خفايا القصر المؤلم - 14
الفصل: رغبات مشوشة
كان الصباح قد بدأ يتسلل بخجل من خلال نافذة غرفة إيلينا، مع الضوء الباهت الذي لم يكن كافياً لطرد سكون الليل.
كان الهواء باردًا والأنفاس ثقيلة، لكن إيلينا كانت تشعر بشيء مختلف.
جسدها كان يرفض أن يستجيب، بينما كان قلبها يصر على أن تواصل طريقها.
كان هناك شيء لا يمكنها تجاهله؛ إيثان.
لم تكن الأيام التي مرت سهلة على إيلينا.
كانت تتابع إيثان بحرص، تعلمه عن الأشجار، الزهور، والبحار من خلال الكتب المصورة التي جلبتها له.
كانت تأمل أن تجعل عالمه المظلم أقل وحشة، أن تُنير الطريق له بما تستطيع.
لكن اليوم، لم تكن قادرة على فعل ذلك.
شعرت بشيء غريب في جسدها، كان هناك خفقان في قلبها وكأنها ستنهار.
حمى مفاجئة جعلتها تقبع في غرفتها طوال اليوم، عاجزة عن الذهاب إلى إيثان.
كانت تتمنى لو أنها تستطيع أن تظل قوية، كما كانت تفعل دائمًا، لكن اليوم لم يكن يومها.
كانت تطيل البقاء في السرير، تحاول أن تجد الراحة، بينما كانت تُمضي ساعاتها بالتفكير في إيثان وحالته.
كان يملك الكثير من الأسئلة، وكان كل يوم يمر يشعر وكأن جدارًا من الفهم يتكسر بينهما.
كان صباحًا مختلفًا، باردًا على غير العادة، وكأن الرياح قد حملت معها ثقل الليلة الماضية.
كانت إيلينا قد استيقظت وهي تشعر بأن جسدها أخف قليلًا، وكأن الحمى التي أنهكتها قد بدأت تتلاشى، لكنها لم تختفِ تمامًا.
رغم ذلك، فإيثان كان ينتظرها.
لكن قبل أن تتمكن حتى من التفكير، جاءها الطَرق على باب غرفتها.
لم تكن تتوقع أي زيارة، لكن عندما فتحت الباب، رأت ديمتري واقفًا هناك، يحمل في يده كوبًا من الشاي الساخن.
ديمتري: أنتِ مستيقظة؟ كنت سأضعه هنا وأذهب.
قال وهو ينظر إليها بنظرة لم تستطع تحليلها تمامًا.
كان صوته يحمل القليل من التردد، وكأنه لا يعرف إن كان عليه البقاء أم لا.
نظرت إلى الشاي، ثم عادت لترفع عينيها إليه، متفاجئة قليلاً من زيارته غير المتوقعة.
إيلينا: ديمتري؟ لم أكن أعلم أنك تأتي لزيارة المرضى.
رفع حاجبه بخفة، ثم قال بنبرة ساخرة بعض الشيء
ديمتري: أنا لا أزور المرضى، فقط الأشخاص الذين لا يعرفون كيف يهتمون بأنفسهم.
ضحكت إيلينا بخفة، لكنها سرعان ما شعرت بإرهاق بسيط، فجلست على طرف سريرها وأخذت الشاي منه.
لم يكن دافئًا فقط، بل كانت رائحته محملة بأعشاب مهدئة.
إيلينا: هل أعدَّته الخادمة؟ سألت وهي تنظر إلى الكوب.
ديمتري: أنا من أعددته.
قال وهو يجلس على الكرسي المقابل لها، ويداه متشابكتان وكأنه يحاول إخفاء شيء ما.
ديمتري: لقد سمعت أنكِ كنتِ مريضة، ففكرت أنه قد يساعدك.
إيلينا رفعت نظرها إليه، ثم ابتسمت بلطف.
إيلينا: هذا لطيف منك.
شعر ديمتري بحرارة طفيفة في أذنيه، لكنه سرعان ما أخفى ذلك بسعال بسيط.
لم يكن يفهم تمامًا لماذا شعر بالحاجة للمجيء إلى هنا.
لطالما كان يهتم بإيلينا، لكنها اليوم بدت…
مختلفة؟ لا، ليست مختلفة، بل أكثر هشاشة من المعتاد.
ديمتري: هل استيقظتِ مبكرًا اليوم؟ سأل، محاولًا كسر لحظة الصمت التي حلت بينهما.
أومأت إيلينا ببطء.
إيلينا: كنت أخطط للنهوض في وقت أبكر، لكن لم يكن لدي القوة الكافية.
راقبها للحظة، ثم قال بنبرة شبه متذمرة.
ديمتري: أنتِ دائمًا تحاولين دفع نفسكِ أكثر من اللازم.
ضحكت إيلينا بخفة، ثم قالت بصوت هادئ: “ربما.”
لم تكن تستطيع إخباره بأنها تحمل على عاتقها أكثر مما يبدو.
لم يكن يعرف أنها تعيش حياة مزدوجة، بين العالم الذي يراها فيه، والعالم الذي تخفيه خلف الأبواب المغلقة.
ديمتري: أتعلمين؟
قال بعد لحظة، وهو ينظر إلى النافذة.
ديمتري: أنا سعيد لأنكِ بخير.
لم تكن كلماته مفاجئة، لكنها حملت معها دفئًا غير متوقع.
كان ديمتري شخصًا لا يظهر مشاعره بسهولة، لكنه دائمًا كان هناك بطريقة ما.
لم يكن يحتاج إلى قول أشياء كبيرة، لأن أفعاله دائمًا كانت تتحدث بصوت أعلى.
نظرت إليه إيلينا، ثم قالت بصوت خافت
إيلينا: شكرًا، ديمتري.
التفت إليها، وعندما التقت عيناهما، شعر بشيء غريب في قلبه.
لم يكن يعرف ما هو، لكنه كان مختلفًا.
ربما كان مجرد قلق، أو ربما…
لا، لم يكن يريد التفكير في ذلك الآن.
وقف أخيرًا، ثم مسح على رأسها بخفة، كما لو أنه لم يفكر في الأمر قبل أن يفعل ذلك.
ديمتري: يبتسم بلطف، اهتمي بنفسكِ، حسنًا؟
ثم خرج قبل أن تتمكن من قول شيء آخر.
بقيت إيلينا تحدق في الباب للحظات، ثم زفرت نفسًا طويلاً. لم تكن معتادة على تلقي هذا النوع من الاهتمام من ديمتري.
لكن، لا يهم ….
يتبع….