رئيسة عائلة الدوق الصغيرة - 8
جلست أنا و أمي في جانب و ثيو و العمة في الجانب الآخر و بذلك كنا أربعة أشخاص في العربة .
كانت الشمس قد أشرقت منذ فترة و ذهب معها ظلام الليلة الفظيعة و الوقت يقارب الساعة الثامنة صباحا .
نظرت من النافذة ، فرأيت السيد جايدن يركب حصانه بماهرة .
حتى السيد ليونارد الذي لم أصدق في البدايه أنه كان فارسا في عائلتنا ، أصبح أشبه و أشبه بالفارس .
و ذلك بفضل إرتداء الزي الرسمي و السيف على خصره ، مما جعله يوازي السيد جايدن ليس فقط في المظهر و لكن مهارته في ركوب الخيل كانت رائعة .
ثم بقيت أحدق بفراغ في منظر الطريق الذي كان يتغير تدريجيا في كل مرة نتقدم فيها دون أن أفكر كثيرا .
و كان الأمر نفسه مع الجميع في العربة ، فلم يحاول أي منا أن يكسر الصمت أو يبادر بالحديث .
و بذلك ، مرت ساعات طويلة حتى توقفنا لتناول الغداء المتأخر …
* * * * * * *
~ في نفس الوقت ، في القصر الإمبراطوري ~
تسللت أشعر الشمس الباهتة إلى الغرفة عبر النافذة و جعلتها مضاءة بشكل جميل و مشرق على عكس الجو السائد فيها .
و إلتقى شعاعها مع خصلات من الشعر الفضي للرجل الجالس على الكرسي بجانب المكتب و جعلته يلمع بوضوح .
بالتأكيد ، لم تكن أي غرفة ، و لكنها مكتب الرجل الذي يملك أعلى سلطة في القصر و إمبراطورية ليهانيل أيضا .
لقد كان مكتب الإمبراطور إسكال نفسه .
و بينما هو يحرك يديه بلا توقف و يعالج المستندات التي كانت لا تنتهي ، طرق أحدهم باب المكتب .
” صاحب جلالة ، أنا فينيس . لقد حدث أمر عاجل و يتوجب إبلاغك به “
رفع رأسه نحو الباب ، فتحركت خصلات الشعر الفضي و كشفت عن العيون الحمراء الشبيهة بحجر الياقوت و أمر مساعده بالدخول .
” أدخل “
دخل فينيس و قابل الإمبراطور بهدوء .
بالنسبة لأي شخص يعرف طبع الإمبراطور الحاد ، فإن التقدم لمقابلته هي شجاعة كبيرة حقا .
و كان الأمر واضح من خلال النظرة الجليدية و التعبير المخيف المطبوع على الوجه المنحوت بعناية .
حتى أن بعض السيدات تحدثن قائلات أنه من الإهدار أن يضع ذلك التعبير المخيف و جامد على وجهه الوسيم .
و مع ذلك ، فقد كان فينيس المساعد الأقرب إليه حتى قبل أن يصير إمبراطورا و قد إعتاد على رأيت نظراته و لكنها أحيانا تكون مخيفة بعض الشيء .
” ما الأمر المهم ؟ “
سأل إسكال مساعده .
و بعد أن صمت لبرهة ، تحدث فينيس أخيرا .
” وصلنا تقرير يفيد بأن حادث آخر قد وقع في قرية قريبة من موقع التحقيق “
” حادث آخر ؟ كيف ؟ “
أومأ فينيس برأسه و تابع تقديم التقرير .
” رغم إستمرار التحقيق ، إلا أنه لم يتم العثور على السبب و لكن الحريق أخمد هذه المرة ، كما لا توجد أي خسائر بشرية بإستثناء بعض الإصابات الخفيفة “
ضيق الإمبراطور إسكال عينيه على هذا الإعلان و قال .
” ألم تقولوا أن الحرائق كانت لا تنطفأ رغم إستعمال جميع الوسائل ؟ كيف إستطاعوا إخمادها هذه المرة إذا ؟ “
كان هذا هو السؤال الذي تمنى فينيس من كل قلبه ألا يسمعه ، و لكن كان الأمر مستحيلا .
إبتلع لعابا جافا و فتح فمه ببطئ للإجابة على السؤال .
” القوة … “
” ماذا ؟ “
” لقد إستعملوا قوة الماء لإطفاءها “
” يبدو أنك تختبر صبري ، هل تقول أن الفرسان قد إستعملوا قوة الماء الخاصة بعائلة أستيرا ؟ هل تريدني أن أصدق مثل هذا الهراء ؟ “
رغم قلة المبالاة التي على وجه الإمبراطور ، إلا أن نبرة صوته كانت مختلفة بشكل رهيب ، مما جعل فينيس يرتجف .
” ليس الفرسان جلالتك و لكن … لقد كان طفل الدوق … “
طق_ طق_ !
سمع صوت عال لتحطم شيء ما و لم يكن سوى ذراع الكرسي ، يبدو أنه تحطم بفعل قبضة إسكال .
” ماذا تقول ؟ كررها مجددا “
” ليس طفل الدوق فقط ، هناك أيضا الدوقة و الماركيزة و طفل الماركيز و هم جميعا إختفوا في نفس الوقت قبل سبع سنوات و يقول قائد الفرسان أنهم كانوا يعيشون هناك على الأغلب “
” هه هه ….. هاهاهاها ! “
أطلق الإمبراطور ضحكة مخيفة و كأنه أصيب بالجنون .
عرف فينيس ذلك ، تلك الأسماء هي بمثابة تذكرة الموت لمن يذكرها أمام الإمبراطور .
دعاه البعض بالقاتل بعد أن أخذ العرش و الآخرون قالوا أنه رجل بلا دم و لا دموع و لكنهم لم يعرفوا الحقيقة .
صحيح أنه قد حقق الإنتقام بنجاح قبل ثلاث سنوات إلا أنه لم يكن سعيدا أبدا بمنصب الإمبراطور الذي حصل عليه .
لقد فقد أعز صديق له و كذلك إبن عمه الذي كان بمثابة أخيه أكثر من الأمير الأول الذي حاول قتله و كله بسبب ذلك التاج الغبي .
و عندما حاول أن يعوض عن ذلك بالإعتناء بعائلتيهما ، لم يكونوا في أي مكان رغم بحثه لثلاث سنوات .
كان فينيس متأكد أن هذا هو ما جعل شخصيته تتغير لتصير هكذا .
خاصة أنه لم يرغب في أن يعترف بموتهم و جعل كل من قال ذلك أمامه أو ذكر الأمر بلامبالاة يرى أسوأ مصير .
حتى أنه حافظ على قصر الدوق و قصر الماركيز و أراضيهما و رفض تسليم الألقاب إلى العائلات الفرعية و كأنه متأكد من عودة أصحابها مرة أخرى .
لابد أن هذا التصريح الخطير كان أشبه بالقنبلة ، و بما أنها قد إنفجرت بالفعل ، فلا يمكن التراجع عما حدث للتو .
اليوم بالذات ، كان أصعب يوم على فينيس في حياته …
يتبع …
تأليف : سيانا .
حسابي على الواتباد : siana_0824