طفلة الحوت الأسود القاتل - 76
__ الفصل 76 __
“الآنَ فقط تذكّرتُ، لقد سمعتُ بهذا من قبل. بايير أكواسياديل! إنه قويٌّ كقوةِ أوكولا أكواسياديل!”
“…”
“لكن إن جاءَتِ النمورُ السوداءُ من دوقيةِ النمر، فستكونُ أنتَ الذي يسقطُ بضعفٍ وهزيمةٍ!”
“أبي.”
“ماذا؟”
“لماذا تستمعُ إلى هذا الهراءِ مرةً أخرى؟”
عندما كنتُ سيدةَ العائلة، لم أكن أسمحُ لنفسي بالاستماعِ إلى أيّ هراءٍ من الحيواناتِ البريةِ الأوغاد الذين ليس لديهم أكثر من ثلاثِ مقاطعٍ يستطيعون نطقها مرّةً واحدةً في كُلّ مرة.
ولم يكن هذا فحسب. كنتُ أجعلُ كلَّ من هو أضعفُ مني يدفعُ ثمنَ إهانته ليّ.
“مثلُ هؤلاءِ الناسِ يجبُ أن يُريَهم أحدٌ ما يحدثُ عندما يثرثرُ المهزوم.”
نظر أبي إليَّ وهزَّ رأسَه موافقًا.
“أجل، هذا صحيح.”
سرعان ما تكوّرت بين يدي أبي فقاعةٌ مائيةٌ، ثم ألقاها مباشرةً على وجهِ رجلِ الدبِّ الأسود.
كان منظرُه كمن وضعَ رأسَه في حوضٍ مقلوب.
لم يمضِ وقتٌ طويلٌ حتى فقدَ رجلُ الدبِّ الأسودِ وعيَه تمامًا، بعدما حُبسَ رأسُه في تلكَ الفقاعةِ المائية.
ابتسمتُ بابتسامةٍ صغيرة.
“أولئك الذين لا يستطيعون التنفسَ في الماء، ما زالوا يثرثرونَ فقط.”
“…”
شعرتُ بقليلٍ، مجردِ قليلٍ، من عدمِ الثقةِ في نفسي.
…إن كان هذا ما عليَّ مواجهتُه يوميًا كعروسٍ للتنين، فكيف سيكون حاليّ إذن؟
‘في هذهِ اللحظة، شعرتُ أنني أفضلُ أن أخطفَ الدوقَ التنينِ وأخذه إلى عائلةِ الحيتانِ القاتلة.’
ولكن، ألن يكونَ أقوى مني لذا لن اتمكن من إختطافه؟ كان هذا ما دارَ في ذهني.
-كاليبسو…
حينها سمعتُ صوتًا خافتًا يأتي من توس.
-ساعديني يا كاليبسو.
كان هذا ما كنتُ أنتظره، الكلماتُ التي لم أكن واثقةً من أنها ستأتي ها قد جاءت وأخيرًا.
-خذيني إلى الدوق…!
***
في قصر الدوقِ التنين.
كان صاحبُ الغرفةِ الكبيرةِ مستلقيًا بلا اكتراثٍ.
كان تنفسُه ثقيلًا وواضحًا بألوانِه المختلفة.
فتحَ بصعوبةٍ عينيه، وحدّق في السقف.
كان السقفُ الضخمُ، مألوفًا له.
ولكن، لم يكن ما ينظرُ إليهِ مجردَ سقفٍ بسيط.
كان يشعرُ بوجودِ شخصٍ ما في هذا القصر.
“لقد عاد.”
لقد عاد تابعُه إلى القصر.
لماذا عاد؟
كنتُ أظنه قد ذهبَ للأبد.
ولكن في تلك اللحظة قد ازدادَ تنفسُ الدوقِ اضطرابًا.
أغمضَ الدوقُ عينيه.
خلفَ الأريكةِ، كانت هناكَ ظلالٌ ضخمةٌ تكادُ تصلُ إلى السقف، لا يمكنُ أن تكونَ لإنسانٍ.
ضغط الدوقُ التنينِ على عينيه بيدِه
وحاولَ أن يحتمل الألم.
“توس…”
***
نظرتُ إلى الأفعى الصغيرةِ أمامي بوجهٍ جاد.
– هل يمكنُ أن تذهبي معي الليلة؟
حاولتُ جاهدةً ألا أبتسم.
كنتُ وحدي في غرفتي بعدَ عودتي من غرفة الطعام.
‘أبي دخلَ غرفته، وبيلوس لم يظهر من
غرفته، أليسَ كذلك؟’
لذا، تمكنتُ من التحدثِ بحرية.
لكنني كنتُ حذرةً، فسألتُ أولًا:
“نعم، يُمكنني الذهابُ معكَ. ولكن، هل يُمكنني
أنّ أسألكَ سؤالًا واحدًا؟”
– نعم!
“هل يمكنُنا التحدثُ بهذه الطريقةِ فقط؟ ألا أستطيعُ التحدثَ معكَ بالطريقةِ التي تستخدمها أنتَ في ذهني؟”
– كاليبسو تستطيع. ما دمتِ تسمعينَ صوتي فسوف تستطيعينَ التحدث إليّ في ذهنكِ.
هززتُ رأسي وحاولت.
– هكذا؟ هل تسمعني؟
قلتُ في نفسي كما لو كنتُ أرسلُ رسالةً إلى توس، فرأيتهُ يهزُّ رأسَه بفرح.
– نعم، كاليبسو ذكية!
– نعم، أنا ذكية.
في إحدى مغامراتِ السابقة، قابلتُ أحدَ أنصافِ البشرِ تحت الماء، حيث كانت المحادثةُ بيننا صعبة.
لذلك، جربتُ هذا النوعَ من التواصل.
يبدو أنّ استخدامَ هذهِ القوةِ المائيةِ يجعلني قادرةً على التحدثِ مع توس بهذه الطريقةِ أيضًا.
‘على أيِّ حالٍ، يبدو أنَّني أستطيعُ فعلَ كلِّ شيءٍ تقريبًا باستثناءِ توليد الماءِ…’
كيف لا أزال غير قادرةٍ على توليدِ الماءِ، وهو
أساسُ قوةِ الماءِ؟
كان الأمرُ كما لو كنتُ أستطيعُ القيامَ بالتفاضلِ والتكاملِ لكنني لا أزال عاجزةً عن إجراءِ عملياتِ الجمعِ والطرحِ.
– حسنًا، لنعدْ إلى ما كنا نتحدثُ عنهُ. ماذا كنتَ تريدُ المساعدةَ بشأنهِ، ولماذا تريدُ أن تأخذني إلى الدوقِ؟
في اللحظةِ التي سمعتُ فيها قصةَ توس في غرفة الطعام، شعرتُ بسعادةٍ غامرةٍ.
بالفعلِ، هذا التوسُ الصغيرُ لا يمكنُ إلا أن يكونَ مصدرَ حظِّي الجيدِ!
…أخيرًا، سأتمكنُ من رؤيةِ دوقِ التنينِ!
لكنَّني كنتُ فضوليةً بشأنِ ما قالهُ توس.
فسألتُ بسرعةٍ.
– هل حدثَ شيءٌ لدوقِ التنينِ؟
ما الذي جعلَ هذا الثعبانَ الصغيرَ
يتجولُ في الغابةِ بمفردِهِ؟
ولماذا لم يستطعْ العودةَ إلى سيدِهِ رغمَ وصولهِ إلى قصرِ التنينِ؟
لكن توس توقفَ عن الكلامِ فجأةً ورفعَ رأسَهُ.
كانت عيناهُ متجهتين نحو النافذةِ الكبيرةِ.
– الدوقُ ينادي توس!
اغغ شييق…!
كان يدَّعي أنَّهُ ليسَ ثعبانًا، ولكن صوتُ بكائهِ كان مطابقًا للثعابينِ.
وسرعانَ ما بدأت دموعٌ غزيرةٌ تتساقطُ من عينيهِ البريئتينِ.
– أفتقدُ الدوقَ، أفتقدُهُ.
– حسنًا، حسنًا. لا تبكِ. أخبرني بما تريدُ، حسنًا؟ سأساعدُك.
اقتربَ مني توس وجلسَ ملتفًا حولَ يدي.
– توس بحاجةٍ إلى شخصٍ قويٍّ. للوصولِ إلى الدوقِ، نحتاجُ إلى قوةٍ كبيرةٍ.
– لماذا؟
– الشخصُ الذي يراقبُ الدوقَ قويٌّ جدًا. وذكيٌّ للغايةُ.
رمشتُ بعيني بدهشةٍ.
هل الدوقُ التنينِ يخضعُ للمراقبةِ؟ لماذا؟
‘هل هناكَ سببٌ لذلك؟’
– كنتُ أعتقدُ أن كاليبسو ضعيفةٌ. لكنني كنتُ مخطئًا. إنَّها قويةٌ.
– …هل ظننتَ أنني ضعيفةٌ عندما رأيتني لأولِ مرةٍ؟
– نعم!
يا لها من وقاحةٍ. لقد أنقذتُ حياتكَ!
أمسكتُ برقبةِ توس وهززتُها قليلاً.
– يا لكَ من ثعبانٍ صغيرٍ ناكرٍ للجميلِ! لقد استعنتُ بحوريةِ بحرٍ لأجدَ لكَ بحيرةٍ تروي بها عطشكَ، ولكنكَ في النهايةِ تُفكّر فيَّ بهذه الطريقةِ؟
‘لم أتمكنْ من الحديثِ لأنني بدوتُ ضعيفةً؟ هذا ظلمٌ!’
على الرغمِ من أنني أبدو هكذا إلا أنني قمتُ بفرضِ السيطرةِ على زملائي في الأكاديميةِ وأنا في الثالثةِ من عمري!
وبالإضافةِ إلى ذلك، عندما التقيتُ بكَ لأولِ مرةٍ، كنتُ قد جرحتُ ساقي قليلاً فقط.
‘الآن وقد فكرتُ في الأمرِ، لقد شُفيت ساقي في يومٍ أو يومينِ. هل زادتْ قوةُ الماءِ لدي فزادَ معها معدلُ شفائي؟’
لكنَّ الأهمَّ من ذلكَ الآنَ هو شيءٌ آخرُ، لذا تركتُ رقبةَ توس.
– لكن توس كان مخطئًا. كاليبسو قويةٌ. لذا يمكننا الدخولَ خلسةً!
-…
-هل يمكنكِ مرافقتي الليلةَ؟ خذيني إلى الدوقِ.
– لماذا يخضعُ دوقُ التنينِ للمراقبةِ؟ وأنتَ، رُغمَ حُبِّكَ لهُ، كنتَ في الغابةِ؟ لماذا لم يبحثْ عنكَ الدوقُ عندما عدتَ؟ ولماذا لا تطلبُ المساعدةَ من أهلِ القصرِ؟
– الدوقُ يشعرُّ بالوحدةِ. ولكنهُ لا يعلمُ أنَّه وحيدٌ.
كان الجوابُ غريبًا تمامًا عن أسئلتي.
– توس لا يمكنهُ قولَ المزيدِ الآن.
شعرتُ بالحزمِ في نبرتهِ وهو يتسللُ إلى حضني.
– حسنًا، فهمتُ.
أومأتُ برأسي.
لم يبدو أنَّهُ سيجيبُ على المزيدِ من الأسئلةِ، لذا قررتُ أن أتحققَ من الأمرِ بنفسي.
هل الليلةُ مناسبةٌ للانطلاقِ؟
كما يقولُ المثلُ「اضربِ الحديدَ وهو ساخنٌ」لذا فقد أردتُ إنهاءَ الأمورِ بسرعةٍ.
حينها تذكرتُ كلماتِ الثعلبِ الأحمرِ في غرفة الطعام.
‘يبدوُ أنَّ ما قالهُ توس عن هذا المكانِ يختلفُ تمامًا عما يعرفونَهُ.’
بالإضافةِ إلى أنَّ والدي قامَ بإرساءِ النظامِ في اليومِ الأولِ، لكن في هذا المكانِ الذي يعادي الكائناتِ المائيةِ، حتى لو سألتُ الخدمَ، فلن يعطوني المعلوماتَ الصحيحةَ.
لذا، الخيارُ الوحيدُ هو الذهابُ بنفسي.
دونَ أن أنتظرَ إجابةً من توس، قررتُ.
– فلنذهبْ الليلةَ.
– كاليبسو!
كانت ملامحُ وجهِ توس حزينةً قبلَ قليلٍ، لكن سرعانَ ما تحولتْ إلى إشراقةٍ لا مثيل لها.
كانت عيناهُ تلمعانِ بفرحٍ.
– ستساعدينَني بسرعةٍ هكذا حقًا؟ توس سعيدٌ للغايةِ.
الآنَ بعدَ أنْ رأيتُهُ عن قربٍ، قشورهُ زرقاءُ وعيناهُ ذهبيتانِ كالكنزِ.
‘أليسَ الدوقُ التنينِ أيضًا ذا عيونٍ ذهبيةٍ؟’
رغمَ أنني رأيتُهُ في حالةِ جنونٍ، إلا أنني أذكرُهُ بوضوحٍ.
كانَ رجلًا بشعرٍ أزرقَ وعينينِ ذهبيتينِ، مثلَ تابعهِ.
– توس يحبُّ كاليبسو كثيرًا. شكرًا لكِ.
ضحكتُ ببساطةٍ على كلماتهِ الممتنة.
لو عرفَ أن لديَّ مخططاتٍ أخرى، لما شكرني بهذا الإخلاصِ.
لكنَّني لن أؤذيَهُ أو أؤذي الدوقَ التنينِ.
– حسنًا، سننطلقُ الليلةَ. تعرفُ الطريقَ جيدًا، أليس كذلكَ؟
– نعم! أعرفُ!
– جيدٌ، إذًا سننطلقُ الليلةَ.
ما إن قررتُ ذلكَ حتى وقفتُ.
ثم وضعتُ توس في الغرفةِ.
– أينَ ستذهبين، كاليبسو؟
“سأذهبُ إلى أبي. هل ستنتظرُ هنا؟”
لديَّ حديثٌ مهمٌ معه.
عندما قلتُ هذا، مالَ توس رأسَهُ بتساؤلٍ ثم جلسَ في المكانِ الذي كنتُ أجلسُ فيهِ.
– عودِي بسرعةٍ.
في تلك اللحظة، شعرتُ بشعورٍ غريبٍ
كما لو كنتُ أربي حيوانًا أليفًا.
شعرتُ بالغرابةِ وأنا أنظرُ إلى توس وهو يهزُّ ذيلَهُ.
…يبدوُ أنني أحبُّ الثعابينَ حقًا.
كانَ توس دائمًا يجادلُ بأنَّهُ ليسَ ثعبانًا، بل تابعًا للتنينِ المائيَّ، لذا فهو أيضًا تنينٌ مائيٌّ.
لكن مهما نظرتُ إليهِ، كان مجردَ ثعبانٍ صغيرٍ بقرونٍ.
لو كنتُ قد عرفتهُ لفترةٍ أطولَ، ربما كنتُ سأجدُ صعوبةً في تركهِ.
وبعدَ كُلِّ هذا، تركتُ الغرفةَ وسرتُ عبرَ غرفةِ المعيشةِ الكبيرة، حتى وصلتُ إلى بابٍ قريبٍ.
ولكن قبلَ أنْ أتمكنَ من طرقِ البابِ، سمعتُ صوتًا من الداخلِ يحدثني.
“لم يُغلقْ.”
يا للعجبِ، لقد شعرَ بوجودي.
دفعتُ البابَ ودخلتُ.
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي
حساب الواتباد الجديد قريبا هتلاقو أحدث الفصول لكل رواياتي عليه♡!
اسم الحساب:
Kariby998@