طفلة الحوت الأسود القاتل - 11
__ الفصل 11 __
وحتـى بـعدما حصـلتُ على الأذنِ مِـن ليلى، لم
أتمـكن من دخولِ الفـصل مُباشـرةً.
ومـن قبـيل الصـدفةِ، أن الفـصلَ قد كان فارغًـا بسـبب خـروجِ الطـلاب لمُـمارسةِ الأنـشطةِ فـي الهـواء الطـلق.
لذا قررتُ المُـغادرةَ مُبـكرًا، حيـنها
ألتقيـتُ بـ بايير فـي الطـريق.
‘ولكن لماذا يتـواجدُ هذا الرجـل دومًـا
حـولَ هذه النافـورة؟’
تسـاءلتُ عن ذلك بينـما كنت أصـفُ بِحَـماسةٍ
ما حـدث اليوم في الأكاديمـية.
ألا أن هذا الأب الشـرير دومًـا ما كانَ يقـومُ برمـيَّ في هذه النافـورةِ أو جعلـيَّ أركـضُ حـولها العديـدةَ مِن المـرات.
“ما هو الجـيّد في ذلك؟ في النهـاية، إذا لم تتمـكنيَّ مِن إيـقاظ قـوة الماء فسـوفَ تُهزمـينَ بِسـهولةً.”
“واو…يا لها مِـن طريقـةً رائـعةً للتـعبيرِ
عن رأيـكَ سيـدي.”
“رائعـةً؟”
“هذه ليـست إهـانةً! إلا تعـلمُ بهذا؟ أن كلـماتكَ
را-رائـعةٌ هذا هو ما أعـنيه…”
جلسـت ووقفـت مـرارًا وتكـرارًا وأنا
أكـررُ كلـماتِ بِحَـماسةٍ.
“وأيضًـا أن مسـتوايَّ ليس سـيئًا للغايـةِ، إلا تعلـمُ بذلك؟ أنظـر فحـسب، هل رأيـتَ مِـن قبـلٍ طـفلًا يـبلغُ مِـن العُـمرِ ثلاثـةَ سنـواتٍ تقريـبًا يتـمتعُ بهذه القـدرة من التـحمل؟ يمكنـني كـسرُ الصـخورِ تقريبًـا!”
“أن هذا غريـبٌ.”
تجـعد حاجـبيَّ بايير قليـلًا، دلالـةً على
رؤيـتهِ شـيئًا غريـبًا.
“مِن الغَريـبِ أن تتحـسنَ قُدّراتـكِ البدنـية في حيـنِ إنكِ لا تسـتطيعينَ حتى إيقـاظ قـوة الـماء.”
نعم، لقد تسـاءلتُ حـيالَ هذا أيـضًا.
مع مرورِ الأيـام، شـعرت أن جـسدي أصـبحَ أقوى، لكنني مازلت أجـدُّ صعـوبةً في إيـقاظِ قـوة الـماء.
لماذا يحـدثُ هـذا؟
“لا تقـلق يا سيدي، أنا لن أذهـبَ
إلى أيَّ مكـانٍ لأهُـزمَ.”
“حسـنًا…”
“هاه؟”
تمـتمَ بايير بشـيءٍ حيـنها، لكن كاليبسو لم
تتـمكن من سمـاعهِ بوضـوحٍ.
في حينِ قد نهـضَ بايير من مـكانهِ، وتحـدثَ قائـلًا:
“اتبعينـي.”
“هاه؟ إلى أين؟”
“هناك شـيءٌ أريـدكِ أن تـفعليه.”
‘يوّد أن أفعـلَ شيـئًا لـهُ؟’
أمالت كاليبسو رأسـها أثـناء التـفكير بذلك.
كانت هـذه هي المـرة الأولى التي ستـقومُ فيها
بشـيءٍ آخـر غـيرَ التدريـبَ مّـنذ أن ألتـقت بهِ.
‘أوه، هل ستصـبحُ لديَّ علاقـةٌ صحـيةٌ معـهُ؟ هل هذه محـاولةُ أبي لتوطيّـد العـلاقةِ فـيما بيـننا؟’
لقد تغيّـرت الكثيـرُ مِن الأمـورِ في حـياتي الرابـعة!
