طفلة الحوت الأسود القاتل - 49
__ الفصل 49 __
رفعت أوكولا أكواسياديل حاجبيها قليلًا.
‘أوه؟ انظر لهذا.’
كان من النادر أن يكون الشخص غير متوترٍ
ومُرتاحًا تمامًا أمام نظراتٍ لا حصر لها تمرّ به.
ولكن، كانت هذه الطفلة الصغيرة حديثة الولادة، هادئةً ومُتحكمةً بتعابيرها بشكلٍ لا يُصدق.
بل بدا وكأنها تستمتعُ بذلك وكأنهُ أمرٌ طبيعيٌّ.
لاحظت أوكولا هذا الأمر بسرعةٍ.
‘هل تستمتعُ بالأنظارِ نحوها؟’
ألم تكن مُجردَ سمكةٍ صغيرةٍ لم يتجاوز
عمرها الثلاث سنوات؟
علاوةً على ذلك، لم تكن قد فعلت شيئًا سوى
الانعزال في المبنى مُنذ ولادتها.
لكن، كيف يمكنها أن تسيطر على الوضع هكذا، بل وتستغلهُ لصالحها؟
بل وحتى تَعرِفُ كيفَ تتحكمُ في الأمورِ بِسُرعةٍ.
باختصارٍ، كانت شخصًا مميزًا.
‘لم توقظ الأميرةُ الصغيرة قوة الماء بعد.’
لم تكن أوكولا جاهلةً بأمرِ القتال الذي
حدث في الأكاديميةِ التعليمية.
لم يكن هناك شيء يحدث في هذه الأرض
الشاسعة دون أن تعرفهُ.
‘ومع ذلك، فإن قدرتها على تقوية الجسد بقوة الماء بالفعل…بمستوى عالٍ، بل إنها لا تقل عن مستوى الكبار.’
عادةً، عندما يوقظ الحوت القاتل قوة الماءِ، فإن أول ما يفعلهُ هو توليدُ تيارٍ مائي.
ثم يصبحُ قادرًا على استخدام خوف
خصومهِ وتهديدهم.
والخطوة التالية هي القدرة
على تقوية الجسد بقوة الماء.
ولكن هذه الطفلة الصغيرة، لسببٍ
ما، كان ترتيبها مُختلطًا.
لم تكن قادرةً على إنتاجِ تيارٍ مائي، بل
حتى قطرةُ ماءٍ واحدةٍ.
ومع ذلك، كانت تقوية جسدها بمستوى عالٍ، حيثُ كانت ماهرةً في القتالِ بفطرةٍ طبيعيةٍ.
‘عُذرًا سيدتي، ولكن بصراحةٍ، كان ذلك القتالُ ساحقًا…’
حتى الشخص الذي قدّم التقرير كان
مصدومًا وغيرَ مُرتاحٍ أثناءَ تقديمهِ.
كان من اللافتِ للأنتباهِ أن
التقرير بدا غيرَ قابلٍ للتصديقِ.
هل يمكن أن تكون هذه هي ابنةُ بايير اللعين حقًا؟
سبق وأن أظهر أبناؤه الثلاثة تاريخًا غير عادي.
ولم تكن تعتقدُ أنّ أبنتهُ الصًغرى
ستكون مُختلفةً، لكن هذا…
حينها ضيقت أوكولا عينيها.
‘جدتي! إثبتي!’
‘إثب–إثبتي!’
‘جدتي، أ-أنا جيّدةٌ! قولي ذلك!’
لم تكن قادرةً على التحدثِ بطلاقةٍ
عندما التقيا لأولِ مرةً بهذا الشكل.
الآن وأنا أفكر في الأمر، كان ذلك غريبًا.
هل لم تكن قادرة على التحدث حقًا…؟
أم أنها لم ترد التحدث؟
وبالتالي، كل ما فعلتهُ كاليبسو في الأكاديميةِ
التعليمية وصل إلى أذن أوكولا.
وبالمقارنة مع الحوادث التي تسبب فيها إخوة كاليبسو الثلاثة، كانت أفعالها أقلَ جنونًا، لذلك لم تبرز كثيرًا.
في الحقيقةِ، لم تكن هناك حوادث تُذكر.
ومع ذلك، كان من الجدير بالملاحظة أنها صعدت بسرعة إلى أعلى رتبة بين الحيتان.
ضرب أحد الحيتان القاتلة الذي ينتمي الى أحدى العائلات الطانبية لم يكن كافيًا لها.
عرفتُ ذلك، لكنني لم أعرهً اهتمامًا كبيرًا.
ثم بعد ذلك جاء هذا القتال.
بالإضافة إلى ذلك، حتى ابني الثالث بايير، الذي كان مختبئاً لأكثر من عشر سنوات، تحرك عند هذه الحادثة.
وما فعله هو الدفاعُ عن ابنتهِ.
شعرت أوكولا بحماسٍ لفضولها الشرس الذي
لم تشعر بهِ مُنذ فترةٍ طويلةٍ.
حسنًا، لنرى ما نوع تلك الابنة التي تدافعُ
عنها لأول مرةٍ يا بايير.
تعمدت تجاهل الموقف ومراقبتهُ من بعيد.
حتى إنني تجاهلت حقيقة أن بايون
ذاك الوقح خرق القواعد الصارمة.
كانت أوكولا مُهتمةً بالموقفِ أكثرَ
من اهتمامها بقواعدها حتى.
حتى لو انتهى الأمر بكاليبسو بالتعرض
للظلم والهزيمة هنا، هذا لم يكن ليهم.
إذن، هنا كان سينتهي هذا الفضول.
ولكن،
تلك الصغيرة، التي تشبهُ كعكة الأرز، خلقت ‘تحولاً مفاجئاً’ أذهلني حتى أنا التي عاشت لسنواتٍ طويلةٍ.
‘هاهاهاهاهاهاها!’
حينها ضحكت أوكولا فجأةً، ففزع الجميع
وأخذوا ينظرون إليه.
ثم قامت أوكولا بمسحِ شعرها.
“أنتهى الأجتماعُ هنا.”
كان بايون يرتجفُ وهو يشاهد كُلَّ هذا.
“ه–هذا لا يُصدق.”
حقًا. لا يُصدق.
“من أنا؟ الحفيد الأكبر لجدتي، والابن الأكبر لوالدي!”
جدتي كانت المرأة الكبرى وكذلك الرئيسةُ السابقةُ كان المرأة الكبرى، فإذًا الاحتمال الأكبر أن يصبح الابن البكر أو الحفيد البكر هو الرئيس.
“لماذا؟ لماذا!!”
هذا بسبب فارق العمر الذي
لا يمكن تجاوزه.
لم يكن بايون يدرك أن قدراته
الفعلية لم تكن تناسب عمره.
لم يكن يعلم.
أن موهبته كانت أفضل قليلًا من المتوسط فحسب.
أخفى والده الشديد في حبه لأبنهِ البكر
هذه الحقيقة، وتجاهلت والدته الأمر.
“أ–أنا سيتم استبعادي وأكون تحت
الإقامة الجبرية؟ هذا سَخيفٌ!”
كان بايون ينظرُ بحقدٍ شديدٍ إلى الجهة المقابلة.
كاليبسو التي كانت تقفُ على الطاولةِ، لا تزال
تستمتعُ بالأنظارِ نحوها بوجهٍ جريءٍ وهادئ.
‘كيف تجرؤ، حتى أنا لم يتم
تقديمي بهذا الشكل.’
لقد انتهوا من هذا الموضوع وتخلصوا من أحد المرشحين، وها هم يقدمون شخصًا جديدًا من السلالة الرئيسية ويعترفونَ بهِ.
لم يحدث مثل هذا من قبل!
عادةً، تقديم طفل من السلالة الرئيسية للحوت القاتل يحدث في وقتٍ مُحددٍ من الاجتماع، وهذا التوقيت يحدد تأثير الطفل.
حتى الآن، كان بايون هو الشخص الذي
تم تقديمه في أسرعِ وقتٍ.
ثم تلاه بفارق بسيط ابن بايير الأكبر، بيلوس.
وكان التالي ابن بيور الأكبر، سورتي.
إلا أنَّ كاليبسو أصبح بعد هذه اللحظة هي الأولى في قائمة الأحفاد المباشرين الذين يتم تقديمهم بسرعة.
لم تُحطّم الأرقام القياسيةِ فحسب، بل بدأت ببدايةٍ مُبهرةٍ للغايةِ.
حتى أنَّ الورثة الحاليين والمسؤولين
شعروا بالاستياء والغيرة منها.
ونتيجة لإعلان إنهاء وتأجيل الاجتماع، أصبحت قاعة الاجتماعات مًضطربةً بعض الشيء.
الأتباع الذين وقفوا مرتاحين من أماكنهم مُستعدينَ للخروطِ، وأولئك الحيتان القاتلة من العائلاتِ الفرعية الذين يتجولون حول المكان.
كانت الأنظار مُتجهةً بوضوح إلى الشخصيتين الرئيسيتين لهذا اليوم، كاليبسو وبايير.
وضع الأب روديسن يدهُ على كتف بايون
الذي كانَ يرتجفُ بشدةٍ.
“بایون، تحلَّ بالصبرِ…ربما تشعر بالظلم الآن، ولكن
ليس هذا هو الوقت المناسب لذلك.”
“…”
“إن انتظرتَ، فسيقومُ والدك بأيّ شيءٍ لمُساعدتكَ.”
حتى أنَّ روديسن الذي كان يتحدث هكذا كان
عنقه محمرًا من شدة الغضب.
‘بايير، كم من مرةٍ سحقتَ طريقي بموهبتك.’
والآن، كانت ابنةُ ذلك اللعين هي التي
تعترض طريق ابنهِ الفخور!
لكنَّ روديسن كان رجلًا ذكيًا.
لم يعد يعيش تحت سيطرة الشعور
بالنقص كما كان في الماضي.
وبدلاً من ذلك، جعل عينيه السوداويين
تزدادان سوادًا وغموضًا.
كانت خطيرةً.
كانت ابنةُ أخيه مُخادعةً خطيرةً كلما
نمت أكثر تزدادُ خطرًا.
‘عليّ التخلصُ منها في الوقت المناسب.’
يجب القضاء عليها بينما كانت لا تزالُ صغيرةً…!
كان يبدو هادئًا، لكنَّ عيني روديسن كانتا مظلمتانِ ومريبتانِ وكأنهُ يحدّقُ في حافةِ الهاويةِ.
من ناحيةٍ أخرى، كان بايون ينظرُ إلى جدتهِ
ويتتبعُ مسارها وهي تسيرُ.
توقفت أوكولا في المكان الذي كان فيه بيلوس.
“صغيري.”
رفع بيلوس رأسه عندما سمع النداء
الذي لم يكن حنونًا ولكنَّه دافئ.
وبالطبع، قام بتحيةٍ رسميةٍ أولًا، وقالَ:
“نعم، جدتي العزيزة.”
أعجبت أوكولا بالاتزان الراقي والنبيل الذي أبداهُ بيلوس، والذي كان مختلفًا تمامًا عن موقف بايير الباردِ معها.
“ما رأيكَ في هذا الوضع؟”
لكن، رغم الإعجاب، كان طبيعة أوكولا قاسية.
كانت محاربةً بالفطرةِ، وطاغيةَ.
كانت النموذج الحي للوحشية
المُتجسدةِ في حوت قاتل.
كلما زادت محبتهم لشخص، زاد شعورهم بالغيرة
والتملك والقسوة تجاهه.
هكذا كانوا، الحيتان القاتلة.
“ألن تعترفَ بجدارةِ أختك الصغيرة بعدما حطمت
رقمك القياسي وتم الاعتراف بها رسميًا؟”
كانت نظرات أوكولا تحتوي على ذلك النوع من الفضول الوحشي الذي يشعر به الإنسان عند سحقِ نملةٍ مِن باب التسليةِ.
“إنَّ هذا هو قراركِ يا جدتي، كيف ليّ، بصفتي مجرد حفيد، أن أجرؤ على إبداء رأيي؟”
“سأتغاضى عن وقاحةٍ واحدة، لذا قل ليّ رأيكَ بهذا.”
“…”
“هل تريدُ وعدًا باسمِ البحرِ أنني سأتغاضى عن هذا؟”
عندما ظل بيلوس صامتًا، قالت أوكولا ذلك، وعندها فقط أضاءت عيناه الزرقاوان ببصيص من النور.
كان ضوءًا واضحًا، مثل وحش مفترس
استيقظ للتو من سباته.
“بصراحة، ما دمتِ قد اعترفتِ بها يا جدتي، فكيف ليّ أن أقول شيئًا؟ ولكن إذا كان مسموحًا ليّ بتقديم رأيٍّ متواضعٍ حولَ هذا، فأنني أعتقدُ أن العقوبة لبايون في هذه الحالة كانت مُبرَّرة تمامًا. فلا يمكن لأي سبب معقول أن يبرر خرق القواعد الصارمة التي وضعتها جدتي.”
تحدث بيلوس بهدوءٍ، وأكمل:
“ولكن، إذا كان الحكم بناءً على الصواب، فلا أعلم إن كان ما فعلتهُ كاليبسو أكواسياديل صحيحًا بالكاملِ، لو كانت تملك القدرة، لكان يجب عليها ألا تجعل زملاءها في الفصل يتأذونَ منذ البداية. ولكونها تدخلت بعد حدوث الأضرار، فما هي هذه إلا محاولةٌ متأخرةٌ لا تفيد.”
كانت كلماته تدين بایون بالكامل، ورغم ذلك.
كانت كلماته تحمل نبرة نقد لكلٍ من الطرفين
قائلًا أن أختهُ لم تفعل الصواب أيضًا.
كاليبسو التي كانت تقف في مكان
قريبٍ استمعت إلى ما قيل.
‘ذاك الوغد يفعلها مُجددًا.’
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي