قررت القديسة أن تُصبحَ ملكة الدمار - 11
“أخي..”
أخذَ سايكي نفسًا عميقًا من المفاجأة وتقدم خطوةٌ إلى الأمام وتمتم.
“لقد جئتُ لرؤيتكَ يا أخي…”
“اخرُج مِن هُنا!”
“ماذا؟”
“اخرُج الآن!!”
انطلقت مانا غيرُ المُسيطرٍ عليها مثلُ موجةٍ هائجة، وكادت أنْ تُجمد كُل شيء في المُلحق الصغير بسبب القوة المدوية.
وإذا لم يتمكن مِن السيطرة على تلكَ المانا، كان هُناك شخصٌ واحدٌ فقط هو الأكثر خطورةً في هَذهِ اللحظة.
“سايكي!”
مددتُ يدي بحركةٍ سريعةٍ، مُعتقدةٌ أنه كان يجبُ عليّ الإمساك بـ سايكي وحمايته مِن مانا إيكر.
كان مِن الصعب عليّ احتضانُ جسد سايكي بجسدي.
ما رأيتهُ كان سايكي الذي يُحدقُ بيّ بذهول، ومانا إيكر التي لا تزال غير مستقرة.
وأخيرًا، ما شعرتُ به… كان الإحساس بالجليد الذي يخترقُ ظهري كالسيف.
“مي… ميروبي؟”
شعرتُ بشيءٍ ما يتسربُ إلى تحت قميصي الأبيض، ولم أستطع تمييز ما إذا كان عرقًا أم شيئًا آخر.
“مي… ميروبي، هل أنتِ بخير؟”
بالرغم مِن أنْ فارق العمر بينهما لا يتجاوز السنتين، إلا أن جسد ميروبي الأصغر والأكثر هشاشة قد انهار بلا حولٍ ولا قوة.
كان المُلحق الصغير غارقًا في الظلام، ولم يكُن يوجدُ ضوءٌ سوى ضوء القمر الذي كان يتسربُ عبر النافذة الكبيرة.
حتى في هَذا الظلام، كان مِن السهل معرفةُ أنْ ميروبي تُعاني مِن ألمٍ شديدٍ الآن، وأنْ ما يتسربُ على ظهرها هو دم.
“أ… أأنا… بخير…؟”
بنبرةٍ غيرُ مقنعةٍ حاولت ميروبي أنْ تقول إنها بخير، بينما كان كان سايكي يُحرك قدميه بقلقٍ وتوتر، وملامحهُ مُرتبكة.
ماذا أفعل؟! سايكي، الذي كان وجههُ شاحبًا كالورقة، استدار نحو إيكر طالبًا المُساعدة.
“أخي، ماذا أفعل؟ كيف؟”
عندما وقعت عينا سايكي الحمراء المليئة بالدموع عليه، انكمش إيكر.
شعر إيكر بوضوحٍ أنْ سحر الجليد الذي أطلقهُ دون قدرته قد اخترق ظهر الفتاة الصغيرة التي تبدو أصغر من اخوه.
“أخي!”
على الرغم مِن استغاثة سايكي ، لم يستطع إيكر فعل شيء.
لم يكُن بإمكانهِ حتى التحرُك بشكلٍ صحيح، ولم يكُن يريدُ تعريض شقيقه وتلكَ الفتاة الصغيرة لمزيدٍ مِن الخطر بسبب المانا خاصته التي لا يستطيع التحكم بها.
“سيد… سايكي…”
في تلكَ اللحظة، سمع صوت الفتاة الصغيرة، التي صرّت على أسنانها مِن شدة الألم.
“أ… أسرع وأحضر الدوق.”
في هَذهِ اللحظات الباردة التي تُجمد الهواء، كلما نطقت ميروبي بكلمةٍ، خرج مِنها نفسٌ هشة.
عندما ضغطت يد ميروبي الضعيفة على جسده، نظر إليها سايكي بعيونٍ مليئةٍ بالدموع.
كان يُدرك أنه يجب عليه إحضار والده على الفور، لكنه قد شعر بأنهُ لو ترك ميروبي الآن، فسوف تموتُ قريبًا.
“أسرع… الآن…!”
كانت ميروبي، التي تبللت ملابسُها بالدماء، هي مَن دفعت سايكي الذي لم يستطع تحريك قدميه.
“أه… نعم…!!”
قرر سايكي أخيرًا أن يتحرك، بعدما أدرك أنهُ لَمْ يعُد بإمكانه تأجيلُ ذَلك.
ماذا أفعل؟ هل ستنجو ميروبي أم لا؟ ماذا سيحدُث إذا ماتت؟
إذا ماتت الفتاة التي جاء بها والديّ اليوم فقط على يد أخي، فماذا سيحدُث؟
كانت كُل أنواع الأفكار السلبية تدورُ في عقل سايكي الصغير.
ماذا لو ماتت ميروبي؟ ضربهُ هَذا الخوف بشدةٍ في رأسه. خاصةً أنها قد تعرضت للأذى لأنها حاولت حمايته.
لماذا حمتني؟ دوّن أن يهتم برؤيته التي أصبحت ضبابية بسبب دموعه، ركض سايكي بأرجلهِ القصيرة لمسافةٍ طويلة.
ثم فجأةً، ارتطم بشيءٍ يُشبه الجدار الضخم، وسمع صوت “بووم!”.
“ماذا تفعل هُنا؟”
“أ… أبي؟”
رفع سايكي رأسهُ فجأةً وهو يجلسُ على الأرض، عند سماع صوتٍ مألوفٍ مِن فوقه.
“هل كنتَ أنتَ مَن ذهب إلى المُلحق؟”
بينما كان والدهُ ينظر إليهِ بنظرةٍ مُستغربة، فتح سايكي فمهُ المُرتجف.
“أبي! حدث أمرٌ خطير! م… ميروبي…!”
“ماذا حدث لميروبي؟”
“م… ميروبي قد تموت! ميروبي جُرحت بسبب مانا أخي.”
عند سماع كلام سايكي المُتلعثم والمليء بالبكاء، تجهم وجهُ كاليد.
أُصيبت؟ ماذا؟
كانت تلكِ الفتاة قد جاءت مِن الكنيسة اليوم إلى منزله.
ركض بسرعةٍ باتجاه المُلحق مع آرثر، وقد فتح بابه بعنف.
أول ما شعر به هُناك كان برودة مانا ابنه المألوفة.
“أ… أبي. لا تقترب مِن هُنا…!”
قال إيكر، الذي كان يرتجفُ مِن الخوف ويُحاصر نفسهُ بسبب مانا الخاصته التي لا يمكنهُ السيطرة عليها، بصوتٍ مُضطربٍ إلى كاليد.
وما ظهر أمامه كان ميروبي التي كانت مُلقاةً على الأرض في وسط المُلحق.
“ميروبي!”
حاول كاليد بسرعةٍ حمل ميروبي، لكن مانا إيكر الجليدية التي كانت تهتزُّ كـ بلوراتٍ بدأت تخدش يده.
“لقد جعلتُ تلكَ الفتاة هَكذا.”
بإشارةٍ واحدةٍ مِن كاليد، ظهر درعٌ شفافٌ، وقبل أن يهدأ الجو، اندفع آرثر نحو إيكر وضربهُ على رقبته مِن الخلف.
بينما كان إيكر يسقطُ فاقدًا للوعي بلا حولٍ ولا قوة، حمل كاليد ميروبي وركض بها بسرعةٍ خارج الملحق.
“رئيس الخدم! رئيس الخدم!!”
عند نداء كاليد، بدأت الأنوار في القصر الذي كان مُظلمًا تُضيء واحدةَ تلو الأخرى، مما أنار المكان بسرعة.
خرج الخدم الآخرون بسرعةٍ، وركض ألبرتو نحو كاليد عندما سمع نداءه.
“سيدي الدوق، ما الذي يحدث؟”
“أحضر الطبيب فورًا!”
“ماذا؟”
“بسرعة!”
انتقلت عينا ألبرتو نحو ميروبي المُتدلية بين ذراعي كاليد.
شعرها الفضي الذي كان المُنظمًا جيدًا خلال النهار اصبح الآن مُتشابكًا ومغطى بالدم.
كان هُناك سببٌ واحدٌ فقط لحدوث شيء كهَذا في قصر الدوق.
هزّ ألبرتو رأسهُ وذهب ليُحضر طبيب القصر، بينما حمل كاليد ميروبي إلى أقرب غرفةٍ ووضعها على السرير.
“آه… أاه…”
بينما كانت ميروبي تعضُ شفتها، كانت تُصدر أنينًا خافتًا ولم تكُن فاقدةً للوعي.
“ميروبي، أين تتألمين؟”
لم يكُن جسدها المُتجمد بسبب مانا إيكر على وشك العودة إلى درجة حرارته الطبيعية.
بنقرةٍ مِن إصبعه، أشعل كاليد النار في الموقد.
تبًا، لو كنتُ ساحر نار بدلاً مِن جليد، لما كانت هَذهِ الفتاة الصغيرة تُعاني مِن هَذا البرد الشديد والألم.
“ظهري… يؤلمني…”
كان يجبُ أن تكون ميروبي قد فقدات وعيّها الآن، لكنها كانت تصفُ شعورها بالألم بوضوح.
قام كاليد بتمزيق الجزء الخلفي مِن ملابس ميروبي بسرعة. عند رؤية الجليد المغروس بعمقٍ في ظهرها، تقلص وجه كاليد بغضب.
“لقد طلبتُ الطبيب، لذا تحملي قليلاً.”
“آه…!”
لم يكُن جليد إيكير مِن النوع الذي يذوبُ بسهولة في درجة حرارة الغرفة.
وكان مِن الأفضل القول إنْ أعضائها الداخلية بدأت تتجمدُ ببطء.
لم يندم كاليد قط على كونهِ ساحر جليد، لكنهُ شعر بالندم الآن.
كان يخشى العبث بجليد المغروس في ظهر ميروبي.
تمتم بكلماتٍ تعويذة النار التي تعلمها في شبابه. وأخيرًا، قد بدأ الجليد بالذوبان ببط من الأطراف، شعر بالارتياح واستمر في ترديد التعويذة.
“يا دوق! لقد أحضرتُ الطبيب!”
عند عودة ألبرتو سريعًا برفقة الطبيب، نهض كاليد مِن مكانهِ بسرعة.
رفع الطبيب، الذي استيقظ للتو مِن نومه، نظارته وتوجه بسرعةٍ نحو ميروبي.
“عالجها ولا تترك أيَّ نُدبةٍ على جسدها، هل تفهم؟”
قال كاليد بصوتٍ قاسي لا يُضاهى، أومأ الطبيب برأسه، ووجههُ مليءٌ بالخوف.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة