خطيبة ساحر البلاط - 5
الفصل 5 : ساحرُ البلاط العبقري كوين
كوين بلانشيت، وَهو في العشرينيات مِن عُمره، كان يحتِل قمة السحرة الملكيين في هَذا البلد.
منذُ صغرهِ كان يمتلكُ قوةً سحريةً هائلة، ونشأ وَهو يدرسً شتى أنواع السحر وتعلمهم جميعًا.
بفضل موهبتهِ الفطرية وجهودهِ التي لا تَعرفُ الكَلل، أصبحَ ساحرًا ملكيًا في البلاط قبل أنْ يصل سن الرُشد، وفي غضون سنواتٍ قليلة ارتقى إلى القمة.
كان يقضي أكثر مِن نصف العامٍ في مُطاردة الوحوش التي تَنتشرُ داخل وخارج البلاد، وكانت إنجازاتهُ بارزةً لدرجة أنْ الملك نفسه اعترف بمساهماتهِ الفريدة في خدمة الوطن.
ولذا، فإن حقيقة أنْ هَذا الرجل الذي يفوق الجميع مهارةً في السحر قد صُدم مِن ورقة بحثٍ واحدة كانت بالفعل أمرًا استثنائيًا.
كان مُحتوى البحث يبدو للوهلة الأولى خياليًا جدًا، ولو رآهُ ساحرٌ عادي لرُبما ظنهُ مجردَ مزحةٍ مكتوبة.
ولكن كوين، كونهُ أعظم ساحرٍ في البلاد، أدرك بحدسهِ أنْ ما ورد في البحث لَم يكُن كذبًا أو عبثًا.
— “مَن الذي أجرى هَذا البحث؟”
بطبيعة الحال، بدا أنْ الفتاة التي اصطدمت بهِ مؤخرًا هي مَن فعلت ذَلك.
ولكنهُ وجد صعوبةً في تصديق أنْ الفتاة الصغيرة التي كانت تُغطي وجهها بقلنسوة قد أجرت بحثًا بهَذا العُمق والجدية.
— “على أيِّ حال، يجبُ أنْ أبحث عن تلكَ الفتاة.”
بذَلك القرار، سار كوين بخطواتٍ واسعةٍ عبر المبنى المدرسي، مُتجهًا نحو المبنى المُخصص للبحث الخاص بالهيئة التدريسية.
عندما وصل إلى الغرفة المُستهدفة دوّن تردد، فتح الباب دوّن حتى أنْ يطرقه.
“بروفيسور داريوس!”
لحُسن الحظ، كان داريوس أستاذ كوين، لذَلك لجأ إليّه أولاً.
“أوه؟ هَذا شيءٌ نادر. كوين، أليس كذَلك؟”
داريوس، الذي كان يجلسُ على أريكة مُخصصةٍ للاستقبال، وقف بِمُجرد أنْ رأى كوين.
“آه، آسف يا كوين. أنا مشغولٌ قليلاً الآن.”
“هل لديكَ ضيوف؟”
رأى كوين طالبًا يرتدي عباءةً جالسًا مُقابل داريوس، فشعر أنهُ جاء في توقيت غيرِ المُناسب وأطلق تنهيدةً صغيرة.
كان على وشكِ المُغادرة عندما لفت انتباههُ السائل البنفسجي المُتوهج الموجود على المكتب.
“ما هَذا يا بروفيسور؟”
“آه، هَذا… آه، كوين! انتظر!”
تجاهل كوين تحذير داريوس ودخل الغرفة بخطواتٍ ثابتة، ثمَ أمسك بالزجاجة الموجودة على المكتب.
راح كوين يُحدق في السائل البنفسجي المُتوهج الذي لَمْ يسبق لهُ أنْ رآه.
“هَذا اللون البنفسجي… هل هو مُستخلصٌ مِن عُشبة الكيتوموني؟ ومعه… مُستخلص جذور نبات الليريكباس؟ أم أنْ التوهج بسبب حبوب لقاح زهرة الميبوريا؟ لا، رُبما هو غبارُ حراشف نبات الهايناسبكا؟”
“واو! صحيح تمامًا! مِن المدهش أنْ تعرف كُل هَذا بِمُجرد النظر!”
عندما التفت كوين نحوَ الصوت اللطيف، وجد فتاةً تنظرُ إليّه بعينين مُتلألئتين.
“أنتِ… تلكَ الفتاة.”
“آه!”
ما إنْ تلاقت نظراتُهما حتى أسرعت الفتاة بإبعاد عينيها وسحبت قلنسوتها لتُغطي وجهها.
“آسف. إنّها خجولة.”
“أ-أنا آسفة… أ-أنتَ مَن التقط الأوراق، أليس كذَلك؟ شكرًا لكَ على ذَلك.”
“إذن، كنتِ أنتِ حقًا.”
رُغم دهشتهِ مِن العثور على صاحبة البحث بِهَذهِ السرعة، ظلّ كوين هادئًا وأعطى الورقة التي بحوزتهِ للفتاة.
“هَذهِ صفحةٌ أخرى أيضًا.”
“آه! شكرًا لكَ.”
ولكن قبل أنْ تتسلم الفتاة الورقة، رفعها كوين بعيدًا عنها.
“هاه؟”
تفاجأت الفتاة، فقال لها كوين:
“دعيني أرى البحث كاملاً.”
عندها تغيّرت ملامحُ وجهِ داريوس.
“كوين!”
“كنتُ أبحث عن كاتبِ هَذهِ الورقة.”
رفعَ كوين الورقة في يدهِ ولوحَ بها بابتسامةٍ خفيفة نحوَ داريوس.
“هل قرأتها؟”
“نعم. كانت مُثيرةً للاهتمام للغاية، لذا أريدُ أنْ أرى المزيد.”
“هاه… حسنًا. إنْ كنتَ قد قرأتها بالفعل فلا بأس. ميلاني، هل يمكنهُ الاطلاع على بقية البحث؟”
“آه؟ أ-بالطبع…”
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة