خفايا القصر المؤلم - 8
فصل: عينان بلا أمل…
كانت السماء قد بدأت تتلون بدرجات خفيفة من البرتقالي مع اقتراب الفجر، عندما فتحت إيلينا عينيها. قلبها كان ينبض بسرعة، جسدها مشدود بتوتر، لكنها كانت تعلم أن هذه هي اللحظة التي انتظرتها.
لم يعد هناك مجال للتردد.
نهضت من سريرها بهدوء، وأمسكت فرشاة شعرها تمررها على خصلاتها الوردية، ثم ربطتها بشريط حريري بسيط.
اختارت فستانًا فاتح اللون، خفيفًا وسهل الحركة، لتتمكن من السير دون أن يلاحظها أحد.
كانت ترتدي وشاحها الحريري بلطف، تلفه حول جسدها برقة، بينما تتراقص خصلات شعرها مع نسمات الهواء الباردة.
خطوات صامتة… وقلق متزايد
تحركت عبر الممرات الحجرية بخفة، تتوقف عند كل زاوية، تتأكد من أن لا أحد مستيقظ.
عندما وصلت إلى جناح والدها، وضعت يدها على مقبض الباب، ودفعته ببطء شديد.
في الداخل، كان والدها ممددًا على السرير، نائمًا بعمق. تنفسه كان منتظمًا، لم يظهر أي علامة على الاستيقاظ. راقبته للحظات، ثم انسحبت بصمت، وأغلقت الباب خلفها.
الآن، لم يبقَ أمامها سوى القبو.
وقفت أمام الباب الخشبي الكبير للقبو، يداها قبضتا على المفتاح البارد.
للحظة، شعرت برعشة في أصابعها، وكأن عقلها يحذرها من المجهول الذي ينتظرها خلف هذا الباب.
لكنها لم تتراجع.
أدخلت المفتاح في القفل وأدارته ببطء.
تك!!
صوت القفل وهو يُفتح جعلها تحبس أنفاسها.
دفعت الباب، فتسللت إليها رائحة العفن والرطوبة، ممزوجة بشيء آخر… رائحة غريبة، معدنية، أشبه برائحة الدم والحديد.
ابتلعت ريقها، ثم تقدمت إلى الداخل، وأغلقت الباب خلفها.
كانت الدرجات الحجرية المؤدية للأسفل باردة تحت قدميها، وكلما نزلت أكثر، ازداد الظلام من حولها.
كانت تحمل شمعة صغيرة ، لكن ضوءه لم يكن كافيًا لتبديد الظلام الكثيف.
وأخيرًا، وصلت إلى قاع القبو.
نظرت حولها، فوجدت الجدران الحجرية الرطبة، والصناديق القديمة المتراكمة، لكن أكثر ما لفت نظرها كان ظل في زاوية
كان هناك شخص جالس على الأرض، جسده النحيل شعره الأسود القصير متشابكًا بطريقة فوضوية.
؟؟؟؟؟: …
لم تصدر أي صوت، لكنها شعرت بقلبها ينبض بعنف عندما تحرك فجأة.
في أقل من ثانية، قبل أن تستوعب ما يحدث، اندفع نحوها بسرعة مدهشة!
شهقت، حاولت التراجع، لكن يدًا قوية قبضت على عنقها ودَفعتها للخلف بقوة!
؟؟؟؟؟: أنتِ…
كان صوته غريبًا، مليئًا بالغضب، لكنه لم يكن صوت شاب ،بل أشبه بوحش منفصل عن الواقع.
شعرت بأصابعه تضغط على حلقها، أنفاسها تتقطع، يداها حاولتا دفعه بعيدًا، لكن قوته كانت مرعبة مقارنة بجسده الهزيل.
عندما التقت نظراتهما، رأت عيناه البنفسجيتين تلمعان بجنون، وكأنه لا يرى إنسانًا أمامه، بل مجرد تهديد يجب القضاء عليه.
كانت على وشك فقدان وعيها، عندما…
؟؟؟؟؟: لا… لا…!
تصلب جسده فجأة، وكأن شيئًا ما انكسر داخله. قبضته تراخت، وعيناه المتوحشتان امتلأتا بالخوف. تراجع بسرعة، يرتجف، وكأنه لم يعد يعرف أين هو.
؟؟؟؟؟: لا أريد… لا أريد…
جلس على الأرض، يديه أمسكتا برأسه، جسده يتأرجح وكأنه يحاول إيقاظ نفسه من كابوس.
إيلينا، التي كانت تتنفس بصعوبة وهي تمسك بعنقها، نظرت إليه بصدمة.
“إيلينا: (في نفسها) من هذا الشخص…؟”
قبل لحظات، كان أشبه بحيوان مفترس… والآن؟
رفع رأسه ببطء، عيناه امتلأتا بالدموع، وصوته خرج ضعيفًا، مرتجفًا، بالكاد يُسمع.
؟؟؟؟؟: م-من أنتِ؟
صوته كان صوت فتي ضائع، وليس قاتلًا.
إيلينا تجمدت في مكانها.
هذا الفتي الذي حاول قتلها قبل لحظات… لم يكن سوى فتي خائف، لا يعرف شيئًا عن العالم الخارجي.
لحظة صمت… ثم بدأت الكوابيس تنكشف.
يتبع…..