حيثُ يقودكَ قلبُكَ - 8
* تم تغيّر اسم البطلة من إي-جاي الى لي-جاي *
الفصل 8 : القَدَر هو لقاءُ الروح ⁴
استيقظَ رودريك أولًا.
في البداية، عَبُّس قليلًا، لأنهُ قد شعرَ بأن حالته الجسدية كانت مُختلفة.
بالطبع، كان التغيير إلى الأفضل.
وعندما رأى وجهًا مألوفًا يفتحُ شفتيهِ قليلًا ويتنفسُ بهدوءٍ، أدرك أنه نام على ركبةِ هايلي.
بل وأدركَ أنهُ كان يحتضنُها بشدةٍ.
“…”
راقب الحاضرون الملك وهو يُقطب حاجبيهِ ثم يرفعها.
“لماذا أنا في هَذا الوضع؟”
لَمْ يكُن يسأل لأنهُ لا يعلم، بل كان مُجرد تعبيرٍ عن دهشتهِ.
لأنهُ لَمْ يكُن يستطيع النوم لأيامٍ، وها هو ينامُ أمام العديد مِن خدم القصر.
لكن جايد أجاب بصدقٍ.
لَمْ يُخبر رودريك أحدًا بذَلك، لكن جايد كان يعلمُ بشكلٍ غامض أنْ رودريك أحيانًا لا يتذكرُ بعض الأمور.
“شربتُما الشاي، ثمَ جلستُما جنبًا إلى جنب…”
“…”
“ثمَ نمتُما فورًا.”
بالطبع، كان هُناك بعض التحرُكات البسيطة بينهما، حيث لمسا بعضهما عدة مرات… لكن كيف ليّ أنْ أقول ذَلك بلساني؟
ضحك رودريك كأنهُ لا يصدق، فقد شعر بأنْ هَذهِ الكلمات مألوفةٌ.
رفعَ جسدهُ ومسحَ شعره بخشونةٍ، ثمَ نظرَ إلى الملكة النائمة بعُمق.
استغرق الأمر وقتًا طويلًا، وبعد لحظةٍ قال رودريك:
“اجعلوها تنام في مكانٍ مُريح.”
تردد الخدم قليلًا، لكنهم بدأوا يتحركون لتنفيذ الأمر.
تقدم الخدم على الفرسان، لكن في النهاية كان جايد، قائد الفرسان، مَن حمل الملكة. كونها زوجة الملك، لا يُمكن أنْ يُترك جسدُها لـ يلمسهُ لأيِّ رجل.
وقبل أنْ يغادر جايد، تجمدَ الجميع عندما أضاف رودريك:
“ضعوها في غرفتي.”
“…”
“دوّن أنْ توقظوها عبثًا في الطريق.”
كانت غرفةُ الملك أقربُ كثيرًا مِن حيثُ المسافة.
بالنسبة للمُعتادين على تصرفاتهِ، لَمْ يبدو هَذا الطلب بسيطًا كما قد يبدو، لكنهُما زوجان.
حتى لو كانت نيتهُ مُبهمة بعض الشيء، لا يُمكن القول إنّها كانت غيرُ لائقةٍ.
لذا نظرَ خدم الملك بشكٍ إلى خادمات الملكة.
هل لَمْ يحدُث شيءٌ حقًا؟
في الحقيقة، هل علاقتهُما… جيدة؟
لَمْ يكُن لدى هؤلاء الخدم يقينٌ بخصوص تفاصيل حياتهما الخاصة، لذا كانوا يتبادلون نظرات الشك.
ومع ذَلك، استنتج مُعظمهم في النهاية أنه لا.
فأحدهُما حاول رفض هَذا الزواج لدرجة القفز في النهر، والآخر كان يشك في كُل شيء يتعلق بعائلة دانكان. مِن الصعب أنْ تكون العلاقة جيدة بينهما.
استيقظت لي-جي في غرفةٍ غريبةٍ بملامح مُرتبكة.
عندما فتحت عينيها وجدت نفسها في مكانٍ مجهول.
