شريط الساتان الازرق الخاص بالكونت ميشلان - 11
عندما بدأ الغروب، عادت إيثيل إلى قصر الكونت في عربة الدوقية.
لاحظ كبير الخدم رينولد شعار الدوقية المنقوش على العربة الكبيرة، وشعر بالتوتر، لكنه رحب بـ إيثيل التي خرجت من العربة وحدها.
“آنستي ، هل عدتِ بخير؟”
“نعم، وماذا عن العشاء؟”
“قيد التحضير. جيل قرر إعداد طبق من المعكرونة باستخدام زيت السمسم المحضر اليوم، ومع كرات اللحم التي أعددناها صباحاً.”
“زيت السمسم ، رائع!”
ابتسمت إيثيل وهي تتخيل رائحة الزيت الزكية، حتى شعرت بلعابها يسيل بمجرد التفكير في الطعم.
“لو أضفت بعض الأعشاب البحرية المتبلة، فسيكون الطبق مثالياً.”
في حدائق قصر الكونت “ميشلان”، كانت تُزرع مجموعة متنوعة من النباتات النادرة التي لا تنمو طبيعياً في الإمبراطورية.
من بين هذه النباتات، كانت نبتة السمسم التي اكتُشفت في القارة الشرقية، حيث اعتادت إيثيل قطف الأوراق ذات النكهة المميزة والاستمتاع بها، وفي هذا الوقت من العام يتم عصر بذور السمسم الطازجة لاستخراج الزيت.
“زيت السمسم الطازج، إنه لذيذ حقاً. أشعر بالجوع الآن.”
أومأ رينولد موافقاً بشدة، فقد كان جميع خدم قصر الكونت ميشلان على دراية برائحة زيت السمسم الرائعة.
ثم قال لـإيثيل التي كانت تستعد لخلع رداءها:
“قبل العشاء، لماذا لا تذهبين إلى الدفيئة، آنستي؟”
“إلى الدفيئة؟ لماذا؟ هل هناك مشكلة؟”
“لقد جاء الدوق الصغير فلينت لزيارتك.”
“لوكاس؟”
كانت إيثيل قد التقت بـ لوكاس في الساحة صباحاً وتحدثا قليلاً عن الأعمال.
كان من الغريب أنه زار القصر في وقت كان من المفترض أن يكون قد عاد فيه إلى منزله.
“هل هناك مشكلة في الأواني؟”
أسرعت إيثيل إلى الدفيئة، مرتدية رداءها مرة أخرى دون خلعه تماماً.
كانت الدفيئة في قصر الكونت ميشلان مليئة بالنباتات ذات الروائح الفريدة.
كانت مجموعة من الأعشاب والأشجار المثمرة الغريبة التي جمعتها إيثيل من مختلف أنحاء القارة.
كان لوكاس يراقب ثماراً خضراء بدأت تتحول إلى اللون الأحمر، وكان مشغولاً لدرجة أنه لم يلاحظ اقتراب إيثيل منه.
انتظرت إيثيل للحظة قبل أن تسأله فجأة:
“هل ترغب في تذوقها؟ لم تنضج تماماً بعد، لكنها صالحة للأكل.”
“…لا، لا بأس.”
تفاجأ للحظة، ثم رفض لوكاس بعينين مرتابتين. ضحكت إيثيل وقالت له:
“سأعطيك بعضاً منها عندما تنضج تماماً.”
“حسناً، ليكن كذلك.”
جلست إيثيل على مقعد قريب
“هل تأكدت من الأواني؟”
“نعم. لا توجد شقوق، وتم طلاء الشعار بشكل جيد.”
“رائع! كنت أعلم أن “فوتانو” هو الخيار المناسب.”
ابتسمت إيثيل بارتياح، ولكن بالرغم من ابتسامتها، ظل وجه لوكاس عابساً.
شعرت بالفضول لمعرفة ما جاء به إلى هنا.
“هل هناك مشكلة أخرى؟ لماذا تبدو متوتراً؟”
“ليس الأمر كذلك…”.
تردد لوكاس قليلاً قبل أن يلتزم الصمت، فمالت إيثيل برأسها متسائلة.
“لوكاس؟”
“أنتِ… كيف كان يومكِ؟”
ترددت إيثيل للحظة في تفسير سؤاله، لكنها سرعان ما أدركت أنه يسأل عن موعدها مع الدوق.
بالنسبة لها، كان اللقاء مع الدوق، رغم بعض المتاعب البسيطة، ذكرى جميلة.
“كان جيداً.”
“…جيد؟”
“نعم، رغم أن هناك بعض الفوضى.”
“فوضى؟”
عبس “لوكاس” فوراً. رفعت “إيثيل” كتفيها لتهدئته عمداً وقالت:
“أحدهم لاحقني طالباً مني ربط شريط له.”
“ماذا؟ هل أصبتِ بشيء؟”
“أنا بخير. تدخل الدوق في الوقت المناسب.”
“…حسناً، هذا جيد.”
تمتم “لوكاس” بتردد ثم سأل:
“لكن إعلانك عن وضع الأشرطة، ألا يعتبر خطراً؟ قد يأتي أشخاص آخرون بطلبات مماثلة.”
“كنت متوقعة ذلك.”
“ولكن لماذا تتحملين هذا؟”
توقف “لوكاس” عن الحديث بصوت مرتفع وتراجع قليلاً، محاولاً تغيير الموضوع وهو يمرر يده عبر شعره بانزعاج.
“لا تضعي الأشرطة بعد الآن. مطعمنا سيفتتح قريباً، ولا حاجة لجلب المتاعب.”
“آه، هذا يختلف تماماً.”
لم يكن بإمكان مطعم إيثيل تقديم جميع أطباق الجيدة وحتى لو استطاع ذلك، لم يكن ليسع جميع سكان المدينة.
إضافةً إلى ذلك، كان تقديم توصيات عن أماكن الطعام الجيدة هواية ثمينة بالنسبة لـ “إيثيل”. كانت تفعل ذلك من أجل سعادتها الخاصة، بغض النظر عن إدارة المطعم.
“وإذا ركزت على المطعم فقط، فستواجه أنت أيضاً مشكلة.”
“أنا؟ لماذا؟”
“ألم تسمع الشائعات؟”
تنهدت “إيثيل” بعمق وكأنها كانت تتوقع هذا السؤال.
“بالطبع، لو كنت قد سمعت بها، لكنت قد أخبرتني.”
“ما هي الشائعات؟”
“الشائعة التي تقول إننا مخطوبان.”
ارتعش كتف “لوكاس” قليلاً، لكن “إيثيل” لم تلاحظ واستمرت في الحديث.
“أليس هذا سخيفاً؟ لقد سمعت به قبل يومين فقط.”
“…حقاً؟”
“نعم! يقولون إن الشائعة انتشرت في كل “بونيت”، ونحن المعنيون بها لا نعلم عنها شيئاً؟ لقد كان كاي يعلم، لكنه لم يخبرني!”
“هاه، ظننت أنك تعرفين أيضاً.”
تمتم “لوكاس” بيأس. فوجئت “إيثيل” عندما أدركت أنه كان يعلم بالشائعة أيضاً، فسألته.
“ماذا؟ هل كنت تعرف أيضاً؟”
“نعم.”
“لماذا لم تخبرني؟ إنها مجرد شائعة سخيفة.”
ضحك “لوكاس” بسخرية. كان واضحاً أن “إيثيل” غير مدركة لمدى تأثير كلماتها عليه.
ومع ذلك، لم يفقد “لوكاس” الأمل.
“ظننت أنك لم تمانعي بما أنَّك لم تذكري شيئاً.”
“أنت وكاي متشابهان جداً.”
قالت “إيثيل” وهي تلوح بيدها، مضيفةً أن كلاً من “لوكاس” و”كاي” يقومان بتصرفات متشابهة رغم عدم تقبلهما لبعض.
“أي نوع من الأصدقاء يتحدث عن الخطوبة!”
“…لماذا لا يمكن أن يحدث ذلك؟”
“ماذا؟”
“والداي كانا مخطوبين منذ ولادتي، ووالداك زميلا دراسة في الأكاديمية.”
كان معروفاً أن “كونت ميشلان” وزوجته كانا عدوين في الأكاديمية، ولا يزال من غير المعروف كيف انتهى بهما الأمر معاً بعد تخرجهما.
لكن “إيثيل” لم تفهم سبب ذكر “لوكاس” لهذه القصة. فأمالت رأسها متسائلة.
“وماذا في ذلك؟”
“الأصدقاء يمكنهم الزواج أيضاً.”
قال “لوكاس” بحزم، وهو ينظر إلى “إيثيل” مباشرة.
ترددت “إيثيل” قليلاً، ثم ردت بتردد.
“الأمر يعتمد على نوعية الصداقة!”
“…نعم، يعتمد على نوعية الصداقة.”
أطلق “لوكاس” تنهيدة عميقة وهو يستخرج من جيبه حزمة صغيرة بحجم القبضة.
“خذي هذا.”
“ما هذا؟”
“إنه من “ديرايلا”. لقد عادت بعثة الماركيز.”
كانت أسرة “أتوود” الماركيزية مسؤولة عن توفير التوابل والمكونات الغذائية للإمبراطورية.
وبعد نجاحهم في رحلتهم إلى القارة الشرقية، أصبحوا ينظرون إلى “ميشلان” بقلق باعتبارها تهديداً لمكانتهم.
كانت أسرة الماركيز قد أرسلت منذ سنوات بعثة ضخمة للبحث عن موارد جديدة لتعزيز مكانتها، ويبدو أنهم عادوا الآن بمنتج جيد.
“لقد حصلتِ عليه من “ديرايلا”، هل من المقبول أن تعطيه لي؟”
“أنا لا أعرف حتى كيفية استخدامه، لذا لا يهم.”
“لكنني أعتقد أنه شيء لا يمكن العثور عليه هنا…”
فتحت “إيدثل” الحزمة بسعادة وهي تهمهم بكلمات امتنان.
فور أن فتحت الرباط، انبعثت منها رائحة خفيفة وجميلة. كانت رائحة حلوة ومذاقها لاذع، وكانت “إيثيل” تتذكرها جيداً.
أسرعت “إيثيل” في فتح الحزمة لتتأكد مما بداخلها، فوجدت عدة بذور صلبة بحجم حبة الجوز.
بمجرد أن رأت “إيدثل” البذور، أدركت ماهيتها وهمست لنفسها.
“إنها جوزة الطيب، أليس كذلك؟”
(ميري : هي شجره ويصنعون من الجوزه نفسها البهارات وهذا شكلها ، يستخدمها بشكل اكثر بالحلويات

“جوز… ماذا؟”
“ماذا كانت ديرايلا تسميها؟”
“كانت تسميها الفلفل الحلو.”
“آه، هذا صحيح. الفلفل الحلو. هذا منطقي.”
أمسكت “إيثيل” بإحدى جوزات الطيب ونظرت إليها عن كثب.
كانت جوزة الطيب من التوابل الراقية التي لا توجد إلا في بعض المناطق الاستوائية.
من الواضح أن بعثة الماركيز كانت قد زارت منطقة جديدة بالكامل، وليس فقط القارة الشرقية.
“يبدو أن فرسان الماركيز قد قاموا بمغامرة رائعة، أليس كذلك؟”
ورغم أن أسرة “أتوود” قد تكسب الكثير من المال من بيع هذه الجوزات النادرة، إلا أن ذلك لم يكن يهم “إيثيل”.
نظرت “إيثيل” إلى الكمية الوفيرة من جوزة الطيب بابتسامة عريضة وقالت،
“سيكفي هذا لبضعة أشهر، لا، ربما لعام كامل!”
ضحك “لوكاس” أيضاً لرؤيتها تبتسم ب
سعادة. وعندما لاحظت أن صديقها قد أصبح في مزاج أفضل، جاءت فكرة في بالها.
ربما إذا أضافت جوزة الطيب إلى كرات اللحم التي حضرتها صباحاً، سيصبح مزاج “لوكاس” أكثر سعادة.
هزت “إيثيل” الحزمة بابتسامة وقالت،
“لوكاس، هل ترغب في البقاء لتناول العشاء؟”