طفلة الحوت الأسود القاتل - 69
__ الفصل 69 __
“في أي وقت كان، يكفي أن تُجيبني على ثلاثة أسئلة لثلاث مرات فقط. ولكن، تعهَّد باسم البحر أن تُجيب بالحقيقة فقط. حينها سأقدّم لك الدليل أيضاً.”
عندما فتح بيلوس يدهُ الأخرى، كانت هناك
شارةٌ صغيرةٌ جدًا على راحة يده.
كانت الشارة المرسومة عليها الأمواج تبدو وكأنها شيء غير عادي بمجرد النظر إليها.
“يبدو أن هناك أحمقاً شارك كقاتل واحتفظ بختم العائلة. هذه الشارة لا يمتلكها إلا الورثة، لذا ستكون مفيدةً لكَ. حتى لو قتلتهُ وأزلتهُ تمامًا، فإن رئيس العائلة الجانبية التي ينتمي لها هذا القاتل لن يستطيع تقديم أي اعتراض.”
“…”
ظهرت فقاعات ماء بالقرب من الشارة، واندمجت
معًا لتجعل الشارة تطفو في الهواء.
نظر بيلوس إلى ذلك المشهد بصمت.
“لقد تمَّت الصفقة.”
انتقلت الشارة إلى يد بايير واختفت من على راحة يده.
أغلق بايير يده على الشارة وسألَ بيلوس بقولهِ:
“متى ستطرح الأسئلة؟”
رسم بيلوس على وجهه تعبيرًا من التفكير العميق قبل أن يفتح فمه بعد ترتيب الكلمات بوضوحٍ تام.
“السؤال الأول سأطرحه الآن.”
ومن مكان قريب، سُمعت أصوات ضحكات كاليبسو.
لسبب ما، كانت تبدو سعيدة للغاية.
للحظة، شعر بايير أنه كان محقًا في قرارهِ
بالانضمام إلى هذه الرحلة المزعجة.
بالرغم من أن العلاقة معها قد بدأت بخطأ منذ البداية، إلا أنهُ يُمكن تصحيحها شيئًا فشيئًا، وفي يومٍ من الأيام ربما هما…
“سأستمع، لذا لا تنسَ هذا السؤال أنتَ أيضاً.”
“عندما تنحل هذه القيود بيننا وتُعترف بي كوالدك، ينبغي أن تتخلى عن تلك التسمية.”
قد نصبح في النهاية ما يتمنى
كل منا أن يكون عليه.
حينها ظهر صوت بيلوس في الوقت المناسب.
“السؤال ليس صعبًا.”
اعترف بايير بأمر ما عند هذا…
بفضل لقائه بـ كالِيبسو أصبح يرى وجوه
أبنائه بوضوح أكثر.
كان ابنهُ الأكبر الذي التقاهُ بعد رؤية أبنه
الثالث أجينور، يشبههُ تمامًا.
“سيد بايير.”
في تلك اللحظة، تألقت عيون بيلوس
الزرقاء بهدوء تحت الظلال.
“هل حلمت يومًا بحلمٍ غريبٍ؟”
“حُلم؟”
كان سؤالًا لم يتوقعه بايير أبدًا مما
جعلَ جبينهُ يتجعد بأستفهام.
كان سؤالًا غريبًا.
ولكن بما أنه قد تعهّد بقول الحقيقة، أجاب
بايير ببطء وهدوء.
“لا أعرفُ أيَّ حُلمٍ تقصدُ، لكنني لم أحلم بشيءٍ
منذ أكثر من عشر سنوات.”
كان ذلك صحيحًا.
أومأ بيلوس برأسه.
بدت على الفتى تعابير غامضة، ربما كانت
إحباطًا أو ارتياحًا، أو ربما شيءٌ آخر.
“نعم، فهمت.”
في نفس الوقت، كانت كالِيبسو تمسك بأفعى
في يدها وتبدو تعابيرُها في غاية الجدية.
بل كانت حقًا جادة للغاية.
***
“لما أنتَ هناك، أيها الأفعى؟”
في ذلك اليوم، تدخل كل من بيلوس وأبي ليتمكنا من جعلي أتخطى محاولة الأغتيال بأمان.
‘ظننتُ أنني سأعودُ بالزمنِ مجددًا.’
كان تجاوز شفير الحياة والموت جيدًا، ولكن…
ظهرت مشكلة واحدة.
أثر هذت على الجدول الزمني، مما جعلنا
نقيم في المخيم الليلة بدلا من الوصول الى مهرجان التنين.
‘لعلّ من الحظ أن لدينا عربة إضافية؟’
حتى الآن، كنا نتوقف عند القرى المجاورة
للنوم، لذا كان هذا هو المخيم الأول لنا.
في الحقيقة، لدي خبرة واسعة في النوم في الهواء الطلق، لذا لم تكن هنالك أيَّ رومانسية خيالية كما في بقية الروايات بل كنت هنا أفتقد السرير.
لكن هذا لم يكن المشكلة الوحيدة.
‘لماذا يتبعني هذا الأفعى؟’
استمر الأفعى الصغير التي
رأيته في الغابة في تتبعي.
حاولت التخلص منه، لكنه كان يلتف حول
معصمي باستمرار، فقررت أن آخذهُ معي.
على أي حال، طالما نحن في طريقنا إلى مهرجان التنين، وكل منطقة تمر عبرها الحيوانات البرية، فبإمكاني تركه في أي مكان.
في الحقيقة، عندما كان بيلوس يشعُّ بالغضب، وقف هذا الأفعى الصغير أمامي لحمايتي بشكل لطيف.
‘لم يكن مفيدًا جدًا، لكن مجرد المحاولة
في المساعدة يعتبر أمرًا لطيفًا.’
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أنه ذكيٌّ.
كان يفهمُ ويستوعب ما أقولهُ بسهولةٍ.
لن أشعر بالملل أثناء الرحلة، فبعد أن أشعلت
النار بدأت أستمتع بالرحلة بعض الشيء…
“لما أنتَ، هناك. أيها الأفعى؟ هيه تعال هنا~”
سرعان ما أصبحت أنظر إلى الأفعى بجدية.
‘قبل بضع دقائق فقط، كان هذا الأفعى الأزرق ذو القرون، يلتف حول معصمي أو يتسلق ظهر يدي ويلعب بسعادة، ولكنهُ قد أصبحَ حزينًا فجأةً كما لو كانَ نباتًا يذبل لعدم حصوله على الماء.’
ما هذا؟ هل يمكن أن يذبل بهذه السرعة؟
‘الهامستر أو تلك الكائنات الصغيرة
قد تموت فجأة أيضاً.’
شعرت بالقلق بلا سبب وبدأت أنقرُ عليهِ بخفةٍ، ولمست قرونه الصلبة، لكنه لم يستعد وعيه على الإطلاق.
“هل من الممكن أنكَ جائعٌ؟”
من الطبيعي أن أفراد مجموعتي لا يعرفون
الكثير عن الحيوانات البرية.
فقد أصبحت الحيوانات المائية مثلنا أكثر انعزالًا بسبب التمييز الشديد
لا يعرفون الكثير عن الحيوانات البرية، فكيف
لي أن أعرف عن هذا الأفعى؟
بعد تفكير مطول، خلصت إلى أنه قد يكون جائعًا.
‘يحتاج إلى طعام.’
لذلك، لم يكن هناك أحدٌ يعرف
ما تأكل الأفعى سوايّ أنا.
“إلى أين أنت ذاهبة؟”
“آه، يا معلمي…!”
نهضت بسرعة محاولةً التحرك للذهاب، لكن
طريقي قُطع فجأةً.
“أوه مُعلّمي، هذا هو الحظ بالتأكيد! لقد
التقينا في الوقت المناسب.”
أمسكت بسرعة بحاشية ملابس أبي.
“معلمي، هل يمكنك أن تصطاد لي فأرًا؟ فأر حي، أو ميت لا بأس، بل هل يمكن أن يكون هناك فأر حي في هذا المكان؟ على أي حال، أي حيوان صغير سيكون جيدًا!”
“لما تطلبين هذا الأمر فجأةً؟”
“لأطعم هذا الأفعى، هناك شيءٌ غريبٌ
فيهِ. إنه منهكٌ للغاية.”
“…أعتقد أنكِ قابلته لأول مرة اليوم فقط. هل أصبحتما قريبين لهذا الحد خلال يومٍ فحسب؟”
في تلك اللحظة، أملتُ رأسي بتساؤلٍ.
“إنهُ يعاني، فلماذا هذا مهم؟ حسنًا، لقد حاولَ مساعدتي ولا أريد تجاهلهُ. إذا كان الأمر صعبًا عليك، سأنطلق أنا للصيد، آه!”
فجأة شعرت بالعالم ينقلب رأسًا على عقب، ووجدت نفسي معلقة في الهواء بإحدى تيارات المياه.
“بهذه الساق، إلى أين كنتِ تعتزمين الذهاب؟”
“آ-آه؟ هل كنت تعرف؟”
ارتسمَ على وجهي تعبيرٌ مذهول.
وأنا اتساءلُ: ‘كيف علمَ بالأمر؟’
حينها نقر أبي لسانهُ بخفةٍ.
“ألم أطلب منكِ الفوز ولكن دون أن تصابي بأذى؟”
“أمم، هذا…”
“لا أنوي أن ألومكِ.”
“هاه؟”
“نعم، ربما يجب أن أقول هذا للآن.”
هزَّ أبي رأسه ووضع يده الكبيرة على رأسي.
“كنتُ قَلِقًا عليكِ، كالِيبسو.”
… يا لهُ مِن تعلمٍ سريع.
أغلقتُ فمي بإحكام وانا مذهولةٌ من كلمات أبي.
“هل تحتاجين إلى فأر؟ هل فأر الحقل
الذي ذكرتِه سيكون مناسبًا؟”
كان ما أحتاجه واضحًا، لذا هززت رأسي بسرعة.
وعندما استدار أبي ليبدأ التحرك، سُمِعَ
صوتٌ خافت.
-ليس…الجوع…
‘ماذا؟’
“ليس الجوع؟”
نظرت إلى الهواء، لا، نظرت بسرعة إلى أبي.
“معلمي، ألم تقل أنتَ هذا؟”
“ماذا تعنين؟ لم أقل شيئًا.”
“ماذا؟ إذن، من أين هذا الصوت…؟”
نظرت حولي، فرأيت الفرسان على مسافة بعيدة، ولم يكن هناك أثرٌ لـ بيلوس أيضًا.
إذن، المتبقي هو…
“هل يمكن أن تكون…أنتَ؟”
-نعم، لستُ جائعًا.
الأفعى الذي كان منهكًا تمامًا حركَ ذيلهُ بخفةٍ.
نظرت إلى الأفعى وعقلي مليءٌ بالتساؤلات.
‘يبدو أنني، من كثرة العيش في عالم الحيوان، بدأت
أرى الحيوانات تتكلم الآن…’
“يا معلمي، هل سمعتَ ذلك؟”
“عما تتحدثين؟”
“ماذا تقصد؟ هذا الصوت…آه، هل يعقل
أنك لم تسمعه؟”
أومأ أبي برأسه.
“لم أسمع شيئًا سوى صوتكِ.”
يا للعجب، إنه أفعى ولكنهُ يتكلم، وصوتهُ
يصلني وحدي؟
-إذا كنتِ تملكين قوةً متعلقةً بالزمان، ستسمعينَ صوتي.
حينها ارتعدتُ فجأة.
“ما الأمر؟”
“لا، لا شيء…يبدو أنني وحدي من سمعه.”
“هل تحول إلى نصف إنسان؟”
“ربما…”
نصف إنسان هو مصطلح يشير إلى كل الكائنات التي لم تتخذ شكلاً بشريًا كاملاً.
تشمل الكائنات التي تحمل هيئة حيوانية ولكن تمتلك مستوى ذكاء وقدرة تفكير يعادل مستوى الإنسان، وأحيانًا تكون قادرة على الكلام.
– ماء… ماء…أحتاج الكثير. أنقذيني. أرجوك أنقذيني.
ماء؟ لا أدري لماذا لا يسمع أحد الصوت إلا أنا، ولكن الأفعى بدت أكثر وهنًا من ذي قبل.
لقد بدا وكأنهُ على وشك الموت.
‘هل هذا لأنني أمضيت الكثير من الوقت في الأكاديمية التعليمية الابتدائية؟ لا أستطيع تجاهل الصغار أبداً.’
وضعتُ الأفعى في راحتيَّ ورفعتها باتجاه أبي.
“يا معلمي، هل يمكنك صنع الماء؟ اغمره تماماً بالماء.”
“كم تحتاجُ هذه الأفعى من الماء؟”
“أمم، كثيرًا، كثيرًا جدًا.”
سرعان ما امتلأت راحتيَّ بالماء.
لكن المدهش أن الماء كان يختفي
بمجرد أن يملأ كفيَّ.
‘ما هذا؟ هل امتصت الأفعى كل الماء؟’
لقد رأيتُ بوضوح، حين كان الماء يملأ
كفي، كيف تسلل إلى حراشف الأفعى.
– المزيد…المزيد من الماء…
“المزيد؟ كم تحتاج؟”
– كثيرًا، كثيرًا جدًا.
“يا معلمي، يحتاج إلى الكثير من الماء، أصنع أكثر.”
رغم أن أبي عبس قليلاً، إلا أنه لبّى طلبي.
المشكلة أنه، مهما أنتج من ماء، فإن
الأفعى لم تستعد وعيها أبدًا.
وفي النهاية، قال أبي بهدوء:
“يبدو أن هذا الأفعى سيموت قريبًا.”
“…”
حينها أخذتُ أنظر إلى الأفعى الزرقاء
بعينين نصف حزينة.
– المزيد…المزيد من الماء…
“أخبرني، إذا لم تخبرني عن كمية الماء التي
تحتاجها، فلن أستطيع مساعدتك.”
كان صوتها ضعيفًا للغاية، بالكاد استطعت
سماعه إذا أرهفتُ السمع جيدًا.
ثم فجأة، فهمتُ ما كان يقول الصوت
الشاحب، ففتحتُ عيناي على وسعهما.
“…ماذا؟!”
ماذا؟ إذا لم أكن قد سمعت خطأً…
“بحيرة؟!”
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي