملامح الأساسية، بدءًا من الرأس إلى تفاصيل الوجه.
حين بدأت الصورة تأخذ شكلاً، أضفت الظلال. أملت القلم وضغطت أكثر في المناطق الداكنة. تنقلت بين الأقلام الناعمة والصلبة، مضيفًا لمسات دقيقة بعناية فائقة.
في الفصل، كان صوت انزلاق الأقلام على الورق يملأ الجو بإيقاع متناغم. بينما أسمع تلك الأصوات، واصلت الرسم بثقة دون تردد.
بعد ساعة، وضعت قلمي جانبًا ونظرت إلى عملي. شعرت بالرضا وابتسمت لنفسي. لكن عندما ألقى نظرة خاطفة على رسومات زملائي، انقبض قلبي.
كان مستوى الجميع، بلا استثناء، مذهلًا. شعرت بأنني أقلهم موهبة، وكأن وجودي بينهم كان خطأ. هل يحتاج هؤلاء العباقرة حقًا للالتحاق بهذه المدرسة؟ تساءلت بدهشة.
كنت أجلس في الصف الأمامي، مما جعل رسوماتي مكشوفة تمامًا لمن خلفي. شعرت بالإحراج وكأنني في عرض علني للإذلال. تمنيت لو أستطيع تمزيق عملي على الفور.
فجأة، قالت فتاة من الخلف:
“هاياساكا، أليس كذلك؟ رسمك جميل!”
أجبت مترددًا:
“لا، ليس كثيرًا. رسوماتك أفضل بكثير.”
كانت الفتاة الوحيدة التي يبدو أن مستواها أقل من مستواي هي “آوي ميدوري”. كانت قد قدمت نفسها في اليوم الأول قائلة بابتسامة خجولة إنها حصلت على اسمها “الزاهي” بسبب انفصال والديها. كانت ترتدي سترة حمراء، صغيرة الحجم، وابتسامتها جذابة، لكنها بالطبع لم تضاهِ جمال “هارونا”.
قالت إنها تحب الرسم لكنها لا تتقنه، ولهذا السبب التحقت بالمدرسة. كانت مرحة، لكنها تبدو ساذجة بعض الشيء.
***
بعد أسبوعين، تلقيت رسالة من “ميورا”، صديقة قديمة. دعتني للقائها، وبما أنني لم أكن مشغولًا، قبلت الدعوة على مضض. التقينا في مقهى وتحدثنا لمدة ساعة قبل أن نفترق.
لاحقًا، بدأت ميورا ترسل لي رسائل باستمرار. كان مضمونها دائمًا سؤالًا واحدًا:
“هل ما زلت حيًا؟”
أجيبها ببساطة:
“نعم، ما زلت حيًا.”
ثم تتوقف عن الرد. بعد بضعة أيام، تعود برسالة مشابهة، وأجيب بنفس الطريقة. مع الوقت، بدأت أشعر بالانزعاج.
قررت يومًا أن أؤخر الرد. حين أرسلت لي مرة أخرى، كتبت بغضب:
“إذا كنت حيًا، لماذا لا ترد بسرعة؟”
ضحكت على غضبها دون أن أكترث كثيرًا.
***
أثناء استراحة الغداء، كنت أجلس وحدي في الكافتيريا أتناول طعامي، حين جاءت “آوي” وجلست بجانبي. سألتني فجأة:
“هاياساكا، هل لديك صديقة؟”
أجبت بهدوء:
“لا. وأنتِ؟”
“لا، وأنا أيضًا وحيدة. لكن، هل لديك شخص تحبه؟”
ترددت للحظة قبل أن أقول:
“نوعًا ما.”
قالت بحماس:
“حقًا؟ كيف هي؟”
أجبت بتردد:
“فتاة… ماهرة في الرسم، طيبة القلب، ضعيفة الجسد لكنها جميلة، وتملك ابتسامة حزينة.”
سألت بفضول:
“هل تعتقد أنك ستتمكن من الارتباط بها؟”
هززت رأسي وقلت:
“لا يمكن. أبدًا.”
“لماذا؟! لا تعرف! ربما الآن لا تستطيع، لكن يمكنك دعوتها للخروج. تقرّب منها شيئًا فشيئًا، وستنجح!”
ابتسمت وقلت بنبرة غامضة:
“أتمنى لو كان الأمر بهذه السهولة. لكنه ليس كذلك.”
“هل هي فتاة من عائلة ثرية؟ أم أنها مرتبطة بشخص آخر؟”
قاطعتها بصوت بارد:
“لقد ماتت.”
سقطت عصا تناول الطعام من يدها في رد فعل صادم. أخذت حقيبتي وغادرت الكافتيريا، أشعر بأنني كنت قاسيًا جدًا. لم تكن تعرف شيئًا، ولم يكن في نيتها الإساءة. قررت أن أعتذر لاحقًا.
***
في اليوم التالي، اقتربت مني “آوي” في الصباح، قائلة بحماسة:
“صباح الخير، هاياساكا! فلنواصل الحياة بشجاعة!”
قضيت اليوم كله وأنا أتلقى منها كلمات تحفيزية غريبة.
أدركت أنها أساءت فهم ما قلته. كانت تعتقد أنني أرغب في الانتحار بسبب فقداني لحبيبتي.
قالت بجدية:
“أعلم أن الأمر صعب، لكن لا يمكنك إنهاء حياتك بسبب الألم!”
ابتسمت بخفة ولم أصحح سوء الفهم. وجدت الأمر مسليًا بعض الشيء.
وفي النهاية، لن يغير ذلك شيئًا. فقد كانت النهاية قريبة، ولا مفر منها.