هل يُمكنـني وأخيـرًا العيـشُ وسـطَ عائـلةٍ مُـحبةٍ مع أبٍ لا يُـقاوم أبنتـهُ عندما تنـاديه ‘بابا! بابا!’.
لقد كانَ هذا ما أعتـقدتهُ.
إلا أن ما حـدث بعدها كان بعـيدًا تمـامًا عن كُل توقـعاتيَّ.
“أمم يا سيـدي…ما هذا؟”
ما انكـشف أمامَ عـينيَّ كانَ مـنظرَ غُـرفةً فَوضـويةً.
‘لم أعتـقد أبدًا أنني سأتمـكنُ مٍن
المـجيءِ إلى هـنا في النـهاية…’
فقـط عندما طـلب منها بايير أن تتبـعهُ، اعـتقدت أنهـما ذاهـبينِ إلى مكان تدرـيبٍ لائـقٍ أو شـيءٍ مِـن هذا القـبيل.
اعتقـدتُ أننا سنحـصلُ على بعـضِ
التدريـبِ الجـاد عـند أصـطحابهِ لـيَّ.
ولكن مٍن المُدهـشِ أن المـكان الذي وصلـنا
إليـهِ كانَ المبـنى الذي يعيشُ فيهِ بايير.
في حـين أن المـباني الواقـعة إلى الغـرب كانـت رَثّـةً بشـكلٍ عـامٍ، إلا أن مسـكن بايير كان يبـدو وكأنـهُ جديـدٌ تمامًـا.
‘يبدو وكأنـهُ المـكانُ الوحيّـد السلـيم
وسـطَ أنـقاضّ هذا الخراب.’
بالطبع مـن كانَ يعيـشُ في هذا المبنـى هو أقـوى رجلٍ في عائلـة الحيـتان القاتـلة بعد جدتي على الرغـم من أنهُ كانَ يـعيشُ بهـدوءٍ إلا أن قوتـهُ كانت أمـرًا مُعتـرفٌ بـهِ.
‘لقد أعـتادت جدتي رئيـسةُ هذه العائـلة
إعطـاء الأقويـاء ما يستحـقونهُ.’
ربما أرادت أن يشـعر بايير بالضـيّق ويعـود إلى
القـصر الرئيـسي، لكن ذلك لم يكـن مُمـكنًا.
أفـرادُ عائلةِ الحـوت القاتل عنـيدونَ بشـكلٍ عـام.
ولم تكن جدتي وأبي مُخـتلفينِ أيضًا، فقد كانَ
كلاهما عنيـديّن للغايـةِ.
على أيَّ حـال، كانَ مِن الجـيّد أنني تمـكنتُ مِـن دخولِ المبنـى الذي يعيـشُ فيـه والدي، ولكن…
‘كيف أنتهـى بـيَّ الأمرُ لرؤيـةِ هذا؟’
لم يـقم بايير بإحضـاريَّ إلى المبـنى الذي يعيـشُ فـيهِ فحـسب، بل توجـه أيـضًا إلى أفضـلِ غُرفـةً في هذا المبـنى.
وبطـبيعةِ الحال، كانـت أفـضلُ غُرفـةً
هنا هي غُرفـة نومـهِ.
والمُثـير للدهـشةِ أن غُرفـةَ النـومِ هذه…كانت
فَوضـويةً للغايـةِ حـقًا.
لقد كانت فَوضـويةً للغايـةِ…لدرجـةٍ تجـعلني أتـساءلُ كيف يُمكـن لأيَّ شخـصٍ العـيشُ في مكـانٍ مثـلِ هذا!
‘…أنـا متأكـدةٌ مِن أنـهُ فـي حـياتيَّ السابـقة، لا بُـدّ مِـن أن أحد أتـباعهِ هنـا قد قـال أن بايير يحـبُ الأشيـاءَ النظيـفةَ.’
نظرت كاليبسو إلى الغرفـةِ بعـدمِ تصـديقٍ مَمـزوجةٍ بالكثيرِ مـن الصـدمة، ثم حولـت نظـرتها إلى بايير.
“سيدي، هل هذه حظـيّرةُ خـنازيرٍ؟”
“مِن المُهـيّن مُقارنتـيَّ بِحَـيوانٍ بـريّ.”
‘آوه، هل أبي يشـمئزُ أيـضًا مِن الحيـوانات البـريّة؟’
فجأةً، شعـرتُ بإحـساسٍ غريـبٍ
بالارتـياحِ مع بعـض السـعادةِ.
ومِن ثم اعـتذرت كاليبسو على الفـور.
“أنا آسـفةٌ، آسـفةٌ حقًا…لقد فوجـئتُ فقط للوهـلّةِ الأولى، على أيَّ حالٍ، لماذا هذه الغُـرفة فَوضـويةٌ هكذا؟ ربما يجـبُ عليـكَ إحضـارُ مَخـزنٌ مِن أسمـاك الطبـيب للتخـلص من هذه القـمامة يا سيدي.”
[توضيح/ أسمـاك الطبـيب هي سلسـلةٌ
مِـن الأسـماكِ الصغـيرة الـتي تستـخدمُ عادةً كأسـماكٍ أليـفةٍ فـي أحـواضِ المـياه، تشـتهرُ بأنها أسـماكٌ اسـتوائيةٌ، وكـذلك لقـد سُـميت بأسـماك الطبيـب لكـونها تسـتخدمُ في العلاجات التجـميلية، وفي الجـملة أعـلاه تم ذكّر هذه الأسـماك كتعـبيرٍ مـجازي للأشـارةِ إلى حالةِ الغُـرفةِ الفوضـوية مُعتـقدةً إنهُ يجـب الأسـتعانة بأسـماكِ الطـبيب للتخـلص مـن هذه النـفايات.]
حتى مع كلـماتيِّ الصريحـةِ والمُـباشرةِ، لم
يغضـب بايير مـن هذا.
بدلًا مِن ذلك، قالَ شيـئًا واحـدًا فقـط:
“إنهُ المـكان الذي ستنـظفينهُ بنفـسكِ.”
“آه، أنظّـفهُ أنا…كلا، ماذا؟ ماذا قلـتَ للـتو؟”
“قلـتُ إنـهُ المكـان الذي ستنـظفينهُ بنفـسكِ.”
ماذا يـقولُ هذا الآن؟
هل يطـلبُ مـنيَّ تنـظيفَ هذه القـمامة؟
نظرتُ إلى الأشياءِ المُـتناثرةِ بفوضـويةً في
هذه الغـرفة، ثم رفعـتُ رأسـي مـرةً أخرى.
‘الآن بعـد أن نظـرتُ عن كثـبٍ… فأن سـريرهُ، الذي
ينـامُ فـيهِ، نظيـفٌ تـمامًا، إليس كذلك؟’
هذا صحـيحٌ.
ربما فقط المـنطقةُ المُحـيطة بسـرير بايير حيـثُ يـنامُ ويستيـقظُ كانت نظـيفةً بشـكلٍ أستثـنائي.
أما الباقي فقـد كان فـي حالـةٍ مِن الفوضـى، لدرجـةٍ تجعـلني أتسـاءلُ كيفَ يُمـكن لأحـدهم العيـشُ فـي مـكانٍ كهـذا؟!
‘إن قـوة الـماء تأتـي في الأصـل
من الحالة الذهـنية الهادئـة.’
وكأنهُ يُخـبرنيَّ بأن التنـظيفَ سيـجلبُ لـيَّ
الهـدوءَ الذاتيّ بـدلًا مِن التأمـل حتى.
مِن أيـنَ يأتـيّ بمـثلٍ هذا الهُـراءِ بحـقٍ؟
‘هل ما زالَ لم يـدّرك بعد أننـي في الثالثـةِ مِن عُـمريَّ؟ كيفَ يُمـكن لطـفلٍ في الثالثـةِ مِن عُمـرهِ أن يـصلَ إلى حالةٍ من الهـدوءِ الذهـني أثنـاءَ التأمـل؟’
بغـض النظـر عن العـمر، أعنـي…
“لا تكذب عليّ، قـوة الماء تكون أقـوى
عندما تريـدُ أن تضـربَ أحدهـم.”
“كيفَ تعـرفيـنَ ذلك؟”
“حسنًا، هذا لأنني ذكيـةٌ بالطبـع، إذ أن قـوة المـاء ترتـبطُ بالحـالةِ العاطفـيةِ للحيـتانِ في نهـاية المطـاف.”
“…”
بايير الذي أستـمعَ إلى كلـمات كاليبسو بصـمتٍ، أمال رأسهُ ببـطءٍ أثنـاء وضـعهِ يـدهُ على ذقـنهِ.
وفي الواقـع…كُلـما كانَ لديـهِ هذا
التعبـير، كانَ التـدريبُ يـزداد.
مع تَعبـيرٍ حـذّرٍ، فتـحَ بايير شفـتيهِ ببـطءٍ قائـلًا:
“في بعـض الأحـيان…تتحـدثينَ وكأنكِ تعرفـينَ قوةَ الـماءِ جـيّدًا…بمعنـى أدق وكأنـكِ قد إيقـظت هـذه القـوة.”
“…”
“ولكن، هذا ليـسَ مُمـكنًا على أيَّ حـالٍ.”
في الواقـع لقد كانَ الأمـرُ هكذا.
في حيـاتها السابقة، كانـتُ أقـوى كائنٍ
في هذه البحـار بأكـملها.
وبما أنها لم تستـطع قول ذلك، أشاحـت بنـظرها بعيـدًا مُتـظاهرةً بـعدمِ الأهتـمامِ بهذا.
كلما كانـت قـوةُ الماءِ أقوى، أصبحـتْ
الحـواس أكـثرَ حـدّةَ.
ولكي تصـرف انـتباهَ بايير، أقتـربت
من الأشـياء المُبعـثرةِ على الأرض.
“إذن أنتَ تقـولُ بأنـهُ يجـب عليّ ترتـيبُ كُلِ هذا؟”
“بشـكل مُرتـبٍ وأنيـقٍ.”
“بِشَكـلٍ مُرتـبٍ…وأنيـقٍ؟”
“نعم.”
“سيدي، لم أقـصد أن أقـول هذا، ولكن هل هنالك
شخصٌ ما يقومُ بتنظيفِ هذه الغُـرفةِ حتى؟”
“نعم.”
مع هذه الإجابـةِ الواثـقةِ والمُتعـجرفةِ، خَفضـتُ
يـديَّ بهـدوءٍ.
كانت كاليبسو مُدركـةً تمامًا للنـظرةِ التي كانـت في عينـي بايير، حـيثُ حَـذرتها تلك النـظرة مِـن أنها إذا قالت كـلمةً واحـدةً أخرى فسـوف يجـعلها ترى
وتتـذوقُ قوةَ الماءِ حـقًا.
‘لا بُدّ أن هذا الحـوت الجـاهل قد نسـيَّ
أننـي في الثالثـة مِـن عُمـريَّ بالتـأكيد!’
تذمـرت كاليبسو بإنزعـاجٍ، ثم تقـدمت
نحـو أقـربِ شـيءٍ منها ورفعـتهُ.
حينـها تـساءلت أين يجـبُ أن تضـعهُ…
“أستـخدميَّ قـوة الـماءِ عنـد التنـظيف.”
“هاه؟”
“لا بُدّ أنـكِ أدركـتِ أن قـوةِ المـاء لديـكِ قد توزعـت بلا وعـي على الـقوة البـدنية والقـدّرة على التـحمل وخـفة الحـركة.”
حسـنًا، لقد كانَ هذا صحيـحًا.
أستـطاعت تَرك خـدوشٍ على الصـخور، وعدم الشـعور بالتـعب حتى بعـد الجـري لعشّـرِ لفـاتٍ، كانِ مِـن الواضـحِ أن هذا بسـبب أستـخدامها لقـوة الماء دونَ إدراكٍ منـها.
ولكـنها لا تزالُ غيـرَ قادرةً على توليّـد المـياه بهـذه القـوة.
“لترتيـب الأشيـاء الكثيـرةِ هنا لا يُمـكنكِ الأعتـمادُ
على قـوةِ جـسدكِ الطبيـعيةِ فحـسبٌ.”
“هذا صحـيحٌ، فأنا أيـضًا أعتقـدُ بأن هذه الغـرفة قَـذرّةٌ للغايـة حـقًا…آه كلا ما أعنـيه، أن السـيد ليـسَ الوحـيّد الذي يحـدثُ فوضـى كهـذه.”
عندما شـعرت كاليبسو بضـغطٍ مألـوفٍ من قـوة الـماء علـيها، غيـرت كلمـاتها بِسُـرعةً.
“بما أنـكِ لم توقـظِ قوةَ الـماءِ بعد، ولأيقاظـها عـليكِ أستـخدامُ قوتـكِ بشكلٍ مُسـتمرٍ، لذلك لنُجَـرِب طريـقةَ التنـظيفِ هذه بـدلًا مِن الركـضِ فقـط.”
أوضـحَ بايير أن حمـلَ الأشـياءِ وإعادتـها إلى مكـانها لترتيـبها يتطـلبُ حواسًـا أكثـر مما هو مـتوقعٌ.
وبينما كانت كاليبسو تسـتمعُ إلى شرحـهِ، انتـابها الفـضولُ حيالَ أمرٍ ما.
“سيدي، هل هذا يعـني…”
‘أنك قد جـعلت هذه الغـرفة في حالـةٍ
مِن الفوضـى فقـط لتدريبـيَّ؟’
حينـها رفعـت كاليبسو رأسـها على الفـور.
وبعد أن أعـطى التعلـيمات، ذهـبَ بايير نـحو السـرير وجلـسَ بتـكاسلٍ أثنـاءَ تحـديقهِ في النافـذةِ.
وكأن ما تفعـلهُ لا يهم.
وكأنهُ غـيرُ مُهـتمٍ بأيَّ شـيءٍ على الأطـلاق.
لقد بدا هذا مَشـهدًا مألـوفًا.
وحتى في الساحةِ التي تحـوي تلك الـنافورة، طلـبَ مـنيَّ بايير أن أركـضَ في حلقـاتٍ حـولَ المـكانِ مُتـخذًا نفـس هذا التعـبير.
عند رؤيتـهِ هـكذا، لقد بدا كشـخصٍ
لا يكـترثُ بأيَّ شـيءٍ في هذا العـالم.
وكأنهُ سيختـفي في أيَّ لحـظةٍ.
‘هل كُل المرضـى والضـعفاءُ هـكذا؟’
لقد عاشّـت كاليبسو أربـعةَ حـيواتٍ مُـختلفةً، ولم تَمُـتْ بسـبب المـرض سـوى مـرةً واحـدةً نتـيجةَ مَرضـها فجأةً بالكـزاز.
ولذلك لم تستطـع كاليبسو فِهـم مشـاعر بايير بشـكلٍ واضـحٍ تـمامًا، إذ عانـى بايير لفتـرةً طويلـةً مِن المَـرضِ والضَعـف.
“سيدي، أين يجـب أن أرمـي هذه القمـامة؟”
“هـناك.”
حينـها أشـارَ بايير إلى مكـانٍ ما دونَ النـظرِ إلـيها حتى.
أثـناءَ قـيامها بالترتيبِ، وجـدت شيـئًا
لا ينتـمي إلى هذه الغـرفة.
كان عـبارةً عن مِنـديلٍ مِـن الدانتيـل الأبيـض النقـي.
لم يبدو أنهُ يخـصُ بايير عند النـظرِ إلى زهـرة
الكرز المُطـرزةِ على المـنديل تلك.
لقد برزَ هذا المنـديل كشـيءٍ غريـبٍ
مِن بـين أشيـاء بايير.
‘أين أضـعُ هذا؟’
أمالت كاليبسو رأسـها بينما كانت تحـملُ المـنديل.
لقد لعـبَ بايير دور المُـعلمِ الحقـيقي أكثرَ
مما كانت كاليبسو تتـوقع.
إذ لم يـكن يحـبُ الكـلامَ الفـارغ أثـناءَ التـدريبِ، وكانَ لا يمـلُ مِن إطالـةِ وقـت التـدريبات بلا رَحـمةٍ.
على الرُغـمِ من أن كاليبسو لم تَرغـب في إزعـاج مثلِ هذا الأب الوسـيم الذي بدا غارقًـا في بحـرِ أفكـارهِ أو أحلام اليقـظةِ هذه، إلا أنه توجـبَ عليها سـؤالهُ عن هذا.
“سيدي، أين يجـبُ أن أضـعَ هذا؟”
__تَرْجم بِكلِّ حُبٍّ مِنْ قَبْلِ كَارِيبِي