ظرف النقود ، اسمح لي بأخذه ! - 18
“آنستي، هل ستذهبين لتحيتهم؟”
“تحية؟ لماذا أفعل ذلك؟”
“على الرغم من أنه لم يتم عقد حفل الخطوبة رسميًا بعد، إلا أن السيدة زوجة الدوق المستقبلية أكبر منك سنًا، لذا….”
“لا أريد! لماذا أفعل ذلك؟ إذا أرادوا التحية، فليأتوا هم إلي!”
تنهدت المربية والخدم بهدوء على تصرفات فيرونيكا الطفولية.
‘ماذا لو اتخذت زوجة الدوق المستقبلية هذا التصرف كحجة ضدنا؟’
على الرغم من المسافة بينهما، كان بالإمكان الشعور بنظرات من الطرف الآخر تتابع كل حركة.
المربية والخدم كانوا في حالة من التوتر وهم يراقبون زوجة الدوق المستقبلية وهي تفرش الحصيرة وتفتح سلة النزهة.
كانوا مستعدين للتدخل إذا حدثت أي مشكلة مع الطفلة، لكن لحسن الحظ، لم يحدث شيء من هذا القبيل.
‘الخدم في قصر ديلفينوم قالوا إن تصفها بأنها فتاة مغرورة وذكية.’
هل كانت مجرد كلمات سيئة نابعة من عدم إعجاب الدوقة الكبرى ؟
لم يكن الخدم على يقين حول شخصية زوجة الدوق المستقبلية، لذا استمروا في مراقبة الوضع بقلق.
وفجأة، ارتكبت المربية والخدم خطأً، حيث لم يتمكنوا من إمساك الورقة التي طارت بفعل الرياح.
“آه، رسمة قطتي!”
فيرونيكا، التي لاحظت الورقة تطير، نهضت فجأة وركضت وراءها.
“آنسة!”
المشكلة أن الورقة اتجهت نحو زوجة الدوق المستقبلية، فركض الخدم بسرعة خلف فيرونيكا.
لكن قبل أن يتمكنوا من الإمساك بها، وصلت الورقة إلى يد زوجة الدوق المستقبلية.
الخدم كانوا متوترين للغاية.
‘آنستنا لا تحب أن يرى الآخرون رسوماتها!’
بالتحديد، لأنها تكره أن يتم التقليل من شأنها بسبب سوء رسمها.
لكن الحقيقة المؤلمة هي أن مستوى رسم فيرونيكا كان مروعًا.
من الدوقة الكبرى إلى حراس القصر، لم يكن هناك أحد يفهم ما ترسمه فيرونيكا.
لم يكن هناك شخص واحد حتى الآن قد تمكن من فهمـ
“واو، إنها رسمة قطة لطيفة. مرسومة بشكل جيد! جدًا”
جميع الخدم شككوا في مسامعهم عند سماع ما قالته زوجة الدوق المستقبلية.
حتى فيرونيكا، التي كانت قد اقتربت لاستعادة ورقتها، لم تصدق ما سمعت.
الطفلة نظرت إلى زوجة الدوق المستقبلية بعينين واسعتين، غير قادرة على تصديق ما سمعته.
“قطة؟ هل تقولين أن هذه قطة؟”
“نعم، إنها قطة، أليس كذلك؟”
“أين تَرَيْن القطة؟ تبدو وكأنها زبدة ذائبة أو قطعة جبن في يوم حار….”
“إنها قطة!”
صرخت فيرونيكا بغضب على الخادمة التي كانت تتحدث بسخرية عن رسمها، واقتربت بخطوات سريعة نحو زوجة الدوق المستقبلية التي نظرت إليها بدهشة وسئلت.
“كيف عرفتِ أنني رسمت قطة؟”
نظرت زوجة الدوق المستقبلية إليها باستغراب وأمالت رأسها.
“لقد عرفت فقط. إنها تبدو كقطة بوضوح.”
“لا، إنها تبدو ككتلة صفراء غير واضحة المعالم.”
أدركت فيرونيكا في تلك اللحظة أن الخادمة كانت محقة.
على الرغم من مشاعرها المؤلمة، كانت تعرف أن مهاراتها في الرسم لم تكن جيدة.
لم يتمكن أي شخص من معرفة ما ترسمه، لذا لم يكن بوسعها إلا أن تدرك هذه الحقيقة.
‘هل يمكن أن تكون هذه السيدة جاسوسة تحاول كسب ودي عمداً؟’
كان الخدم قد عرفوا بالفعل أن الرسمة كانت لقطة لأن فيرونيكا كانت قد صرخت بغضب:
“إنها قطة! لماذا لا تستطيعون رؤيتها؟”
“إذا كنت قد عرفتِ ما رسمتُه بمجرد النظر إلى الرسمة، فبإمكانك التعرف على رسوماتي الأخرى، أليس كذلك؟”
“هل لديك رسومات أخرى؟ أود رؤيتها.”
“جيد! تعالي معي!”
“انتظري، زوجة الدوق المستقبلية…!”
سمعت زوجة الدوق المستقبلية صوت الخادمة وهي تحاول إيقافها، لكن فيرونيكا تجاهلتها.
أمسكت الفتاة بيد زوجة الدوق المستقبلية وركضت بها إلى مكانها على الحصيرة.
“هذه، انظري إلى هذه الرسمة. هل تستطيعين معرفة ما هي؟”
مدت فيرونيكا الورقة المجعدة التي عرضتها للخدم قبل قليل، وكانت مليئة باللون الأحمر.
‘مستحيل.’
‘القطة كانت مجرد صدفة، كيف ستعرف هذه الرسمة؟’
لكن على عكس توقعات الخدم، فتحت زوجة الدوق المستقبلية فمها بعد بضع ثوانٍ وقالت:
“إنها غروب الشمس.”
ثم ألقت نظرة حولها وأشارت إلى البحيرة.
“هذا الغروب الذي يظهر على سطح البحيرة هنا، أليس كذلك؟”
‘هل هذه البقع الحمراء تمثل غروب الشمس؟’
‘مستحيل! لماذا البحيرة؟ الورقة كلها حمراء فقط!’
لم يكن الخدم يصدقون ما يسمعون، لكن وجه فيرونيكا أظهر ابتسامة مليئة بالسعادة.
“نعم! عندما تأتي هنا في المساء، ينعكس الغروب على سطح الماء ويبدو رائعًا. ولكنهم لا يسمحون لي بالبقاء طويلاً لأن الوقت متأخر.”
تمتمت فيرونيكا بشيء من الاستياء بصوت منخفض وهي تعرض رسمة أخرى.
“وماذا عن هذه؟ ما الذي تعتقدين أنها تمثل؟”
“إنها وردة. و هذه المزهرية يبدو أنها مصنوعة من الكريستال، أليس كذلك؟”
“صحيح! عندما تضعينها تحت أشعة الشمس، تلمع بشكل جميل. سأريكِ الحقيقية لاحقًا. والآن، ماذا تظنين عن ماذا تكون هذه الرسمة؟”
“شريحة سلمون مشوية.”
“صحيح! إنه طبق الشيف الخاص بي. طعمه لذيذ جدًا. سأدعوكِ لاحقًا لتتناوليه معي.”
على الرغم من أنها كانت عنيدة في البداية ورفضت الذهاب لتحية زوجة الدوق المستقبلية، إلا أن فيرونيكا الآن بدأت تناديها بـ”أختي”.
ويبدو أن زوجة الدوق المستقبلية كانت مسرورة بتلك التسمية، حيث كانت تستمتع بمشاهدة الرسومات التي عرضتها عليها فيرونيكا.
“أنتِ ترسمين بشكل رائع، حقًا.”
“أليس كذلك؟ أنا بارعة جدًا!”
ضحكت فيرونيكا وهي تضع يديها على خاصرتها، وكأنها تتفاخر بمهاراتها.
لكن بعد قليل، تحولت نظراتها إلى شديدة الحدة.
“إنهم مجرد أناس لا يفهمون شيئًا عن الفن…”
كان الخدم يرغبون في قول:
“ليس نحن من يفتقر إلى الفهم، بل زوجة الدوق المستقبلية هي من لا ترى بوضوح!”
لكن لم يكن هناك من يجرؤ على المخاطرة بقول ذلك علنًا.
فقد اعتذر الخدم لفيرونيكا عن “قصر نظرهم”، وكانت هي سخية بما يكفي لتسامحهم.
كانت سعيدة لأن أخيرًا هناك من يفهم عالمها الفني.
“انتظري قليلاً، سأرسم لكِ رسمة جديدة. ماري! ماذا تفعلين؟ أسرعي وقدمي الشاي لأختي!”
“حسنًا، آنستي.”
بدأت فيرونيكا تلوح بالفرشاة على الورقة، وتغمسها في الطلاء الأصفر.
بالنسبة للخدم، لم يكن هناك فرق كبير بين هذه الرسمة ورسمة القطة السابقة.
‘شجرة الجنكة؟ زهرة الهندباء؟’
‘أو ربما هذه المرة ستكون زبدة أو جبنة…’
“انتهيت! هيا أنظري. ما رأيك، بـ هذه الرسمة؟”
انتظر الجميع، بمن فيهم فيرونيكا والخدم، رد زوجة الدوق المستقبلية بنصف توتر ونصف توقع.
نظرت زوجة الدوق إلى الرسمة وأجابت دون تردد
“إنها الدوق وأنتِ.”
‘هل هذا معقول؟ كيف ذلك!’
“…صحيح! تمامًا!”
لم تستطع فيرونيكا احتواء فرحتها وارتمت في أحضان زوجة الدوق المستقبلية.
“أنتِ الأفضل يا أختي!”
في تلك اللحظة، لم يكن لدى أي فكرة أن ابنتها الصغيرة و الحبيبة قد وقعت في حب آيري خلال ساعة واحدة فقط من مقابلتها، هي التي كانت تدعي المرض وتبقى في غرفتها.
* * *
“إذًا هذا أنا…”
أشار الدوق بإصبعه الطويل نحو الكتلة الصفراء الكبيرة في الرسمة، ثم نقل إصبعه إلى الكتلة الصفراء الصغيرة المجاورة.
“وهذه فيرونيكا.”
وأخيرًا، أشار إصبعه إلى الكتلة البنية بجانبها.
“وهذه آيري؟”
“نعم. إنها مرسومة بشكل جيد، أليس كذلك؟ أعتقد أن مهارات الآنسة فير في الرسم رائعة.”
ما كان يفرحني أكثر هو أن الآنسة فيرونيكا رسمتني بجانب الدوق ونفسها.
“فير؟ هل سمحت لكِ فيرونيكا بمناداتها بهذا الاسم؟”
“نعم، لقد قالت لي أن أناديها هكذا لأننا سنصبح عائلة.”
كانت تناديني “أختي” وتلعب معي بكل حب.
أشعر بالقلق من أنها قد تُصاب بصدمة عندما تكتشف أنني لست زوجة الدوق المستقبلية الحقيقية.
“إنها ليست فتاة سهلة التعامل عادةً… لكن هل كنتِ جادة فيما قلتهِ عن كون فيرونيكا رسامة جيدة؟”
“الآنسة فيرونيكا لا تزال في الخامسة من عمرها فقط. بالنظر إلى سنها، أعتقد أن ما ترسمه رائع حقًا.”
“…ما يخيفني هو أن هذا ليس مجاملة بل كلام نابع من
القلب…”
نظر الدوق إليَّ بنظرة غريبة، ثم وقف واتجه إلى مكتبه، وأخرج مجموعة من الأوراق من الدرج.
“هل يمكنكِ معرفة ما في هذه الرسومات أيضًا؟”
أجبتُ بدهشة طفيفة.
“إنها جميعها رسومات للآنسة فيرونيكا ولك، أليس كذلك؟”
ترجمة :مريانا✨