حين يرن الهاتف - 3
‘السيارة… هل تم اختراقها؟’
إذا تم اختراق أنظمة التحكم داخل السيارة، فمن الممكن السيطرة على المحرك، نظام القفل، الكاميرا الخلفية، مسار الحركة، الراديو، مكيف الهواء، المحرك، وحتى الفرامل.
لكنها لم تكن متأكدة ما إذا كان هذا اختراقًا الكترونيًا أم أن شخصًا ما قد تعمد تخريب السيارة.
‘إذا كان الأمر كذلك، فمن يكون؟ ومن الذي يمكن أن يقف وراء ذلك؟’
نظرًا لشهرة والديّ زوجها، كان لديهما الكثير من الأعداء. والآن، ظهرت أمام ذهنها قائمة طويلة بأشخاص يحتمل تورطهم.
المعارضون السياسيون الذين كانوا على خلاف مع والد زوجها، أو الخصوم الذين تكنّ لهم صحيفة سانغ كيونغ إلبو العداء.
‘ولكن من بين كل هؤلاء الأقارب والأعداء، لماذا يستهدفونني أنا؟’
ارتخت شفتيها المتصلبتين بابتسامة مليئة بالمرارة.
‘يبدو أنني قدري أن أكون دائمًا ضحية للابتزاز.’
في تلك اللحظة، ضربت أضواء المصابيح الأمامية البيضاء عينيها بشكل حاد كالسهم يخترق الشبكية.
أغمضت هي جو عينيها بشدة ورفعت يديها بشكل غريزي.
كان شيء ما يقترب بسرعة.
“هاه… هاه…!”
بوجه شاحب كالأموات، حاولت الضغط على دواسة البنزين بجنون، لكن السيارة لم تتحرك.
كانت الحقيقة أن شاحنة تفريغ ضخمة كانت تتقدم بسرعة على الطريق المبلل بالأمطار، مخدشة الإسفلت.
“لا تقترب نحوي—!”
صرخت بلسان ثقيل كما لو كان صرخة مدوية اخترقت المساحة الضيقة داخل السيارة. بدا صوتها غريبًا، وكأنه ليس لها.
تضرب المقود بيدين مرتجفتين وتضغط على البوق بجنون. اتسعت حدقتاها بشكل لا يمكن السيطرة عليه.
شعرت بإحساس قوي لا بأس فيه، وكأن المصير المحتوم كان على وشك أن يبتلعها.
رائحة الموت.
لحظة اقتراب الضوء الساطع من المصابيح الأمامية، وكأنه سيبتلع هيجو بالكامل.
في تلك اللحظة، لم يخطر ببالها سوى وجه واحد فقط.
“―!”
***
مع وميض عدسات الكاميرات المستمر، دخل بايك سا أون قاعة الإيجاز في المقر الرئاسي بملامح متوترة.
لم يحتمل عدم احترام بعض الصحفيين لقواعد الإيجاز غير المخصص للنشر، فضرب الباب بقبضة قوية.
وجه نظرات حادة للمتسببين، وكأنها سكاكين تقطع الهواء، ما جعل الأجواء داخل القاعة أكثر توتراً.
بايك سا أون، ذلك الرجل الأطول قامةً في المقر الرئاسي، والأصغر سناً بين النخبة، وأكثرهم عرضة للحسد.
قال بلهجة صارمة.
“هناك أمر سري يجب التحدث عنه.”
ركّزت جميع الأنظار عليه في الحال، لكنّه بدا وكأنه يتجاهلهم تماماً، مستمراً في حديثه بلا اكتراث.
ساد الصمت المطلق، ولم يُسمع سوى صوت أنفاسهم المتوترة.
بايك سا أون، الذي لم يغادر المقر منذ أيام، كان يحضر الاجتماعات المستمرة مع المستشارين ومع فريق مكافحة الإرهاب.
وعلى الرغم من ضغط الاتصالات المستمر من وسائل الإعلام على مدار الساعة، لم تظهر عليه علامات التعب.
بل على العكس، كانت عينيه تشعان بتوتر حاد وكأنه مستعد للقتال.
قال بلهجة أكثر حدة.
“الحكومة تجري حالياً تواصلاً غير مباشر مع الجماعات الخاطفة عبر وسائل الإعلام.”
“ماذا؟!”
تعالت الهمهمات داخل القاعة.
“إنهم يراقبون تقارير وسائل الإعلام عن كثب، ويغيرون موقفهم وفقاً لذلك.”
وقف خلف المنصة الزرقاء بملامح متجمدة كالجليد.
“لذلك، على جميع وسائل الإعلام أن تكون أكثر حذراً في تقاريرها، كي لا تصل رسائل خاطئة إلى الجماعات المسلحة. يجب تجنب أي تحيز شخصي من الصحفيين أو انتقاد الحكومة في الوقت الحالي. كما أن―”
نظر إلى ساعته وأكمل.
“الساعة الآن 17:02. بدءاً من هذه اللحظة، ستقوم الحكومة بفرض رقابة إعلامية مؤقتة.”
“ما هذا؟!”
ارتفعت أصوات الصحفيين بدهشة.
“هل هذا حظر نشر؟ هل الوضع خطير إلى هذا الحد؟”
“المتحدث الرسمي، ألا ترى أن هذا انتهاك لحق الجمهور في المعرفة؟ هل هذا هو موقف الحكومة؟ هل نفهم ذلك؟”
“نحن لسنا ببغاوات! كيف لنا أن ننقل كل ما يقال لنا حرفيًا؟”
“المتحدث الرسمي، ألا تعتقد أنك تضغط بشدة على حرية الصحافة وحق التحرير؟”
بدأ الصحفيون يرفعون أصواتهم تدريجيًا، وازداد الضجيج في القاعة، لكن بايك سايون لم يرف له جفن.
كان يحدّق فيهم ببرود، تمامًا كما فعل عند دخوله.
وقف في مكانه بهدوء أشبه بعين الإعصار، ثم فجأة تمتم بصوت خافت.
“أنا قلق فقط من أن يتسبب عناوينكم الغبية في تقطيع أوصال الرهينة.”
“……!”
رغم أن كلماته كانت أشبه بالهمس، إلا أن الجميع سمعوها بوضوح عبر الميكروفون.
ومع ذلك، أكمل كلامه وكأن شيئًا لم يكن.
“أرجوكم انتظروا حتى تنتهي المفاوضات.”
كان هدوءه المطلق مربكًا، حتى أن بعض الصحفيين بدأوا يشككون في ما سمعوه.
“لم يُشرك أحدكم في هذه المفاوضات. لذا لا تعكروا الأجواء باسم حق المعرفة.”
“……”
“لنكن واضحين، الأمر ليس عن حق المعرفة، بل عن حق الكتابة، وحق إثارة الفوضى، وحق التفاخر الفارغ. نحن نعلم ذلك جميعًا، أليس كذلك؟”
“……!”
“لا أحد من المواطنين يريد أن يسمع عن مقتل الرهينة بطريقة وحشية.”
“……”
“لذا، لا تحاولوا تغليف أنانيتكم بمبررات مثل الدفاع عن حقوق الشعب، فهذا مثير للاشمئزاز.”
تلاشت الحماسة الساخطة تدريجيًا مع كلماته الباردة.
“الحياة أهم من المعرفة، وتهديد الأرواح من أجل إثارة ضجة ليس حقًا، بل هو أذى.”
“على الأقل في هذه القضية.”
“……”
“اعلموا أن صمتكم الآن هو ما سينقذ حياة المواطنين المختطفين. وادعموا فريق التفاوض الموجود في الميدان ليقوم بعمله دون أي ضغوط.”
أمسك بالميكروفون بحزم وكأنه يهدد، ثم أردف بصوت منخفض ولكن واضح.
“وإذا تسبب أي شخص هنا بخطأ في صياغة كلماته، مما يؤدي إلى مقتل رهينة أخرى—”
غطى الميكروفون بيده للحظة، فخفض صوته، لكن التحذير كان مفهومًا بما يكفي لجميع الحاضرين.
خرج بايك سا أون من قاعة الإيجاز فور انتهائه، وهرع مساعده نحوه وهو يلهث، ممسكًا بأغراض رئيسه.
“سيدي، هاتفك كان يرن بلا توقف منذ قليل.”
لم يرد بايك سا أون، وواصل السير بخطوات طويلة وثابتة.
كان الهاتف ساخنًا بسبب كمية المكالمات التي وردت عليه؛ عشرات المكالمات من أرقام معروفة وغير معروفة، تتزاحم على شاشة الجهاز.
كانت البطارية تتناقص بسرعة كبيرة وكأنها تعكس ضغط اليوم. نظر إلى الرقم المجهول الذي ظهر على الشاشة بتأفف، ولفظ تسك بتعبير نادر للضيق.
“رتبوا لي جدول زمني واضح لفريق التفاوض حالما تتوفر المعلومات.”
تردد المساعد قليلاً قبل أن يسأل بصوت سريع.
“ولكن، سيدي، لماذا لم تذهب بنفسك إلى هناك؟”
“ماذا تعني؟”
نظر إليه بايك سا أون ببرود. شعر المساعد بالرهبة، لكنه استجمع شجاعته وتابع.
“أعني فريق التفاوض الموجود على الأرض. أليس هذا مجال خبرتك؟”
“……”
“والدتك هي أول خبيرة تفاوض رسمية في البلاد، وأنت أيضًا حاصل على درجة الماجستير في العلوم السياسية، وأكملت تدريبًا في التفاوض على الرهائن مع مكتب التحقيقات الفيدرالي.”
لم يبدِ بايك سا أون أي رد فعل، ولم يعطِ المساعد نظرة إضافية، بل واصل السير بنفس وتيرته الثابتة، وكأن الكلمات لم تصل إليه.
“سمعتُ أن الرئيس نفسه كان يفضل ذهابك إلى هناك.”
قطع كلامه بحدة.
“كفى هراءً—”
رن الهاتف مجددًا. أرخى ربطة عنقه بعصبية، لكنه لم يستطع إيقاف الجهاز.
عبس بشدة، لكنه لم يمنع نفسه من حفظ الرقم الظاهر على الشاشة تلقائيًا.
نظر سريعًا إلى الشاشة مرة أخرى، ثم حول نظره بعيدًا عنها.
البطارية المتبقية كانت بالكاد 5%.
تمنى في داخله لو ينطفئ الهاتف تمامًا ويريحه.
***
هل مت؟
هل مت للتو وعدت للحياة؟
“هاه… هاه…!”
انحرف شاحنة ضخمة بشكل خطير عن الطريق، محطمًا مرآة السيارة الجانبية. اصطدمت الباب بقوة وتشوهت، مما تسبب في اهتزاز السيارة.
“……!”
لم تعرف هي جو كم من الوقت قضت وقد شحب وجهها دون أن تتمكن من التنفس. شعرت بحاجة ملحة لقضاء حاجتها، وكأنها على وشك فقد السيطرة على نفسها.
أراحت رأسها على عجلة القيادة وهي تلهث. جسدها كان ينبض بالألم من كل مكان، وملابسها المبللة بالعرق أصبحت لزجة وغير مريحة.
‘هل يمكنني… العودة إلى المنزل بأمان؟’
بدا نظرها ضائعًا، ويدها المرتجفة بالكاد استطاعت أن تمسك بعجلة القيادة.
ولكن فجأة، شعرت بقشعريرة تجتاح جسدها، كما لو أن خطرًا يحدق بها.
كان هذا الإحساس الغامض، الذي يشبه خدشًا خفيًا في مؤخرة عنقها، ما دفعها للنظر إلى المرآة الخلفية بدافع غريزي.
“……!”
وما إن التقت عيناها بوجه رجل يبدو كمتشرد ذو مظهر قذر.
“هاه…!”
قبل أن تتمكن من الصراخ، قفز ذلك الكائن من صندوق السيارة إلى المقعد الخلفي، ثم اندفع نحوها.
الرجل الذي كان يبتسم بخبث مد يده ليغلق فمها بقوة. ارتطم رأسها بمسند المقعد بفعل ضغط ذراعه الممتدة، فيما انتشرت رائحة كريهة في الجو.
“هممم… هممم!”
“أوه، أختي، هل خفتِ؟”
كل شيء حدث بسرعة مروعة.
“مـ… مـ… من…!”
كلماتها كانت تختنق تحت كفه التي تفوح منها رائحة مادة كيماوية حادة. بدأ جسدها يرتجف كأوراق الشجر.
“إنه بايك سا أون، أليس كذلك؟ نعم، إنه بايك سا أون.”
“……!”
“هيا نتصل به. أعرف رقمه. نعم، أعرف رقم بايك سا أون. فلنتصل به. علينا أن نتصل.”
كان شعره الكثيف المتشابك يتمايل مع كل حركة وهو ينحني باتجاه مقعد القيادة.
“أنتِ رهينة، نعم، رهينة. قتل. كل هذا الهراء عن القتل والرهائن. لقد سمعت ذلك في الراديو، أليس كذلك؟ الرهائن، القتل.”
“……!”
“حسنًا، ستكونين أنتِ الرهينة، وأنا سأكون المتصل. الشخص الذي يجري المكالمة، هكذا، متصل.”
رائحة الخوف غمرت السيارة، ولكن الكلمات التي كان يقولها كانت أشد رعبًا من أي تهديد.
سيتم الآن تحديد المسار.
بدأ نظام الارشاد، الذي أعيد ضبطه تلقائيًا، في عرض وجهة جديدة على الخريطة.
“أنتِ ستقودين السيارة.”
“……!”
“وأنا… سأجري المكالمة.”
سيتم ترجمة بقية الفصول في حساب الواتباد: @luvrmanhwa (الفصول لحد 20 هناك)