خفايا القصر المؤلم - 2
الفصل الثاني: العودة إلى الماضي
استفاقت إيلينا على ضوء ضعيف يتسرب عبر نافذة غرفتها.
شعرت بصداع شديد في رأسها وألمٍ حادٍ في رقبتها، كما لو أن شيئًا ثقيلًا كان قد ضغط عليها لفترة طويلة.
عينها كانت مغلقة، لكنها كانت تشعر أن شيئًا غير عادي قد حدث.
كان جسدها صغيرًا جدًا، ويدها تبدو كما لو أنها لم تكبر بعد.
شعرت بالضياع في تلك اللحظة، وكأنها لا تعرف مكانها، ولا الزمن الذي كانت فيه.
إيلينا (بهمس): ماذا حدث لي؟ كيف سقطت؟ وأين أنا الآن؟
كانت كلماتها تتردد في الغرفة، ولكن لم يكن هناك من يجيبها.
فتحت عينيها ببطء، وكأنها تشعر أن العالم حولها مختلف.
نظرت إلى يديها، فإذا بها أصغر بكثير مما كانت عليه في الأيام الأخيرة من حياتها.
كانت يديها ناعمة ورقيقة، وكأنها يدي فتاة في الرابعة عشر من عمرها. لكن هذا غير معقول؛ فقد كانت قد أتمت التاسعة عشرة من عمرها عندما ماتت.
بشكل غريزي، ركضت نحو المرآة التي كانت في زاوية الغرفة، تتلمس الجدران كأنها تبحث عن إجابة.
توقفت فجأة أمام المرآة، وتفحصت نفسها بذهول. وجهها كان نفس وجهها، لكن أصغر بكثير.
شعرها الوردي الفاتح، الذي كان يتلألأ في ضوء الغرفة، بدا كما لو أنه عُرض أمامها في ذاكرة بعيدة.
كانت تلك اللحظات الأولى في حياتها، لحظات فقدان والدتها، والشعور بالفراغ الذي كان يطاردها منذ ولادتها.
إيلينا: “لحظة… كيف أنا هنا؟” همست بصوت منخفض، متسائلةً إن كانت ستواجه مصيرًا مغايرًا هذه المرة. “لقد عدت بالزمن؟”
صمتت للحظة، وعادت بذاكرتها إلى تلك اللحظات الأخيرة في حياتها السابقة.
كانت تعرف أن شخصًا ما قد قتلها.
كانت تشعر بأن والدها كان له يد في ذلك، وأنه كان يخفي أسرارًا كبيرة عنها.
ولكنها لم تكن قادرة على الفهم.
هل هذه هي الفرصة لتغيير مصيرها؟ هل ستتمكن من معرفة السبب وراء مقتلها وتفاديه؟
بينما كانت تُفكر في هذه الأسئلة، دخلت الخادمة ( آنا ) إلى الغرفة، وتقدمت نحوها بحذر.
كانت إيلينا تشعر بشيء من الراحة بمجرد رؤية أحدهم، لكن الحيرة كانت ما زالت تسيطر عليها.
آنا (بقلق): إنستي، هل أنتِ بخير؟ لقد سقطتِ من على الشجرة حين كنتِ تلعبين مع (ديمتري).
إيلينا ارتجف قلبها، وكأنها سمعت شيئًا مفاجئًا.
سقطت من على الشجرة؟ هذا لم يكن مجرد حادث.
كانت تعرف أنها كانت تلعب مع (دميتري)، ولكن لماذا لا تتذكر الحادث؟ كانت كأنها عادت إلى لحظة معينة، ولكن التفاصيل كانت غير واضحة في ذهنها.
إيلينا (بدهشة): ماذا؟ سقطت من على الشجرة؟ لكن كيف؟ أين أنا الآن؟
آنا: إنستي، نحن في غرفتك. لا تقلقي، سنعتني بكِ. يجب أن تستريحي.
حاولت إيلينا أن تسيطر على أفكارها، ولكن الشعور بالارتباك كان أكبر من أن تتحمله.
كانت تحاول أن تستعيد شجاعتها، لكن كانت هناك أسئلة لا نهاية لها في رأسها.
إيلينا (بصوت متوتر): أريد أن أكون وحدي الآن.
انسحبت الخادمة آنا من الغرفة على مضض، لكنها كانت لا تزال تشعر بالقلق تجاه إيلينا.
عندما أصبحت الغرفة خالية، جلست إيلينا على حافة السرير، تفكر فيما يحدث.
لماذا عادت إلى هذا الزمن؟ لماذا هذا الحادث تحديدًا؟ هل هو مجرد حلم؟ أم أنها بالفعل في الماضي؟
في تلك اللحظة، شعرت بشيء غريب.
كان هناك نوع من الضغط في الجو، وكأن شخصًا آخر كان قريبًا.
فجأة، سمعت صوت الباب يفتح بهدوء.
استدارت بسرعة، وأمامه وقفت إميلي، إحدى الخادمات في القصر، تحمل رسالة.
إميلي (بتردد): إنستي، (ديمتري) جاء لزيارتكِ الآن.
وقف قلب إيلينا في صدرها للحظة. دميتري! كان شخصًا يزورها كثيرا في حياتها.
هل سيكون له دور في كشف كل شيء؟
كانت إيلينا تتذكر كيف كان دائمًا يزور القصر.
إيلينا: ماذا؟ ديمتري؟ أتعني أنه هنا الآن؟
إميلي: نعم، إنه ينتظركِ في غرفة الجلوس.
استجمعت إيلينا نفسها ووقفت بسرعة.
وتدرك أن الوقت قد حان لتحاول كشف أسرار والدها وأسرار القصر التي لا تعد ولا تحصى.
بينما كانت تمشي نحو غرفة الجلوس، كانت الأفكار تتدفق في ذهنها بسرعة.
يتبع…