بدأت تتساءلُ هل ماتت دوّن تُدرك.
قامت لتَتفقدَ المرآة أولًا.
شعرٌ بلون الخوخ، بشرةٌ بيضاء، وذقنٌ حاد قليلاً. كانت هايلي دانكان.
تَنفست الصعداء.
رودريك، حتى عندما يكونُ في وعيّهِ، لن يكون الطاغية الذي يقطعُ رأس زوجتهِ لمُجرد لمسِها لجسده.
حسنًا، لَمْ يكُن زوجًا سيئًا لتلكَ الدرجة.
في الحقيقة، أنا لَمْ أتمادَ كثيرًا أيضًا.
لكن ملامحُ القلق قد ظهرت مُجددًا على لي-جاي.
كان هُناك شيءٌ مُقلق في الغرفة.
“لو بقيتُ هُنا أكثر، سأصاب بِمرضٍ نفسي.”
أدركت لي-جي أنْ هَذهِ كانت غُرفة الملك، بفضل الأرواح التي كانت تَتجنبها وتَتركزُ في الزوايا بسبب وجودِها.
“بقاءك ِعلى قيّد الحياة بهَذهِ الغرفة هو إنجازٌ بحد ذاته.”
شعرت لي-جي بأجواءٍ مُرعبة، لذا فتحت الباب فورًا لتُغادر، فَقد شعرت برغبةٍ في التقيؤ.
وعند خروجها، كانت ديبورا والخادمات بانتظارِها في الخارج.
فكرت رئيسة الخدم أنْ الملكة قد ارتبكت بسببِ شحوبِ وجهها، وبدأت بشرح الموقف.
“هَذهِ غُرفة الملك، وقد أحضرناكِ إلى هُنا لأنكِ كنتِ نائمة.”
“…لماذا؟”
لماذا أحضرتموني إلى هَذا المكان الملعون؟
أنا شخصٌ يذهبُ إلى الأماكن المُرعِبة بالخطأ.
“الملك أراد أنْ تكون الملكة قريبةً حتى تستيقظ أثناء الطريق إلى السرير.”
كان تعابيرُ وجهِ لي-جي توحي بأنّها قد سمعت كلامًا غريبًا، ثمَ ابتسمت بتهكمٍ.
الملك، رغم أنهُ لا يعلم ما إذا كانت قد ساعدتهُ، كان يُقدم لها نوعًا مِن المكافآت المُتقطعة.
لكن لي-جي، التي كانت حساسةً تجاه هَذهِ الأجواء المُظلمة، لَمْ تكُن مرتاحةً لذَلك.
وراحت تلمسُ التميمة التي في جيبها عدة مراتٍ، مُتمنية لو كانت قد جلبت المزيد مِنها.
وكان الخدم ينظرون إليّها بتعابيرٍ مُستغربة.
وفي النهاية، عضّت لي-جي شفتيها وخرجت مِن الغرفة.
بعد بضعة أيامٍ، اقترحَ رودريك على لي-جي تناول الطعام معه.
كانت هَذهِ أول وجبةٍ يتشاركانِها منذُ زواجهما قبل أسبوعين.
قبل ذَلك، جاء جايد ليُبلغ عن رسالةٍ سريّة كان قد تأكد مِن مُحتواها في مكتبة الملكة.
“جلالتُك، أرسل دوق دنكان رسالةً للملكة.”
“قال دوق دنكان: مِن الأفضل لكِ أنْ تستعيني بأشخاصٍ مِن عائلتكِ. يبدو أنهُ كان قلقًا للغاية بشأن راحتكِ بعد مرضكِ السابق.”
ضحك الملك وحاشيتهُ عند سماع ذَلك، فقد كان واضحًا أنْ دوق دنكان يسعى لإدخال رجالهِ في القصر الملكي.
وكان مِن المؤكد أنْ الدوق يعلمُ أنْ الملك لَن يقبل بذَلك.
كانت هَذهِ مُجرد واحدةٍ مِن المُناورات التي تحدثُ بين الملك والنُبلاء بشكلٍ مُتكرر.
ومع ذَلك، كانت هايلي مِن عائلة دنكان، وستتلقى المزيد مِن الطلبات بشكلٍ مُتزايد.
مَن يستطيعُ الجزم بأنّها لَن تُصبح دميةً بيد والدها أو مركزًا لجذب النبلاء؟
لهَذا السبب، استمر رودريك في إرسال عروض الزواج لعائلات ذات المُستوى المنخفض، واتهام عائلة دنكان بالوقوف وراء الحوادث السابقة.
وهَكذا جاءت هَذهِ الدعوة لتناول الطعام فرصةً لمُراقبة رد فعل هايلي فحسب.
وصل رودريك إلى مكان الغداء مُبكرًا، وجلس و هو يفكير بعمق لفترةٍ طويلة.
كان يُفكر في كيفية بدء الحديث، وكان هُناك استنتاج واحدٌ فقط للنقاش.
خلال ذَلك، كانت مشاعرهُ تتحول بين الحين والآخر إلى القلق.
فَهو يميل إلى مسح جبهتهِ بيده وتقطيب جبينه تلقائيًا.
وفي اللحظة التي ظهرت فيها الملكة مُرتديةً ثوبًا رقيقًا، زادت تقطيبة حاجبيه.
فقد غمرتهُ مشاعرٌ غريبة.
لَمْ يستطع التخلصَ مِن شعور بأنْ الهواء صار نقيًا بشكلٍ غريب.
وكُلما اقتربت منه، زادت هَذهِ النقاوة بشكلٍ أكثر كثافةً وانتشارًا.
رغم أنْ هَذا الشعور بدا مُستحيلًا، إلا أنه كان منطقيًا في نفس الوقت.
لكنهُ لخص هَذا الشعور غيرُ الواقعي بكلمةٍ واحدة.
“غريب.”
توقفت لي-جي عند سماع كلماتهِ، وقالت: “نعم؟”
“لا، لا شيء.”
“………”
“كانت مُجرد مُلاحظةٍ بلا معنى.”
هزّ رأسه ُوأشار إلى المقعد المُقابل.
“إذا كنتِ قد وصلتِ، اجلسي.”
جلست لي-جي بهدوء في المقعد الذي أشار إليّه.
ظلّ رودريك يطرقُ على الطاولة بأصابعهِ وينظرُ إليّها طويلاً.
وكانت لي-جي كذَلك غارقةً في التفكير.
لكن قبل أنْ تُقدم جميع الأطعمة، بادرت لي-جي بالكلام.
“جلالتُك، لديّ ما أريدُ قوله.”
“ما هو؟ تفضلي.”
“قبل أيامٍ، أرسل دوق دنكان، والدي، رسالةً.”
صمتَ رودريك للحظةٍ بعد سماع كلامها.
وبينما كان الجميع في توترٍ وصمت، كان رودريك لديهِ شعورٌ مُختلف.
فقد كان يُفكر في كيفية فتح الموضوع، ولكنهُ أدرك فجأةً أنهُ نسي ذِلك تمامًا.
ابتسم ضاحكًا وقرر أنْ يُعطيها زمام الحديث.
“وماذا قال الدوق؟”
“قال إنهُ سيرسلُ أشخاصًا مِن العائلة. سيجعلون الأمور أسهل لي.”
نظرت لي-جي إليّه بنظرةٍ سريعة وقالت: “هل ترغبُ برؤية الرسالة؟ ليس فيها شيءٌ مُهم، لكنّي أحضرتُها.”
هزّ رودريك رأسهُ، فقد كان قد اطلع بالفعل على نص الرسالة المنسوخ.
وبدلاً مِن ذَلك، سألها باهتمام: “وماذا تُريدين أنْ تفعلي؟”
“هل يُمكنني أن أُقرر هَذهِ المرة أيضًا؟”
تبسمت عيناهُ الزرقاوان، فقد فهمَ الموضوع الذي تُشير إليّه.
كان اليوم الذي هددها فيهِ بالزواج أو الموت.
فكرَ لوهلةٍ ثم أومأ برأسهِ.
“إذا كنتِ ترغبين بذُلك.”
تفاجأ جايد قليلاً بما سمعهُ، فقد كانت المُحادثة تسير في اتجاهٍ غيرُ متوقع.
كان مِن المُفترض أنْ يكونوا في وضعٍ يحاولون جذبها، لكنها أظهرت موقفًا رائعًا.
لكن لي-جي، بعد أنْ سمعت موافقتهُ، قدمت تعليقًا مرحًا بنبرةٍ صادقة.
“هل سيكون الاختيار هَذهِ المرة أكثر عدلاً مِن المرة الماضية؟”
ضحك رودريك هَذهِ المرة بصوتٍ مسموع.
ومسح زاوية عينهِ وقال مُبتسمًا: “عندما تبدأين بالتعبيّر عما في قلبكِ بصدق، يُصبح الأمر مُضحكًا جدًا.”
“نعم، أظُّن أنني تجاوزتُ حدّي. أعتذر.”
“لا، الوضع الآن أفضل.”
أومأ برأسهِ مُشجعًا إياها على المُتابعة.
لكن لي-جي بدت وكأنّها تُفكر مُجددًا.
في الواقع، كانت تتساءل عن هايلي دنكان.
هايلي دنكان، هل كنتِ ستقفين بجانب والدكِ؟
ألَن يكون لديكِ أبٌ أفضل مِن لا شيء؟
لكن مع ذاكرتها الضعيفة، لَمْ تكُن تعرف مَن كانت هايلي دنكان حقًا.
في النهاية، توصلت لي-جي إلى استنتاجها وقالت:
“سأكتبُ لهم أنني أرفض. لقد دخلتُ العائلة الملكية مؤخرًا، ولَن يبدو ذَلك جيدًا للآخرين.”
كانت هَذهِ نتيجةً مُرضيةً للجميع.
لكن رودريك، الذي شعر بالأمر بدقةٍ، حدّق بعينيه.
فحتى لو طلبت منهُ المُساعدة، كان سيرفض.
هي لَمْ تضع سبب رفضِها على عاتقه.
كان هَذا يُعتبر كأنه فضلٌ لها.
ومع أنْ ردها لَمْ يكُن قاطعًا، إلا أنْ كلمة “ليس الآن” تتركُ مجالاً للتفاوض.
وكان هَذا الرد كافيًا لتجنُب مواجهةٍ بين الملكية والنبلاء في الوقت الحالي.
رغم أنْ نيتها خالفت نوايا والدها، إلا أنّها تصرفت كشخصٍ مِن دنكان.
تساءل رودريك عما إذا كان ذَلك بسبب رابطة الدم.
ألقى نظرةً نحو جايد الذي كان يقفُ عند الباب.
توقف جايد قليلاً، وكانت نظرةُ الملك تقول: “هل تعتقدُ حقًا أنْ ذَلك كان نابعًا مِن البراءة؟”
بينما كان رودريك يُحدق في جايد، أدرك فجأةً أنْ لي-جي كانت تنظرُ إليّه وعلى وجهها ابتسامةٌ خفيفة، وعيناها موجهةٌ نحو الطعام أمامها.
فهم السبب، فأمسكَ شوكة الطعام بغضبٍ وطعنها بشكلٍ عشوائي في الطعام.
“كُلي، لا تنتظري شيئًا، تناولي طعامكِ.”
عندما قال ذَلك مع تكشيرٍ طفيف، ضحكت لي-جي.
بينما كان ينظر إلى ضحكتِها، شعر رودريك بشعورٍ غريبٍ يزدادُ بداخله.
وكأنْ شيئًا كان يبتعدُ عنه ويعود إليّه.
وفي لحظةٍ خاطفة، نشأ بداخلهِ شيء صغير.
مزيجٌ مِن الشك والجاذبية، وشعورٌ طفيف بالافتتان.
كانت هَذهِ أول مرةٍ يشهدُ فيها رودريك مزيجًا مِن الشك والانجذاب في آنٍ واحد.
═════• •✠•❀•✠ •═════
الترجمة: فاطمة
حسابي ✿《التليجرام》