طفلة الحوت الأسود القاتل - 55
__ الفصل 55 __
“يا سمو الأميرة! هل اللون الأزرق جميل؟”
“بالطبع لا! يا سمو الأميرة إنه اللون الأحمر!”
تقدما بسرعة وبشكلٍ قتاليٍ باتجاهي التوأم
لوكا ولوبا بوجوهٍ مليئة بالفرح.
لوكا كان قد أخذ راحةً بسبب الأصابةِ، لكنهُ عادَ
للأكاديميةِ منذ يومين.
‘ومع ذلك، لقد شعرتُ بالراحةِ لرؤيتهِ مجددًا.’
على أيَّ حالٍ…
نظرت إلى الكرتانِ اللتانِ أمامي.
“…تبدوانِ مُتشابهتين؟ ما الفرق؟”
“اللون!”
“إنه مختلف!!”
“آه، ولكنها كرة، أليس كذلك؟”
“إنها ليست مجرد كرة!”
بدأ لوكا ولوبا في شرح مدى روعة كرة الورق الملون التي صنعتها اليوم في الدرس.
ولكنني لم أستمع سوى إلى ١٠٪ من حديثهما.
“حسنًا، حسنًا. إنها كرة ورق ملونة مذهلة لدرجة أن مؤسسة عائلةِ الحيتان القاتلة العظيمة ستقوم من قبرها لرؤية هذه الكرة. هل هذا كافٍ؟”
“سمو الأميرة! أعطني هذه أيضًا!”
“وهذه أيضًا!”
“…أوه.”
يا أطفال، إذا استمررتم في هذا…
“آه، سمو الأميرة! اصنعي كرةً ليّ أيضًا!”
“ليّ أيضًا، إنها رائعةٌ جدًا!”
“خاصتي أكثرُ روعةً بكثير!”
انظروا! الجميع سيأتي الآن بسببكما أيها التوأم!
رغم أنني عبست سرًا بسبب هذا الكم الهائل
من الورق الملون الذي قُدم ليّ…
إلا أنني كنت أود حقًا أن أقول لهم
جميعًا أن يختفوا.
‘حسنًا، سأتحمل. إنهم أطفال.’
أخيرًا بدأت في النظر إلى كل
واحد منهم بنفَسٍ طويل.
وبينما كانوا يغادرون وهم مبتسمون، لم يتبقَ
بجانبي سوى التوأم لوكا ولوبا.
“سمو الأميرة، سمو الإميرة.”
جلس لوكا بجانبي والتصقَ بيّ.
عندما تلاقت أعيننا، ابتسمَ ابتسامة جميلة.
كانت دلافين البيلوغا في الطبيعة
حيواناتٍ لطيفةً جدًا.
ولهذا السبب كان هؤلاء الأطفال يتمتعونَ
بمظهرٍ جذابٍ للغايةِ.
علاوةً على ذلك، كما هو الحال مع جميع الحيوانات، يكون الصغار دائمًا جميلونَ، وكذلك كان الحال مع المخلوقات نصف البشرية مثلنا.
‘لكن، هذا الطفل لا يزال ملتصقًا بها.’
ومع ذلك، كان هناك شيء يزعجني؛ وهو هذا الشيء.
لم أستطع أن أزيح نظري عن اللاصقة على خد لوكا.
“سمو الأميرة، أمي أرسلت تحياتها لك.”
“صحيح، وأبي أيضًا.”
“حقًا؟”
كنت أتجنب عمدًا البالغين من عائلة
بيلوغا، لذا تجاهلت الحديث بلطف.
“أمي قالت إنها تود مقابلتك قريبًا.”
“حقًا.”
“وقالت إنكِ ستتجاهلين هذا الحديث كذلك.”
“أوه.”
دلافين عائلةِ بيلوغا أذكياءٌ جدًا ولديهم حسٌ شديدٌ.
“أمي قالت أن أخبركِ بهذا! آغغ!”
“ماذا؟ هل يؤلمكَ خدُكَ؟”
“…أمي قالت أنهُ يجب أن افعلَ هذا لكي تزورينَ منزلنا.”
“…حيلةٌ رخيصة.”
كدت أقع في الفخ.
كادوا أن يخدعوني هؤلاء الأطفال الماكرين.
ولكن، لم أستطع إخفاء تعبيري المُتردد.
“لكن، نحن لن نخدعكِ يا سمو الأميرة.”
“صحيح، نحن لا نكذب!”
“لا نكذب!”
“حسنًا، حسنًا. أنتم أطفال طيبون.”
بينما كنت أُداعب رأسي التوأم بكلتا
يدي، كنت أُضيّق عيني قليلاً.
رغم أنهم قاموا بتسريب حيلة والدتهم، إلا أنني
لم أتمكن من الشعور بالغضب منهم.
هؤلاء الأطفال كانوا أكثر دهاءً مما كنت أتصور.
ثم أمسك بيدي يد كبيرةٌ بالنسبة ليد طفل.
رغم كبر اليد إلا أن الطفل لا يزالُ طفلًا.
“سمو الأميرة.”
كانت عيونهُ مليئةً بالخوف من أن أرفضهُ.
“كنت أخشى أن أصاب بثدمةٍ في رأسي…”
ابتسمت قليلاً وأنا أنظر إلى لوكا.
“ليست ‘ثدمةً’ بل ‘صدمةٌ’ يا لوكا.”
“نعم، بالتأكيد!”
لم يكن يزعجني أن يحاول الأطفال الذين هم أكبر مني حجمًا أن يظهروا كلماتٍ لطيفةً لطفلةٍ تبلغ من العمر ثلاث سنوات.
“سمو الأميرة هي شخصٌ طيب، لذا هي
قلقةٌ عليّ، ولذلك هي موجودة هنا.”
“لكنني لست شخصًا طيبًا.”
لو كنتُ شخصًا طيبًا، لما كانت عائلتكما
وضعت حياتها بين يديّ.
كيف يمكنني أن أفكر في طريقة لتسليم
ذلك المنصب إلى أجينور؟
‘إذا أعلنت أنني لن أكون الوريثة ودعمت أجينور، ألا يعني ذلك أن العائلات التي تتبعني أيضًا سيدعمونه؟’
شعر الأطفال ناعمٌ للغاية.
وبينما كنت ألعب بالشعر الأبيض الناعم وأفكر، ابتسم لوكا بابتسامة عريضة.
“هيهيهي.”
“هيهي!”
“لا تضحك أنتَ أيضًا.”
“لماذا؟”
“يا أطفال، أنتم تزعجونني. اذهبوا وتقاتلوا هناك.”
حينهت انتقل لوكا ولوبا حقًا وبدآ في القتال.
…حسنًا، من الرائعِ أنهم يستمعون ليّ جيدًا.
‘إنه أمر ممتع نوعًا ما مشاهدة هذا القتال.’
في حيواتي السابقة، كنت أدفع أتباعي
للقتال عندما أشعر بالملل.
آه، بالطبع كانوا جميعًا موافقين على ذلك.
ربما بسبب شخصيتي كرئيسة، كان معظم الذين
تجمعوا حولي عدوانيين بطبيعتهم.
آه، باستثناء الدولفين الذي كان مستشارًا ليّ.
‘أيها المتوحشون، توقفوا عن القتال!’
‘آه، حسنًا، حسنًا. سنفعل ذلك أيها الدولفين الذي يحب الكتب فقط، اذهب واجلس فوق المكتب هناك. هاها.’
أفتقد تلك الأيام حقًا.
على أيَّ حال، لم أكن أحاول تذكر تلك الذكريات، ولكن أحد أتباعي قال شيئًا ما حول هذا.
لقد كانت تلك هي المحاربة التي تحب
مشاهدة القتال بقدر ما أحببتهُ أنا.
‘يا سيدتي! أكثر المعارك إثارة هي
معارك الأطفال الساذجين!’
لماذا أتذكر تلك العبارة الآن وأنا أراقب
التوأم وهما يتقاتلانِ؟
علاوة على ذلك، مع مراقبتي للوضع بهدوء، بدأ أطفال الحيتان القاتلة، وحتى أبناء العائلات الفرعية الذين كانوا يختبئون في الزوايا، بالاقتراب ببطء لمشاهدة المعركة.
تجمعهم جميعًا كان مشهدًا مضحكًا.
‘لكن، هل من الآمن لـ لوكا أن يتحرك في هذا القتال؟’
كنت قلقة بعد أن أخبرتني إيليا أن إصابته كانت أكثر خطورة مما توقعت.
‘على الأقل يبدو أنه بخير الآن.’
في الواقع، ما قاله لوكا حول الصدمة
في الرأس كان صحيحًا.
كنت قلقة بشأن لوكا منذ اليوم الذي
عاد فيه إلى المدرسة.
ويبدو أن إيليا قد فهمت الأمر جيدًا.
ربما سأظل أهتم بهؤلاء الصغار.
‘لهذا السبب يكون التعلق مزعجًا.’
على الأقل حتى يصلوا إلى مستوى معين
ومن ثم سوف أتركهم.
أو ربما حتى استطيع الوصول إلى مهرجان التنين؟
كنت أفكر في ذلك مؤخرًا.
إذا ذهبت إلى مهرجان التنين هذا وتمكنت من التواصل مع الدوق التنين وبقيت هناك.
بالطبع، هذه هي النتيجة المثلى، ولكن حتى
لو كان هناك احتمال ضئيل، أليس هذا جيدا ليّ في النهاية؟
‘لن أعود إلى هنا أبدًا. لذا علي أن أنجز
بعض الأمور قبل الرحيل.’
عندما بدأت هذه الحياة، كان كل ما فكرت فيه هو لقاء الدوق التنين والعودة إلى المنزل في كوريا.
لكن هناك بعض الأمور التي كنت أريد
حلها قبل ذهابي إلى الدوق التنين.
لن أكون الوريثة، لذا لا يمكنني تغيير المستقبل.
لكن هناك بعض الأمور التي ستظل
تؤرقني إذا لم أنجزها.
على الأقل، لأنني أحببت أتباعي
وهذه الحيوانات البحرية.
‘علي أن أسأل والدي. قال إنه سيخبرني
بتاريخ المغادرة اليوم.’
كنت أفكر في ذلك في طريق عودتي
بعد الانتهاء من الدروس.
منذ عودة التوأم إلى الأكاديمية، عادا لحملي من أعلى الدرج إلى أسفله مثل كل مرة.
وقد حاولت أن أمنع لوكا من فعل ذلك لأنه قد يكون خطيرًا، لكنه أصر بقوة على أنه بخير، لذا تركته يفعل ما يريد.
‘المشكلة كانت أن الأشياء تكدست في المنزل مؤخرًا.’
نعم، منذ اجتماع العائلة، كانت الهدايا تتكدس في المبنى الذي أسكن فيه.
“آه، آنستي! انظري إلى هذا، إنه حريرٌ! إنه من أفخم الأنواع.”
“لنصنع فستانًا أبيض لآنستنا! ووشاحًا أيضًا!”
“يمكننا صنع رداء أيضًا!”
“هدوء! الجميع أن آنستنا متفاجئة.”
كانت خادمات سمكة الرنجة الثلاثة متحمساتٍ
للغاية، وكان ذلك تقريبًا مخيفًا.
الوحيدة التي حاولت إيقافهم كانت ميسيا
لكنني لم أكن متفاجئة بسببهم.
‘كيف سأدخل المنزل إذا بقيت الأمور
هكذا؟ إنه أمر مزعج!’
صراحةً، كنت أتوقع أن يكون التأثير كبيرًا
بعد ظهوري الأول بهذا الشكل.
علاوة على ذلك، معظم من أرسلوا هذه الهدايا كانوا من أولئك الذين لم يتمكنوا من الاقتراب مني بعد اجتماع العائلة.
أولئك الذين لم يجرؤوا على مواجهة نظرات والدي فتراجعوا كجبناء.
بالطبع، قد تكون هناك بعض الهدايا القادمة من بعض العائلات القوية بينها.
‘لا أهتم.’
على أي حال، بسبب هذه الأمور، كنت
أعيش حياة رغدة جدًا مؤخرًا.
‘الطعام أصبح ألذ.’
بالمناسبة، هناك شيء غريب في
عدم قدوم الناس شخصيًا.
لكن كان من السهل جدًا إيجاد الجواب.
“أوه؟ هذا لأنك تعيشين بالقرب من منزل معلمكِ. الآن بعد أن علموا أن معلمكِ يحميك، من يجرؤ على الاقتراب؟”
“هذا صحيح.”
كان أجينور على حق.
وفي طريقي المعتاد إلى المنزل، كنت على
وشك ركوب العربة عندما توقفت فجأة.
“كاليبسو أكواسياديل.”
عندما أدرت رأسي، رأيت شخصًا
واقفًا بجانب الجدار.
رمشت بعيني بدهشة.
الشخص الذي نادى باسمي كان ‘بيلوس’ أخي الأكبر.
ماذا؟ لم أتوقع هذا.
‘… لماذا خرجَ من هنا؟’
كان لديه شعرٌ يصل إلى عنقه، ويتميز بخصلات فضية مخلوطة مع الشعر الأسود المميز لعائلة حيتان القاتل.
علاوةً على ذلك، عيناه الزرقاوتان كانتا مشابهتين
لي، لكن بدرجة لون أكثر إشراقًا.
نعم، كان هذا هو أخي الأكبر الجميل والوسيم جدًا.
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي