طفلة الحوت الأسود القاتل - 3
__ الفصل الثالث __
“…”
نظر المـساعد بينـي وبيـن جدتـي ذهابًا وإيابًا
وبنظرة تفكيـر على وجـهه.
بدا الأمر وكأنهـم ينـظرون إليَّ بِشـفقةٍ، كما
لو كنـتٌ سأكون جـثةً هامـدةً حتمًا الآن.
لم أهتـم بذلك على الإطـلاق.
إذا كان ذلك ممـكنًا، أود أن أسحـب بعـض الشعر أيضًا، هذا هو كل ما كـنتٌ أفـكر فـيهِ.
يجـب وضع الأفـكار موضـع التنـفيذ.
حـينها امتـدت يدي اللطـيفة، تم منـع يدي بيد كبـيرة.
المعذرة، هل إنزعـجتِ بسـبب سحـب شعـركِ ؟ أم أنك غاضـبةً بسـبب إهانـتكِ ؟
في تلك اللحـظة لقد فكـرتٌ بهذا.
“هاهاهاهاهاها!”
في حين، قد ضحكـت جدتي كثيـرًا كما لو أنها
قد وجدت ذلك مٌمتـعًا للغـاية.
وفي نهايةِ ضِحـكاتها، تحولـت عيـناها المُـتلألئة نحوي.
كانت النظـرة نظرة ارتـياح طفيـف
مع أحسـاس طـفولي راضٍ.
“هل هذا هو ما خـرج من بايير الأحـمق المـجنون الذي تخلـى عـن حيـاتهِ ؟”
لكن تلك العيون الحـادة كانت تنـظر إليَّ بإستـمرار وكأنها تفـحصٌ كُل جُزءٍا من تعابيـر وجهـي.
كما لو أنها وجدتنـي مُثيـرةً للاهتـمامِ للغاية.
فجأة أقتـرب مني وجه وسيـم مٌجـعد أمام عينـي.
لقد كانت قريـبةً بما يكفـي لأستـطيع رؤية
التجاعـيدِ على وجهـها بوضـوح.
يمكنكَ رؤيةٌ الحـياةِ وكذلك المـوت من
خلال أعيـن أفراد عائـلةِ الحـوت القاتل.
من الواضح أن أعينهم المٌتـلألئةِ هذه لم تكن م
ليئةً بِحسن النيةِ واللطـفِ فقط.
“أيتها الصغـيرة، أنتِ أولٌ حفــيدةً
ليّ تقوم بِسـحب شعـريَّ.”
“…هاه ؟”
جدتي أسقطـتني فـجأةً على السـرير.
بالطبع لم يكن هذا شيـئًا يمكـن فعـلهُ لطفلةً في مثل عُمريَّ، لكن السـرير كان ناعـمًا لذلك هذا لم يؤلـم كثيرًا.
“حسـنًا، سأوقـفٌ هذا التـصرف.”
في حيواتـيَّ السـابقة، أول ما حدث لي فور عودتـي هو الطرد إلى المبـنى الأبـعد عن القصر الرئيـسي.
“أجعـلها تأخذٌ دروسًا تعليـميةً هذا
الصـيف في الأكاديمـية.”
“…نعم سيدتي.”
تحولـت نظـرةُ تلك الأعيـن الحادةِ نحـوي مرةً أخرى.
تحت الشـعر الناعم والجمـيل الذي كان يمـثلٌ جلد الحوت القاتل، كانت أُعيـنها تتوهـجٌ.
“اسمعيَّ، أيتها الوغدة الصغـيرة، إذا لم تظـهر أيُّ نتائج جيد بعد تدريسكِ، فسـيتمٌ نفيكِ مٌباشـرة، هل فهمتِ ؟”
لأنيَّ كنتٌ ضعيـفةً لم توقـظ قدرة
الماء، في كٌل مرة سأطـردُ دائـمًا.
‘هيا، دعونا ننتـظر ونرى، سوف أكـبر بسـرعة وأخرج من هذه العائلةِ الشـريرة.’
قبل ذلك، يجـب أن أرى وجه تلك السـيدة العجوز عابـسًا.
‘بمجرد أن أصبـح قويةً بما يكفي ليـسيلَ لعابكِ، سأختـفي كعـروس للتنين.’
سأصـبحٌ الأفضـل والأقـوى فقط.
هكذا غيـرتُ بِداية هذه الحـياة.
***
يمكن بيعـيَّ كعروس للتنيـن في سن العاشـرةِ فقط.
ولكن قبل ذلك، تم بيعـي لعائلاتٍ أخرى عـدة مرات.
حاولـت التمـرد والهـرب مراتٍ كثـيرة.
على الرغـم من أن لدي ذكريات عن الروايةِ الأصـلية، لم يكن هناك أي شـيء يمـكنني فعـله هنا بجـسديَّ الضـعيف.
“لقد تمكـنتُ من الهـروبِ في حـياتيَّ السابقة
لأنني خاطـرت بحـياتي.”
لكن الآن، اكتـسبت بعـض الوقت بفـضل تمكني
أخـيرًا من التـحدث بوضـوح.
الآن كانـت لدي مهـمة واحـدة فقط.
‘أولاً وقبل كل شيء، الهـدف هو البـقاء على قـيد الحياة بأمان حتـى سن العاشـرة.’
وحتى ذلك الحـين، يجـبٌ أن لا يتم بيعـيَّ
لأي عائلة ترتبـطُ بالقـصة الرئيسـية.
وعلى الرغـم من أنني أمتلـك قدرة عقـلية
استثـنائية، ولكن هذا لم يكن كافـيًا.
‘أحتاجٌ إلى وصـي حتى أبلغ العاشـرةَ مِن عٌمـريَّ.’
يمكنني تطويـر قدراتـيَّ مع مرور الوقـت، لكن حتى ذلك الحين، كنـت بِحاجـةً إلى وصـي واحـد على الأقل يمـكنهٌ دعمي بشـكل موثـوق.
‘قدراتيَّ البدنيـة مٌنخـفضةً للغـاية، قيّـل بإنهُ لا يمـكن مساعـدتيَّ للتـحسنِ أبدًا، إذ إنني كوالدي الضـعيف تمامًا.’
أخوتـي الثلاثة الأكبرٌ سـنًا، جميـعهم يتمتعون بِقدراتٍ رائعة، كانوا أشـخاصًا أقوياء سـواء مع حِمايةِ الحُراسِ لهم أو بدونها، لم يكونوا مثلـي أبدًا.
‘كان سيـكون من الرائـع لو أنني ما زلتٌ
أمـتلك قدرة الماءِ من حياتـي السابقة.’
إذا كان الأمرٌ كذلك، فمن يستـطيع
مساعـدتي لأصبـح أقوى ؟
معظم البالغيـن لا يريدون أن يكـونوا أوصـياءَ عليَّ أبدًا.
بغـض النـظر عن مدى ذكائـيَّ، فضـلت هذه
العائلة القوة الساحقـة على الذكـاء.
‘أحتاجٌ إلى شخـص بالغ يتمـتع بذوق فريـد ليعتـنيَّ بي.’
وكنـت أعرفٌ شخـصًا كهذا.
‘والدي، بايير أكواسياديل.’
كان والدي فردًا غريـبًا في عائلةِ الحـوت القاتل هذه.
كان لدى جدتي، التي هي سـيدةُ الأسرة، ثلاثةُ أبناء، وكان الابن الأول والثاني يتـباهيان بقدرات متـميزة لدرجة أنهُ أطلق عليهما منذ الطـفولة منافسـين…بايير، الأبن الثالث، كان مٌخـتلفًا منذ ولادتهِ.
كان جسـدهُ ضعـيفًا جدًا.
ومع ذلك، خلافًا لي، التي تم تجاهلها لأنها كانت ضعيفة، لم يتم تجـاهل والدي أو النـظر إليه بازدراء، لأنه كان يتـمتع بـ ‘قوة ماء’ هائلـة.
‘المشـكلة هي أن جسـدهُ ضعـيف، لذلك فإن قـدرتهُ على استـخدام قوة الماء كانت محـدودة.’
كان والدي هذا الشـخص إذا إردتٌ وصفـهُ.
سلاح يتمـتع بمسـتوى عالي من قوةِ الماء يخـشاهُ الجمـيع، ولكن له عدد محـدود من الاستـخدامات.
حتى جدتي عاملـت والدي كأنهُ مٌـجرد شـيء عديـم الفائد، وفي ذلك الحـين أختـبأ والدي في عزلتـهِ.
وفي خضم ذلك الوقـت، أنجـب طفـلًا من خلال زواج سياسـي مُرتـب، لكنهُ لم يكلـف نفـسه عناء الأهتمام والعـنايةِ بالطـفل.
وكذلك الحـال مع إخوتي الأكبر سـنًا لم
يهتـموا حتى بأبي.
‘لكنني بحـاجة إلى هذه اللامبـالاة الآن.’
وحاليًا كنتُ عائـدةً إلى مكان إقامتـي بين
أحضـان الخـادم الذي أوصلنـي إلى هناك.
والغريـب أن اليـد التي كانت تمـسك بي كانـت
أكثر حرصًا مما كانـت عليه عندما أتيـتٌ لأول مرة.
‘أعتقد أن السـبب هو أنهُ قد لاحـظ
شيـئًا ما في أعـين جدتـي.’
عندما وصلـت إلى الغرفة، نظر إليّ الخادم
وفتـح فـمهُ ببـطء.
“آنسة، نحـن نخطـط لنـقلِ مسـكنكِ
في غضـون أسبوع، سأعود إليـكِ بعد ذلك.”
المـكان الذي أقيـم فيه حالـيًا هو غرفة
مٌتـهالكة في الطـرف الغربـي.
انسحـب كبـير الخـدم بعـد قولهِ ذلك.
‘أن القـوةَ جـيدةً حقًا ، سيـتمٌ نقل غرفتـيَّ فقط لأني قمـتُ بجذب أنتـباه جدتي، على أيَّ حال، كانت هذه الغرفـة قديـمة جدًا وخطـيرة، لذا فهـذا أمر جيد.’
تحركـتُ بتـردد وخوف أن أبقـى وحـديَّ هنا.
في هذا المبـنى القديـم، كانت هناك مربية
تعتـني بالأطـفال مثلـي.
لقد كانت الشـخص الذي لا يقـدم سوى أقل قدر
ممـكن من الطـعام، فقد لضـمان عدم موت الطـفل.
بدأ أطـفال عائلة الحوت القاتل في هذا المبـنى وتمكـنوا من مغادرة المبنى في اللحـظة التي تمـيزوا فيها بِقدراتهم.
الأطـفال الذين يتمـتعون بقـوة الماء منذ ولادتهـم يعيـشون بشـكل طـبيعي، دون الحاجة إلى المـجيء إلى هنا.
تحركـتٌ بِخطـواتٍ جادة.
***
وبعد المـشي لفترة طويـلة، تمكنـت الطفلة كاليبسو من الوصول إلى المـكان الذي أرادته.
واصلت كاليبسو إدارة وجـهها الممـتلئ لتنظر إلى المكان.
‘يجب أن يكون هنا…آوه!’
وسرعـان ما أشـرق وجه كاليبسو.
لقد وجدت الشخـص الذي كانـت تبحـثٌ عنه.
رأت أعيـن كاليبسو الكبيـرة رجلاً يجلـس بالقربِ من النافـورة، غارقًـا في أفـكارهِ.
كانت النافـورة هنا قديـمة ومتشـققة، وتبدو
كما لو كانت في حالة خـراب.
كان الرجل الجالـس هناك طويـلًا جدًا وله بنية عظمية كبيرة، لكنـهُ بدا نحـيفًا إلى حد ما.
كانت عظـمة الترقوة مرئـية فوق القميص ذو الرقبة المسـتديرة، وكان ارتداء السـترة بشـكل فضـفاض يخلق جوًا ضعـيفًا حولـهُ.
حتى أن وجهـه، ذو الهالة الناضجـة والضعيفة، ينبعث منه لمحة من الانحطاط، مما يزيـد من مظـهرهِ الضـعيف.
الجلد الأبـيض الذي يـبدو أنه لم ير ضوء النهار
أبدًا أدى أيضًا إلى تعـزيز هذا الجو الضعـيف.
‘همم، أعتقد أنهُ أحد الحيتان القاتلة، لكـنه وسـيم.’
علقـت كاليبسو ببـساطة عن هذا المظـهر.
الرجل الذي كان أمامـي كان والدي، بايير أكواسياديل.
والمثير للدهشـة أن كاليبسو رأت والدها على قيد الحـياة عدة مرات فـقط خلال حيواتها الثـلاثة.
وكان السبـب بسيـطًا.
نادرًا ما شوهدـت كاليبسو قبل بيعـها في الحـياة السابقة، وتوفيـت بسـبب المرض بعد وقت قـصير من بيـعها.
على الرغم من أنه كان لديه القـدرة على أن يقـال إنه الأقوى، إلا أن جسـده الضعـيف لم يسـتطع التحمل ومات.
‘في حياتـي السـابقة، لقد رأيتـهُ كثـيرًا من خلال
الصـور بعد أن أصبـحتُ رئيـسةَ العائلةِ.’
لقد كان شيـئًا لم أشاهـده من قبـل في هذه الحـياة.
لقد سمـعت أن والدها لم يكن موجـودًا
حتى عندما ولدت.
ركضـت كاليبسو نحـوهُ على عجلٍ.
كان بايير يحـدق بتـكاسل في مكانٍ ما دون أن يدير رأسه حتى اقتـربت كاليبسو كثـيرًا.
“يا عم!”
فقط عنـدما وصلت كاليبسو أخيرًا أمامـهُ
مباشرة، أدار رأسـه ببـطء.
“…”
نظرت كاليبسو عن كثـب إلى وجه والدها.
كما هو متـوقع، كان من المـدهش رؤية وجه
بايير ينبـض بالحـياة.
‘إنهُ حالـيًا شخـص قوي أكـثر من جدتي حتى، لكن
قوته مـحدودة إلى حد كبـير.’
علاوةً على ذلك، كان سيمـوت في عمـر مُـبكر.
لا أعلم إن كان يعـرف حالتهُ، إلا أن
الجو من حولهِ غريـب.
“مرحبًا يا عم!”
ابتسمـت كاليبسو ببراعة، مُتـظاهرةً بعدم فهـم شيء.
“هل تعـرفٌ أين تقـع الأكاديمــية ؟ يجبُ
عليَّ الذهـابُ إلى هـناك.”
وبطبـيعة الحال، كان هذا مجرد ذريعـة للحديثِ
معـهُ، يا لها مِن كذبـة صارخـة.
[توضيح/ تعرفٌ الأكاذيـبُ الصارخة بأنها تكتـيك التـلاعب المستـخدم لاكتـساب القـوة.]
نظر بايير إلى كاليبسو لفـترة من الوقت.
ومن الغريـب أنه بدلًا من القـول بأنهُ يرى كاليبسو، أعتقد أنه سيـكون من الأكثـرِ دقة القـولُ إنهُ كان يحول نظرهُ بعيـدًا.
بدا وكأنهُ لا يشـعر بوجودهـا.
لم تكن عيـناه مليـئةً إلا باللامبـالاةِ والكـسل.
ارتفعـت حواجب كاليبسو المستديرة.
كاليبسو هي الشـخص الوحيد الذي يمـتلكُ وجه مُستدير في هذه العائلة، لذلك كان من السـهلِ التـعرفٌ عَلِيـها.
إذا نظرت إلى الصـورة الشائـعةِ للحيتان القاتلة، فسـتجد أن جميـعهم ذوي ملامـحٍ حادة، فقط هي ذات وجه مُسـتدير وملامحٍ بريئة.
لكن في هذه اللحـظة أرادت أن ترفـع حاجبيـها بإستيـاء!
لماذا لا يجيـب ؟
عند التفكير بهذا، سمـعت بعد مـرور فتـرة طويلة إجابـتهُ.
“لقد كُنـتِ تسـيرين في الاتجـاه
الخاطـئ طوالَ الوقـتِ.”
كان صوت بايير منخـفضًا وعميـقًا.
كما لو أنهٌ لم يتـكلم مٌـنذ فتـرةً طويـلة.
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي