في داخلي سر - 1
في مكان مظلم في أحد الأزقة الصغيرة الفقيرة في مملكة ريتان الواقعة في بلاد إيريتا العظمى تقطن فتاة صغيرة ممزقة الثياب ،ويبدو عليها الفقر المدقع وتحتضن رأسها بين ذراعيها وتتكئ على حائط الزقاق وتبكي واضعةً رأسها على قدميها –في وضعية القرفصاء– وهذه الفتاة بعمر 10سنوات ،وتشاهد أمام أعينها نظرات الفرح في وجوه الأطفال من سنها ،وهم يرتدون ملابس جميلة ويأكلون أشهى الأطعمة لتعلو الحسرة في قلبها باكيةَ ،وتتساءل لما وضعها هكذا، وكل الاطفال يحظون برعاية واهتمام بخلافها التي لا تحصل على شيء؟!، لترفع يداها إلى السماء راجيةً من الله أن يتغير حالها من ذاك الحال المؤلم .
فجأة يعلو صوت معدتها الخاوية ليقطع صفاء ذهنها ودعائها ،فقررت النهوض من فوق تلك الأرضية العفنة والمليئة بالقمامة والغبار ،وتتوقف عن الشكوى كالأطفال المدللين في محاولةَ لتغيير حياتها بنفسها ،واتجهت لتلك الطرقات المجهولة في المملكة لتبحث عن بصيص أمل وبداية لتغيير المصير ، فظلت تسيروتسير إلى أن شارفت الشمس على الغروب ،لترى أصدقائها من الزقاق الآخر يأكلون الطعام بسعادة في خيمتهم البسيطة المصنوعة من الأقمشة البالية التي يرميها مصنع القماش في حاوية القمامة والتي يقطنها ثلاثة أولاد صغار جميعهم في سن 11 وأسمائهم بالترتيب هي 4 و5و6 ،فذهبت إليهم ،ولكن أصوات معدتها الخاوية تعلو قبل أن تلقي عليهم التحية ،فشاهدها الفتى رقم 6 قريبة من الخيمة تقف على استحياء ،وقال لها : “هيييي يا فتاة رقم12 هيا تفضلي بعضاً من الخبز اليابس مازال طازجاً فقد رماه الخباز قبل 5ساعات ،الحمد لله أن الأرستقراطيين لا يأكلون طعام مثل هذا حتى يرميه الخباز ،ونأكله نحن “، فردت عليه: “شكراً لك يارقم6 ،فقد كان يومي سيئاً لم أجد أي طعام ،ولم أستطع سرقة النقود من المارة بسبب وجود الكثير من الفرسان في الشوارع “،فيقولون لها الأولاد: “لا تقلقي يا12 ستتحسن الأمور قريباً ويوما ما سنستطيع أن نسرق كنزاً ما ونغادر من هذه المملكة اللعينة وسنأخذكِ معنا لذا هيا ابتهجي ،ولا ترينا هذا الوجه العابس مجدداً ألا تثقين بإخوانك “، لتعلو الابتسامة قسائم وجهها وتشاركهم الطعام والاستماع لمغامرات الفتيان في السرقة وإحضار الطعام .
ثم حلَّ الليل واستعدت للمغادرة ،وإذ في طريقها تشاهد رجل عجوز يبدو عليه الغنى وفي يده زجاجة من النبيذ الأحمر يمشي بتأرجح في الشارع لوحده، ولا يوجد أية فرسان في الجوار، فتقول (في نفسها) : “ها قد جاءت فرصتي الذهبية علي أن أطبق ما علمني اياه 6 لربما أجد الكنز الذي أخبرني عنه الفتية” ،فتمشي بجواره، وتقترب بحذر من العجوز المخمور الى أن جلس على كرسي في حديقة وخلع سترته ووضعها على الكرسي ويغني أغاني حزينة ويقول : “لماذا تركتني حبيبتي ؟،هل لأني أكبر منها ،أم أن أموالي لا تكفيها” ،لتختبئ الفتاة خلف الكرسي وبكل خفة تضع يدها الصغيرة في جيب سترته لتجد سرة صغيرة مليئة بالعملات الذهبية لتقوم بكل حذر بأخذه الى أن نجحت في سرقة السرة بنجاح ، فسارعت بالهروب كالقطط بحذر وهدوء زاحفةً على الأرض حتى لا يراها العجوز لكن فجأة سقطت السرة من يدها بسبب تعثرها بحجر، فأصدرت جلبة كبيرة سمعها العجوز المخمور فنظر لها وقال : “توقفي يا أيتها السارقة تلك سرة أموالي التي طرزتها حبيبتي “،فتلتقط الفتاة السرة ،وتهم بالهرب ،والعجوز يلاحقها بخطوات متثاقلة ويصرخ قائلاً :”توقفي يا سارقة ،أيها الفرسان أين أنتم أمسكوا بهذه الصعلوكة “،فتنظر له باستهزاء:” لا يوجد أحد هنا سأدعو لك بأن تعود لك حبيبتك عما قريب ،وهذه تكلفة دعائي لك”، لتبتعد عن مجال رؤية العجوز لترى خلفها لتتأكد من عدم ملاحقته لها وهي تجري لتصطدم بشيء كبير وصلب ويبدو كأنه من حديد.
————————————————————–
توضيحات الكاتبة:-
الكرسي الذي تم ذكره في هذا الفصل”كرسي الحديقة ” هو كمافي الصورة المرفقة
لاتنسوا وضع تصويت وتعليق لدعمنا للاستمرار في تنزيل الفصول