خفايا القصر المؤلم - 7
فصل: من خلف الجدار؟
كان الليل هادئًا، لكنه لم يكن مريحًا. الغيوم الثقيلة حجبت ضوء القمر، تاركة القصر في ظلام موحش، إلا من وهج خافت لمصابيح الزيت الموزعة في الممرات.
إيلينا استلقت في سريرها، تحاول أن تغمض عينيها، لكن قلبها لم يهدأ.
منذ أن عثرت على المفتاح المنسوخ، لم تتوقف الشكوك عن التغلغل في عقلها.
كانت تعلم أن القبو يخفي سرًا رهيبًا، لكنها لم تكن تملك دليلًا واضحًا على ذلك… حتى الليلة.
خطوات ثقيلة في الممر…
فتحت عينيها على الفور، جسدها تيبّس تحت الأغطية. لم يكن هذا صوت الخدم، لم يكن أحد يتحرك في هذا الوقت المتأخر من الليل.
شهقت بصمت عندما سمعت صرير باب يفتح… ثم يُغلق بإحكام.
“باب القبو!”
ارتجف قلبها داخل صدرها، وشعرت بقطرات عرق باردة تتسلل على جبهتها.
هل دخل والدها أم خرج؟ لماذا يتوجه إلى القبو في هذا الوقت؟
لم تستطع إيلينا كبح فضولها.
نهضت من سريرها بخفة، وسارت على أطراف أصابعها إلى باب غرفتها.
فتحت الباب ببطء شديد، بالكاد تجرأت على التنفس حتى لا يصدر أي صوت.
الممر كان مظلمًا، لا أحد هنا، لكن الهواء كان يحمل أثر حركة حديثة.
اقتربت أكثر، لكن لم تجرؤ على النزول إلى القبو. كان عليها أن تكون أكثر ذكاءً… كان عليها أن تراقب.
في الأيام التالية، كانت إيلينا أكثر حذرًا من أي وقت مضى.
لم تعد تتجول في القصر بلا هدف، بل أصبحت تراقب تحركات والدها بدقة، تحلل كل خطوة، كل نظرة، كل تصرف.
وسرعان ما لاحظت نمطًا واضحًا.
في كل ليلة، عند منتصف الليل، يذهب والدها إلى القبو.
في البداية، ظنت أنه يتفقد شيئًا هناك، ربما مستندات أو ممتلكات عائلية قديمة، لكن سرعان ما لاحظت أمرًا أكثر غرابة.
كان يحمل بقايا طعام معه.
كانت ترى الأطباق التي يحملها عند نزوله، ثم تراه يصعد مجددًا … والأطباق فارغة تمامًا.
شيء ما في القبو كان يُطعم.
لكن ماذا؟ أو مَن؟
كل ليلة، كانت إيلينا مستلقية في سريرها، تتظاهر بالنوم بينما تستمع إلى صوت خطوات والدها الثقيلة تمر عبر الممرات، ثم صوت الباب يُفتح ويُغلق.
في إحدى الليالي، قررت أن تخاطر أكثر.
قبل منتصف الليل بقليل، تسللت بهدوء إلى الطابق السفلي، واختبأت خلف عمود حجري في نهاية الممر المؤدي إلى القبو.
انتظرت هناك، قلبها ينبض بسرعة جنونية، عيناها لم تترك الباب الخشبي الكبير.
وبعد لحظات، رأته.
والدها، ويليام.
كان يسير بخطوات هادئة لكن حازمة، يحمل طبقًا من بقايا الطعام، تعابيره كانت جامدة كالمعتاد، لكن عيناه… كانتا تحملان ظلالًا غامضة، وكأنه يخفي حملًا ثقيلًا.
وصل إلى القبو، أخرج مفتاحًا من جيبه، أدخله في القفل، و…
صرير الباب يُفتح.
ظل واقفًا للحظات قبل أن يتقدم إلى الداخل. ثم…
باب القبو أُغلق مجددًا.
إيلينا حبست أنفاسها، جسدها تجمد. انتظرت للحظات، لكن والدها لم يخرج فورًا.
“إيلينا: (في نفسها) إذن… إنه يُطعم شخصًا ما هناك.”
لكن من قد يكون؟ ولماذا يبقيه حبيسًا؟
في تلك الليلة، عندما عادت إلى غرفتها، كانت عقلها مشوشًا تمامًا.
كل خلية في جسدها كانت تصرخ بأن هناك سرًا عظيمًا مخفيًا خلف ذلك الباب.
لم يعد الفضول وحده هو ما يدفعها، بل شعور عميق بالخوف من الحقيقة التي قد تكتشفها.
لكنها لم تكن تلك الفتاة الصغيرة التي تخاف بسهولة.
لا.
لقد عادت بالزمن… لديها خمس سنوات إضافية من المعرفة، من النضج، من الذكاء.
عليها أن تعرف الحقيقة.
كانت تعلم أن الوقت لم يحن بعد، لكنها بدأت تخطط.
في الأيام المقبلة، ستواصل المراقبة، ستبحث عن فرصة، وستستخدم المفتاح الذي خبأته بعناية.
لأنها لن تتراجع.
مهما كان ما يخفيه القبو، إيلينا ستكتشفه… حتى لو كان الثمن حياتها.
يتبع…