طفلة الحوت الأسود القاتل - 43
__ الفصل 43 __
“يا للعجب، أليست هذه هي… تلك الأميرةُ التي تتحدث عنها الشائعات؟ لم يخبرونا أنها صغيرة بهذا الشكل!”
“لا أصدق أنني أرى بايير وهو يحمل طفلاً! ولكن، لا تبدو الطفلة مشابهة له على الإطلاق، أليس كذلك؟”
“أجل، لكنها جميلة حقًا، أليس كذلك؟”
العائلات الفرعية التي انقسمت بالفعل، كانت في الغالب تشمئز أو تحاول صرف الانتباه بالقوة.
بينما أظهر التابعون نظرات مليئة بالفضول
أو إعجابًا صادقًا بجمال كاليبسو.
كانت هذه هي أول مرة يرون فيها أحد أفراد العائلة المباشرة للحوت القاتل بمثل هذه الملامح الطفولية والوجه المستدير اللطيف للطفلة.
إضافة إلى ذلك، لم تكن فقط ملامحها لطيفة، بل كانت جميلة بشكل أنيق بل جميلة كجنية القمر التي ينعكس جمالها على سطح البحر.
“حقًا، أن جمالها يثير الإعجاب…أتساءل
كيف ستصبح عندما تكبر؟”
في حين قد شعر بايير بمزيج
من الفضول والشعور الغريب.
في الأصل، لم يكن ينوي الحضور
إلى هذا الاجتماع اليوم.
‘اللجنة التأديبية العليا ستنعقد في
الساعة الواحدة ظهرًا، يا سيدي.’
إلى حين أبلغته ليلى التي كانت تتبعهُ بهذا الخبر.
حتى عندما سمع أنه يجب على كاليبسو أن
تحضر ولي أمرها، لم يكن ينوي القدوم.
كان فضوليًا بشأن كيفية اجتياز ابنته لهذه
العقبة، لكنه لم يكن ينوي التدخل بنفسه.
ومع ذلك، انتهى به الأمر بالحضور…
“يا سيدة العائلة أعذريني ولكن سيكون من الأفضل مواصلة الأجتماع المؤجل.”
صوت منخفض، مليء بالاستياء.
كان بالكاد يكتم استياءه، ولكن في نهاية الأمر لم يستطع إخفاءه.
صاحب هذا الصوت كان أخ بايير الأكبر، روديسن.
“بالطبع، أنا أيضًا سعيد لرؤية وجه أخي الصغير بعد فترة طويلة، لكنه ليس وجهًا يستحق أن نوقف هذا الاجتماع المهيب من أجله، أليس كذلك؟”
روديسن، الذي كانت لديه نظرة حادة أكثر من أي من إخوته، نظر إلى أخيه الأصغر وكأنه سيلتهمه للحظة قصيرة، ثم ابتسم بشكل ودي قائلًا:
“هذا الاجتماع من ترتيبك الشخصي يا سيدة العائلة.”
على عكس ابنه البليد والعنيف ضيق الأفق، كان روديسن شخصًا أكثر ذكاءً ويعرف كيف يستخدم عقله.
“هممم.”
أمالت أوكولا رأسها.
قامت بفرك ذقنها بيدها المجعدة ثم ضربت الأرض بقوة!
و بابتسامة، قالت:
“روديسن، أنا لست رئيسة منزلاً بخيلة
لدرجة أنني لا أمنح وقتًا للتحية.”
ثم سرعان ما اختفت الابتسامة من وجهها.
“لكن، أنا فقط-“
“لا تقاطعني عندما أتكلم.”
“…أعتذر أمي.”
وقف روديسن فجأة وانحنى بانحناءة مذلة، وكأنه سيتحول إلى خنفساء بحق.
نظرت أوكولا إليه بعينين ملؤهما الاحتقار، كما لو أن هذا التصرف كان متوقعًا منه، ثم نقرت على لسانها واتكأت على ذقنها.
في هذه الأثناء، كان الخدم الذين تلقوا إشارة من رئيسة المنزل يتحركون هنا وهناك، مشغولين بإرشاد الضيوف الجدد إلى مقاعدهم.
كانت كاليبسو، التي لا تزال بين يدي
بايير، تتوجه إلى مقعدها.
في حين قد تم إرشاد أجينور منذ مدة الى مقعد قريب من مقعد رئيسة المنزل.
‘همم، أين سيكون مكاني الآن؟’
وكالآخرين الذين تلقوا الإرشاد من
الخدم، توقفت كاليبسو للحظة.
نظرًا لتصميم هذه القاعة، فإن المقعد الأقرب لموقع رئيسة المنزل يكون في وسط القاعة تقريبًا.
‘هاه؟’
لكن المكان الذي أُرشدت إليه كاليبسو
وبايير كان الثالث من الخلف.
في حين كان بايون جالسًا بجوار والده في المقعد
أمام مقعد رئيسة المنزل مباشرة.
ليس فقط بايون، بل أيضًا أتباعه كانوا يجلسون في المقاعد الأمامية واحدا تلو الأخرى.
‘هااااه، هذا أمر غريب حقًا.’
وبينما كانت كاليبسو تنقر على لسانها، جلس
بايير بهدوء في مقعده.
وبمجرد جلوسهما، سمعوا أصوات
الهمسات من حولهم.
‘وجوه الناس من حولنا تقول جميعها
لماذا أنتم هنا، أليس كذلك؟’
كان هذا بمثابة تحذير وسخرية من جدتي.
وكأنه تقول لنا:
هذا هو مكانكما الآن.
حينها أمسكت كاليبسو بعناية بحافة رداء بايير.
‘ليس الوقت المناسب لهذا، نحن في ورطة. يا أبي…!’
نظر بايير بهدوء إلى اليد الصغيرة التي
لم تلتئم جراحها بعد.
“أبي، لقد تم تجاهلنا بشدة، ماذا يجب أن نفعل؟”
“…”
كان دخول كاليبسو إلى اجتماع الأسرة
مختلفًا تمامًا عما كانت تتصوره.
كانت الأمور أسوأ مما كانت تتوقع.
“أبي. هذا ليس الوقت المناسب ليتم تجاهلنا. نحن بحاجة إلى التحدث مع رئيسة المنزل، هل تعتقد أن صوتنا سيسمع من هنا حتى؟ نحن في وضع حرج.”
“…”
على عكس كاليبسو التي بدأت في الشعور
بالقلق، بقي بايير صامتًا كما كان دائمًا.
هل يعقل أن هذا الأب يتجاهل كلامي مرة أخرى؟
“أبي، أبي.”
في تلك اللحظة، توقف كاليبسو عن الكلام فجأة.
أصبعهُ ضرب جبهتها برفق.
“أنت تتحركين مثل سمكة البوري تمامًا.”
“…..هل هذا وقت المزاح؟”
“هل تفضلين سمكة الشبوط إذن؟”
“هاه؟”
فكر بايير للحظة.
لا سمكة البوري ولا الشبوط جيدان لوصفها.
بل كان يتخيل سمكة استوائية ذات ذيل أسود.
“إذا كنت تتحدثين عن المقعد، فلا داعي للقلق.”
“لا داعي؟”
“نعم.”
كاليبسو، التي كانت مترددةً في فهم ما قاله بايير، أدركت فجأة معناه وأومأت برأسها بحماس.
‘آه، فهمت الآن!’
لكن بايير بقي هادئًا كعادته.
ثم فجأة نظر إلى وجه كاليبسو.
في الحقيقة، كان هناك شيء
كان يثير فضوله منذ فترة.
“لماذا يوجد جرح على خدك؟ هل
هو بسبب قتال آخر؟”
“هممم؟ خدي؟”
أمالت كاليبسو رأسها ولمست خدها.
“آه، هذا ربما بسبب ذلك الوغد كارون الذي خدشه بسكين؟ هذا الجرح لا يلتئم بسهولة.”
بغض النظر عن السبب، بينما شُفيت الجروح الأخرى بسرعة، لم يلتئم الجرح الموجود على خدها بسهولة.
كانت الخادمات يبكين ويضعن الدواء كل يوم.
‘ماذا سيحدث لو ترك جرح في
وجه سيدتنا الجميلة؟!’
‘هذا لا يمكن أن يحدث!!’
أما كاليبسو، فلم تكن تهتم إطلاقًا إذا
ترك جرحًا أو ندبة على وجهه.
لذا أجابت كاليبسو بلا مبالاة على سؤال بايير، ورفعت
رأسها، لكنها توقفت فجأة.
‘ما الأمر مع تعابير وجهه؟’
كان تعبير وجه بايير الذي أمامها
غير عادي على الإطلاق.
كان الجو مشحونًا لدرجة أنهت شعرت
بقشعريرة في مؤخرة رقبتها.
“هل لم يكن كافيًا أن تتورطي في قتال
جماعي حتى تصابي بسكين أيضًا؟”
شعر الخدم الذين كانوا يراقبون الوضع
بين الأب وابنته بهدوء بتوتر.
حتى الآن، لم يسمع أحد منهم الحوار بين كاليبسو وبايير لأنهم كانوا يتحدثون بصوت منخفض وكان هناك مسافة بين المقاعد.
‘قتال جماعي؟ تلك المعركة التي يتحدث
عنها الجميع؟ حتى في اجتماع اليوم…؟؟’
‘ما قصة السكين؟’
لكن الآن، لم يخفض بايير صوته، لذا سمع
الجميع حديثه بوضوح.
بما أنهم كانوا جالسين في المقاعد الخلفية، كان الأشخاص القريبون منهم خدمًا ضعفاء، مثل فريسة في نظام بيئي.
أشبه بالحيوانات العاشبة.
“أصيبت بسكين في الأكاديمية التعليمية؟”
نظروا إلى بعضهم البعض بعيون بريئة ومرعوبة.
‘سيف، سمعتهم يقولون أنه كان سيفا وليس سكين.’
‘هل بات مسموحًا للأطفال في الأكاديميات
التعليمية أن يستخدموا السيوف هذه الأيام؟’
‘ألا يمكن أن تكون الأميرةُ الصغيرة هي
من استخدمت السيف أولًا؟’
‘هذا الاحتمال وارد.’
في الحقيقة، الجميع الجالسين هنا وحتى الأدنى سنًا كانوا يعلمون أن الشائعات حول كاليبسو لم تكن أمرا يستهان به.
وذلك لأن بايير، والدها الجالس هناك، لم يكن
في صغره أقل مشاكسة منها، بل ربما أكثر!
‘إذن، هل فازت؟’
‘يا للعجب، يبدو أن هذه الأميرة الصغيرة
هي بالفعل ابنة بايير!’
أستمروا بالحديث في حين رمشت
كاليبسو بعينيها بهدوءٍ.
“بالطبع فزت.”
كانت تتوقع أن يلين وجه والدها تلقائيًا عند
قولها هذا…لكن ذلك لم يحدث.
كان يبدو تمامًا كما كان.
“من فعل ذلك؟”
أمالت كاليبسو رأسها باستغراب.
“…زميل لي في الفصل.”
“…هل يعلمونكم المبارزة بالسيوف
الحقيقية في هذه الأيام؟”
“هذا مستحيل. هو الذي استخدم السيف بعشوائية. لذا لم يعد يظهر في الفصل. إذ لقد عوقب.”
كاليبسو التي بدأت تلاحظ النظرات الكثيرة التي أصبحت تحيط بها من جميع الجهات، خفضت صوتها، قائلةً:
“لا تقلق، يا أبي سأهزمه تمامًا بمجرد
أن يعود إلى الأكاديمية!”
“…قلق؟”
وبدلاً من أن تجيب كاليبسو على سؤال
بايير، ابتسمت ابتسامة واسعة.
وبينما كان بايير يستعد ليعبر عن
انزعاجه، حدث أمر غير متوقع.
“جدتي.”
سمع الجميع ذلك الصوت العذب.
رغم أن الصوت كان يأتي من أسفل المكان، إلا أنه
جذب انتباه كاليبسو على الفور.
لقد أُسكت الجميع بصوت واحد.
“أعتقد أن لجدتي سببًا عميقًا لتقديم مثل
هذا الاقتراح الجديد لهذا الاجتماع.”
كان الصوت منخفضًا.
رغم أنه كان مختلفًا عن الصوت الذي تتذكره
كاليبسو، إلا أنها تعرفت عليه فورًا.
“هذه الجلسة تجمع كل المخلصين لجدتي، أولئك الذين يكنون لها احترامًا عميقًا، للاستماع بتأني إلى آرائهم. وإن لم يكن في حديثي ما يعكر صفو جدتي، فأنا متشوق لمعرفة سبب هذا الاقتراح الذي قدمته اليوم.”
عندما نظرت إلى الأسفل، رأيت ذلك الفتى واقفًا.
“جميعنا هنا اجتمعنا لنستمع إلى كلمات جدتي.”
شعره الطويل قليلا، الذي لامس كتفه، وتلك الخصل البيضاء على شعره الأسود التي كانت ترمز للدماء النقية للعائلة المباشرة.
وكلما نظرت إلى الأسفل أزدادت تلك الخصل بياضًا.
رغم أن مظهره يشبه الفتيات، إلا أنه
كان وسيمًا بشكل لافت.
كان هذا هو شقيقها الأكبر ‘بيلوس’.
𖣠··=·.·=❉=فقرة الشروحات𖣠··=·.·=❉=
『أولًا، توضيح عن أسطورة جنية القمر التي تم ذكرها عند وصف جمال كاليبسو.』
[أسطورة جنية القمر ترتبط ببعض الثقافات والآساطير، ألا أنها تعبر عن ذلك الجمال الغامض.
ففي بعض الآساطير تم التعبير عنها كالآتي:
رمزًا للجمال: ففي الكثير من الأساطير، تعتبر جنية القمر رمزًا للجمال الرقيق.
تُصوَّر أحيانًا كفتاة جميلة ورشيقة تتجول على سطح القمر أو تظهر عندما يكون القمر مكتملًا حيث يلقي القمر بظلالهِ على البحر.
أو قد يتم التعبير عنها كالآتي:
حارسة الليل: في بعض القصص، تُعتبر جنية القمر حارسة الليل، حيث تسهر على العالم عندما ينام الجميع.
ويُقال إنها تنشر الأحلام الجميلة وتبعث
السكينة في النفوس.]
『ثانيًا، شرح لأسمكة الشبوط والبوري التي تم ذكرها عندما قام بايير بتشبيه كاليبسو بهذه الأسماك.』
تدعى سمكة الشبوط أيضا باسم ‘الكارب’.
-الي لقبي مقتبس منها~-
وهي من أسماك المياه العذبة وتضم تحت فصيلة الشبوطيات وعادة ما تعيش في الأنهار.
وتتميز سمكة الشبوط بجسم بيضاوي
الشكل مغطاة بقشور كبيرة.
ويتراوح لونها عادةً من الذهبي إلى الأخضر الزيتوني.
أما عن السمكة الآخرى ‘سمكة البوري’ فهي أحدى أنواع السمك التي تعيش في المياه المالحة والمياه قليلة الملوحة.
أما عن شكلها فهي تتميز بجسم طويل
مستدير ومغطاة بقشور فضية لامعة.
~•~•انتهى~•~•
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي